1440/06/20
تحمیل
الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الأصول
40/06/20
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع:- هل حديث الرفع يشمل الأحكام التكليفي الضمنية ؟ - أصل البراءة- مبحث الأصول العملية.
ثالثاً:- إنَّ الشيخ الخراساني(قده) قال نحن نضم حديث رفع الجزئية إلى أدلة الأجزاء الأخرى - يعني التسعة - فيثبت بذلك أن الواجب هو الأقل - يعني التسعة - وليس العشرة ، ونحن نقول:- إنَّ حديث الرفع الذي ضممته إلى أدلة الأجزاء التسعة يرفع الجزئية المشكوكة - يعني هو حامكم - فهو يقول أنا أرفع كل جزئية حتى كانت ثابتة في الواقع مادمت أنت لست بعالم بها فأما أرفعها ، فهو حاكم ويرفع الجزئية المشكوكة وبالتالي يخصص الجزئية فقط بالأجزاء المعلومة دون المشكوكة فهو مخصص ويخصص الجزئية بحالة العلم ولا تعم الجزئية أي جزء حالة التردد والشك والجهل ، وأنا أقول لك إن حديث الرفع لا يمكن أن يكون حاكماً ومخصصاً لأدلة الأجزاء فإن أدلة الأجزاء ناظرة إلى الحكم الواقعي وتقول إنَّ هذا جزء الركوع جزء والسجود جزء والقيام جزء والقراءة جزء فهي تثبت الجزئية بلحاظ الواقع بينما حديث الرفع يبين حكماً ظاهرياً فأحدهما نناظر إلى الحكم الواقعي والاخر ناظر إلى الحكم الظاهري فكيف تصير هماك حكومة وتخصيص بعد كون الحكمين من جنسين مختلفين أحدهما واقعي والآخر ظاهر وحديث الرفع ناظر إلى الرفع الظاهري بينما أدلة الأجزاء ناظرة إلى الجزئية الواقعية فأحدهما من غير جنس الآخر فلا يمكن حصول عملية تخصيص.
إن قلت:- إنه لا محذور في أن تتحقق الحكومة فإنا قرأنا في مبحث الحكومة أنها تارةً تكون واقعية ، وأخرى تكون ظاهرية ، والواقعية هي التي توسّع أو تضيّق واقعاً ، والظاهرية هي التي توسّع أو تضيّق ظاهراً لا واقعاً ، ومثال الحكومة الواقعية ( الطواف بالبيت صلاة ) - على تقدير وجود هذا الحديث فإنه ليس من العلوم أنه موجود - فهذا الحديث حكومته واقعية يعني هو ينزّل الطواف منزلة الصلاة ، يعني ما يعتبر في الصلاة من طهارة حدثية وخبثية وغير ذلك كله معتبر إلا ما خرج بالدليل فهذه توسعة واقعية وحكومة واقعية ، وكذلك ( لا ربا بين الوالد وولده والزوج وزوجته ) يعني أنَّ الربا لا يتحقق بين الوالد وولده والزوج وزوجته يعني أنَّ هذا حاكم على دليل حرمة الربا فهو يريد أن يقول إنَّ الربا هنا لا يتحقق وهذا تضييق وتوسعة واقعية والأمثلة كثيرة من هذا القبيل ، وأما الحكومة الظاهرية فالمقصود من التخصيص ولكن في مرحلة الشك وعدم العلم من قبيل أنه يشترط في ماء الوضوء الطهارة وفي ثوب المصلي الطهارة ، وأنا كيف أحرز الطهارة ؟ فمرة أجلب الثوب وأضعه في حوض الماء وأغسله فصار طاهراً واقعاً ، ومرة رأيت ثوباً وأردت الصلاة فيه ولا اعلم أنه طاهر أو نجس فيوجد عندنا ( كل شيء لك طاهر حتى تعلم أنه نجس ) يعني مادام لا تعلم بأنه نجس فأنا الشرع أحكم عليك بأنه طاهر ، وكذلك ماء السبيل الموجود الآن فيشترط في جواز الشرب الطهارة فكيف أُثبت أن هذا الماء طاهر والحال أنه يباشره الأطفال وغير ذلك ؟ إنه يوجد عندنا ( كل شيء لك طاهر ) فهو يقول مادام لا تعلم بالنجاسة فأنت احكم بالطهارة ، فهذه حكومة ظاهرية يعني مادام لا تعلم بالنجاسة فأنا أحكم عليك بالطهارة ، فلنقل إنَّ مقامنا من هذا القبيل يعني نقول إنَّ حديث رفع الجزئية يرفع جزئية الجزء العاشر ولكن مادمت شاكاً ولست بعالم نرفعها ، فكل جزء مادمت تشك في جزئية فحالة الشك يقول حديث الرفع أنا أرفعها فهذه حكومة ظاهرية وأي مانع منها.
فإذاً كيف قلت في الجواب الثالث أنه لا يمكن تطبيق فكرة الحكومة هنا لأنَّ أدلة الأجزاء ناظرة إلى الجزئية والواقعية وحديث الرفع ناظر إلى الرفع الظاهري فأحدهما من غير جنس الآخر فلا تصير حكومة ولا يصير تخصيص ؟!! فنحن نقول:- صحيح أنه لا تصير حكومة واقعية لكن الحكومة الواقعية لا بأس بها.والجواب:- إنَّ هذا وجيه فيما إذا فرض أنَّ حديث الرفع كان يرفع نفس الحكم الواقعي ولكن يرفعه حالة الشك في ثبوته ، ولكن المفروض أنَّ ( رفع ما لا يعلمون ) لا يرفع الأحكام واقعاً وإنما يرفع وجوب الاحتياط ، فالرفع الظاهري يعني رفع وجوب الاحتياط ، يعني أنَّ الاحتياط ليس بلازم ، فعلى هذا الأساس أدلة الأجزاء تقول كل واحدٍ من هذه الأشياء هو جزء للصلاة ، وأما حديث الرفع فلا يقول إنَّ هذا ليس بجزء حين الشك ، فلو قال كذلك لكنا نقول هذه حكومة ظاهرية ، ولكنه لا يقول إنَّ هذا ليس بجزء حال الشك ، بل يقول لا يجب الاحتياط ، فإذا ًمضمونه غير مضمون أدلة الأجزاء ، فلا معنى لقضية الحكومة والتخصيص ، فإذاً كيف ضممت حديث رفع الجزئية إلى أدلة الأجزاء لتثبت أنَّ الجزئية الثابتة هي جزئية التسعة دون العشرة ؟! إنَّ هذا ليس بتام ، إذ المفروض أنَّ حديث الرفع لا يرفع الجزئية حالة الشك وإنما يرفع وجوب الاحتياط ، فعلمية التخصيص والحكومة لا معنى لها من الأساس.