35/04/12
تحمیل
الموضوع
: الصوم مسألة 12
قال الماتن:- ( آخر وقت النية في الواجب المعين رمضان كان أو غيره عند طلوع الفجر الصادق، ويجوز التقديم في أي جزء من أجزاء ليلة اليوم الذي يريد صومه، ومع النسيان أو الجهل بكونه رمضان أو المعين الآخر يجوز متى تذكر إلى ما قبل الزوال إذا لم يأت بمفطر، وأجزأه عن ذلك اليوم ولا يجزيه إذا تذكر بعد الزوال وأما في الواجب الغير المعين فيمتد وقتها اختيارا من أول الليل إلى الزوال دون ما بعده على الأصح)
الكلام في الواجب غير المعين (كالقضاء والنذر غير المعين والكفارة ) والمنسوب الى المشهور جواز تأخير النية الى ما بعد الفجر اختياراً فضلاً عن النسيان والجهل , وفي مقابل هذا القول يوجد قولان: الاول : ان جواز التأخير يختص بحالة العذر , ولا يشمل حالة العلم والعمد فيكون حال الواجب غير المعين كحال الواجب المعين , والثاني : جواز التأخير الى العصر , وكلامنا فعلا ليس في امتداد وقت النية , وانما في اصل جواز تأخير النية عن طلوع الفجر في الواجب غير المعين , في صورة العمد وفي صورة النسيان .
اُستُدل على جواز تأخير النية اختياراً بعدة روايات وقد تقدم بعضها في المطالب السابقة , وهذه الروايات بعضها مختص بالواجب غير المعين , والبعض الاخر مطلق يشمل بأطلاقه الواجب غير المعين , فيصح الاستدلال بالجميع , لكن بعض ما اٌستدل به لذلك يٌشكك في شموله لمحل الكلام , لقوة اختصاصه بالصوم التطوعي .
الرواية الاولى : صحيحة الحلبي عن ابي عبدالله عليه السلام (( في حديث ) قال : قلت له : إن رجلا أراد ان يصوم ارتفاع النهار، أيصوم ؟ قال : نعم . )[1] وقد تقدم منا استظهار اختصاص هذه الرواية بالصوم المندوب , او على الاقل انها تكون مجملة من هذه الناحية , والمتيقن منها هو الصوم المندوب , على نحو لا يمكن الاستناد اليها لأثبات الحكم في الواجب غير المعين , وعليه فهذه الرواية لا تنفع في محل الكلام
الرواية الثانية : صحيحة عبدالرحمن بن الحجاج الاولى عن ابي الحسن عليه السلام (في الرجل يبدو له بعد ما يصبح ويرتفع النهار في صوم ذلك اليوم ليقضيه من شهر رمضان، ولم يكن نوى ذلك من الليل، قال : نعم ليصمه وليعتد به إذا لم يكن أحدث شيئا)[2] وقد تقدم الحديث فيها ايضا , وبينا شمولها للقضاء الموسع والمضيق وقلنا ان الحكم المذكور فيها من جواز التأخير اختياراً في القضاء لا يمكن اسراءه الى كل واجب معين , فأذا اعتبرنا القضاء الموسع احد افراد الواجب غير المعين , فأن الرواية تكون دليلاً على جواز التأخير في الواجب غير المعين (محل الكلام ), اما اذا قلنا ان القضاء له حكمه الخاص ولا يمكن اسراء الحكم الى غيره من افراد الواجب الاخرى ,فلا يمكن الاستدلال بها في محل الكلام .
الرواية الثالثة :صحيحة عبدالرحمن بن الحجاج الثانية سألت أبا الحسن موسى عليه السلام (عن الرجل
يصبح ولم يطعم ولم يشرب ولم ينو صوما وكان عليه يوم من شهر رمضان أله أن يصوم ذلك اليوم وقد ذهب عامة النهار ؟ فقال : نعم له أن يصومه ويعتد به من شهر رمضان . )[3] وتقدم الحديث عنها ايضا وتبين انها كسابقتها في اطلاقها بلحاظ القضاء الموسع و المضيق , وبلحاظ العمد والعلم والنسيان والجهل .
يظهر من السيد الخوئي (قد) ان هاتين الصحيحتين هما عبارة عن روايتين وليست رواية واحدة , غاية الامر ان كل واحدة منهما رويت بطريقين او اكثر .
وطريق الرواية الاولى : الشيخ الكليني عن محمد بن يحيى عن احمد بن محمد وعن محمد بن اسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعا عن ابن ابي عمير_ فينحل الى طريقين لكن ليس المقصود بالطريق الثاني هو هذا , وانما سيأتي طريق اخر _ عن عبدالرحمن بن الحجاج عن ابي الحسن عليه السلام .
والطريق الثاني : محمد بن الحسن باسناده عن محمد بن علي بن محبوب_ وطريقه اليه صحيح _، عن محمد بن الحسين عن صفوان، عن عبد الرحمن بن الحجاج , وقال صاحب الوسائل بعد ذكر هذا الطريق
عبارة :(وذكر نحوه) أي نحو الاول وهذا لا اشكال فيه , لكن فيه اضافة سؤال اخر _ كما في التهذيب _
والسؤال الاخر هو (ما اذا كان الرجل ناويا للصوم ثم بدا له الافطار) , عكس الفرض الاول , فهي رواية واحدة متحدة في ما يوجد فيها غاية الامر ان صفوان ذكر السؤال الثاني ايضا , بينما ابن ابي عمير اختصر على سؤال واحد .
الرواية الثانية : لها طريقان الاول : الشيخ الطوسي في التهذيب بأسناده عن علي بن محبوب عن علي بن السندي عن صفوان، عن عبد الرحمن بن الحجاج.
والطريق الاخر كما يذكره صاحب الوسائل : عنه _اي عن محمد بن علي بن محبوب _، عن معاوية بن حكيم، عن صفوان، عن عبد الرحمن بن الحجاج وذكر مثله
فأذا ناقشنا في الطريق الاول في علي بن السندي الذي لم تثبت وثاقته بشكل واضح , فالطريق الثاني يغنينا لأنه صحيح ومعتبر , فهناك اذن روايتان .
ولسائل ان يسأل, لما لا تكونان رواية واحدة , فالسائل واحد والمضمون واحد , ومن يروي عنه السائل في كثير من الطرق ايضا واحد , والامام المسؤول ايضا واحد .
الظاهر ان الداعي للسيد الخوئي ان يتعامل معهما كروايتين وجود الاختلاف بينهما , فالرواية الاولى فيها قيد (اذا لم يكن احدث شيئا) فهذا القيد يوجد في الرواية الاولى على جميع الطرق , وليس له وجود في الرواية الثانية ,هذا شيء والشيء الثاني وهو الاهم , ان الموضوع المذكور في الرواية الاولى هو (ارتفاع النهار) بينما المذكور في الرواية الثانية هو ( ذهاب عامة النهار ) وفرق كبير بينهما , فأن ارتفاع النهار يعني ما قبل الزوال بينما ذهاب عامة النهار يعني ما بعد الزوال وكأنه قريب الغروب
وهذا الاختلاف يستدعي ان يكون التعامل معهما معاملة روايتين , وان كان اثر الاختلاف بينهما سيكون في البحث الاتي (أي في مقدار الوقت الذي يجوز تأخير النية فيه ).
الرواية الرابعة : رواية صالح بن عبدالله ,عن ابي ابراهيم عليه السلام (قال : قلت له : رجل جعل لله عليه الصيام شهرا فيصبح وهو ينوي الصوم، ثم يبدو له فيفطر ويصبح وهو لا ينوي الصوم فيبدو له فيصوم، فقال : هذا كله جائز . )[4] يرويها الشيخ الطوسي بأسناده عن محمد بن على بن محبوب عن احمد عن الحسين عن فضالة عن صالح بن عبدالله وهذا الطريق لابأس به لولا صالح بن عبدالله فأنه مجهول .
والرواية واردة في الصوم النذري غير المعين , فنستفيد منها هذا الحكم لو كانت تامة سندا .
الرواية الخامسة : صحيحة هشام بن سالم الاولى يرويها الشيخ الطوسي بأسناده عن احمد بن محمد عن البرقي عن ابن ابي عمير عن هشام بن سالم , الظاهر ان احمد بن محمد في المقام _كما نبة السيد الخوئي على ذلك _ هو احمد بن محمد بن عيسى , لا احمد بن محمد بن خالد البرقي , والا لقال عن ابيه كما هي العادة , وطريق الشيخ الى احمد بن محمد بن عيسى صحيح , فالرواية معتبرة سندا
عن أبي عبد الله عليه السلام( قال : كان أمير المؤمنين عليه السلام يدخل إلى أهله فيقول : عندكم شئ وإلا صمت، فإن كان عندهم شئ أتوه به وإلا صام .)[5]
والاستدلال بها مبني على انها مطلقة تشمل الصوم التطوعي و صوم قضاء , والدخول على الاهل يكون قبل الظهر كما هو المعتاد , ونية الصوم حسب الرواية تكون من بعد الدخول الى الاهل .
السيد الخوئي[6] يحمل الرواية على الصوم التطوعي , بأعتبار انه من البعيد جدا ان الامام عليه السلام عليه قضاء او كفارة , فلا تشمل محل الكلام .
وهذا الاحتمال (أي احتمال البعد) يكون مقبولا عند ملاحظة سياق الرواية , ( عندكم شيء والا صمت ) , فهذا الترديد بين الصيام وعدمه , فيه اشعار ان الكلام في الصوم المندوب.
الرواية السادسة : صحيحة هشام بن سالم الثانية عن ابي عبدالله عليه السلام (قال : قلت له : الرجل يصبح ولا ينوي الصوم فإذا تعالى النهار حدث له رأى في الصوم، فقال : إن هو نوى الصوم قبل ان تزول الشمس حسب له يومه، وإن نواه بعد الزوال حسب له من الوقت الذي نوى . )[7], ولها طرق متعدده وكلها صحيحة يرويها الشيخ الطوسي بأسناده عن احمد بن محمد عن علي بن الحكم عن هشام بن سالم ويرويها ايضا بأسناده عن الصفار عن احمد بن محمد عن علي بن الحكم عن هشام بن سالم وكلا الطريقين صحيحان .
.السيد الخوئي (قد) يقول :-
(فأن الذيل المتضمن للاحتساب من الوقت الذي نوى خاص بالنافلة بطبيعة الحال فتدل على مشروعية النية بعد الزوال وأنه يثاب عليها، من غير أن يكون ذلك من الصوم الحقيقي في شئ، إذ لم يعهد صوم نصف اليوم أو ثلثه مثلا كما هو ظاهر, وأما الصدر المتضمن لاحتساب اليوم بتمامه فاطلاقه يشمل الواجب غير المعين كالنافلة)[8] وحينئذ يمكن الاستدلال بصدر الرواية على جواز التأخير في الصوم غير المعين كما هو محل الكلام .
اقول : ان الذي يذكره (قد) يبدو انه خلاف الظاهر , كأنه مبني على الاستخدام , فلفظ الصوم المذكور في صدر الرواية يراد به مطلق الصوم , ثم يعود عليه الضمير في ذيل الرواية على ان المراد بعض افراد الصوم , وهو الصوم المستحب , اذن ماذكره (قد) مبنى على الاستخدام , والاستخدام كما هو معلوم خلاف الظاهر , وأثباته يحتاج الى قرينة , ولا يظهر من الدليل قرينة على ذلك , فكان الاولى ان نجعل اختصاص ذيل الرواية في الصوم المندوب _كما قال (قد)_ قرينة على ان المراد بصدرها الصوم المندب ايضا , ويكون هذا تفصيلاً بلحاظ الثواب , بمعنى ان الرواية ليست ناظرة الى صحة العمل وفساده , وانما هي ناظرة الى الثواب , اي ان الصوم المندوب حينما ينويه المكلف قبل الزوال , يعطى له ثواب يوم كامل , اما اذا نواه بعد الزوال فيعطى له من الوقت الذي نواه , فيكون صدر الرواية وذيلها منسجما من دون الرجوع الى الاستخدام , اما اذا اردنا ان نقول ان الرواية ناظرة الى صحة العمل وليس الثواب فقط , يمكن المحافظة على ذلك من دون الاستخدام فنقول ان صدر الرواية ناظر الى الصوم المندوب , ويحكم بصحة الصوم المندوب حتى لو كانت النية متأخرة الى ما قبل الزوال واعطاء ثواب يوم كامل , واما اذا كان بعد الزوال يحكم بصحته ويكون ثوابه من الوقت الذي نوى .
وعلى كلا التقديرين لا يمكن الاستدلال بها في محل الكلام لأنها مختصة بالصوم المندوب .
قال الماتن:- ( آخر وقت النية في الواجب المعين رمضان كان أو غيره عند طلوع الفجر الصادق، ويجوز التقديم في أي جزء من أجزاء ليلة اليوم الذي يريد صومه، ومع النسيان أو الجهل بكونه رمضان أو المعين الآخر يجوز متى تذكر إلى ما قبل الزوال إذا لم يأت بمفطر، وأجزأه عن ذلك اليوم ولا يجزيه إذا تذكر بعد الزوال وأما في الواجب الغير المعين فيمتد وقتها اختيارا من أول الليل إلى الزوال دون ما بعده على الأصح)
الكلام في الواجب غير المعين (كالقضاء والنذر غير المعين والكفارة ) والمنسوب الى المشهور جواز تأخير النية الى ما بعد الفجر اختياراً فضلاً عن النسيان والجهل , وفي مقابل هذا القول يوجد قولان: الاول : ان جواز التأخير يختص بحالة العذر , ولا يشمل حالة العلم والعمد فيكون حال الواجب غير المعين كحال الواجب المعين , والثاني : جواز التأخير الى العصر , وكلامنا فعلا ليس في امتداد وقت النية , وانما في اصل جواز تأخير النية عن طلوع الفجر في الواجب غير المعين , في صورة العمد وفي صورة النسيان .
اُستُدل على جواز تأخير النية اختياراً بعدة روايات وقد تقدم بعضها في المطالب السابقة , وهذه الروايات بعضها مختص بالواجب غير المعين , والبعض الاخر مطلق يشمل بأطلاقه الواجب غير المعين , فيصح الاستدلال بالجميع , لكن بعض ما اٌستدل به لذلك يٌشكك في شموله لمحل الكلام , لقوة اختصاصه بالصوم التطوعي .
الرواية الاولى : صحيحة الحلبي عن ابي عبدالله عليه السلام (( في حديث ) قال : قلت له : إن رجلا أراد ان يصوم ارتفاع النهار، أيصوم ؟ قال : نعم . )[1] وقد تقدم منا استظهار اختصاص هذه الرواية بالصوم المندوب , او على الاقل انها تكون مجملة من هذه الناحية , والمتيقن منها هو الصوم المندوب , على نحو لا يمكن الاستناد اليها لأثبات الحكم في الواجب غير المعين , وعليه فهذه الرواية لا تنفع في محل الكلام
الرواية الثانية : صحيحة عبدالرحمن بن الحجاج الاولى عن ابي الحسن عليه السلام (في الرجل يبدو له بعد ما يصبح ويرتفع النهار في صوم ذلك اليوم ليقضيه من شهر رمضان، ولم يكن نوى ذلك من الليل، قال : نعم ليصمه وليعتد به إذا لم يكن أحدث شيئا)[2] وقد تقدم الحديث فيها ايضا , وبينا شمولها للقضاء الموسع والمضيق وقلنا ان الحكم المذكور فيها من جواز التأخير اختياراً في القضاء لا يمكن اسراءه الى كل واجب معين , فأذا اعتبرنا القضاء الموسع احد افراد الواجب غير المعين , فأن الرواية تكون دليلاً على جواز التأخير في الواجب غير المعين (محل الكلام ), اما اذا قلنا ان القضاء له حكمه الخاص ولا يمكن اسراء الحكم الى غيره من افراد الواجب الاخرى ,فلا يمكن الاستدلال بها في محل الكلام .
الرواية الثالثة :صحيحة عبدالرحمن بن الحجاج الثانية سألت أبا الحسن موسى عليه السلام (عن الرجل
يصبح ولم يطعم ولم يشرب ولم ينو صوما وكان عليه يوم من شهر رمضان أله أن يصوم ذلك اليوم وقد ذهب عامة النهار ؟ فقال : نعم له أن يصومه ويعتد به من شهر رمضان . )[3] وتقدم الحديث عنها ايضا وتبين انها كسابقتها في اطلاقها بلحاظ القضاء الموسع و المضيق , وبلحاظ العمد والعلم والنسيان والجهل .
يظهر من السيد الخوئي (قد) ان هاتين الصحيحتين هما عبارة عن روايتين وليست رواية واحدة , غاية الامر ان كل واحدة منهما رويت بطريقين او اكثر .
وطريق الرواية الاولى : الشيخ الكليني عن محمد بن يحيى عن احمد بن محمد وعن محمد بن اسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعا عن ابن ابي عمير_ فينحل الى طريقين لكن ليس المقصود بالطريق الثاني هو هذا , وانما سيأتي طريق اخر _ عن عبدالرحمن بن الحجاج عن ابي الحسن عليه السلام .
والطريق الثاني : محمد بن الحسن باسناده عن محمد بن علي بن محبوب_ وطريقه اليه صحيح _، عن محمد بن الحسين عن صفوان، عن عبد الرحمن بن الحجاج , وقال صاحب الوسائل بعد ذكر هذا الطريق
عبارة :(وذكر نحوه) أي نحو الاول وهذا لا اشكال فيه , لكن فيه اضافة سؤال اخر _ كما في التهذيب _
والسؤال الاخر هو (ما اذا كان الرجل ناويا للصوم ثم بدا له الافطار) , عكس الفرض الاول , فهي رواية واحدة متحدة في ما يوجد فيها غاية الامر ان صفوان ذكر السؤال الثاني ايضا , بينما ابن ابي عمير اختصر على سؤال واحد .
الرواية الثانية : لها طريقان الاول : الشيخ الطوسي في التهذيب بأسناده عن علي بن محبوب عن علي بن السندي عن صفوان، عن عبد الرحمن بن الحجاج.
والطريق الاخر كما يذكره صاحب الوسائل : عنه _اي عن محمد بن علي بن محبوب _، عن معاوية بن حكيم، عن صفوان، عن عبد الرحمن بن الحجاج وذكر مثله
فأذا ناقشنا في الطريق الاول في علي بن السندي الذي لم تثبت وثاقته بشكل واضح , فالطريق الثاني يغنينا لأنه صحيح ومعتبر , فهناك اذن روايتان .
ولسائل ان يسأل, لما لا تكونان رواية واحدة , فالسائل واحد والمضمون واحد , ومن يروي عنه السائل في كثير من الطرق ايضا واحد , والامام المسؤول ايضا واحد .
الظاهر ان الداعي للسيد الخوئي ان يتعامل معهما كروايتين وجود الاختلاف بينهما , فالرواية الاولى فيها قيد (اذا لم يكن احدث شيئا) فهذا القيد يوجد في الرواية الاولى على جميع الطرق , وليس له وجود في الرواية الثانية ,هذا شيء والشيء الثاني وهو الاهم , ان الموضوع المذكور في الرواية الاولى هو (ارتفاع النهار) بينما المذكور في الرواية الثانية هو ( ذهاب عامة النهار ) وفرق كبير بينهما , فأن ارتفاع النهار يعني ما قبل الزوال بينما ذهاب عامة النهار يعني ما بعد الزوال وكأنه قريب الغروب
وهذا الاختلاف يستدعي ان يكون التعامل معهما معاملة روايتين , وان كان اثر الاختلاف بينهما سيكون في البحث الاتي (أي في مقدار الوقت الذي يجوز تأخير النية فيه ).
الرواية الرابعة : رواية صالح بن عبدالله ,عن ابي ابراهيم عليه السلام (قال : قلت له : رجل جعل لله عليه الصيام شهرا فيصبح وهو ينوي الصوم، ثم يبدو له فيفطر ويصبح وهو لا ينوي الصوم فيبدو له فيصوم، فقال : هذا كله جائز . )[4] يرويها الشيخ الطوسي بأسناده عن محمد بن على بن محبوب عن احمد عن الحسين عن فضالة عن صالح بن عبدالله وهذا الطريق لابأس به لولا صالح بن عبدالله فأنه مجهول .
والرواية واردة في الصوم النذري غير المعين , فنستفيد منها هذا الحكم لو كانت تامة سندا .
الرواية الخامسة : صحيحة هشام بن سالم الاولى يرويها الشيخ الطوسي بأسناده عن احمد بن محمد عن البرقي عن ابن ابي عمير عن هشام بن سالم , الظاهر ان احمد بن محمد في المقام _كما نبة السيد الخوئي على ذلك _ هو احمد بن محمد بن عيسى , لا احمد بن محمد بن خالد البرقي , والا لقال عن ابيه كما هي العادة , وطريق الشيخ الى احمد بن محمد بن عيسى صحيح , فالرواية معتبرة سندا
عن أبي عبد الله عليه السلام( قال : كان أمير المؤمنين عليه السلام يدخل إلى أهله فيقول : عندكم شئ وإلا صمت، فإن كان عندهم شئ أتوه به وإلا صام .)[5]
والاستدلال بها مبني على انها مطلقة تشمل الصوم التطوعي و صوم قضاء , والدخول على الاهل يكون قبل الظهر كما هو المعتاد , ونية الصوم حسب الرواية تكون من بعد الدخول الى الاهل .
السيد الخوئي[6] يحمل الرواية على الصوم التطوعي , بأعتبار انه من البعيد جدا ان الامام عليه السلام عليه قضاء او كفارة , فلا تشمل محل الكلام .
وهذا الاحتمال (أي احتمال البعد) يكون مقبولا عند ملاحظة سياق الرواية , ( عندكم شيء والا صمت ) , فهذا الترديد بين الصيام وعدمه , فيه اشعار ان الكلام في الصوم المندوب.
الرواية السادسة : صحيحة هشام بن سالم الثانية عن ابي عبدالله عليه السلام (قال : قلت له : الرجل يصبح ولا ينوي الصوم فإذا تعالى النهار حدث له رأى في الصوم، فقال : إن هو نوى الصوم قبل ان تزول الشمس حسب له يومه، وإن نواه بعد الزوال حسب له من الوقت الذي نوى . )[7], ولها طرق متعدده وكلها صحيحة يرويها الشيخ الطوسي بأسناده عن احمد بن محمد عن علي بن الحكم عن هشام بن سالم ويرويها ايضا بأسناده عن الصفار عن احمد بن محمد عن علي بن الحكم عن هشام بن سالم وكلا الطريقين صحيحان .
.السيد الخوئي (قد) يقول :-
(فأن الذيل المتضمن للاحتساب من الوقت الذي نوى خاص بالنافلة بطبيعة الحال فتدل على مشروعية النية بعد الزوال وأنه يثاب عليها، من غير أن يكون ذلك من الصوم الحقيقي في شئ، إذ لم يعهد صوم نصف اليوم أو ثلثه مثلا كما هو ظاهر, وأما الصدر المتضمن لاحتساب اليوم بتمامه فاطلاقه يشمل الواجب غير المعين كالنافلة)[8] وحينئذ يمكن الاستدلال بصدر الرواية على جواز التأخير في الصوم غير المعين كما هو محل الكلام .
اقول : ان الذي يذكره (قد) يبدو انه خلاف الظاهر , كأنه مبني على الاستخدام , فلفظ الصوم المذكور في صدر الرواية يراد به مطلق الصوم , ثم يعود عليه الضمير في ذيل الرواية على ان المراد بعض افراد الصوم , وهو الصوم المستحب , اذن ماذكره (قد) مبنى على الاستخدام , والاستخدام كما هو معلوم خلاف الظاهر , وأثباته يحتاج الى قرينة , ولا يظهر من الدليل قرينة على ذلك , فكان الاولى ان نجعل اختصاص ذيل الرواية في الصوم المندوب _كما قال (قد)_ قرينة على ان المراد بصدرها الصوم المندب ايضا , ويكون هذا تفصيلاً بلحاظ الثواب , بمعنى ان الرواية ليست ناظرة الى صحة العمل وفساده , وانما هي ناظرة الى الثواب , اي ان الصوم المندوب حينما ينويه المكلف قبل الزوال , يعطى له ثواب يوم كامل , اما اذا نواه بعد الزوال فيعطى له من الوقت الذي نواه , فيكون صدر الرواية وذيلها منسجما من دون الرجوع الى الاستخدام , اما اذا اردنا ان نقول ان الرواية ناظرة الى صحة العمل وليس الثواب فقط , يمكن المحافظة على ذلك من دون الاستخدام فنقول ان صدر الرواية ناظر الى الصوم المندوب , ويحكم بصحة الصوم المندوب حتى لو كانت النية متأخرة الى ما قبل الزوال واعطاء ثواب يوم كامل , واما اذا كان بعد الزوال يحكم بصحته ويكون ثوابه من الوقت الذي نوى .
وعلى كلا التقديرين لا يمكن الاستدلال بها في محل الكلام لأنها مختصة بالصوم المندوب .