34/11/23
تحمیل
الموضوع : الصوم : منكر وجوب الصوم
ذكر السيد الخوئي (قد) (وعليه فمنكره _اي منكر وجوب الصوم _منكر للضروري فيجري عليه حكمه، وقد تقدم في كتاب الطهارة عند البحث عن الكفر والاسلام أن انكار الضروري بمجرده ومن حيث هو لا يستوجب الكفر وإنما يستوجبه من حيث رجوعه إلى تكذيب النبي صلى الله عليه وآله المؤدي إلى إنكار الرسالة، وهو يختص بما إذا كان المنكر عالما بالحكم وبضروريته، فلا يحكم بكفر الجاهل بأحدهما لكونه جديد العهد بالإسلام أو نحوه ممن ليس له مزيد اطلاع بالأحكام وعليه فيعتبر في الحكم بالارتداد صدور الانكار ممن يعلم بضرورية الحكم)[1]
ويُلاحظ عليه انه بناء على هذا المسلك فأن انكار الضروري بعنوانه لا يوجب الكفر وانما يوجب الكفر حيث كونه يؤدي الى انكار احد الاصلين الاساسيين (التوحيد او النبوة ) وعليه فلا حاجة الى هذا الاشتراط اذ يكفي في تكذيب الرسالة ان يعلم المنكر ان هذا الحكم ثابت في الدين فأنه مع العلم بالثبوت والانكار يتحقق تكذيب الرسالة وان لم يعلم بأنه ضروري من ضروريات الدين.
نعم بناء على الرأي الاخر هناك مجال لإشتراطه كما يُذكر في محله .
قال الماتن :(ووجوبه في شهر رمضان من ضروريات الدين ومنكره مرتد يجب قتله ) لدلالة الروايات الصحيحة ومنها صحيحة بريد العجلي قال : ((سُئل أبو جعفر عليه السلام عن رجل شهد عليه شهود أنه أفطر من شهر رمضان ثلاثة أيام، قال : يسأل هل عليك في إفطارك إثم ؟ فان قال : لا، فان على الامام أن يقتله، وإن قال : نعم فان على الامام أن ينهكه ضربا .))[2]
والرواية يرويها الشيخ الكليني عن عدة من اصحابنا عن احمد بن محمد والظاهر ان المقصود به احمد بن محمد بن عيسى ولو بقرينة السند الذي يذكره الشيخ الصدوق كما سيأتي نعم هو مردد بينه وبين احمد بن محمد بن خالد البرقي وكل منهما ثقة فلا يترتب اثر على التعيين من حيث سند الرواية نعم قد تترتب امور اخرى .
ويرويها الشيخ الصدوق بأسناده عن الحسن بن محبوب واسناده اليه في المشيخة صحيح ويمر بأحمد بن محمد بن عيسى وهذا قرينة على ان احمد بن محمد المذكور في سند الكافي هو احمد بن محمد بن عيسى .
والاستدلال بالرواية هو انها ناظرة الى الاستحلال لا مجرد الافطار عصيانا وتمردا ويفهم الاستحلال من قوله ((لا ) أي لا اثم علي بترك الصوم) ولذا قالت الرواية على الامام ان يقتله غاية الامر ان قتله مقيد بقيد وهو اذا كان مرتد عن فطرة فأن المرتد عن فطرة هو الذي يجب قتله بالارتداد واما اذا كان مرتد ملي فأنه يستتاب فأن تاب فهو والا يقتل , هذا قيد , والقيد الاخر ان يكون رجلا والا فالمرأة لا تقتل وهذه القيود غير منظورة من قبل السيد الماتن وانما هو ناظر الى اصل الحكم .
قال (ومن افطر فيه لا مستحلا عالما عامدا يعزر بخمسة وعشرين سوطا فأن عاد مرة اخرى الى ترك الصيام ......وان كان الاحوط قتله في الرابعة )
التقدير بخمسة وعشرين سوطا ذكر الفقهاء انه لا دليل عليه , فالدليل على التعزير هو صحيحة بريد العجلي وليس فيها تقدير خاص وانما قال ينهكه ضربا وهذا هو المناسب لمرتكزاتنا من ان التعزير موكول الى الحاكم الشرعي وهو الذي يقدر بحسب الظروف والمصالح وان الفرق بين الحد والتعزير هو ان الحد له تقدير معين شرعا بينما التعزير ليس له تقدير معين وانما يوكل الامر الى الحاكم الشرعي .
نعم هناك رواية واحدة ذُكر فيها هذا العدد (خمسة وعشرين )سوطا وهي رواية المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله عليه السلام( في رجل أتى امرأته هو صائم وهي صائمة، فقال : إن كان استكرهها فعليه كفارتان، وإن كان طاوعته فعليه كفارة، وعليها كفارة، وإن كان أكرهها فعليه ضرب خمسين سوطا نصف الحد وإن كانت طاوعته ضرب خمسة وعشرين سوطا، وضربت خمسة وعشرين سوطا)[3]
ورواه الصدوق بإسناده عن المفضل بن عمر ورواه الشيخ بإسناده عن محمد ابن يعقوب مثله ورواه المفيد في ( المقنعة ) مرسلا نحوه
وسند الرواية كما في الكافي عن علي بن محمد بن بندار عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر، عن عبد الله بن حماد، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ).
ولعل مستند السيد الماتن وغيره في هذا الحكم هو هذه الرواية .
وفيها ان المفضل بن عمر فيه كلام طويل وهناك تعارض في التوثيقات والتضعيفات في حقه والروايات الواردة في حقه كما في كتاب الكشي[4] متعارضة ايضا .
مضافا الى ذلك فأن ابراهيم بن اسحاق الاحمر ضعيف على ما نص عليه النجاشي , نعم الشيخ الصدوق في الفقيه روى الرواية وبدء السند في المفضل بن عمر نفسه وطريقه في المشيخة الى المفضل بن عمر وان خلا من ابراهيم بن سحاق الاحمر الضعيف , لكنه فيه محمد بن سنان وهو فيه كلام ايضا .
مضافا الى ان الشيخ الصدوق نفسه بعد ان روى الرواية قال ما نصه( لم اجد في ذلك شيء من الاصول وانما تفرد بروايته علي بن ابراهيم بن هاشم )[5] , وهذا غريب لأن الشيخ الكليني ذكر السند ولم يكن فيه علي بن ابراهيم بن هاشم وانما فيه علي بن محمد بن بندار .
فالرواية على جميع الاحوال لا تخلو من خدشة في السند وعليه لا يمكن الاعتماد عليها في اثبات هذا الحكم الشرعي (ان التعزير في محل الكلام يكون مقدرا بخمسه وعشرين سوطا).
واما الكلام في الرواية من حيث الدلالة فأنها وردت في الجماع والتعدي من الجماع الى غيره من المفطرات كما هو محل الكلام يحتاج الى دليل خصوصا ان التعزير المقدر خلاف القواعد العامة .
ولعل الفقهاء في موارد اخرى ايضا فهموا ذلك فلم يتعدوا من الجماع الى المفطرات الاخرى مثلا في باب تكرر الاتيان بالمفطر فهناك رواية تدل على تكرر الكفارة بتكرر الجماع .
والفقهاء اقتصروا عليه ولم يعدوا الحكم الى سائر المفطرات فلم يلتزموا في ان من تكرر منه الاكل او الشرب تتكرر عليه الكفارة وانما التزموا في ذلك في خصوص مورد الجماع ويفهم من هذا ان الجماع له خصوصية ولا يمكن التعدي منه الى غيره من المفطرات والالتزام بالتعزير على ارتكاب كل مفطر بخمسة وعشرين سوطا .
وبالرغم من ذلك كله ذكر المحقق في المعتبر ان علماءنا ادعوا اجماع الامامية على ذلك (أي ان التعزير في محل الكلام خمسة وعشرين سوطا ) حيث قال ( قال علمائنا : من " أكره " امرأته على الجماع عزر خمسين سوطا، وعليه كفارتان، ولا كفارة عليها، ولا قضاء، ولو " طاوعته " كان على كل واحد منهما كفارة، وعزر كل واحد خمسة وعشرين سوطا، روى ذلك إبراهيم بن إسحاق الأحمري عن عبد الله بن حماد عن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه السلام : " في رجل أتى امرأته وهو صائم وهي صائمة فقال إن كان استكرهها فعليه كفارتان ويعزر بخمسين سوطا وإن كانت طاوعته فعليه كفارة وعليها كفارة وضرب خمسة وعشرين سوطا وضربت خمسة وعشرين سوطا " وإبراهيم بن إسحاق هذا ضعيف متهم، والمفضل ابن عمر ضعيف جدا، كما ذكر النجاشي، وقال ابن بابويه : لم يرو هذه غير المفضل فإذن الرواية في غاية الضعف، لكن علماؤنا ادعوا على ذلك إجماع الإمامية، ومع ظهور القول بها، ونسبة الفتوى إلى الأئمة يجب العمل بها)[6]
والظاهر في عبارة المحقق في المعتبر هو انه ناظر الى الجماع , والاجماع الذي ينقله لنا عن علماءنا هو في خصوص الافطار بالجماع والسبب هو ان المسألة التي ابتدأ بها قال فيها (قال علماءنا من اكره امرأته على الجماع)
والقرينة على ذلك ان المسألة التي قبل هذه المسألة ذكر فيها (من أفطر " مستحلا " فهو مرتد، إن كان ممن عرف قواعد الإسلام،
وإن اعتقد العصيان عزر، فإن عاد عزر، فإن عاد قتل في الثالثة، وقيل في الرابعة) فنلاحظ انه لم يذكر ان التعزير بخمسة وعشرين سوطا وانما قال عزر فقط .
لكن مع ذلك يرد كلام في ان الاجماع الذي يدعيه المحقق في التعزير بخمسة وعشرين سوطا لمن افطر بالجماع هل هو مسلم ويمكن الاستناد اليه ؟ ام لا؟.
قد يقال ان ذلك ليس ببعيد , بأعتبار ان الحكم على خلاف القواعد , والاحكام التي على خلاف القواعد تحتاج الى دليل خاص والمفروض ان المحقق ينقل لنا _ونحن لا نشك في نقله _ان علماءنا ادعوا اجماع الامامية على هذا الحكم وهذا يعني ان الامامية التزمت بهذا الحكم المخالف للقواعد فلابد ان يكون هناك دليل قد استند اليه العلماء , وهذا الدليل اما ان يكون رواية المفضل واما ان يكون دليل اخر .
واي كان هذا الدليل _الذي نحن لا نعرفه _لابد ان يكون دليلا تاما من حيث الدلالة ومن حيث السند ولهذا اجمع الامامية على الالتزام به.
اقول يمكن الاعتماد على هذا الاجماع لأثبات هذا الحكم في خصوص الجماع لا في مطلق المفطرات .
وهذا الحكم بناء على كون المفطر غير معذور اما اذا كان المفطر معذورا فليس عليه كفارة ولا تعزير ولا كلام في ذلك ولكن الكلام في ما لو كان المفطر مشتبة الحال فهل يثبت عليه التعزير ؟ ام لا ؟
نقول ان المشتبه لا يثبت عليه شيء والدليل هو اننا نعلم جزما بأن الشارع لا يقيم الحد بمجرد الاحتمال (أي بمجرد احتمال ان هذا يستحق الحد)
مضافا الى الحديث النبوي (ادرأوا الحدود بالشبهات)[7]
السيد الخوئي حاول الاستدلال _على عدم استحقاق المشتبه الحال للتعزير _ بصحيحة بريد المتقدمة ( قال : يسأل هل عليك في إفطارك إثم ؟ فان قال : لا، فان على الامام أن يقتله، وإن قال : نعم فان على الامام أن ينهكه ضربا .)
فقال السيد الخوئي (قدس سره)( كما يظهر ذلك بملاحظة الموارد المتفرقة التي منها مورد صحيحة بريد العجلي......المتضمنة للسؤال عن موجب الافطار، فإنها تدل على أنه لو ادعى شبهة يقبل قوله ويدرأ عنه الحد أو التعزيز، وإلا فما هي فائدة السؤال .)[8]
أي ان العقوبة لو كانت مفروضة على جميع الاحوال _حتى وان كان مشتبها_ فما هي فائدة السؤال ؟
هذا المطلب بينه السيد (قدس سره ) بهذا الشكل ولعله التفت او نوقش من قبل طلابه فبينه بشكل اخر , اما هذا البيان فالمناقشة فيه واضحة فأن الغرض من السؤال هو معرفة ان كان مستحلا او غير مستحل فأن كان مستحلا يقتل وان كان غير مستحل يعزر ,لا ان السؤال لمعرفة انه معذور او غير معذور .
فالظاهر من الرواية الفراغ من كونه غير معذور, فلا وجه لكلام السيد الخوئي على هذا البيان ولهذا فقد بين هذا المطلب ببيان اخر.
ذكر السيد الخوئي (قد) (وعليه فمنكره _اي منكر وجوب الصوم _منكر للضروري فيجري عليه حكمه، وقد تقدم في كتاب الطهارة عند البحث عن الكفر والاسلام أن انكار الضروري بمجرده ومن حيث هو لا يستوجب الكفر وإنما يستوجبه من حيث رجوعه إلى تكذيب النبي صلى الله عليه وآله المؤدي إلى إنكار الرسالة، وهو يختص بما إذا كان المنكر عالما بالحكم وبضروريته، فلا يحكم بكفر الجاهل بأحدهما لكونه جديد العهد بالإسلام أو نحوه ممن ليس له مزيد اطلاع بالأحكام وعليه فيعتبر في الحكم بالارتداد صدور الانكار ممن يعلم بضرورية الحكم)[1]
ويُلاحظ عليه انه بناء على هذا المسلك فأن انكار الضروري بعنوانه لا يوجب الكفر وانما يوجب الكفر حيث كونه يؤدي الى انكار احد الاصلين الاساسيين (التوحيد او النبوة ) وعليه فلا حاجة الى هذا الاشتراط اذ يكفي في تكذيب الرسالة ان يعلم المنكر ان هذا الحكم ثابت في الدين فأنه مع العلم بالثبوت والانكار يتحقق تكذيب الرسالة وان لم يعلم بأنه ضروري من ضروريات الدين.
نعم بناء على الرأي الاخر هناك مجال لإشتراطه كما يُذكر في محله .
قال الماتن :(ووجوبه في شهر رمضان من ضروريات الدين ومنكره مرتد يجب قتله ) لدلالة الروايات الصحيحة ومنها صحيحة بريد العجلي قال : ((سُئل أبو جعفر عليه السلام عن رجل شهد عليه شهود أنه أفطر من شهر رمضان ثلاثة أيام، قال : يسأل هل عليك في إفطارك إثم ؟ فان قال : لا، فان على الامام أن يقتله، وإن قال : نعم فان على الامام أن ينهكه ضربا .))[2]
والرواية يرويها الشيخ الكليني عن عدة من اصحابنا عن احمد بن محمد والظاهر ان المقصود به احمد بن محمد بن عيسى ولو بقرينة السند الذي يذكره الشيخ الصدوق كما سيأتي نعم هو مردد بينه وبين احمد بن محمد بن خالد البرقي وكل منهما ثقة فلا يترتب اثر على التعيين من حيث سند الرواية نعم قد تترتب امور اخرى .
ويرويها الشيخ الصدوق بأسناده عن الحسن بن محبوب واسناده اليه في المشيخة صحيح ويمر بأحمد بن محمد بن عيسى وهذا قرينة على ان احمد بن محمد المذكور في سند الكافي هو احمد بن محمد بن عيسى .
والاستدلال بالرواية هو انها ناظرة الى الاستحلال لا مجرد الافطار عصيانا وتمردا ويفهم الاستحلال من قوله ((لا ) أي لا اثم علي بترك الصوم) ولذا قالت الرواية على الامام ان يقتله غاية الامر ان قتله مقيد بقيد وهو اذا كان مرتد عن فطرة فأن المرتد عن فطرة هو الذي يجب قتله بالارتداد واما اذا كان مرتد ملي فأنه يستتاب فأن تاب فهو والا يقتل , هذا قيد , والقيد الاخر ان يكون رجلا والا فالمرأة لا تقتل وهذه القيود غير منظورة من قبل السيد الماتن وانما هو ناظر الى اصل الحكم .
قال (ومن افطر فيه لا مستحلا عالما عامدا يعزر بخمسة وعشرين سوطا فأن عاد مرة اخرى الى ترك الصيام ......وان كان الاحوط قتله في الرابعة )
التقدير بخمسة وعشرين سوطا ذكر الفقهاء انه لا دليل عليه , فالدليل على التعزير هو صحيحة بريد العجلي وليس فيها تقدير خاص وانما قال ينهكه ضربا وهذا هو المناسب لمرتكزاتنا من ان التعزير موكول الى الحاكم الشرعي وهو الذي يقدر بحسب الظروف والمصالح وان الفرق بين الحد والتعزير هو ان الحد له تقدير معين شرعا بينما التعزير ليس له تقدير معين وانما يوكل الامر الى الحاكم الشرعي .
نعم هناك رواية واحدة ذُكر فيها هذا العدد (خمسة وعشرين )سوطا وهي رواية المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله عليه السلام( في رجل أتى امرأته هو صائم وهي صائمة، فقال : إن كان استكرهها فعليه كفارتان، وإن كان طاوعته فعليه كفارة، وعليها كفارة، وإن كان أكرهها فعليه ضرب خمسين سوطا نصف الحد وإن كانت طاوعته ضرب خمسة وعشرين سوطا، وضربت خمسة وعشرين سوطا)[3]
ورواه الصدوق بإسناده عن المفضل بن عمر ورواه الشيخ بإسناده عن محمد ابن يعقوب مثله ورواه المفيد في ( المقنعة ) مرسلا نحوه
وسند الرواية كما في الكافي عن علي بن محمد بن بندار عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر، عن عبد الله بن حماد، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ).
ولعل مستند السيد الماتن وغيره في هذا الحكم هو هذه الرواية .
وفيها ان المفضل بن عمر فيه كلام طويل وهناك تعارض في التوثيقات والتضعيفات في حقه والروايات الواردة في حقه كما في كتاب الكشي[4] متعارضة ايضا .
مضافا الى ذلك فأن ابراهيم بن اسحاق الاحمر ضعيف على ما نص عليه النجاشي , نعم الشيخ الصدوق في الفقيه روى الرواية وبدء السند في المفضل بن عمر نفسه وطريقه في المشيخة الى المفضل بن عمر وان خلا من ابراهيم بن سحاق الاحمر الضعيف , لكنه فيه محمد بن سنان وهو فيه كلام ايضا .
مضافا الى ان الشيخ الصدوق نفسه بعد ان روى الرواية قال ما نصه( لم اجد في ذلك شيء من الاصول وانما تفرد بروايته علي بن ابراهيم بن هاشم )[5] , وهذا غريب لأن الشيخ الكليني ذكر السند ولم يكن فيه علي بن ابراهيم بن هاشم وانما فيه علي بن محمد بن بندار .
فالرواية على جميع الاحوال لا تخلو من خدشة في السند وعليه لا يمكن الاعتماد عليها في اثبات هذا الحكم الشرعي (ان التعزير في محل الكلام يكون مقدرا بخمسه وعشرين سوطا).
واما الكلام في الرواية من حيث الدلالة فأنها وردت في الجماع والتعدي من الجماع الى غيره من المفطرات كما هو محل الكلام يحتاج الى دليل خصوصا ان التعزير المقدر خلاف القواعد العامة .
ولعل الفقهاء في موارد اخرى ايضا فهموا ذلك فلم يتعدوا من الجماع الى المفطرات الاخرى مثلا في باب تكرر الاتيان بالمفطر فهناك رواية تدل على تكرر الكفارة بتكرر الجماع .
والفقهاء اقتصروا عليه ولم يعدوا الحكم الى سائر المفطرات فلم يلتزموا في ان من تكرر منه الاكل او الشرب تتكرر عليه الكفارة وانما التزموا في ذلك في خصوص مورد الجماع ويفهم من هذا ان الجماع له خصوصية ولا يمكن التعدي منه الى غيره من المفطرات والالتزام بالتعزير على ارتكاب كل مفطر بخمسة وعشرين سوطا .
وبالرغم من ذلك كله ذكر المحقق في المعتبر ان علماءنا ادعوا اجماع الامامية على ذلك (أي ان التعزير في محل الكلام خمسة وعشرين سوطا ) حيث قال ( قال علمائنا : من " أكره " امرأته على الجماع عزر خمسين سوطا، وعليه كفارتان، ولا كفارة عليها، ولا قضاء، ولو " طاوعته " كان على كل واحد منهما كفارة، وعزر كل واحد خمسة وعشرين سوطا، روى ذلك إبراهيم بن إسحاق الأحمري عن عبد الله بن حماد عن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه السلام : " في رجل أتى امرأته وهو صائم وهي صائمة فقال إن كان استكرهها فعليه كفارتان ويعزر بخمسين سوطا وإن كانت طاوعته فعليه كفارة وعليها كفارة وضرب خمسة وعشرين سوطا وضربت خمسة وعشرين سوطا " وإبراهيم بن إسحاق هذا ضعيف متهم، والمفضل ابن عمر ضعيف جدا، كما ذكر النجاشي، وقال ابن بابويه : لم يرو هذه غير المفضل فإذن الرواية في غاية الضعف، لكن علماؤنا ادعوا على ذلك إجماع الإمامية، ومع ظهور القول بها، ونسبة الفتوى إلى الأئمة يجب العمل بها)[6]
والظاهر في عبارة المحقق في المعتبر هو انه ناظر الى الجماع , والاجماع الذي ينقله لنا عن علماءنا هو في خصوص الافطار بالجماع والسبب هو ان المسألة التي ابتدأ بها قال فيها (قال علماءنا من اكره امرأته على الجماع)
والقرينة على ذلك ان المسألة التي قبل هذه المسألة ذكر فيها (من أفطر " مستحلا " فهو مرتد، إن كان ممن عرف قواعد الإسلام،
وإن اعتقد العصيان عزر، فإن عاد عزر، فإن عاد قتل في الثالثة، وقيل في الرابعة) فنلاحظ انه لم يذكر ان التعزير بخمسة وعشرين سوطا وانما قال عزر فقط .
لكن مع ذلك يرد كلام في ان الاجماع الذي يدعيه المحقق في التعزير بخمسة وعشرين سوطا لمن افطر بالجماع هل هو مسلم ويمكن الاستناد اليه ؟ ام لا؟.
قد يقال ان ذلك ليس ببعيد , بأعتبار ان الحكم على خلاف القواعد , والاحكام التي على خلاف القواعد تحتاج الى دليل خاص والمفروض ان المحقق ينقل لنا _ونحن لا نشك في نقله _ان علماءنا ادعوا اجماع الامامية على هذا الحكم وهذا يعني ان الامامية التزمت بهذا الحكم المخالف للقواعد فلابد ان يكون هناك دليل قد استند اليه العلماء , وهذا الدليل اما ان يكون رواية المفضل واما ان يكون دليل اخر .
واي كان هذا الدليل _الذي نحن لا نعرفه _لابد ان يكون دليلا تاما من حيث الدلالة ومن حيث السند ولهذا اجمع الامامية على الالتزام به.
اقول يمكن الاعتماد على هذا الاجماع لأثبات هذا الحكم في خصوص الجماع لا في مطلق المفطرات .
وهذا الحكم بناء على كون المفطر غير معذور اما اذا كان المفطر معذورا فليس عليه كفارة ولا تعزير ولا كلام في ذلك ولكن الكلام في ما لو كان المفطر مشتبة الحال فهل يثبت عليه التعزير ؟ ام لا ؟
نقول ان المشتبه لا يثبت عليه شيء والدليل هو اننا نعلم جزما بأن الشارع لا يقيم الحد بمجرد الاحتمال (أي بمجرد احتمال ان هذا يستحق الحد)
مضافا الى الحديث النبوي (ادرأوا الحدود بالشبهات)[7]
السيد الخوئي حاول الاستدلال _على عدم استحقاق المشتبه الحال للتعزير _ بصحيحة بريد المتقدمة ( قال : يسأل هل عليك في إفطارك إثم ؟ فان قال : لا، فان على الامام أن يقتله، وإن قال : نعم فان على الامام أن ينهكه ضربا .)
فقال السيد الخوئي (قدس سره)( كما يظهر ذلك بملاحظة الموارد المتفرقة التي منها مورد صحيحة بريد العجلي......المتضمنة للسؤال عن موجب الافطار، فإنها تدل على أنه لو ادعى شبهة يقبل قوله ويدرأ عنه الحد أو التعزيز، وإلا فما هي فائدة السؤال .)[8]
أي ان العقوبة لو كانت مفروضة على جميع الاحوال _حتى وان كان مشتبها_ فما هي فائدة السؤال ؟
هذا المطلب بينه السيد (قدس سره ) بهذا الشكل ولعله التفت او نوقش من قبل طلابه فبينه بشكل اخر , اما هذا البيان فالمناقشة فيه واضحة فأن الغرض من السؤال هو معرفة ان كان مستحلا او غير مستحل فأن كان مستحلا يقتل وان كان غير مستحل يعزر ,لا ان السؤال لمعرفة انه معذور او غير معذور .
فالظاهر من الرواية الفراغ من كونه غير معذور, فلا وجه لكلام السيد الخوئي على هذا البيان ولهذا فقد بين هذا المطلب ببيان اخر.