34-07-28
تحمیل
الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الفقه
34/07/28
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضـوع:- الواجب الخامس من واجبات حج التمتع - وهو الثاني من أعمال منى في اليوم العاشر- ( الذبح أو النحر في منى ) / حج التمتع / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
الشق الثاني:- وأما الشق الثاني - أعني ما إذا تعذر الذبح في خصوص الأيام الأولى يعني العاشر أو الحادي عشر وأمكن قبل انتهاء ذي الحجة فقد ذكر(قده) وأنا قلت فيما سبق إن هذه المسألة ليست ابتلائية والمناسب حذفها من لمناسك ولكن نحن نبحثها من باب البحث العلمي - ففيه أنه يؤخر الذبح إلى الوقت الممكن - أعني قبل نهاية ذي الحجة - كما ويؤخر الأفعال المترتبة عليه - أعني السعي والطواف - ويأتي بالحلق أو التقصير رغم أنه مترتّب على الذبح لكنّه يعجِّل فيه ليحل بذلك من إحرامه ويبقى في ذمته الذبح والسعي والطواف إلى نهاية ذي الحجّة.
إذن له(قده) دعويان في هذا المجال:-
الأولى:- أنه يؤجل الذبح وما يترتب عليه إلى الوقت المكن - أعني قبل انتهاء ذي الحجة -.
والثانية:- أنه يجوز له أن يعجِّل بالحلق في اليوم العاشر ويحلُّ بذلك من إحرامه:-
أما بالنسبة إلى الدعوى الأولى:- فحاصل ما ذكره في هذا المجال هو أن الذبح كما نعرف مطلوب شرعاً في منى للأدلة الدالة على ذلك وهي عنده التسالم وصحيحة منصور الواردة فيمن ضل هديه فذبحه غيره فقال ( إذا ذبحه في منى فلا بأس وإلا فلا ) والدليل الثالث على ذلك هو الآية الكريمة ( حتى يبلغ الهدي محلة ) الواردة في المحصور . إذن هناك ادلة ثلاثة تدل على وجوب الذبح في منى ، وإذا قبلنا بهذا فنقول إن الذبح في منى حسب الفرض ممكنٌ فإنه لو أجّل الذبح عن اليوم العاشر أمكنه أن يحقّقه في منى في اليوم الحادي عشر أو في اليوم الثاني عشر أو إلى ما قبل نهاية ذي الحجّة فإن أشهر الحج تنتهي بذي الحجّة فمادام لم ينتهِ بَعدُ ذو الحجّة الحرام فالمجال موجودٌ فيؤجّل الذبح خصوصاً وأنه ورد في صحيحة حريز فيمن وجد الثمن ولم يجد الهدي أنه يترك الثمن عند ثقة ومتى ما وجد الهدي اشتراه ذبحه عنه مادام لم ينتهِ ذي الحجّة الحرام ونصّ الصحيحة هو:- ( عن أبي عبد الله عليه السلام في تمتع يجد الثمن ولا يجد الغنم ، قال:- يخلّف الثمن عند بعض أهل مكّة ويأمر من يشتري له ويذبح عنه وهو يجزئ عنه فإن مضى ذو الحجّة أخَّر ذلك إلى قابلٍ من ذي الحجّة )
[1]
. إذن الذبح يلزم تأجيله إلى ما بعد اليوم العاشر وقبل انتهاء ذي الحجَّة الحرام ولا يوجد ما يمنع من الأخذ بهذا الذي قلناه - أعني تأجيل الذبح عن اليوم العاشر إلى ما قبل انتهاء ذي الحجّة الحرام - سوى ما تقدّم من أن بعض الروايات دلّت على أنه ( إذا ذبحت فاحلق ) يعني بحيث أن الذبح يكون مقدماً على الحلق فالحلق مترتب على الذبح هكذا قد يستفاد من غير رواية ومن جملة تلك الروايات صحيحة جميل وغيرها في القوم الذين جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وآله وقدّموا ما أخّروا وأخّروا ما قدّموا فإن هذه الروايات تدلّ على لزوم تقدّم الذبح على الحلق وبما أن الحلق يلزم أن يكون في اليوم العاشر فبالدلالة الالتزامية الذبح سوف يكون في اليوم العاشر ومن هنا هو(قده) صار إلى ذلك وقال إن الأحوط أن يذبح في اليوم العاشر والمستند هو هذه الروايات ومنها رواية عمر بن يزيد:- ( عن أبي عبد الله عليه السلام:- إذا ذبحت اضحيتك فأحلق رأسك .... )
[2]
إن هذه الرواية وما شاكلها دلت على أن الذبح يلزم أن يكون في اليوم العاشر لأجل أن الحلق - الذي هو يأتي في المرتبة بعد الذبح - يلزم أن يكون في اليوم العاشر ولازم كون الحلق في اليوم العاشر هو أن يكون الذبح في اليوم العاشر لا أنه يتأخّر . إذن هذه الرواية بالدلالة الالتزامية تمنع من تأخير الذبح عن اليوم العاشر فماذا نصنع حتى نتغلب عليها ؟ أجاب(قده) وقال:- نسلّم أن الحلق مترتّب على الذبح ولكنّه مترتّب على الذبح المأمور به والمطلوب والصحيح والذي يقع في موقعه المناسب وحيث إن الذبح ليس بمطلوبٍ في اليوم العاشر لفرض أنه يتعذّر الذبح في منى في اليوم العاشر ويلزمه التأجيل فشرطيّة الترتيب سوف تسقط - أي ترتيب الحلق على الذبح - فلا يلزم أن يكون الحلق مترتّباً على الذبح وإنما يكون مترتّباً حيث أمكن الاتيان بالذبح المأمور به وحيث لا يمكن الاتيان بالذبح المأمور به فشرطيّة ترتيب الحلق على الذبح سوف تسقط . إذن لا تعود مثل هذه الرواية مانعة من تأخير الذبح عن اليوم .
نعم يبقى شيء واحد:- وهو أن الاحتياط - كما ذكر(قده) سابقاً - هو اعتبار الترتيب ، وهنا لو حلق وأخَّر الذبح فسوف يخالف الترتيب المطلوب . وجوابه قد اتضح:- وهو أن هذا حكمٌ احتياطي يطلب متى ما أمكن الإتيان بالذبح المأمور به في اليوم العاشر وحيث لا يمكن فنرفع يدنا عن الاحتياط ولا نحكم بأن الاحتياط يقتضي شرطيّة الترتيب . هذا حاصل ما ذكره في الحكم الأول.
وأما ما ذكره في الدعوى الثانية فواضح:- إذ أن الوجه في ذلك واضح لفرض أن شرطيّة الترتيب ساقطة - أي ترتبت الحلق على الذبح - على ما ذكرنا فإنها ثابته في المورد الذي يمكن فيه الاتيان بالبذح المأمور به وإذ لا يمكن فشرطيّة الترتيب ساقطة وإذا كانت ساقطة فيمكن أن يحلق وإذا حلق تشمله العمومات الدالة على أن من حلق حلَّ من إحرامه إلّا من جملة أمور . هذا توضيح ما أفاده(قده) وعبارته المذكورة في التقرير قد لا تخلو من خفاءٍ في أداء المطلب.
والمهم الذي ذكره(قده) هو في الحكم الأول.
وفي مقام التعليق نقول:-
أولاً:- أن الركيزة الأساسية في هذا البيان هو أن الذبح مطلوبٌ في منى بشكل لا يمكن رفع اليد عنه والمدرك في ذلك أمور ثلاثة ، ونحن نقول:- لو سلمنا هذه الأمور ولا نريد المناقشة في أصل دلالتها - ونحن فيما سبق ناقشنا في دلالة الآية الكريمة على أصل اللزوم فضلاً عن لزوم كونه في منى - ولكن الآن نغض الظر عن ذلك ونقول هي لا يوجد فيها إطلاق يدلُّ على أن الذبح لازم في منى حتى إذا لم يمكن الذبح في منى في اليوم العاشر فإن هذه المدارك ليست في مقام البيان أو قل لا إطلاق فيها من هذه الناحية:-
أما بالنسبة إلى التسالم:- فأمره واضح فإنه دليل لبّي والقدر المتيقن منه حالة الامكان للذبح في اليوم العاشر.
وأما بالسبة إلى صحيحة منصور:- فهي ناظرة إلى من ضلّ هديه وأن الواجب هو أنه يذبحه في منى فإنها ناظرة إلى ذلك وليست في مقام البيان من ناحية عدم إمكان الذبح في منى فإن هذه قضية أجنبية والمتكلم ليس بصدد البيان من ناحيتها والرواية هي:- ( عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل يضلّ هديه فيجده رجل آخر فينحره فقال إن كان نحره بمنى فقد أجزأ عن صاحبه الذي ضلَّ عنه وأن كان نحره في غير منى لم يجزئ عن صاحبه ) ، إنها ليست في مقام البيان عن حالة ما إذا لم يتمكن نفس صاحب الهدي من الذبح في منى فالتمسك بها واضح الإشكال.
وأما بالنسبة إلى الآية الكريمة:- التي تقول:- ( فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله ) فهي وارد في المحصور وإنها ناظرة إلى أن الحلق والإحلال لا يجوز إلا إذا ذبح الهدي في محلّه ومحلّه منى فنحن نسلم ذلك ولكنّها ليست في مقام البيان من جهة أنه إذا لم يمكن الذبح في منى فما هو الحكم في هذه الحالة فهل يلزم التأخير أو لا ؟ فهي أجنبية عن ذلك.
والخلاصة:- إن هذه المستندات الثلاثة لا إطلاق لها من هذه الناحية حتى يتمسك بها ، وهذه هي الركيزة الأساسية له(قده) فإذا انهدمت انهدم هذا البيان.
[1] وسائل الشيعة ، الحر العاملي، ج14، ص176، ب44 من ابوا الذبح، ح1،آل البيت.
[2] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج14 ص211، ب1 من أبواب الحلق والتقصير، ح1، آل البيت.