14-06-1435
تحمیل
الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الفقه
35/06/14
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضـوع:- مسألة ( 424 )، مسألة (
425 )، الواجب الثاني عشر من واجبات الحج ( المبيت بمنى ) / حجّ التمتع / مناسك الحجّ للسيد الخوئي(قد).
مسألة ( 424 ):- نسيان الصلاة في طواف النساء كنسيان الصلاة في طواف الحج وقد تقدم حكمه.
هذه المسألة قد تقدّمت الإشارة الى مضمونها في مسألة ( 329 ).
وملخص ما جاء فيها:- هو أن المكلف لو نسي صلاة طواف الحج فماذا عليه ؟ هناك صور متعدّدة، فتارةً يذكره قبل السعي، وأخرى أثناء السعي، وثالثة بعد السعي، ورابعة إذا خرج من مكة ووصل إلى بلده . والمهمّ هو الحالة الرابعة، فهنا دلّت أكثر من رواية على أنه يصليها في مكان تذكّرها:-
من قبيل:- صحيحة عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه السلام:- ( سأله عن رجلٍ نسي أن يصلي الركعتين ركعتي الفريضة عند مقام إبراهيم حتى أتى منى، قال:- يصلّهما بمنى ).
ومن قبيل:- صحيحة أبي بصير:- ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل نسي أن يصلي ركعتي طواف الفريضة خلف المقام وقد قال تعالى " واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى "، قال:- إن كان قد ارتحل فإني لا أشقّ عليه ولا آمره أن يرجع ولكن يصلّي حيث يذكر )[1]، ولأجل هذه الرواية يمكن أن يفصّل بين ما إذا شقّ عليه الرجوع فيصلّيها في مكانه وبين ما إذا لم يشقّ عليه فلابد وأن يرجع لأنه هكذا يستفاد من هذه الصحيحة.
ومن قبيل:- صحيحة أبي الصباح الكناني:- ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل نسي أن يصلي الركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام في طواف الحجّ والعمرة، فقال:- عن كان بالبلد صلّى ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام فإن الله عز وجل فإن الله عز وجل يقول " واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى " وإن كان قد ارتحل فلا آمره أن يرجع )[2]، إلى غير ذلك من الروايات.
والقدر المتيقّن من هذه الروايات هو طواف الحجّ.
ولكن كيف نعمّمها إلى طواف النساء ؟
وفي الجواب نقول:- إنه إمّا أن نفترض أنها مطلقة وأريد من طواف الفريضة ما يشمل طواف النساء فإنه بالتالي واجبٌ، فنقول إن الروايات مطلقة من هذه الناحية والمنظور هو الطواف الواجب فالتخصيص بطواف الحجّ يحتاج إلى دليلٍ وإن كان هو القدر المتيقن، أو نقول هو خاصٌّ بطواف الحجّ . وعلى الأوّل يكفينا الاطلاق، وعلى الثاني نقول لو كان حكم نسيان ركعتي طواف النساء يغاير حكم نسيان ركعتي الحجّ لكان على الإمام عليه السلام أن يبيّن ذلك، فنفس سكوته يمكن أن يفهم منه عرفاً أن هذا الحكم لا يختصّ بطواف الحجّ وإن كان مورد السؤال هو ذلك فالسكوت دليلٌ على الشمول والعموم من هذه الناحية . وعلى أيّ حال المسألة اتفاقيّة من هذه الناحية ولا كلام فيها ولا تستحق الاطالة أكثر من ذلك.
هذا مضافاً إلى أنه قد تدّعى الأولويّة العرفيّة ؛ باعتبار أن طواف الحج جزءٌ من الحجّ، وهو واجبٌ، فإذا كان نسيان ركعتيه موجبٌ لجواز القضاء في البلد فبالأولى ذلك في طواف النساء الذي هو خارجٌ عن الواجب.
مسألة (425):- إذا طاف المتمتع طواف النساء وصلى صلاته حلّت له النساء . وإذا طافت المرأة وصلت صلاته حلّ لها الرجال فتبقى حرمة الصيد إلى الظهر من اليوم الثالث عشر على الأحوط . وأمّا قلع الشجر وما ينبت في الحرم وكذلك الصيد في الحرم فقد ذكرنا أن حرمتهما تعمّ المحرم والمحلّ.
..........................................................................................................
تشتمل هذه المسألة على ثلاثة فروع:-
الفرع الأوّل:- من أتى بطواف النساء رجلاً كان أو امرأة يحلّ له الجنس المقابل . وهذا ما قد تقدّمت الإشارة إليه سابقاً ولا حاجة إلى تكراره، والروايات في ذلك واضحة.
الفرع الثاني:- إنّ حرمة الصيد تستمر بنحو الاحتياط الوجوبي إلى ظهر اليوم الثالث عشر . وهذا قد تقدّم بحثه منّا في مسالة ( 407 ) فلا نكرّر.
الفرع الثالث:- قلع الشجر والنباتات الثابتة في الحرم وكذلك الصيد في الحرم كلّ ذلك لا يجوز لأجل نفس الحرم سواء كان الشخص مُحرِماً أم محلِّاً.
وهذا أيضاً تقدّمت الإشارة اليه من نفس السيد الماتن تحت عنوان ( الصيد في الحرم وقلع شجره ونبته )، فهذه المسألة ليست إلّا تكرار لما سبق.
المبيت بمنى
الواجب الثاني عشر من واجبات الحج المبيت بمنى ليلة الحادي عشر والثاني عشر . ويعتبر فيه قصد القربة فإذا خرج الحاج إلى مكة يوم العيد لأداء فريضة الطواف والسعي وجب عليه الرجوع ليبيت في منى . ومن لم يجتنب الصيد في إحرامه فعليه المبيت ليلة الثالث عشر أيضاً وكذلك من أتى النساء على الأحوط . ويجوز لغيرهما الإفاضة من منى بعد ظهر اليوم الثاني عشر، ولكن إذا بقي في منى إلى أن دخل الليل وجب عليه المبيت ليلية الثالث عشر أيضاً.
..........................................................................................................
يشتمل هذا المتن على مجموعة نقاط:-
النقطة الأولى:- إنه يجب المبيت في منى ليليتين.
وهذا الوجوب وجوبٌ ليس بنحو الجزئيّة إذ قد تقدّم أن الحجّ ينتهي بطواف الحج والسعي.
وهذه النقطة تنحلّ إلى قضيتين:-
القضية الأولى:- في أصل وجوب المبيت الليلتين المذكورتين في منى.
القضية الثانية:- إن هذا الوجوب وجوبٌ لشيءٍ خارج عن الحجّ فمن تركه ولو عمداً لا يؤثر ذلك على حجّه لأنه خارجٌ عنه، غايته تجب عليه الكفارة وهذا مطلبٌ آخر، أما الحجّ فلا يتصدّع لذلك.
أما بالنسبة إلى القضية:- فهذا هو المشهور، ونسب الخلاف في ذلك إلى الشيخ الطوسي(قده) في تبيانه وإلى الشيخ الطبرسي(قده) في مجمع بيانه، وهذا الخلاف من هذين العلمين قد تقدّم في بعض المسائل السابقة أيضاً ولا يختص بهذا المورد.
ولكن قد دلّت روايات متعدّدة على الوجوب، قال صاحب المدارك(قده):- ( هذا الحكم مجمعٌ عليه بين الأصحاب على ما نقله جماعة منهم العلامة في المنتهى ووافقنا عليه أكثر العامّة ونقل عن الشيخ في التباين القول باستحباب المبيت وهو نادر )[3]، وقال في الجواهر:- ( بلا خلاف أجده فيه بل الإجماع بقسميه عليه بل عن أكثر العامّة موافقتنا عليه مضافاً إلى النصوص التي إن لم تكن متواترة فهي مقطوعة المضمون فما عن تبيان الشيخ من القول باستحباب المبيت نادر كالمحكي عن الطبرسي من القول باستحباب جميع مناسك منى السابقة واللاحقة )[4] وقريب من ذلك جاء في الحدائق[5].
وعلى أيّ حال الروايات متعدّدة نذكر منها صحيحة معاوية بن عمّار:- ( قال:- لا تَبِتْ ليالي التشريق إلّا بمنى فإن بِتَّ في غيرها فعليك دمٌ، فإن خرجت أوّل الليل فلا ينتصف الليل إلّا وأنت في منى إلّا أن يكون شغلك نسكك أو قد خرجت من مكّة، وإن خرجت بعد نصف الليل فلا يضرّك أن تُصبِحَ في غيرها )[6]، إلى غير ذلك من الروايات.
وذكر النراقي(قده) أن المستند لوجوب المبيت ينبغي أن يكون هو الإجماع أمّا الروايات فلا، إلى أن قال:- ( إلى غير ذلك من الأخبار المتكثّرة إلّا أن كثيراً منها قاصر عن إفادة الوجوب حتى المثبتة للدم على تارك البيتوتة لما ذكرنا مراراً من عدم الملازمة ) - يعني عدم الملازمة بين الدم بين الوجوب -، وقال في المستند:- ( والاجماع هو الحجّة فيه )[7]، وسوف نلاحظ إن شاء الله تعالى دلالة الرواية وأنّه لا مشكلة فيها حيث إنه عليه السلام قال:- ( لا تَبِتْ ليالي التشريق إلّا بمنى ) وهذا بنفسه يستفاد منه اللزوم فإنه نهيٌ عن المبيت في غير منى، ثم قال عليه السلام:- ( فإن بِتَّ في غيرها فعليك دمٌ )، والوجوب لا نريد استفادته من ثبوت الدم وإنما نستفيده من النهي عن البيتوتة في غير منى، فالدلالة إذن لا إشكال فيها.
وحاول السيد الخوئي(قده)[8] التمسّك بوجهين آخرين غير الروايات التي منها الصحيحة المتقدّمة:-
الوجه الأول:- دعوى السيرة القطعيّة وأنه لو كان غير واجب لظهر وبان، يعني أن سيرة المسلمين جرت على البيتوتة ولو كان ذلك ليس بلازمٍ لظهر اتّضح فإن المسألة ابتلائية والحال أنّه لم يتضح الخلاف فيثبت بذلك الوجوب.
الوجه الثاني:- قوله تعالى:- ﴿ اذكروا الله في أيّام معدوداتٍ فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخّر فلا إثم عليه لمن اتقى ﴾[9].
مسألة ( 424 ):- نسيان الصلاة في طواف النساء كنسيان الصلاة في طواف الحج وقد تقدم حكمه.
هذه المسألة قد تقدّمت الإشارة الى مضمونها في مسألة ( 329 ).
وملخص ما جاء فيها:- هو أن المكلف لو نسي صلاة طواف الحج فماذا عليه ؟ هناك صور متعدّدة، فتارةً يذكره قبل السعي، وأخرى أثناء السعي، وثالثة بعد السعي، ورابعة إذا خرج من مكة ووصل إلى بلده . والمهمّ هو الحالة الرابعة، فهنا دلّت أكثر من رواية على أنه يصليها في مكان تذكّرها:-
من قبيل:- صحيحة عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه السلام:- ( سأله عن رجلٍ نسي أن يصلي الركعتين ركعتي الفريضة عند مقام إبراهيم حتى أتى منى، قال:- يصلّهما بمنى ).
ومن قبيل:- صحيحة أبي بصير:- ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل نسي أن يصلي ركعتي طواف الفريضة خلف المقام وقد قال تعالى " واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى "، قال:- إن كان قد ارتحل فإني لا أشقّ عليه ولا آمره أن يرجع ولكن يصلّي حيث يذكر )[1]، ولأجل هذه الرواية يمكن أن يفصّل بين ما إذا شقّ عليه الرجوع فيصلّيها في مكانه وبين ما إذا لم يشقّ عليه فلابد وأن يرجع لأنه هكذا يستفاد من هذه الصحيحة.
ومن قبيل:- صحيحة أبي الصباح الكناني:- ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل نسي أن يصلي الركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام في طواف الحجّ والعمرة، فقال:- عن كان بالبلد صلّى ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام فإن الله عز وجل فإن الله عز وجل يقول " واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى " وإن كان قد ارتحل فلا آمره أن يرجع )[2]، إلى غير ذلك من الروايات.
والقدر المتيقّن من هذه الروايات هو طواف الحجّ.
ولكن كيف نعمّمها إلى طواف النساء ؟
وفي الجواب نقول:- إنه إمّا أن نفترض أنها مطلقة وأريد من طواف الفريضة ما يشمل طواف النساء فإنه بالتالي واجبٌ، فنقول إن الروايات مطلقة من هذه الناحية والمنظور هو الطواف الواجب فالتخصيص بطواف الحجّ يحتاج إلى دليلٍ وإن كان هو القدر المتيقن، أو نقول هو خاصٌّ بطواف الحجّ . وعلى الأوّل يكفينا الاطلاق، وعلى الثاني نقول لو كان حكم نسيان ركعتي طواف النساء يغاير حكم نسيان ركعتي الحجّ لكان على الإمام عليه السلام أن يبيّن ذلك، فنفس سكوته يمكن أن يفهم منه عرفاً أن هذا الحكم لا يختصّ بطواف الحجّ وإن كان مورد السؤال هو ذلك فالسكوت دليلٌ على الشمول والعموم من هذه الناحية . وعلى أيّ حال المسألة اتفاقيّة من هذه الناحية ولا كلام فيها ولا تستحق الاطالة أكثر من ذلك.
هذا مضافاً إلى أنه قد تدّعى الأولويّة العرفيّة ؛ باعتبار أن طواف الحج جزءٌ من الحجّ، وهو واجبٌ، فإذا كان نسيان ركعتيه موجبٌ لجواز القضاء في البلد فبالأولى ذلك في طواف النساء الذي هو خارجٌ عن الواجب.
مسألة (425):- إذا طاف المتمتع طواف النساء وصلى صلاته حلّت له النساء . وإذا طافت المرأة وصلت صلاته حلّ لها الرجال فتبقى حرمة الصيد إلى الظهر من اليوم الثالث عشر على الأحوط . وأمّا قلع الشجر وما ينبت في الحرم وكذلك الصيد في الحرم فقد ذكرنا أن حرمتهما تعمّ المحرم والمحلّ.
..........................................................................................................
تشتمل هذه المسألة على ثلاثة فروع:-
الفرع الأوّل:- من أتى بطواف النساء رجلاً كان أو امرأة يحلّ له الجنس المقابل . وهذا ما قد تقدّمت الإشارة إليه سابقاً ولا حاجة إلى تكراره، والروايات في ذلك واضحة.
الفرع الثاني:- إنّ حرمة الصيد تستمر بنحو الاحتياط الوجوبي إلى ظهر اليوم الثالث عشر . وهذا قد تقدّم بحثه منّا في مسالة ( 407 ) فلا نكرّر.
الفرع الثالث:- قلع الشجر والنباتات الثابتة في الحرم وكذلك الصيد في الحرم كلّ ذلك لا يجوز لأجل نفس الحرم سواء كان الشخص مُحرِماً أم محلِّاً.
وهذا أيضاً تقدّمت الإشارة اليه من نفس السيد الماتن تحت عنوان ( الصيد في الحرم وقلع شجره ونبته )، فهذه المسألة ليست إلّا تكرار لما سبق.
المبيت بمنى
الواجب الثاني عشر من واجبات الحج المبيت بمنى ليلة الحادي عشر والثاني عشر . ويعتبر فيه قصد القربة فإذا خرج الحاج إلى مكة يوم العيد لأداء فريضة الطواف والسعي وجب عليه الرجوع ليبيت في منى . ومن لم يجتنب الصيد في إحرامه فعليه المبيت ليلة الثالث عشر أيضاً وكذلك من أتى النساء على الأحوط . ويجوز لغيرهما الإفاضة من منى بعد ظهر اليوم الثاني عشر، ولكن إذا بقي في منى إلى أن دخل الليل وجب عليه المبيت ليلية الثالث عشر أيضاً.
..........................................................................................................
يشتمل هذا المتن على مجموعة نقاط:-
النقطة الأولى:- إنه يجب المبيت في منى ليليتين.
وهذا الوجوب وجوبٌ ليس بنحو الجزئيّة إذ قد تقدّم أن الحجّ ينتهي بطواف الحج والسعي.
وهذه النقطة تنحلّ إلى قضيتين:-
القضية الأولى:- في أصل وجوب المبيت الليلتين المذكورتين في منى.
القضية الثانية:- إن هذا الوجوب وجوبٌ لشيءٍ خارج عن الحجّ فمن تركه ولو عمداً لا يؤثر ذلك على حجّه لأنه خارجٌ عنه، غايته تجب عليه الكفارة وهذا مطلبٌ آخر، أما الحجّ فلا يتصدّع لذلك.
أما بالنسبة إلى القضية:- فهذا هو المشهور، ونسب الخلاف في ذلك إلى الشيخ الطوسي(قده) في تبيانه وإلى الشيخ الطبرسي(قده) في مجمع بيانه، وهذا الخلاف من هذين العلمين قد تقدّم في بعض المسائل السابقة أيضاً ولا يختص بهذا المورد.
ولكن قد دلّت روايات متعدّدة على الوجوب، قال صاحب المدارك(قده):- ( هذا الحكم مجمعٌ عليه بين الأصحاب على ما نقله جماعة منهم العلامة في المنتهى ووافقنا عليه أكثر العامّة ونقل عن الشيخ في التباين القول باستحباب المبيت وهو نادر )[3]، وقال في الجواهر:- ( بلا خلاف أجده فيه بل الإجماع بقسميه عليه بل عن أكثر العامّة موافقتنا عليه مضافاً إلى النصوص التي إن لم تكن متواترة فهي مقطوعة المضمون فما عن تبيان الشيخ من القول باستحباب المبيت نادر كالمحكي عن الطبرسي من القول باستحباب جميع مناسك منى السابقة واللاحقة )[4] وقريب من ذلك جاء في الحدائق[5].
وعلى أيّ حال الروايات متعدّدة نذكر منها صحيحة معاوية بن عمّار:- ( قال:- لا تَبِتْ ليالي التشريق إلّا بمنى فإن بِتَّ في غيرها فعليك دمٌ، فإن خرجت أوّل الليل فلا ينتصف الليل إلّا وأنت في منى إلّا أن يكون شغلك نسكك أو قد خرجت من مكّة، وإن خرجت بعد نصف الليل فلا يضرّك أن تُصبِحَ في غيرها )[6]، إلى غير ذلك من الروايات.
وذكر النراقي(قده) أن المستند لوجوب المبيت ينبغي أن يكون هو الإجماع أمّا الروايات فلا، إلى أن قال:- ( إلى غير ذلك من الأخبار المتكثّرة إلّا أن كثيراً منها قاصر عن إفادة الوجوب حتى المثبتة للدم على تارك البيتوتة لما ذكرنا مراراً من عدم الملازمة ) - يعني عدم الملازمة بين الدم بين الوجوب -، وقال في المستند:- ( والاجماع هو الحجّة فيه )[7]، وسوف نلاحظ إن شاء الله تعالى دلالة الرواية وأنّه لا مشكلة فيها حيث إنه عليه السلام قال:- ( لا تَبِتْ ليالي التشريق إلّا بمنى ) وهذا بنفسه يستفاد منه اللزوم فإنه نهيٌ عن المبيت في غير منى، ثم قال عليه السلام:- ( فإن بِتَّ في غيرها فعليك دمٌ )، والوجوب لا نريد استفادته من ثبوت الدم وإنما نستفيده من النهي عن البيتوتة في غير منى، فالدلالة إذن لا إشكال فيها.
وحاول السيد الخوئي(قده)[8] التمسّك بوجهين آخرين غير الروايات التي منها الصحيحة المتقدّمة:-
الوجه الأول:- دعوى السيرة القطعيّة وأنه لو كان غير واجب لظهر وبان، يعني أن سيرة المسلمين جرت على البيتوتة ولو كان ذلك ليس بلازمٍ لظهر اتّضح فإن المسألة ابتلائية والحال أنّه لم يتضح الخلاف فيثبت بذلك الوجوب.
الوجه الثاني:- قوله تعالى:- ﴿ اذكروا الله في أيّام معدوداتٍ فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخّر فلا إثم عليه لمن اتقى ﴾[9].