39/06/15
تحمیل
الأستاذ الشيخ حسن الجواهري
بحث الفقه
39/06/15
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع / هل يستحق الخمس من تولد من هاشمي بالزنا / قسمة الخمس / كتاب الخمس
فرع: ولد الزنا من هاشمي اذا ولد على فراش غير هاشمي هل يستحق حقّ السادات اذا كان فقيراً؟
ذكر بعض عدم استحقاقه للخمس لأنه ليس بهاشمي شرعاً, لأن الشارع لم يعتبر الولد المخلوق من ماء الزاني ولداً لظهور قوله (صلى الله عليه وآله): (الولد للفراش وللعاهر الحجر)[1] وانما خرّجت حرمة النكاح بالدليل.
وهناك من يقول: انه ولد شرعاً وانما خرج بالدليل عدم التوارث كما ذهب اليه في منتهى المقاصد وكذا السيد الخوئي قدس سره, اذن هو يستحقّ من حقّ السادات اذا كان فقيراً.
اقول: الخلاف هو في ان قوله عليه السلام: (الولد للفراش وللعاهر الحجر)[2] هو في صورة الشك فلا يشمل ما
علم انه ابن زنا أو يشمل حتى صورة العلم, فان كان شاملاً حتى لصورة العلم فابن الزنا المعلوم لا ينسب الى الزاني الهاشمي فلا يستحق حق السادات, وان كان في صورة الشك فيكون ابن الزنا المعلوم هو ابن للزاني الهاشمي فيستحقّ حق السادات اذا كان فقيراً والظاهر: انها مطلقة حتى لصورة العلم فهو ابن زنا وليس ابناً شرعياً للزاني الهاشمي فاذا لم ينتسب الى الزاني شرعاً فلا يستحق من حقّ السادات. وهذا له محلّ آخر وليس هنا محلّه.وبعبارة اخرى: انه ليس ولداً للزاني مطلقاً الاّ انه ثبت بالدليل حرمة نكاحه للزاني اذا كانت بنتاً وحرمة زواجه بالزانية اذا كان ذكراً.
نعم ولد الشبهة اذا كان الواطئ شبهةً هاشمياً, فهو ولد حلال للهاشمي الواطي شبهة فيستحق حقّ السادات اذا كان فقيراً.فرع: اذا دفع حقّ السادات للهاشمي بحجّة معتبرة كبيّنة مثلاً ثم انكشف انه غير هاشمي فهل يضمن الدافع هذا الذي دفعه اليه وهو لا يستحقّه؟
وهذا الفرع سيّال في هذه المسالة وفي ما اذا دفع الزكاة لفقير بحجّة شرعية ثمّ تبيّن عدم كونه فقيراً, أو دفع الامانة الى اهلها بحجّة شرعية ثم تبيّن عدم كونه صاحب الامانة أو دفع صلاة لمن يثق به ويطمئن به انه يصلّي أو دفع صوماً لمن يثق انه يصوم بالأُجرة ثم تبيّن عدم صلاته وعدم صومه فهل يكون ضامناً؟نقول: القاعدة: هي الضمان وذلك لعدم مطابقة المأتي به للمأمور به, فلا امتثال من الناحية الوضعية وان لم يكن مقصّراً, فيجب عليه الاعادة, اذ لا إجزاء في عمله.
اقول: الصحيح هو العمل بالقاعدة في كل الموارد الاّ في صورة وجود دليل يدل على الإجزاء كما في الزكاة اذا فحص واجتهد واعطى باعتقاد انه هو موضوع الزكاة ثم تبين الخلاف, وحينئذٍ اذا أُلحق بها الخمس فهو والاّ فنرجع الى القاعدة القائلة بعدم الاجزاء.
وكذا اذا كانت قرينة تدّل على كفاية الفحص الخارجي بقدر المتعارف كما في اجور الصلاة والصيام.واما العمل بالظهور فهو وان كان جائزاً الاّ انّه لا يدلّ على فراغ الذمّة عند تبيّن الخطأ. بل يكون معذوراً تكليفاً ووضعاً ما دام لم يتبيّن الخطأ, فان تبيّن الخطأ فيكون مسؤولاً عن الاعادة والله العالم.ثم هذه المسألة تأتي على رأي المتأخرين لا على الرأي المنصور القائل بان الخمس هو كلّه للإمام عليه السلام ومن بعده للحاكم الشرعي, فانّه اذا وضع هذا الحق فيما يراه مصلحة فلا معنى لعدم الاجزاء.اقول: في المسالة اقوال:
الاول: عدم الاجزاء مطلقاً ويمثل هذا القول من القدماء الشيخ المفيد رحمه الله[3] ومن المتأخرين صاحب الحدائق
رحمه الله[4] .
الثاني: الاجزاء, ويمثل هذا القول الشيخ في المبسوط وجماعة[5] .
الثالث: التفصيل بين ما اذا اجتهد فأعطى وبين ما اذا اعطى اعتماداً على مجرّد دعوى الفقر واصالة عدم المال.
ودليل القول الاول:1ـ اصالة الاشتغال.2ـ الزكاة والخمس هما حصّة الاخرين عند المالك فلابدّ له من ايصالها لهم فهم شركاء معه وليس له صرفها الى غير الشركاء.3ـ توجد روايات تقول: بعدم الاجزاء وهي رواية الحسين بن عثمان عمن ذكره (مرسلة) عن ابي عبدالله عليه السلام: في رجل يعطى زكاة ماله رجلاً وهو يرى انه معسر فوجده موسراً؟ قال عليه السلام: لا يجزيء عنه[6] .
اقول: في السند ابن ابي عمير فاذا كانت صحيحة السند اليه ثم ذكر الارسال فلا يضر اي ان الحسين بن عثمان قد ذكر الراوي عن الامام الاّ ان ابن ابي عمير نسيه أو غفله. اذن السند معتبر.
ولكن دليل القول الثالث (وان كان على خلاف القاعدة القائلة بعدم الاجزاء مطلقاً) هو صحيحة حريز عن ابي عبدالله عليه السلام قال عليه السلام في حديث قال: قلت له: رجل عارف ادّى زكاته الى غير اهلها زماناً هل عليه ان يؤديها ثانية الى اهلها اذا علمهم؟ قال... نعم. قال: قلت له: فان لم يعلم اهلها فدفعها الى من ليس هو لها بأهل, وقد كان طلب واجتهد ثم علم بعد ذلك سوء ما صنع؟ قال: ليس عليه ان يؤديها مرّة اخرى[7] .
فهذه الصحيحة قد فصّلت بين اعطائها لغير اهلها من دون اجتهاد فلابدّ من الاعادة امّا اذا اعطاها لغير اهلها بعد اجتهاده ويقينه انهم أهل ثم تبيّن انهم ليسوا بأهل, فلا إعادة.وبما ان هذه الصحيحة في الزكاة الاّ انه لا فرق بين الزكاة وغيرها ممّا امر الشارع بإيصال الحق الى أهله.اما القول الثاني وهو الاجزاء فلعلّ دليلهم انما يجب على المكّلف ان يعمل بالظاهر وقد عمل به, فان تبيّن الخطأ فهو معذور حكما ووضعاً, وليس على المكّلف اصابة الواقع.
ثم قد يقال: ان الاعادة في صورة العمل بالظاهر ثم تبيّن عدم كون المعطىى هو صاحب الحق فيه عسر وحرج
وضيق على المكّلف وهو مرفوع, فلاحظ.ملحوظة: وهي: ان القاعدة التي قلنا انها عبارة عن عدم الإجزاء, الاّ انْ تكون هناك قرينة أو دليل دلّ على
الاجزاء كما في الزكاة, هل تشمل هذه القاعدة الحاكم الشرعي اذا اعطى ثمّ تبيّن الخطأ وعدم كون المعطى مستحقاً؟والجواب: نعم تشمل الحاكم الشرعي لأننا لا نحرز فرقاً بين المالك اذا اعطى وتبين الخلاف أو الحاكم الشرعي اذا اعطى وتبيّن الخلاف, لأن التكليف اذا كان هو عبارة عن إيصال الحقّ الى أهله فلا فرق بين المالك والحاكم الشرعي, فانّ تعليل وضعها في غير موضعها تشمل الاثنين.
نعم المالك اذا ضمن فهو يعطي من كيسه الشخصي وامّا الحاكم الشرعي اذا ضمن فهو يعطي من بيت المال لا من ماله الشخصي للأدلّة على ذلك.