1440/06/10
تحمیل
الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الفقه
40/06/10
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع:- بيع الفضولي– شروط المتعاقدين.
وجوه في صالح الشيخ الأعظم:- وهي خمسة وجوه:-
الوجه الأول:- نحن علقنا التعليق الأول على ما ذهب إليه الشيخ الأعظم(قده) وقلنا من أين لك هذه العلاقة فإنها من دون أساس ، ولكن قد يقال:- صحيحٌ أنه لا توجد علاقة ولكن توجد معاهدة ومعاقدة بسبب عقد الفضولي وهذا لا يمكن انكاره ، فإنَّ واقع الحال هو هذا ، وحينئذٍ نقول حينما ردّ المالك هذه المعاقدة لفقد انفصمت وانقطعت المعاقدة والمعاهدة فلا يعود على الأرض شيئاً يمكن تعلق الاجازة البعدية به.
إذا الذي أراده الشيخ الأعظم(قده) وصلنا إليه ولكن من خلال تبديل العلاقة بالمعاهدة والمعاقدة.ويردّه:- نسلّم إن المعاقدة حدثت ولكنها حدثت بين الفضولي والمشتري فلا معنى لأن يتدخل المالك بفسخها وقطعها ، فهو ليس طرفاً فيها فلا معنى لأن يدخل ويفسخ هذه المعاقدة ، نعم له حق الرد بمعنى عدم الامضاء يعني لا يمضي عدم المعاقدة ، أما الرد بمعنى الفسخ فليس له حق في ذلك ، لأنه ليس طرفاً في هذه المعاهدة ننعم له الحق بمعنى عدم الامضاء وحينئذٍ لم تنقطع هذه المعاقدة ، غايته أنها لم تمضَ ويمكن بعد ذلك إمضاؤها ، لأنها لم تنقطع ولم يتحقق الفسخ ، ومادام لم يتحقق فحينئذٍ هي باقية ويمكن إمضاؤها بعد ذلك ، وهذا بخلاف ما لو كان المقصود ما اقترحه الشيخ الأعظم(قده) وهو العلاقة ، فإنه يقول إنَّ هذه العلاقة قد قطعت لأنها علاقة صارت على ملكه فلنقل له لاحق في قطعنها ، أما المعاقدة فلا معنى لقطعها لأنه ليس طرفاً فيها وإنما له حق عدم الامضاء ، فهي باقية فيمكن أن يمضيها فيما بعد.
الوجه الثاني:- لو فرض أنا أنكرنا العلاقة التي اقترحها الشيخ الأعظم(قده) - كما نحن أنكرناها وقلنا إنه لا مثبت لها - ولكن ننكر وجودها الشرعي ، أما وجودها العرفي فلا معنى لإنكاره ، فعرفاً تحدث علاقة بين المشتري وبين المبيع ، وحينئذٍ تقطع هذه العلاقة ، وإذا رفضنا هذه العلاقة العرفية فهناك شأنية العلاقة ، وتكفي الشأنية لردّ هذه العلاقة ، وهذا ما ذهب إليه الشيخ النائيني(قده) في دعم الشيخ الأعظم(قده)[1] .
ويردّه:-أولاً:- إذا أنكرنا وجود هذه العلاقة الشرعي فأيضاً ننكر وجودها العرفي ، فمن أين لك وجود عريف لها ثم وجود شأني ، وإنما الذي نسلّمه أن هناك عقداً والاجازة والردّ تتعلقان بالعقد ، فالعقد هو له القابلية أما توسيط العلاقة فلا أصل له ، فنحن ننكر حدوث علاقة شرعية أو عرفية أو شأنية فإنه لا دليل عليها .
ثانياً:- إنَّ هذه العلاقة إما هي منافية لسلطنة المالك أو لا ، فإن لم تكن منافية لسلطنة المالك فلا يمكن لسلطنة المالك قطع هذه العلاقة ، لأنها ليست منافية لسلطنته والشيء الذي لا ينافي سلطنته فلا معنى لأن يتدخل فيه ، وإن فرض أنها تنافي سلطنته فمن المناسب أن لا تحدث من الأول لا أنها تحدث ثم بعد ذلك لمالك الحق في قطعها.
الوجه الثالث:- أن يقال إنه كما لا يمكن الردّ بعد الاجازة لا يمكن الاجازة بعد الردّ ، وربما نسب هذا إلى الشيخ النائيني(قده) في منية الطالب ولكني لم أعثر عليه بالمرور العاجل.
وفيه:- إنَّ هذا قياس مع الفارق ، فإنه إذا كانت الاجازة متقدمة فقد تم العقد الرد بعد ذلك لا يمكن لأن العقد قم تم ، كما لو فرض في البيع المتعارف غير الفضولي قال البائع بعت ثم قال المشتري قبلت فهنا تم العقد ولا معنى حينئذٍ لن يتراجع احد الطرفين بعد ذلك - هذا من دون خيار أما مع وجود الخيار الشرعي فذاك شيء آخر - ، وهذا بخلافه فيما إذا تقدم الرد فإنه يمكن الاجازة البعدية إذ الردّ لا يعني الفسخ ، فإنَّ الفسخ من قبل المالك لا يمكن لأنه ليس طرفاً في العقد ، بل أقصى ما يمكنه الردّ بمعنى عدم الامضاء ، ولا محذور في أنه لا يصدر إمضاء في هذا اليوم ولكنه يصدر في الغد ، فكأنه تصوُّر ان الرد بمعنى الفسخ ، كلا بل الردّ بمعنى الامضاء لا بمعنى الفسخ ، فإن الفسخ لا معنى له لأن المالك أجبي عن العقد فإن العقد جارٍ بين الفضولي والمشتري فالردّ هو بمعنى الامضاء فالعقد باقٍ على حاله فحينئذٍ إذا لم يمض بالأمس فهو قابل للإمضاء اليوم.
الوجه الرابع:- أن يقال: إنَّ المالك إذا كان مسلطاً على الامضاء فهو مسلط على الردّ ، فإن السلطنة هي دائماً تكون متساوية النسبة إلى طرفيها ، فإذا سلّمنا أنه مسلط على الامضاء فهو مسلّط على الردّ ، فحينئذٍ ردّ المعاملة بنحوٍ تنقطع وتنفصم ولا يمكن اجازتها بعد ذلك يكون شيئاً وجيهاً ، لأن ذلك لازم ثبوت السلطنة على الامضاء فإنَّ المسلّط على الامضاء مسلّط على الرد.
والجواب واضح:- فإنَّ المقابل للإمضاء هو عدم الامضاء لا الفسخ ، فالمسلّط على الامضاء مسلّطٌ على عدم الامضاء لا على الردّ بمعنى الفسخ وقطع العقد من الأساس وإنما بمعنى عدم الامضاء ، فحصل خلطٌ بين الرد بمعنى عدم الامضاء فهذا نسلّمه فإنَّ السلطنة على الامضاء تستلزم السلطنة على عدم الامضاء ، أما بمعنى الفسخ فلا نسلّم بذلك.
الوجه الخامس:- أن يقال: نحن لو ناقشنا الشيخ الأعظم(قده) فيما أفاده في الوجوه الثلاثة لإثبات بطلان الاجازة بعد الردّ وقبلنا المناقشة فهذا لا ينتج صحة البيع الصادر من الفضولي ، فإنَّ صحة البيع تحتاج إلى مثبت ، ومع عدم المثبت أصالة الفساد تقتضي فساد ما صدر ، وأصالة الفساد هنا بمعنى الأصل العملي ، يعني بمعنى عدم تربت الأثر ، فسابقاً لم يكن الأثر مترتباً والآن نشك فنستصحب عدم ترتبه ، فلابد أن تأتي بمثبتٍ يقف أمام استصحاب عدم ترتب الأثر ، وليس عندك من شيء إلا المطلقات مثل ﴿ أحلّ الله البيع ﴾ و ﴿ أوفوا بالعقود ﴾ ، وهذه المطلقات يشك في شمولها للعقد الذي رُدَّ أوّلاً ثم أمضي ، فإن الذي رُدَّ أوّلاً يشكل في صحة انتسابه للمالك المجيز بعد الردّ ، ، نعم لو لم يردّ قبل ذلك فعرفاً ينتسب العقد بالاجازة إليه ، أما إذا رَدّ قبلاً فيشكل انتسابه إليه عرفاً ، فنحن لا نجزم بذلك وهذا يكفينا لعدم صحة التمسّك بالمطلقات ، فتصل النوبة إلى أصالة الفساد.
وهذا وجه لا بأس به.