38/05/20
تحمیل
آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض
بحث الفقه
38/05/20
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: زكاة الفطرة.
قال الماتن (قدس الله نفسه): (ولو كان البلوغ أو العقل أو الإسلام مثلا بعد الغروب لم تجب ، نعم يستحب إخراجها إذا كان ذلك بعد الغروب إلى ما قبل الزوال من يوم العيد)[1] .
هنا مسالتان.
المسالة الاولى:- من تجب عنه زكاة الفطرة أي زكاته تجب على غيره.
المسالة الثانية:- من تجب عليه الزكاة.
ويوجد فرق بين هاتين المسالتين وان كان في كلام الماتن (قدس سره) بل المشهور خلط بينهما.
اما المسالة الاولى وهي من تجب عنه الزكاة فلا يعتبر فيه أي شرط من الشروط غير عنوان العيلولة فاذا صدق هذا العنوان عليه تجب الزكاة عنه على المعيل سواء أكان صغيرا ام كبيرا حرا ام عبدا فقيرا ام غنيا مجنونا ام عاقلا بلا فرق من هذه الناحية مع ان الصغير لا تجب عليه زكاة الفطر وكذا المجنون وكذا العبد وكذا غير البالغ لا تجب عليه الزكاة ولكن تجب عنه الزكاة اذا صدق عليه عنوان العيلولة ، وفي هذه المسالة تارة يقع الكلام في المولود الذي يولد في ليلة العيد واخرى في الكافر الذي اسلم في هذه الليلة فان صحيحة معاوية ابن عمار تدل بوضوح على ان المولود اذا ولد ليلة العيد فلا فطرة له والكافر اذا اسلم ليلة العيد فلا فطرة له وفرق بينهما أي بين المولود وبين الكافر فان الكافر اذا اسلم فهو واجد لجميع الشروط أي شروط من تجب عليه الزكاة من البلوغ والعقل والغنى والقدرة والاسلام فهو واجد لجميع الشروط مع ذلك هذه الصحيحة تقول بانه لا فطرة عليه اذا كان واجدا للشروط في ليلة العيد.
واما المولود فيعتبر في عدم وجوب زكاة الفطرة قيد آخر وهو انه لم يدرك شهر رمضان وهذا التعليل وهذا القيد انما يرد في المولود الذي يولد ليلة العيد لا في الكافر الذي اسلم ليلة العيد فالمولود الذي يولد ليلة العيد اذا لم يدرك الشهر فلا فطرة عليه ، ولا يمكن التعدي عن مورد هذا القيد الى الكافر الذي اسلم ليلة العيد فان اعتبار هذا القيد بحاجة الى دليل والدليل يدل على اعتبار عدم ادراك الشهر في المولود ولا يدل بالنسبة الى الكافر الذي اسلم ، اذن التعدي الى الكافر الذي اسلم ليلة العيد لا يمكن.
اذن هذه الصحيحة تكون مقيدة بالنسبة الى الكافر الذي اسلم أي مقيدة للروايات التي تدل على ان من انطبقت عليه الشروط كالبلوغ والعقل والغني والقدرة اذا اجمعت فيه الشروط بعد الغروب ليلة العيد او بعد الفجر او قبل صلاة العيد او قبل الزوال تجب عليه زكاة الفطرة فمن كان واجدا لهذه الشروط في هذه الاوقات تجب عليه زكاة الفطرة باعتبار ان هذا الوقت وقت الوجوب وقوت الوجوب موسع كوقت وجوب الصلاة فان المكلف في أي وقت من اوقات وجوب الصلاة اذا بلغ وجب عليه الصلاة ولو في الجزء الاخير من الوقت ، وما نحن في كذلك ، لكن هذه الصحيحة تكون مقيدة بالنسبة الى الكافر الذي اسلم فان الكافر اذا اسلم في ليلة العيد فهو واجد للشروط مع ذلك هذه الصحيحة تنفي وجوب الفطرة عليه ، وكذا لا فطرة بالنسبة الى العيلولة فأيضا لا تجب الفطرة عنه فبالنسبة الى من تجب عليه الفطرة تكون مخصصة للروايات التي تدل على ان من اجمعت فيه الشروط وجب عليه زكاة الفطرة سواء أكان اجتماع الشروط في ليلة العيد او بعد طلوع الفطر او قبل صلاة العيد بل قبل زوال الشمس فهذه الصحيحة بالنسبة الى الكافر الذي اسلم تكون مقيد فانه اذا اسلم ليلة العيد لا تجب عليه الزكاة ولا تجب عنه الزكاة ولعله للامتنان بالنسبة الى الكافر ، اذن هذه الصحيحة تكون مقيدة لها.
واما المسالة الثانية وهي فيمن تجب عليه الزكاة وهذا له شروط لابد ان يكون جامعا لهذه الشروط من البلوغ والعقل والغنى والقدرة والاسلام والا لم تجب عليه الزكاة ، اذن فرق بين من تجب عليه الزكاة ومن تجب عنه الزكاة فان من تجب عنه الزكاة فلا يعتبر فيه الا عنوان العيلولة هذا العنوان اذا انطبق عليه وجب زكاته على المعيل والا لم تجب الزكاة عنه فاذا كان واجد لسائر الشروط وجبت الزكاة عليه من اول ليلة العيد الى قبل الزوال ففي هذا الوقت في أي فترة هذا الوقت كان واجدا لهذه الشروط وجبت عليه زكاة الفطرة.
واما الماتن (قدس الله نفسه) ففي كلامه خلط فانه (قدس سره) قد ذكر انه لو كان البلوغ والعقل والاسلام بعد الغروب لم تجب لا على من تجب عليه الزكاة ولا على من تجب عنه الزكاة.
نعم يستحب اخراج الزكاة عنه اذا كانت هذه الشروط بعد الغروب وقد استدل على الاستحباب بروايتين.
الرواية الاولى:- رواية محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : سألته عمّا يجب على الرجل في أهله من صدقة الفطرة ؟ قال : تصدّق عن جميع من تعول من حرّ أو عبد أو صغير أو كبير من أدرك منهم الصلاة)[2] .
المشهور على كلا الامرين من تجب عليه الزكاة ومن تجب عنه الزكاة والرواية صريحة في الثاني في بيان حكم من تجب عنه الزكاة ، وهذه الرواية تحمل على الاستحباب بقرينة صحيحة ابن عمار فان صحيحة معاوية ابن عمار تدل بالصراحة على نفي الزكاة وهذه الصحيحة ظاهرة في وجوب الزكاة ، وان الظاهر من الصلاة هو صلاة العيد.
ويرد عليه.
اولاً:- ان هذه الرواية ناظرة الى المسالة الاولى أي من تجب عنه الزكاة من جهة العيلولة كما صرح في هذه الرواية.
ثانياً:- ان الرواية ضعيفة من ناحية السند فان طريق الصدوق الى محمد ابن مسلم ضعيف ، اذن الرواية مرسلة ولا يمكن الاعتماد عليها.
الرواية الثانية:- مرسلة الشيخ الطوسي (عليه الرحمة) وقد روي أنّه إن ولد قبل الزوال تخرج عنه الفطرة ، وكذلك من أسلم قبل الزوال)[3] .
فان هذه الرواية اجنبية عن محل الكلام وهو من تجب عليه الزكاة فهي في بيان حكم من تجب عنه الزكاة فانها تقول ان ولد قبل الزوال وجب عليه زكاة الفطرة ، ويحمل هذا على الاستحباب بقرينة صحيحة معاوية ابن عمار التي تنفي وجب الزكاة اذا ولد في فجر يوم العيد فضلا عن قبل الزوال فان صحيحة معاوية ابن عمار صريحة في ذلك وهذه المرسلة ظاهرة في الوجوب فنرفع اليد عن ظهورها ونحملها على الاستحباب فان حمل الظاهر على الاظهر او حمل الظاهر على النص من احد موارد الجمع الدلالي العرفي.
مضافا الى ان الرواية مرسلة ولا يمكن الاعتماد عليها.
النتيجة ان الاستحباب غير ثابت ولابد من التفصيل بين المسالتين بقي هنا شئ نتكلم فيه ان شاء الله تعالى.