39/02/02
تحمیل
الأستاذ السید عبدالمنعم الحکیم
بحث الفقه
39/02/02
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: الاستدلال للقول الأول
وكيف كان فقد استدل للقول الأول:
اولا: بعدم صدق الاكل والشرب عليه او بانصرافهما الى ما يكون خارجا عن الجسد دون ما خرج منه كالريق
وفيه: لا اشكال في صدق الاكل والشرب عليه ودعوى الانصراف المدعاة ممنوعة ولذا يصدق الاكل على من قرض اظافره وابتلعها وكذا من ابتلع البثور التي تعلو الشفة او الفم وكذا من شرب الدم الذي يخرج من داخل الفم لقلع ضرس او جرح او نحوهما وهكذا غيرها كثير.
وعليه فلا اشكال أولا في صدق الاكل على ذلك كله وثانيا لا مجال لدعوى الانصراف لان هذه الأمور كلها من الجسم نفسه و لم تكن من خارج الجسم فلا ريب في صدق الاكل عليها ومفطريتها ولا مجال لقياسها على الريق لان المنع من بلع الريق يستلزم التكليف بالمعسور لو لم نقل بغير المقدور فلو كان له وجود لكثر فيه السؤال والجواب ولما خفي على احد.
ويستدل ثانيا بالنصوص:
منها: النصوص الواردة في القلص وهو ما يخرج بالتجشؤ كصحيح عبد اللّه بن سنان المتقدم: "سئل أبو عبد اللّه (عليه السلام) عن الرجل الصائم يقلس فيخرج منه الشيء أ يفطر ذلك؟ قال (عليه السلام): لا، قلت: فان ازدرده بعد ان صار على لسانه؟ قال (عليه السلام) لا يفطر ذلك"[1] .
بتقريب انه إذا كان القلص وهو الطعام الخارج من الجوف بالتجشؤ لا يفطّر لمجرد كونه أكل سابقا ودخل الجوف فعدم مفطرية ما يخرج من الصدر او الراس تكون بالأولوية القطعية.
وفيه ما تقدم من عدم عمل الاصحاب بهذا الصحيح في مورده واعراضهم عنه وبالتالي يسقط عن الحجية.
ومنها: موثق غياث بن إبراهيم عن ابي عبد الله (ع): "قال لا باس بان يزدرد الصائم نخامته"[2] فانه مخصص لعمومات مفطرية الاكل فيدل على عدم مفطريتهما
لكن هذا يبتني على كون معنى النخامة هي الاعم مما يخرج من الصدر وما ينزل من الراس وهو محل خلاف كما اشرنا اليه[3] لتردده بين العموم لهما معا وبين اختصاصه بما يخرج من الصدر او ما ينزل من الراس. فتكون النخامة مجملة فيتردد المخصص بينها، والمتيقن ـ بعد التردد ـ هو عدم مفطرية احدهما على الاجمال اعني ما يخرج من الصدر او ما ينزل من الراس وهذا يعني عدم نهوض الموثق الا بتخصيص احدهما على الاجمال ويبقى الثاني تحت عموم المفطرية وحيث لم يتعين لدينا المخصِص منهما لا يمكن استعمال كل منهما لاحتمال تخصيص الاخر فيتعين اجتنابهما معا خروجا عن العلم الإجمالي بمفطرية احدهما.
هذا وقد عاد السيد الأستاذ فاستشكل في عدم عملهم بصحيح ابن سنان "بأن عدم العمل بالصحيح في مورده غير ظاهر بنحو يتحقق به الإعراض المسقط للحجية، غاية الأمر أن حكاية صاحب الوسائل عن الشيخ حمله على الازدراد نسياناً ظاهر في عدم بنائهما على العمل بظاهره، وفي بلوغ ذلك حداً يسقطه عن الحجية إشكال، أو منع، بعد عدم وضوح مأخذه غير الاستبشاع"[4] .
والانصاف انه مع عدم عمل الاصحاب بهذا الصحيح في مورده يصعب الالتزام بتقييد اطلاقات الاكل به خصوصا مع احتمال بلعه بدون اختيار وكون المراد باللسان الجزء الذي لم يصل الى فضاء الفم فيكون من افراد النقطة الأولى.