23-05-1435
تحمیل
الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الفقه
35/05/23
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضـوع:- مسألة ( 419 ) / الواجب
العاشر والحادي عشر من واجبات الحج ( طواف النساء وصلاته ) / حج التمتع / مناسك الحجّ للسيد الخوئي(قد).
أما جواب الفرع الثالث فجوابه:- إنه قد يتصوّر أنهم أولاد وطئ الشبهة، ولكنّه ليس في محلّه ؛ باعتبار أن وطئ الشبهة يعتبر فيه أمران الأوّل أن يكون العمل زنا ويكون زنا واقعاً والثاني أن يكون الشخص جاهلاً بأنه زنا محرّم، وفي المقام كلا الشرطين مفقودٌ، فهو ليس زنا واقعاً وإنما وطأ زوجته، كما أنه ليس بجاهلٍ وإنما هو عالم، وعلى الأقل قد يكون عالماً، فوطء الشبهة لا معنى له، فالأولاد إذن شرعيّون غايته يكون العمل محرّم، وحرمة العمل لا تستلزم حرمة الأولاد، كمن جامع زوجته في شهر رمضان فإن ذلك محرّمٌ لكن لا يترتّب عليه أن الأولاد يكون فيهم إشكال . إذن لا إشكال من ناحية الأولاد في المقام.
وأما الفرع الرابع:- فقد يتخيّل أنه يأتي به عن نفسه لأن الميّت لا يحتاج إلى طواف النساء وما شاكل ذلك حيث إنه ميّت، والنائب حيث إنه حيّ وحرمت عليه النساء فيحتاج إليه فيأتي به عن نفسه.
والصحيح:- أنه يؤتى به عن الميّت ؛ باعتبار أن ذمّة الميت قد اشتغلت بمجموعة أعمال وأحدها طواف النساء وقد استؤجر هذا النائب لأداء الأعمال فلا معنى لأن يأتي به عن نفسه بل يأتي به عن الميّت، غايته أن الفائدة والأثر - أي حليّة النساء - يثبت في حقّ النائب فيما إذا طاف طواف النساء عن الميت، فبه تبرأ ذمّة الميّت ويترتب عليه الأثر في حقّ نفسه وهو حليّة لنساء له . وأما ما قيل من أن طواف النساء وجب لأجل تحليل النساء فهذا تخيلٌ باطلٌ فإن حليّة النساء أثرٌ له لا أن ذلك علّة، وإلا فكيف وجب القضاء عن الميّت كما سوف يأتي في المسألة التالية ؟ ! وأنّه إذا أتى الانسان بالأعمال وحينما وصل إلى طواف النساء مات قبله فإن الرواية - كما سوف يأتي - دلّت على وجوب القضاء عنه وهذا معناه أنه هو بنفسه واجب غايته تترتب عليه فائدة وهي حليّة النساء . وهكذا بالنسبة إلى الخصيان والشيخ الكبير - كما تقدّمت الرواية الدالة عليه - فإنه يجب عليهم ذلك . إذن حليّة النساء ليست هي العلّة، بل حتى لو سلمنا أنها علّة فلا معنى لتطبيق ذلك في المقام فإن المنوب عنه لم تحرم عليه النساء بسبب إحرام النائب حتى نقول يلزم الاتيان بطواف النساء عنه.
والنتيجة:- هي أنه يأتي بالطواف عن المنوب عنه من باب أنه واجبٌ من الواجبات على المنوب عنه غايته أن أثره - وهو حليّة النساء - يثبت في حقّ النائب . وهذا مطلب ينبغي أن يكون واضحاً.
الفرع الخامس:- إذا أتى بطواف النساء عن نفسه ولم يأت به عن المنوب عنه وبعد ذلك فهم المسألة وأنه ينبغي أن يأتي به عن المنوب عنه فهل نحكم عليه بلزوم الاعادة ؟
والجواب:- كلّا لا يلزم ذلك ؛ لإمكان تطبيق فكرة الخطأ في التطبيق، وذلك بأن يقال:- إنه حينما أتى بطواف النساء فهو قاصد - حيث أنّه مؤمن - امتثال أمر الله عز وجل غايته يتصوّر أن ذلك الأمر هو أمرٌ بالطواف عن نفسه، فعلى هذا الأساس هو مشتبهٌ في تطبيق ذلك الأمر الواقعي الذي قصد امتثاله إلى الطواف عن نفسه، فعليه هو قاصدٌ بالتالي لامتثال أمر الله الواقعي فيقع العمل صحيحاً ولا مشكلة في البين . وهذا فيما إذا لم يقصد من البداية امتثال الأمر الواقعي المتوجّه إليه إمّا بالإتيان به عن نفسه أو عن المنوب عنه، أمّا إذا كان قاصداً من البداية لذلك فلا يأتي هذا الكلام بأجمعه وإنما يقع العمل منه صحيحاً من دون أن يظهر الخطأ فإن الخطأ والاشتباه لا معنى له في هذه الحالة.
الفرع السادس:- إذا ترك النائب طواف النساء فما هو الأثر الذي يترتّب على ذلك ؟ فهل تحرم النساء على المنوب عنه أو على النائب أو عليهما معاً ؟
والجواب:- المناسب أنها تحرم على النائب رغم أنه هو يأتي بالطواف عن المنوب عنه، إلاّ أن الذي يترتب على ترك طواف النساء هو حرمة النساء على النائب، والوجه في لذك واضح فإن النساء تحرم على من أحرم ولم يأتِ بطواف النساء، والذي أحرم هو النائب، وأمّا المنوب عنه فلم يحرم حتى تحرم عليه النساء وإلا يلزم أن نقول بأنه تحرم عليه كلّ محرّمات الإحرام وهذا غير محتمل . إذن حرمة النساء المترتّبة هي على النائب.
الفرع السابع:- لو فرض أن شخصاً ترك طواف النساء في العمرة المفردة نسياناً أو عمداً ثم أحرم بعد ذلك لعمرة التمتع ولحج التمتع فهل يقع العمل منه صحيحاً أو نقول إن هذا شروعٌ في العمل الجديد قبل إنهاء العمل السابق فيقع هذا العمل الجديد باطلاً ؟ كما لو أحرم لعمرة التمتع أو الحجّ قبل أن يأتي بطواف العمرة فإنه لا إشكال في بطلان عمله الجديد . أمّا لو فرض أنه أكمل وحلق أو قصّر في العمرة المفردة ولكن لم يأتِ بطواف النساء وشرع بعد ذلك في عمرة التمتّع فهل يقع هذا العمل الثاني صحيحاً أو لا ؟
والجواب:- نعم المناسب وقوعه صحيحاً، وذلك باعتبار أننا فرغنا فيما سبق عن أن طواف النساء خارجٌ عن العمل، فهو خارجٌ عن الحجّ وعن العمرة أيضاً، وبعد الالتزام بذلك فحينئذٍ يكون هذا العمل الجديد قد وقع بعد الفراغ عن العمل القديم . نعم تبقى ذمّته مشغولة بطواف النساء للعمرة المفردة إلّا أن ذا مطلب آخر والمهم هو أنّ العمل يقع منه صحيحاً .
ومن هذا يتضح أنه لو فرض أن الشخص كان حاجّاً وأتى بأعمال مكّة بعد الفراغ من أعمال منى - التي هي طواف الحج والسعي - ولكن بقي في ذمته طواف النساء فهل يحقّ له أن يأتي بالعمرة المفردة ؟ وهذا عكس ذاك فهناك كنّا نفترض أنه كان في عمرةٍ مفردةٍ وقبل أن يأتي بطواف النساء لها شرع في عمرة التمتّع أو الحجّ، أما هنا فنفترض العكس فهو في الحجّ ولم يأت بطواف النساء وأراد أن يشرع في العمرة المفردة - .
نعم، المناسب جواز ذلك، باعتبار أنه قد انتهى من أعمال الحجّ، وطواف النساء على ما تقدّم هو خارجٌ من الحجّ بالإجماع . إذن لا يضرّ ذلك بصحّة العمرة المفردة التي يأتي بها.
الفرع الثامن:- بعد أن عرفنا أن العمل منه صحيح غايته عليه طواف النساء فنسأل:- هل يلزم أن يأتي بطوافي النساء - أي يأتي بطواف النساء مرتين مرة لأجل الحج وأخرى لأجل العمرة المفردة - أو يكفيه أن يأتي بطوافٍ نساءٍ واحد ؟
والجواب:- قد يقال إنه يكفيه الواحد حيث إن الهدف من طواف النساء هو الإحلال من النساء وبالإتيان بطوافِ نساءٍ واحدٍ هو قد أحلّ من النساء فلا حاجة إلى طوافٍ آخر للنساء . وواضحٌ هذا الكلام يأتي أيضاً بمن أتى بِعُمَرٍ متعدّدة فحينئذٍ هل يلزمه أن يطوف طواف النساء بعددها أو تكفيه المرّة الواحدة ؟ فإنه قد يقال إن الهدف حيث أنه حليّة النساء وهي قد حلّت بالطواف الأوّل فلا حاجة إلى تكرار طواف النساء.
ولكن يمكن منع الكبرى والصغر معاً:-
أما الصغرى- وهي أن الهدف من طواف النساء هو تحليل النساء -:-فهذا شيءٌ قد تقدّمت مناقشته بأنه لم يثبت . نعم هو أثرٌ من آثار طواف النساء لا أنه علّة الوجوب بحيث من لم يُرِدْ النساء ولو لكونه خصيّاً أو ميّتاً فلا يلزمه طواف النساء !! كلّا إنّه لو كان علّة فيلزم أن لا يجب قضاءه عن الميت، وهكذا بالنسبة الى الخصي مثلاً . إذن لا يمكن أن نقول إن حليّة النساء هي العلّة لوجوب طواف النساء وإنما هي أثرٌ وفائدة لا أكثر.
وأما من حيث الكبرى:- فلو سلّمنا أن علّة طواف النساء هي حليّة النساء فيمكن أن نقول:- مَن قال إن النساء تحلّ بالطواف الأوّل للنساء ؟ إنه يمكن التوقّف في ذلك فيقال إن النساء تحلّ لو كان الطواف اللازم عدّده واحداً، أمّا لو كان متعدّداً فمن قال إن النساء تحلّ بالطواف الأوّل ؟! بل يبقى احتمال أنها لا تحلّ إلّا بإكمال جميع الطوافات المطلوبة، ولا أقل من الشكّ في ذلك فيجري استصحاب بقاء حرمة النساء ؛ لأنها كانت محرّمة قبل الاتيان بطواف النساء الأوّل والآن بعد الاتيان بالطواف الأوّل للنساء يشك في ارتفاعها فيستصحب بقاء الحرمة.
إذن المناسب هو لزوم الاتيان بطوافات متعدّدة بعدد العمل المطلوب فيه طواف النساء.
نعم من جزم بالصغرى والكبرى فبإمكانه أن يقول بكفاية الطواف الواحد آنذاك، أمّا من لم يجزم بذلك كما هو الصحيح فالمناسب آنذاك تعدّد الطواف.
ومنه يتّضح الحال بالنسبة إلى العُمَرِ المتعدّدة فإن اللازم هو تكرار طواف النساء بعددها.
إن قلت:- إن مقتضى ما دلّ على أنه إذا طاف طواف النساء فقد حلّت له كفاية الطواف الواحد بلا حاجة إلى طوافٍ آخر.
قلت:- إن الحديث المذكور هو في مقام البيان من ناحية أنه بعد طواف الحجّ والسعي تكون حرمة النساء باقية ولا ترتفع إلّا بطواف النساء، أمّا أنّه لو كان قد أتى بعملين وكلٍّ منهما كان يحتاج إلى طواف النساء فهل لو أتى بطواف النساء الواحد تحلّ له النساء أيضاً ؟ إنّه ليس في مقام البيان من هذه الناحية، ومعه لا وجه للتمسّك بالاطلاق المذكور ويعود المجال مفتوحاً للاستصحاب كما أوضحنا.
أما جواب الفرع الثالث فجوابه:- إنه قد يتصوّر أنهم أولاد وطئ الشبهة، ولكنّه ليس في محلّه ؛ باعتبار أن وطئ الشبهة يعتبر فيه أمران الأوّل أن يكون العمل زنا ويكون زنا واقعاً والثاني أن يكون الشخص جاهلاً بأنه زنا محرّم، وفي المقام كلا الشرطين مفقودٌ، فهو ليس زنا واقعاً وإنما وطأ زوجته، كما أنه ليس بجاهلٍ وإنما هو عالم، وعلى الأقل قد يكون عالماً، فوطء الشبهة لا معنى له، فالأولاد إذن شرعيّون غايته يكون العمل محرّم، وحرمة العمل لا تستلزم حرمة الأولاد، كمن جامع زوجته في شهر رمضان فإن ذلك محرّمٌ لكن لا يترتّب عليه أن الأولاد يكون فيهم إشكال . إذن لا إشكال من ناحية الأولاد في المقام.
وأما الفرع الرابع:- فقد يتخيّل أنه يأتي به عن نفسه لأن الميّت لا يحتاج إلى طواف النساء وما شاكل ذلك حيث إنه ميّت، والنائب حيث إنه حيّ وحرمت عليه النساء فيحتاج إليه فيأتي به عن نفسه.
والصحيح:- أنه يؤتى به عن الميّت ؛ باعتبار أن ذمّة الميت قد اشتغلت بمجموعة أعمال وأحدها طواف النساء وقد استؤجر هذا النائب لأداء الأعمال فلا معنى لأن يأتي به عن نفسه بل يأتي به عن الميّت، غايته أن الفائدة والأثر - أي حليّة النساء - يثبت في حقّ النائب فيما إذا طاف طواف النساء عن الميت، فبه تبرأ ذمّة الميّت ويترتب عليه الأثر في حقّ نفسه وهو حليّة لنساء له . وأما ما قيل من أن طواف النساء وجب لأجل تحليل النساء فهذا تخيلٌ باطلٌ فإن حليّة النساء أثرٌ له لا أن ذلك علّة، وإلا فكيف وجب القضاء عن الميّت كما سوف يأتي في المسألة التالية ؟ ! وأنّه إذا أتى الانسان بالأعمال وحينما وصل إلى طواف النساء مات قبله فإن الرواية - كما سوف يأتي - دلّت على وجوب القضاء عنه وهذا معناه أنه هو بنفسه واجب غايته تترتب عليه فائدة وهي حليّة النساء . وهكذا بالنسبة إلى الخصيان والشيخ الكبير - كما تقدّمت الرواية الدالة عليه - فإنه يجب عليهم ذلك . إذن حليّة النساء ليست هي العلّة، بل حتى لو سلمنا أنها علّة فلا معنى لتطبيق ذلك في المقام فإن المنوب عنه لم تحرم عليه النساء بسبب إحرام النائب حتى نقول يلزم الاتيان بطواف النساء عنه.
والنتيجة:- هي أنه يأتي بالطواف عن المنوب عنه من باب أنه واجبٌ من الواجبات على المنوب عنه غايته أن أثره - وهو حليّة النساء - يثبت في حقّ النائب . وهذا مطلب ينبغي أن يكون واضحاً.
الفرع الخامس:- إذا أتى بطواف النساء عن نفسه ولم يأت به عن المنوب عنه وبعد ذلك فهم المسألة وأنه ينبغي أن يأتي به عن المنوب عنه فهل نحكم عليه بلزوم الاعادة ؟
والجواب:- كلّا لا يلزم ذلك ؛ لإمكان تطبيق فكرة الخطأ في التطبيق، وذلك بأن يقال:- إنه حينما أتى بطواف النساء فهو قاصد - حيث أنّه مؤمن - امتثال أمر الله عز وجل غايته يتصوّر أن ذلك الأمر هو أمرٌ بالطواف عن نفسه، فعلى هذا الأساس هو مشتبهٌ في تطبيق ذلك الأمر الواقعي الذي قصد امتثاله إلى الطواف عن نفسه، فعليه هو قاصدٌ بالتالي لامتثال أمر الله الواقعي فيقع العمل صحيحاً ولا مشكلة في البين . وهذا فيما إذا لم يقصد من البداية امتثال الأمر الواقعي المتوجّه إليه إمّا بالإتيان به عن نفسه أو عن المنوب عنه، أمّا إذا كان قاصداً من البداية لذلك فلا يأتي هذا الكلام بأجمعه وإنما يقع العمل منه صحيحاً من دون أن يظهر الخطأ فإن الخطأ والاشتباه لا معنى له في هذه الحالة.
الفرع السادس:- إذا ترك النائب طواف النساء فما هو الأثر الذي يترتّب على ذلك ؟ فهل تحرم النساء على المنوب عنه أو على النائب أو عليهما معاً ؟
والجواب:- المناسب أنها تحرم على النائب رغم أنه هو يأتي بالطواف عن المنوب عنه، إلاّ أن الذي يترتب على ترك طواف النساء هو حرمة النساء على النائب، والوجه في لذك واضح فإن النساء تحرم على من أحرم ولم يأتِ بطواف النساء، والذي أحرم هو النائب، وأمّا المنوب عنه فلم يحرم حتى تحرم عليه النساء وإلا يلزم أن نقول بأنه تحرم عليه كلّ محرّمات الإحرام وهذا غير محتمل . إذن حرمة النساء المترتّبة هي على النائب.
الفرع السابع:- لو فرض أن شخصاً ترك طواف النساء في العمرة المفردة نسياناً أو عمداً ثم أحرم بعد ذلك لعمرة التمتع ولحج التمتع فهل يقع العمل منه صحيحاً أو نقول إن هذا شروعٌ في العمل الجديد قبل إنهاء العمل السابق فيقع هذا العمل الجديد باطلاً ؟ كما لو أحرم لعمرة التمتع أو الحجّ قبل أن يأتي بطواف العمرة فإنه لا إشكال في بطلان عمله الجديد . أمّا لو فرض أنه أكمل وحلق أو قصّر في العمرة المفردة ولكن لم يأتِ بطواف النساء وشرع بعد ذلك في عمرة التمتّع فهل يقع هذا العمل الثاني صحيحاً أو لا ؟
والجواب:- نعم المناسب وقوعه صحيحاً، وذلك باعتبار أننا فرغنا فيما سبق عن أن طواف النساء خارجٌ عن العمل، فهو خارجٌ عن الحجّ وعن العمرة أيضاً، وبعد الالتزام بذلك فحينئذٍ يكون هذا العمل الجديد قد وقع بعد الفراغ عن العمل القديم . نعم تبقى ذمّته مشغولة بطواف النساء للعمرة المفردة إلّا أن ذا مطلب آخر والمهم هو أنّ العمل يقع منه صحيحاً .
ومن هذا يتضح أنه لو فرض أن الشخص كان حاجّاً وأتى بأعمال مكّة بعد الفراغ من أعمال منى - التي هي طواف الحج والسعي - ولكن بقي في ذمته طواف النساء فهل يحقّ له أن يأتي بالعمرة المفردة ؟ وهذا عكس ذاك فهناك كنّا نفترض أنه كان في عمرةٍ مفردةٍ وقبل أن يأتي بطواف النساء لها شرع في عمرة التمتّع أو الحجّ، أما هنا فنفترض العكس فهو في الحجّ ولم يأت بطواف النساء وأراد أن يشرع في العمرة المفردة - .
نعم، المناسب جواز ذلك، باعتبار أنه قد انتهى من أعمال الحجّ، وطواف النساء على ما تقدّم هو خارجٌ من الحجّ بالإجماع . إذن لا يضرّ ذلك بصحّة العمرة المفردة التي يأتي بها.
الفرع الثامن:- بعد أن عرفنا أن العمل منه صحيح غايته عليه طواف النساء فنسأل:- هل يلزم أن يأتي بطوافي النساء - أي يأتي بطواف النساء مرتين مرة لأجل الحج وأخرى لأجل العمرة المفردة - أو يكفيه أن يأتي بطوافٍ نساءٍ واحد ؟
والجواب:- قد يقال إنه يكفيه الواحد حيث إن الهدف من طواف النساء هو الإحلال من النساء وبالإتيان بطوافِ نساءٍ واحدٍ هو قد أحلّ من النساء فلا حاجة إلى طوافٍ آخر للنساء . وواضحٌ هذا الكلام يأتي أيضاً بمن أتى بِعُمَرٍ متعدّدة فحينئذٍ هل يلزمه أن يطوف طواف النساء بعددها أو تكفيه المرّة الواحدة ؟ فإنه قد يقال إن الهدف حيث أنه حليّة النساء وهي قد حلّت بالطواف الأوّل فلا حاجة إلى تكرار طواف النساء.
ولكن يمكن منع الكبرى والصغر معاً:-
أما الصغرى- وهي أن الهدف من طواف النساء هو تحليل النساء -:-فهذا شيءٌ قد تقدّمت مناقشته بأنه لم يثبت . نعم هو أثرٌ من آثار طواف النساء لا أنه علّة الوجوب بحيث من لم يُرِدْ النساء ولو لكونه خصيّاً أو ميّتاً فلا يلزمه طواف النساء !! كلّا إنّه لو كان علّة فيلزم أن لا يجب قضاءه عن الميت، وهكذا بالنسبة الى الخصي مثلاً . إذن لا يمكن أن نقول إن حليّة النساء هي العلّة لوجوب طواف النساء وإنما هي أثرٌ وفائدة لا أكثر.
وأما من حيث الكبرى:- فلو سلّمنا أن علّة طواف النساء هي حليّة النساء فيمكن أن نقول:- مَن قال إن النساء تحلّ بالطواف الأوّل للنساء ؟ إنه يمكن التوقّف في ذلك فيقال إن النساء تحلّ لو كان الطواف اللازم عدّده واحداً، أمّا لو كان متعدّداً فمن قال إن النساء تحلّ بالطواف الأوّل ؟! بل يبقى احتمال أنها لا تحلّ إلّا بإكمال جميع الطوافات المطلوبة، ولا أقل من الشكّ في ذلك فيجري استصحاب بقاء حرمة النساء ؛ لأنها كانت محرّمة قبل الاتيان بطواف النساء الأوّل والآن بعد الاتيان بالطواف الأوّل للنساء يشك في ارتفاعها فيستصحب بقاء الحرمة.
إذن المناسب هو لزوم الاتيان بطوافات متعدّدة بعدد العمل المطلوب فيه طواف النساء.
نعم من جزم بالصغرى والكبرى فبإمكانه أن يقول بكفاية الطواف الواحد آنذاك، أمّا من لم يجزم بذلك كما هو الصحيح فالمناسب آنذاك تعدّد الطواف.
ومنه يتّضح الحال بالنسبة إلى العُمَرِ المتعدّدة فإن اللازم هو تكرار طواف النساء بعددها.
إن قلت:- إن مقتضى ما دلّ على أنه إذا طاف طواف النساء فقد حلّت له كفاية الطواف الواحد بلا حاجة إلى طوافٍ آخر.
قلت:- إن الحديث المذكور هو في مقام البيان من ناحية أنه بعد طواف الحجّ والسعي تكون حرمة النساء باقية ولا ترتفع إلّا بطواف النساء، أمّا أنّه لو كان قد أتى بعملين وكلٍّ منهما كان يحتاج إلى طواف النساء فهل لو أتى بطواف النساء الواحد تحلّ له النساء أيضاً ؟ إنّه ليس في مقام البيان من هذه الناحية، ومعه لا وجه للتمسّك بالاطلاق المذكور ويعود المجال مفتوحاً للاستصحاب كما أوضحنا.