36/06/17
تحمیل
الموضوع: الصوم , المفطرات,
فصل (المفطرات المذكورة ما عدا البقاء على الجنابة الذي مر الكلام فيه تفصيلا إنما
توجب بطلان الصوم.....) مسألة 6
اعترض السيد الخوئي (قد) على ما ذكره السيد الحكيم (قد) بما حاصله: (ولكنه بمراحل عن الواقع لوضوح الفرق بين الموردين فإن المفطر لو كان هو خروج المني على اطلاقه لكان القياس في محله ولكن المفطر إنما هو الجماع أو الاستمناء أو البقاء على الجنابة وشيء من ذلك غير صادق على الاحتلام، فالعمد إليه ليس عمدا إلى المفطر كما ذكر، وأما في المقام فالمفطر هو الشراب والطعام ولا بد للصائم من الاجتناب عنهما بمقتضى قوله عليه السلام : لا يضر الصائم ما صنع إذا اجتنب . الخ ولا ينبغي التأمل في عدم صدق الاجتناب عن الطعام فيما إذا ذهب باختياره إلى مكان يعلم بايجار الطعام أو الشراب في حلقه، فإن مثل هذا يقال في حقه أنه جائع يريد أن يحتال لرفع جوعه . وعلى الجملة يصدق على هذا الشخص العامد في الذهاب أنه عامد إلى الافطار، فلا يكون ناويا للصوم فيبطل لفقد النية، بل تجب الكفارة أيضا لو تحقق خارجا لاستناد الافطار إليه وانتهائه إلى اختياره)[1]
اقول أن هذا الاعتراض يرتفع اذا بدلنا المثال الذي ذكره السيد الحكيم (قد) بمثال تقدم وهو ما لو اكل في الليل ما يعلم بأنه سيقيئه بلا اختيار في النهار, وهذا من قبيل ما نحن فيه لأن القيء من المفطرات بلا اشكال.
وقد تقدم بحث اصل المسألة _في مسألة 71( إذا أكل في الليل ما يعلم أنه يوجب القئ في النهار من غير اختيار فالأحوط القضاء) [2]_ في أن من يأكل في الليل ما يعلم أنه سيقيئه نهاراً بلا اختيار, هل يجوز له ذلك؟ أو لا؟
فقد يقال بأن ما نحن فيه من هذا القبيل فأن جوزنا الاكل في تلك المسألة وأن علم أنه سيقيئه في النهار بلا اختيار, لابد أن نقول في المقام بجواز الذهاب إلى ذلك المكان وان علم أنه سيتناول الاكل بلا اختيار.
وان قلنا بعدم الجواز في تلك المسألة لابد أن نقول بعدمه في المقام.
لكن الظاهر أن الأمر ليس هكذا, بل حتى لو قلنا بجواز الاكل في تلك المسألة(مسألة القيء) فمن الصعب أن نقول بجواز الذهاب في محل الكلام, والسر في هذا أن القيء عندما صدر منه في النهار لم يكن اختيارياً حين صدوره, وان كانت مقدماته اختيارية, والميزان في مفطرية القيء هو كونه اختيارياً حين صدوره, واذا لم يكن اختيارياً حين صدوره لم يكن مفطراً حتى وان كانت مقدماته اختيارية.
وهذا الميزان استفدناه من النصوص الواردة في القيء كما في موثقة سماعة (قال : سألته عن القيء في رمضان ؟ فقال : إن كان شيء يبدره فلا بأس، وإن كان شيء يكره نفسه عليه أفطر وعليه القضاء . . الحديث .)[3]
فأن المفهوم منها أن الميزان هو الاختيار حين صدور العمل, فلا يضر اذا بدره أي صدر منه بلا اختيار حين العمل (القيء) حتى وان كانت مقدماته اختيارية, أما اذا اكره نفسه عليه حين صدوره فأنه يكون مفسداً للصوم, واذا طبقنا هذا الميزان في باب القيء نقول بأن هذا الصائم اكل في الليل ما يعلم أنه سيقيئه في النهار بلا اختيار حين صدوره وان كانت مقدماته اختيارية, فلا يكون مفطراً ولا موجباً لفساد الصوم لعدم تحقق ميزان المفطرية في حقه, فيكون الاكل جائزاً لعدم تعمد الافطار, هذا ما نقوله في باب القيء بأعتبار استفادة ذلك الميزان من نصوص القيء.
ولا يمكن تعميم هذا الحكم لجميع المفطرات, لأننا التزمنا به في مسألة القيء للنصوص الواردة فيه, ولا نملك تلك النصوص لسائر المفطرات لكي نستفيد منها أن الميزان في مفطرية الاكل مثلاً هو كونه اختيارياً حين صدوره, وحينئذ نطبق في ذلك للقواعد العامة التي تقول بأن الفعل اذا صدر بأختيار ولو بأعتبار اختيارية مقدماته فأنه يحقق الاختيار الموجب لبطلان الصوم, وبعبارة اخرى _كما ذكر الفقهاء_ أن الميزان في مفطرية الاكل وسائر المفطرات ما عدا القيء هو الاختيار المصحح للعقاب, وهو الاختيار ولو لكون مقدماته اختيارية, لا أن المصحح للعقاب هو الاختيار الذي يكون اختيارياً حين صدوره فقط.
وفي هذه المسألة وان كان تناول المفطر لم يكن اختيارياً لأنه بالإيجار بحسب الفرض, لكن مقدماته اختيارية لأنه ذهب إلى ذلك المكان بأختياره, فيكون ما صدر منه اختيارياً لكن بأعتبار اختيارية مقدماته, وهذا يكون موجباً لتصحيح العقاب ومنه يكون الاكل موجباً لفساد الصوم, ويكون تعمد الذهاب إلى ذلك المكان من باب تعمد الافطار.
بناءً على هذا الكلام يكون الصحيح في المقام الاول(الحكم التكليفي) هو عدم جواز الذهاب إلى ذلك المكان مطلقاً, سواء كان في مورد الاكراه أو في مورد الايجار خلافاً للسيد الحكيم في المستمسك.
وأما من حيث حكم الصوم وضعاً _ المقام الثاني_ فقد اتضح مما تقدم وهو الحكم ببطلان الصوم, لأن سبب الحكم بحرمة الذهاب مطلقاً بناء على كون الذهاب مبطلاً للصوم, والا فأن الاكل بعنوانه الاولي ليس حراماً.
قال السيد الماتن (بل لا يبعد بطلانه بمجرد القصد إلى ذلك فإنه كالقصد للإفطار)[4] ويشير بذلك إلى مطلب تقدم الحديث عنه سابقاً, وكأنه يريد أن يقول بأن بطلان الصوم لا يتوقف على ذهاب الصائم إلى ذلك المكان ويضطر إلى تناول المفطر بإكراه أو بإيجار بل يكفي في اثبات البطلان قصد ذلك, وهذا على اساس ما تقدم في ابحاث النية من أن المعتبر في الصوم هو قصد الامساك عن المفطرات في الوقت المخصوص ولو اجمالاً(أي يقصد الامساك عما اعتبره الشارع مفطراً بدون الحاجة إلى معرفة تفاصيل المفطرات), وبناء على ذلك يقال أن الصائم بمجرد أن يقصد الذهاب إلى ذلك المكان مع علمه بأنه اذا ذهب إليه سوف يأكل إما بإكراه أو بإيجار فأنه يعتبر قاصداً للإفطار, لأنه يكون حينئذ قصد عدم الامساك (الافطار), لا أنه لم يقصد الامساك فحسب, وهذا ما يكون موجباً لبطلان الصوم من جهة الاخلال بالنية , وبناءً على ذلك يتضح أن الذهاب إلى ذلك المكان والاضطرار إلى الاكل بإكراه أو ايجار لا يكون حراماً من باب افساد الصوم لأن الصوم بطل بالقصد, وإنما يكون حراماً من باب ترك الامساك التأدبي الذي هو واجب في شهر رمضان على القول بوجوبه.
مسألة 7 ( إذا نسي فجامع لم يبطل صومه وإن تذكر في الأثناء وجب المبادرة إلى الاخراج وإلا وجب عليه القضاء والكفارة) وهذه المسألة واضحة بناءً على تعميم المفطرية للبقاء وعدم اختصاصها بالحدوث, وقد تقدم سابقاً أن الذي يفهم من ادلة المفطرية أن المفطر ما هو اعم من حدوث المفطر وبقاءه.
اعترض السيد الخوئي (قد) على ما ذكره السيد الحكيم (قد) بما حاصله: (ولكنه بمراحل عن الواقع لوضوح الفرق بين الموردين فإن المفطر لو كان هو خروج المني على اطلاقه لكان القياس في محله ولكن المفطر إنما هو الجماع أو الاستمناء أو البقاء على الجنابة وشيء من ذلك غير صادق على الاحتلام، فالعمد إليه ليس عمدا إلى المفطر كما ذكر، وأما في المقام فالمفطر هو الشراب والطعام ولا بد للصائم من الاجتناب عنهما بمقتضى قوله عليه السلام : لا يضر الصائم ما صنع إذا اجتنب . الخ ولا ينبغي التأمل في عدم صدق الاجتناب عن الطعام فيما إذا ذهب باختياره إلى مكان يعلم بايجار الطعام أو الشراب في حلقه، فإن مثل هذا يقال في حقه أنه جائع يريد أن يحتال لرفع جوعه . وعلى الجملة يصدق على هذا الشخص العامد في الذهاب أنه عامد إلى الافطار، فلا يكون ناويا للصوم فيبطل لفقد النية، بل تجب الكفارة أيضا لو تحقق خارجا لاستناد الافطار إليه وانتهائه إلى اختياره)[1]
اقول أن هذا الاعتراض يرتفع اذا بدلنا المثال الذي ذكره السيد الحكيم (قد) بمثال تقدم وهو ما لو اكل في الليل ما يعلم بأنه سيقيئه بلا اختيار في النهار, وهذا من قبيل ما نحن فيه لأن القيء من المفطرات بلا اشكال.
وقد تقدم بحث اصل المسألة _في مسألة 71( إذا أكل في الليل ما يعلم أنه يوجب القئ في النهار من غير اختيار فالأحوط القضاء) [2]_ في أن من يأكل في الليل ما يعلم أنه سيقيئه نهاراً بلا اختيار, هل يجوز له ذلك؟ أو لا؟
فقد يقال بأن ما نحن فيه من هذا القبيل فأن جوزنا الاكل في تلك المسألة وأن علم أنه سيقيئه في النهار بلا اختيار, لابد أن نقول في المقام بجواز الذهاب إلى ذلك المكان وان علم أنه سيتناول الاكل بلا اختيار.
وان قلنا بعدم الجواز في تلك المسألة لابد أن نقول بعدمه في المقام.
لكن الظاهر أن الأمر ليس هكذا, بل حتى لو قلنا بجواز الاكل في تلك المسألة(مسألة القيء) فمن الصعب أن نقول بجواز الذهاب في محل الكلام, والسر في هذا أن القيء عندما صدر منه في النهار لم يكن اختيارياً حين صدوره, وان كانت مقدماته اختيارية, والميزان في مفطرية القيء هو كونه اختيارياً حين صدوره, واذا لم يكن اختيارياً حين صدوره لم يكن مفطراً حتى وان كانت مقدماته اختيارية.
وهذا الميزان استفدناه من النصوص الواردة في القيء كما في موثقة سماعة (قال : سألته عن القيء في رمضان ؟ فقال : إن كان شيء يبدره فلا بأس، وإن كان شيء يكره نفسه عليه أفطر وعليه القضاء . . الحديث .)[3]
فأن المفهوم منها أن الميزان هو الاختيار حين صدور العمل, فلا يضر اذا بدره أي صدر منه بلا اختيار حين العمل (القيء) حتى وان كانت مقدماته اختيارية, أما اذا اكره نفسه عليه حين صدوره فأنه يكون مفسداً للصوم, واذا طبقنا هذا الميزان في باب القيء نقول بأن هذا الصائم اكل في الليل ما يعلم أنه سيقيئه في النهار بلا اختيار حين صدوره وان كانت مقدماته اختيارية, فلا يكون مفطراً ولا موجباً لفساد الصوم لعدم تحقق ميزان المفطرية في حقه, فيكون الاكل جائزاً لعدم تعمد الافطار, هذا ما نقوله في باب القيء بأعتبار استفادة ذلك الميزان من نصوص القيء.
ولا يمكن تعميم هذا الحكم لجميع المفطرات, لأننا التزمنا به في مسألة القيء للنصوص الواردة فيه, ولا نملك تلك النصوص لسائر المفطرات لكي نستفيد منها أن الميزان في مفطرية الاكل مثلاً هو كونه اختيارياً حين صدوره, وحينئذ نطبق في ذلك للقواعد العامة التي تقول بأن الفعل اذا صدر بأختيار ولو بأعتبار اختيارية مقدماته فأنه يحقق الاختيار الموجب لبطلان الصوم, وبعبارة اخرى _كما ذكر الفقهاء_ أن الميزان في مفطرية الاكل وسائر المفطرات ما عدا القيء هو الاختيار المصحح للعقاب, وهو الاختيار ولو لكون مقدماته اختيارية, لا أن المصحح للعقاب هو الاختيار الذي يكون اختيارياً حين صدوره فقط.
وفي هذه المسألة وان كان تناول المفطر لم يكن اختيارياً لأنه بالإيجار بحسب الفرض, لكن مقدماته اختيارية لأنه ذهب إلى ذلك المكان بأختياره, فيكون ما صدر منه اختيارياً لكن بأعتبار اختيارية مقدماته, وهذا يكون موجباً لتصحيح العقاب ومنه يكون الاكل موجباً لفساد الصوم, ويكون تعمد الذهاب إلى ذلك المكان من باب تعمد الافطار.
بناءً على هذا الكلام يكون الصحيح في المقام الاول(الحكم التكليفي) هو عدم جواز الذهاب إلى ذلك المكان مطلقاً, سواء كان في مورد الاكراه أو في مورد الايجار خلافاً للسيد الحكيم في المستمسك.
وأما من حيث حكم الصوم وضعاً _ المقام الثاني_ فقد اتضح مما تقدم وهو الحكم ببطلان الصوم, لأن سبب الحكم بحرمة الذهاب مطلقاً بناء على كون الذهاب مبطلاً للصوم, والا فأن الاكل بعنوانه الاولي ليس حراماً.
قال السيد الماتن (بل لا يبعد بطلانه بمجرد القصد إلى ذلك فإنه كالقصد للإفطار)[4] ويشير بذلك إلى مطلب تقدم الحديث عنه سابقاً, وكأنه يريد أن يقول بأن بطلان الصوم لا يتوقف على ذهاب الصائم إلى ذلك المكان ويضطر إلى تناول المفطر بإكراه أو بإيجار بل يكفي في اثبات البطلان قصد ذلك, وهذا على اساس ما تقدم في ابحاث النية من أن المعتبر في الصوم هو قصد الامساك عن المفطرات في الوقت المخصوص ولو اجمالاً(أي يقصد الامساك عما اعتبره الشارع مفطراً بدون الحاجة إلى معرفة تفاصيل المفطرات), وبناء على ذلك يقال أن الصائم بمجرد أن يقصد الذهاب إلى ذلك المكان مع علمه بأنه اذا ذهب إليه سوف يأكل إما بإكراه أو بإيجار فأنه يعتبر قاصداً للإفطار, لأنه يكون حينئذ قصد عدم الامساك (الافطار), لا أنه لم يقصد الامساك فحسب, وهذا ما يكون موجباً لبطلان الصوم من جهة الاخلال بالنية , وبناءً على ذلك يتضح أن الذهاب إلى ذلك المكان والاضطرار إلى الاكل بإكراه أو ايجار لا يكون حراماً من باب افساد الصوم لأن الصوم بطل بالقصد, وإنما يكون حراماً من باب ترك الامساك التأدبي الذي هو واجب في شهر رمضان على القول بوجوبه.
مسألة 7 ( إذا نسي فجامع لم يبطل صومه وإن تذكر في الأثناء وجب المبادرة إلى الاخراج وإلا وجب عليه القضاء والكفارة) وهذه المسألة واضحة بناءً على تعميم المفطرية للبقاء وعدم اختصاصها بالحدوث, وقد تقدم سابقاً أن الذي يفهم من ادلة المفطرية أن المفطر ما هو اعم من حدوث المفطر وبقاءه.