39/01/19
تحمیل
الأستاذ الشيخ حسن الجواهري
بحث الفقه
39/01/19
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع/ حكم مالو اشترى ولد الذمّي الارض / خمس الارض التي اشتراها الذمّي من مسلم/كتاب الخمس
فرع: من بحكم الذمّي, بحكم الذمّي:
هذا الفرع لم يتعرض له صاحب العروة, فان الذمّي اذا اشترى ارضاً من مسلم لطفله أو للمجنون الذمّي فهل يجب خمس الأرض (بناءً على فتوى مشهور المتأخرين)؟ وكان على صاحب العروة قدس سره ان يتعرض لهذا الفرع بناءً على عدم ثبوت التبعية في اولاد الكفّار بخلاف اولاد المسلمين الذين فيهم التبعية موجودة.
فهنا قد يُقال: بان حديث الرفع[1] وهو يشمل صبيان ومجانين الكفّار يرفع وجوب الخمس على الصبي والمجنون الذمّي الذي ملك الارض من مسلم, فلا خمس في الأرض.
ولكن نقول: ان الحكم اذا عرفنا ملاكه وهو التضييق على غير المسلم في عدم استيلائهم على اراضي المسلمين فهو يشمل الذمّي البالغ العاقل أو الذمّي غير البالغ وغير العاقل ويشمل الكافر الكتابي بكل أقسامه وان لم يكن تابعاً لابيه لأنه ليس بمسلم, ونحن لا نريد ان تخرج الارض من مسلم الى غيره.
بالاضافة الى ان حديث الرفع[2] لا يأتي هنا في رفع الخمس الاصطلاحي عن الصبي والمجنون الذمّي وذلك: لأن حديث الرفع هو حديث امتناني على الأُمّة الاسلامية (اُمّة النبي صلى الله عليه وآله) والذمّي وان كان صغيراً أو مجنوناً ليس من أُمة النبي صلى الله عليه وآله فلا يشمله حديث الرفع فيجب عليه ان يدفع الخمس من الارض أيضاً.
هذا اذا كان الخمس هو الخمس الاصطلاحي.
وامّا اذا كان المراد من الخمس خمس الحاصل فان الخمس في الحاصل موجود اذا زرعها الصبي أو المجنون بواسطة الولي, لان الخراج على الارض موجود سواء ملكها بالغ عاقل وهو ذمّي أو غير عاقل وهو ذمّي, وكذا الجزية فهي موجودة على الرؤوس من أهل الذمّة وقد يصالحون على وضعها في محصولهم.
مسألة49: اذا بيع خمس الارض التي اشتراها الذمّي عليه وجب عليه خمس ذلك الذي اشتراه وهكذا (1).
1)وهذه المسألة مبتنية على ارادة خمس الارض, امّا على المختار من ارادة خمس الحاصل فلا تأتي هذه المسألة.
وبما ان صاحب العروة قدس سره قال بان الارض التي اشتراها الذمّي من المسلم فيها الخمس, فهنا قال: اذا دفع الذمّي خمس الارض ثم اشتراها من الحاكم الشرعي فهي ارض مشتراة من مسلم- اذ لا فرق بين المسلم الحقيقي والحقوقي الاعتباري – فعليه خمسها, فاذا خمّسها ثم دفعها الى الحاكم الشرعي ثم اشتراها منه فعليه خمسها وهكذا.
وهذا هو المستفاد من اطلاق الخمس المستفاد من صحيحة ابي عبيدة الحذّاء[3] (على القول به) لان خمس الارض ارض أيضاً, فاذا انتقل بيع أو غيره الى الذمّي تحقّق موضوع جديد لخمس الأرض التي انتقلت الى الذمّي من مسلم, فيجب عليه الخمس أيضاً وهكذا.
وكذا اذا لم يدفع الخمس وانما باعه عليه الحاكم الشرعي قبل دفعه من قبل الذمّي وقبل قبضه من قبل الحاكم الشرعي بناءً على ان متعلق الخمس هو الارض بناءً على الاشاعة او الكلّي في المعيّن أو حتى على القول بأنّ متعلّق الخمس هو الشركة في المالية لأنها شركة في مالية الارض, فما لم يدفع خمس الارض التي وجبت عليه عند شرائها من المسلم لم يتملّك تمام الارض التي فيها الخمس, فاذا دفع مالية خمس الارض, فقد تملّك خمس الارض الآن وان لم يقع عقد بيع على هذا الخمس من الارض, فيجب عليه خمس هذا الخمس الذي ملكه بعد اعطاء ماليته الى الحاكم الشرعي.
وكذا اذا لم يدفع الذمي خمس الارض, بل دفع قيمتها الى الحاكم الشرعي بدلاً من دفع خمس الارض, فانه يجب عليه خمس هذا الخمس وان لم يصدق الشراء لهذا الخمس ولم يصدق المعاوضة على هذا الخمس, وذلك: لان
وبدفع بدلها, وهنا قد تملّك الذمّي خمس الارض بدفع بدله الى الحاكم الشرعي, فحصل التملّك للخمس وهو
موضوع جديد للخمس. فلاحظ.
وبهذا يتّضح صحّة ما ذكره صاحب العروة قدس سره من ان بيع خمس الارض التي اشتراها الذمّي عليه يوجب خمس ذلك الخمس الذي اشتراه بالبيع.
اقول: ان صاحب العروة قدس سره جعل موضوع الخمس في الارض هو الارض المنتقلة من المسلم الى الذمّي بالبيع (المعاوضة).
امّا نحن فنقول بتوسعة خمس هذا الخمس من الارض لصورة ما اذا لم تكن معاوضة, بل دفع الذمّي قيمة ذلك الخمس, فبدفع القيمة يملك خمس العين «وان لم يكن عقد إنشاء لمعاوضة» واذا ملك خمس الارض جاء موضوع خمس آخر وهكذا.
ولا نطيل عليك: ان الذمّي اذا اراد ان يتملك كل الأرض التي اشتراها من المسلم فعليه ان يدفع قيمة ربع الارض فيملكها باجمعها.
وهذا هو الصحيح وسيأتي فيمن يريد خمس العين أو خمس المال يدفع من مال آخر غير مخمّس.
السابع: ما يفضل عن مؤنة سنته ومؤنة عياله من ارباح التجارات ومن سائر التكسبات من الصناعات والزراعات والاجارات حتى الخياطة والكتابة والنجارة, والصيد وحيازة المباحات, وأُجرة العبادات الاستئجارية من الحج والصوم والصلاة والزيارات وتعليم الاطفال وغير ذلك من الاعمال التي لها أُجرة (1).
1)هل يجب الخمس في هذا القسم من التكسّبات التي تصدق على ربح التجارة وربح الصناعة والزراعة والاجارة والخياطة والكتابة والصيد وحيازة المباحات وأُجرة العبادات الاستئجارية من حجّ أو صوم أو صلاة أو زيارات وحتى اجرة التعليم وكل عمل له اجرة يعمله الانسان فهل فيها الخمس
اقول: يوجد بحث آخر بعد الفراغ عن الواجب وهو: هل ثبت سقوط هذا الخمس والعفو عنه عن الامامية بنصوص التحليل امّا مطلقاً أو لم يسقط؟
وهذا البحث الثاني سيتعرض له صاحب العروة قدس سره في المسألة الأخيرة من كتاب الخمس فانتظر.
والجواب عن السؤال المتقدّم: لقد تسالم لأصحاب قديماً وحديثاً على الوجوب, ونسب الخلاف الى ابن الجنيد وابن ابي عقيل[4] من الامامية ولعلّها ارادا العفو أو التحليل عن الخمس للشيعة بعد ثبوت وجوبه في ارباح المكاسب.
ولكن اهل السنّة انكروا الخمس في ارباح المكاسب[5] وفي الجواهر قال: (الوجوب هنا ممّا استقرَّ عليه المذهب والعمل في زماننا هذا, بل وغيره من الازمنة السابقة)[6] .
دليل هذا المورد من الخمس:
وقد ذكر لهذا المورد من الخمس أدلّة وهي:
اولاً: الاجماع: فقد ذكر السيد المرتضى رحمه الله في الانتصار فقال: (ممّا انفردت به الإمامية القول بانّ الخمس واجب في جميع المغانم والمكاسب ومما استخرج من المعادن والغوص والكنوز ومما فضل من ارباح التجارات والصناعات بعد المؤنة والكفاية في طول السنة على الاقتصاد)[7] .
وهذا دليل تام ولا يمكن المناقشة فيه: بأنه يحتمل المدركية لوجود النصوص الدالّة على ذلك, فالمهم هو النصوص لا الاجماع, لان الاجماع انما يكون حجّة لكشفه التكويني بحساب الاحتمال وهذا يتم اذا لم يكن هناك احتمال منشيٍء غيره, امّا هنا فيوجد احتمال المنشأية وهي النصوص فلا قيمة للاجماع.
لأنّنا نقول: ان الحكم هنا مسلّم لا يمكن التشكيك فيه وفي صدوره عن المعصومين عليهم السلام, لانه حكم قد ابتلى يه الامامية من الناحية العملية, لانه حكم قد دخل في حيازتهم وتكاليفهم الماليّة والعباديّة, فلا بد ان يكون الحكم واضحاً, وحيث لم يوجد قول بعدم الوجوب, بل وُجد القول بالوجوب من الجميع لأنّ ابن الجنيد وابن ابي عقيل اللذين عُدَّا من المخالفين[8] لم يظهر ان خلافهم في اصل الوجوب, لاحتمال انهما ارادا العفو والتحليل بعد ثبوت الوجوب فيكون الاجماع تامّاً, وهذا الاجماع يُستكشف منه الوجوب ولا إحتمال لعدم الوجوب, وحينئذٍ يكون حجة سواء كانت هناك نصوص يحتمل انها تدلّ على ذلك أو لا توجد نصوص.
وقد نذكر بدلاً عن الاجماع: السيرة المتشرعيّة من الامامية على ثبوت هذا الخمس, فانّ التزام الشيعة الامامية بدفعه الى الائمة عليهم السلام يكفي في الدلالة عليه.
بل كما سيأتي: ان الائمة سلام الله عليهم قد طالبوا به وارسلوا وكلاءهم لإستلامه وحذّروا من عدم دفعه, فهذا كلّه يعني وجود سيرة متشرعية من الامامية على دفعه وانه يوجد من عصى هذا الوجوب,
ثانياً: الآية الكريمة: «واعلموا انما غنمتم من شيء فان الله خمسه وللرسول....»[9]
فقد ذكر اللغويون: بأنّ كلمة الغنيمة: الاصل فيها اعم مما يظفر به في دار الحرب, بل هي تطلق في اللغة على
كل ما يكسبه الانسان ويدخل في حوزته[10] .
قال الراغب الاصفهاني: الغنم: اصابته – اي الغَنَم – والظفر به, ثم استعمل في كل مظفور به من جهة العدا وغيرهم. قال تعالى «واعلموا انما غنمتم من شيء...»[11] وقال تعالى: «فكلوا مما غنمتم حلالاً طيباً»[12] وقال تعالى:
«فعند الله مغانم كثيرة»[13] [14] .