36/06/09
تحمیل
الموضوع: الصوم
, المفطرات,
فصل (المفطرات المذكورة ما عدا البقاء على الجنابة الذي مر الكلام فيه تفصيلا إنما
توجب بطلان الصوم.....) مسألة 2
الكلام في صحيحة أبي الصباح (قال : والله لقد قال لي جعفر بن محمد) عليه السلام ) : ان الله علم نبيه التنزيل والتأويل فعلمه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عليا ( عليه السلام ) قال : وعلمنا والله ثم قال : ما صنعتم من شيء أو حلفتم عليه من يمين في تقية فأنتم منه في سعة)[1]
والمقصود بأبي الصباح في المقام هو ابو الصباح الكناني الذي لا اشكال في وثاقته, وتسمى الرواية موثقة اصطلاحاً لأحتمال أن يكون سيف بن عميرة المذكور في سندها من الواقفة كما هو مطروح في ترجمته, وعلى كل حال فالرواية معتبرة سنداً سواء كانت موثقة أو صحيحة.
ومحل الشاهد فيها قوله (ما صنعتم من شيء) حيث يدّعى أن قوله عليه السلام (فأنتم منه في سعة) أي أن هذا العمل الذي صنعتم يصح منكم ولا يجب عليكم القضاء, فكأن قوله عليه السلام (فأنتم منه في سعة) يلازم نفي القضاء بأعتبار أن القضاء فيه ثقل وضيق والحكم بفساد العمل خلاف السعة.
فلو فرضنا أن الصائم ارتمس تقية فأنه لا يجب عليه القضاء ويكون صومه صحيحاً, لأن الرواية تقول بأنه يكون في سعة, والحكم بالقضاء والاعادة خلاف السعة.
اُجيب عن هذا الاستدلال بأن السعة في هذه الرواية وان كانت في مقابل الضيق, وأن مفاد الرواية هو أن العمل الذي يصدر تقية اذا كان فيه ضيق _ بقطع النظر عن التقية _ يرتفع ويتبدل بالسعة.
وهذا يعني اختصاص الرواية بالفعل الذي يكون فيه ضيقاً, وتطبيق هذا المفاد في بعض الموارد واضح, من قبيل شرب النبيذ أو المسكر تقية فأنه فيه ضيق من جهتين _ بقطع النظر عن التقية_ من جهة الحرمة وترتب المؤاخذة عليه ومن جهة استلزامه اقامة الحد, فيأتي الحديث الشريف ليرفع هذا الضيق وتبديله بالسعة, ولازم ذلك ارتفاع كلتا الجهتين (الحرمة والمؤاخذة ووجوب اقامة الحد).
لكن تطبيق الحديث الشريف في محل الكلام ليس واضحاً بل ممنوع, لأننا نقول في محل الكلام أن هذا المكلف فعل المفطر تقية أو فعل المانع تقية أو ترك الجزء تقية (كما في باب الصلاة) وفي هذه الحالة يقال بأن الحديث لا يشمل محل الكلام, وذلك لأن فعل المانع (الارتماس مثلاً) ليس فيه ضيق بقطع النظر عن التقية, وحينئذ لا يشمله الحديث.
لا يقال بأن وجوب الاعادة والقضاء ضيق, لأنه يقال أن القضاء والاعادة لا يترتبان على فعل المفطر _ كما هو الحال في اقامة الحد والحرمة في شرب النبيذ والمسكر _ وإنما يترتبان على ترك المأمور به وفوت الواجب.
وحينئذ يقال ما صنعه المكلف تقية ليس فيه ضيق, فلا يشمله الحديث, فلا يمكن الاستدلال بالحديث الشريف لأثبات صحة الصوم.
ولكن هذا الجواب لم نقبله سابقاً وقد ذكرنا العديد من الروايات في ابواب متفرقة رُتب فيها القضاء على الفعل, وحينئذ لا يمكن الالتزام بهذا الجواب لرد الاستدلال بالرواية بالتقريب السابق.
نعم يمكن أن يجاب عن الاستدلال بالرواية بأن يقال بأننا لا نستفيد من هذه الرواية اكثر من رفع التكليف والمؤاخذة (السعة التكيفية في مقابل السعة الوضعية), فلا يستفاد من هذه الرواية اكثر من ذلك, وليس فيها ما يمكن التمسك به لأثبات رفع وجوب القضاء والاعادة, والقرينة على ذلك _ ولو على مستوى الاحتمال_ أن الضمير في قوله (فأنتم منه في سعة) يعود إلى الفعل, أي إلى اسم الموصول في قوله (ما صنعتم), وكأن مفاد الرواية هو (انتم في سعة من الفعل الذي صنعتموه تقية) وهذا المقدار لا نستفيد منه اكثر من اثبات الجواز ورفع الحرمة تكليفاً, ومن الصعب جداً أن يستفاد منها الاكتفاء والاجتزاء بالفعل الناقص.
ومن الروايات التي استدل بها على الصحة والاجزاء في محل الكلام (صحة الصوم عند ارتكاب المفطر تقية), موثقة سماعة (قال : سألته عن رجل كان يصلي فخرج الامام وقد صلى الرجل ركعة من صلاة فريضة ؟ قال : إن كان إماما عدلا فليصل اخرى وينصرف ويجعلهما تطوعا وليدخل مع الامام في صلاته كما هو، وإن لم يكن إمام عدل فليبن على صلاته كما هو ويصلي ركعة اخرى ويجلس قدر ما يقول : « أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمّداً عبده ورسوله (صلى الله عليه وآله ) » ثم ليتم صلاته معه على ما استطاع، فان التقية واسعة، وليس شيء من التقية إلا وصاحبها مأجور عليها، إن شاء الله .)[2]
والاستدلال في محل الكلام بأعتبار أن الحديث الشريف ظاهر في صحة الصلاة تقية, وحينئذ يمكن الاستدلال بها في محل الكلام لحكم الامام عليه السلام بصحة العمل الذي يصدر تقية ويكون موافقاً للعامة, هذا على فرض التمسك بصدر الرواية والا فيمكن التسمك بذيلها حيث ورد فيه (فان التقية واسعة، وليس شيء من التقية إلا وصاحبها مأجور عليها، إن شاء الله) وقد ذكره الامام عليه السلام بمثابة التعليل لما حكم به سابقاً من اتمام الصلاة معهم وصحتها كذلك, ويفهم من ذلك أن التقية فيها القابلية أن تشمل الاحكام الوضعية ولا تختص بالأحكام التكليفية.
بل قد يقال بأن قوله عليه السلام (فان التقية واسعة) في حد نفسه وبقطع النظر عن كونه وارداً كتعليل لهذا المورد فيه اشعار ودلالة على شمول السعة للأحكام الوضعية, لأن امر الشارع المكلفَ بالصلاة بصلاتهم ثم امره بالقضاء أو الاعادة خلاف السعة.
وقد تبين من استعراض الروايات التي ذكروها للاستدلال على الصحة في محل الكلام أن دلالة اغلبها ليست تامة لأثبات الصحة, ولعل ما يمكن التأمل فيه مما تقدم هو موثقة سماعة وصحيحة الاربعة المتقدمة, وقد تقدم الكلام في الصحيحة, وسيأتي الكلام في الموثقة إن شاء الله تعالى.
الكلام في صحيحة أبي الصباح (قال : والله لقد قال لي جعفر بن محمد) عليه السلام ) : ان الله علم نبيه التنزيل والتأويل فعلمه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عليا ( عليه السلام ) قال : وعلمنا والله ثم قال : ما صنعتم من شيء أو حلفتم عليه من يمين في تقية فأنتم منه في سعة)[1]
والمقصود بأبي الصباح في المقام هو ابو الصباح الكناني الذي لا اشكال في وثاقته, وتسمى الرواية موثقة اصطلاحاً لأحتمال أن يكون سيف بن عميرة المذكور في سندها من الواقفة كما هو مطروح في ترجمته, وعلى كل حال فالرواية معتبرة سنداً سواء كانت موثقة أو صحيحة.
ومحل الشاهد فيها قوله (ما صنعتم من شيء) حيث يدّعى أن قوله عليه السلام (فأنتم منه في سعة) أي أن هذا العمل الذي صنعتم يصح منكم ولا يجب عليكم القضاء, فكأن قوله عليه السلام (فأنتم منه في سعة) يلازم نفي القضاء بأعتبار أن القضاء فيه ثقل وضيق والحكم بفساد العمل خلاف السعة.
فلو فرضنا أن الصائم ارتمس تقية فأنه لا يجب عليه القضاء ويكون صومه صحيحاً, لأن الرواية تقول بأنه يكون في سعة, والحكم بالقضاء والاعادة خلاف السعة.
اُجيب عن هذا الاستدلال بأن السعة في هذه الرواية وان كانت في مقابل الضيق, وأن مفاد الرواية هو أن العمل الذي يصدر تقية اذا كان فيه ضيق _ بقطع النظر عن التقية _ يرتفع ويتبدل بالسعة.
وهذا يعني اختصاص الرواية بالفعل الذي يكون فيه ضيقاً, وتطبيق هذا المفاد في بعض الموارد واضح, من قبيل شرب النبيذ أو المسكر تقية فأنه فيه ضيق من جهتين _ بقطع النظر عن التقية_ من جهة الحرمة وترتب المؤاخذة عليه ومن جهة استلزامه اقامة الحد, فيأتي الحديث الشريف ليرفع هذا الضيق وتبديله بالسعة, ولازم ذلك ارتفاع كلتا الجهتين (الحرمة والمؤاخذة ووجوب اقامة الحد).
لكن تطبيق الحديث الشريف في محل الكلام ليس واضحاً بل ممنوع, لأننا نقول في محل الكلام أن هذا المكلف فعل المفطر تقية أو فعل المانع تقية أو ترك الجزء تقية (كما في باب الصلاة) وفي هذه الحالة يقال بأن الحديث لا يشمل محل الكلام, وذلك لأن فعل المانع (الارتماس مثلاً) ليس فيه ضيق بقطع النظر عن التقية, وحينئذ لا يشمله الحديث.
لا يقال بأن وجوب الاعادة والقضاء ضيق, لأنه يقال أن القضاء والاعادة لا يترتبان على فعل المفطر _ كما هو الحال في اقامة الحد والحرمة في شرب النبيذ والمسكر _ وإنما يترتبان على ترك المأمور به وفوت الواجب.
وحينئذ يقال ما صنعه المكلف تقية ليس فيه ضيق, فلا يشمله الحديث, فلا يمكن الاستدلال بالحديث الشريف لأثبات صحة الصوم.
ولكن هذا الجواب لم نقبله سابقاً وقد ذكرنا العديد من الروايات في ابواب متفرقة رُتب فيها القضاء على الفعل, وحينئذ لا يمكن الالتزام بهذا الجواب لرد الاستدلال بالرواية بالتقريب السابق.
نعم يمكن أن يجاب عن الاستدلال بالرواية بأن يقال بأننا لا نستفيد من هذه الرواية اكثر من رفع التكليف والمؤاخذة (السعة التكيفية في مقابل السعة الوضعية), فلا يستفاد من هذه الرواية اكثر من ذلك, وليس فيها ما يمكن التمسك به لأثبات رفع وجوب القضاء والاعادة, والقرينة على ذلك _ ولو على مستوى الاحتمال_ أن الضمير في قوله (فأنتم منه في سعة) يعود إلى الفعل, أي إلى اسم الموصول في قوله (ما صنعتم), وكأن مفاد الرواية هو (انتم في سعة من الفعل الذي صنعتموه تقية) وهذا المقدار لا نستفيد منه اكثر من اثبات الجواز ورفع الحرمة تكليفاً, ومن الصعب جداً أن يستفاد منها الاكتفاء والاجتزاء بالفعل الناقص.
ومن الروايات التي استدل بها على الصحة والاجزاء في محل الكلام (صحة الصوم عند ارتكاب المفطر تقية), موثقة سماعة (قال : سألته عن رجل كان يصلي فخرج الامام وقد صلى الرجل ركعة من صلاة فريضة ؟ قال : إن كان إماما عدلا فليصل اخرى وينصرف ويجعلهما تطوعا وليدخل مع الامام في صلاته كما هو، وإن لم يكن إمام عدل فليبن على صلاته كما هو ويصلي ركعة اخرى ويجلس قدر ما يقول : « أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمّداً عبده ورسوله (صلى الله عليه وآله ) » ثم ليتم صلاته معه على ما استطاع، فان التقية واسعة، وليس شيء من التقية إلا وصاحبها مأجور عليها، إن شاء الله .)[2]
والاستدلال في محل الكلام بأعتبار أن الحديث الشريف ظاهر في صحة الصلاة تقية, وحينئذ يمكن الاستدلال بها في محل الكلام لحكم الامام عليه السلام بصحة العمل الذي يصدر تقية ويكون موافقاً للعامة, هذا على فرض التمسك بصدر الرواية والا فيمكن التسمك بذيلها حيث ورد فيه (فان التقية واسعة، وليس شيء من التقية إلا وصاحبها مأجور عليها، إن شاء الله) وقد ذكره الامام عليه السلام بمثابة التعليل لما حكم به سابقاً من اتمام الصلاة معهم وصحتها كذلك, ويفهم من ذلك أن التقية فيها القابلية أن تشمل الاحكام الوضعية ولا تختص بالأحكام التكليفية.
بل قد يقال بأن قوله عليه السلام (فان التقية واسعة) في حد نفسه وبقطع النظر عن كونه وارداً كتعليل لهذا المورد فيه اشعار ودلالة على شمول السعة للأحكام الوضعية, لأن امر الشارع المكلفَ بالصلاة بصلاتهم ثم امره بالقضاء أو الاعادة خلاف السعة.
وقد تبين من استعراض الروايات التي ذكروها للاستدلال على الصحة في محل الكلام أن دلالة اغلبها ليست تامة لأثبات الصحة, ولعل ما يمكن التأمل فيه مما تقدم هو موثقة سماعة وصحيحة الاربعة المتقدمة, وقد تقدم الكلام في الصحيحة, وسيأتي الكلام في الموثقة إن شاء الله تعالى.