34/08/09
تحمیل
الموضوع: مسالة 105
ذكرنا في مسألة ثبوت ربع الدية بشهادة المرأة الواحدة في القتل ان هناك نصوص معتبرة تدل عليها والمقصود هو صحيحة محمد بن قيس ومؤيدة برواية عبد الله بن الحكم ، وقلنا ان هذه الرواية رغم رواية الصدوق لها بسند صحيح خاليةً من الذيل وهو (بحساب شهادة المرأة) لان كل مايبدء به في الفقيه بقضايا امير المؤمنين له سند صحيح ذكره في المشيخة ، ولذا هذه الرواية تكون ايضاً صحيحة ومن هنا نشـأ احتمال التعارض بين الروايتين بلحاظ وجود الذيل وعدمه ، وقلنا ان هذا لايؤثر كما في الدرس السابق ، فلابد من حملها -لو فرض وجود الذيل- على قبول شهادة المرأة في ربع الدية لانه فقهياً لايمكن الالتزام بثبوت تمام الدية في القتل بشهادة المرأة الواحدة ويضاف الى هذا ان الارتكاز قائم على معادلة شهادة المرأة لنصف شهادة الرجل وبالتالي لايثبت بها الا ربع الدية وهو يشكل قرينة على ان المراد بتقبل شهادة المرأة الواحدة في الدية ليس المقصود منه قبولها في تمام الدية وانما تقبل بمقدارها وحسبها كما صرح به في رواية الشيخ الطوسي .
وإذا ثبت ذهاب المشهور الى خلاف ذلك بمعنى عدم عملهم بصحيحة محمد بن قيس وبالتالي تحقق اعراضهم عنها فيشكل العمل بها ، ومن هنا يكون الاحتياط في محله لان الشهرة ليست واضحة عندنا بهذا الشكل .
ثم يقول (قده) : (ولايثبت بشهادة النساء غير ذلك )
بمعنى ان مايثبت بشهادة النساء هو الامور المتقدمة وهو ثبوت ربع الميراث بشهادة القابلة ،وربع الوصية بشهادة المرأة الواحدة في الوصية ، وربع الدية بشهادة المرأة الواحدة في باب القتل ، هذه الامور قامت الادلة عليها، فيقبل بشهادة النساء منفردات فيهاب بمعنى ان الواحدة يثبت بها ربع الامر والاثنين يثبت بها النصف وهكذا ،ولكن هذا لايثبت في غير هذه الموارد .
وهذا هو الصحيح باعتبار ان النصوص المتقدمة دلت على عدم قبول شهادة النساء مطلقاً ، ولانخرج عن هذا الاطلاق الا إذا دل الدليل على قبول شهادتهن منفردات ، واما حيث لادليل كما هو الحال في غير هذه الموارد ،فان مقتضى اطلاق تلك النصوص الدالة على عدم قبول شهادة النساء منفردات هو عدم قبول شهادتهن في غير الموارد الثلاثة المتقدمة .
قال (قده): ( مسألة 106 ) : لا يعتبر الإشهاد في شيء من العقود والإيقاعات إلاّ في الطلاق والظهار.
...............................
تتعرض هذه المسألة الى اعتبار الإشهاد في باب العقود والايقاعات او عدم اعتباره .ومن الواضح ان اعتبار الاشهاد فيها يحتاج الى دليل ، لان اعتبار الاشهاد يعني ان ذلك العقد او الايقاع مشروط صحته بالاشهاد فحيث لادليل على الاشهاد فحينئذٍ يكون مقتضى اطلاق ادلة هذه العقود والايقاعات عدم اعتبار الاشهاد فيها عند الشك في اعتباره ولو كان هذا الاطلاق اطلاقاً مقامياً .
ثم قال(قده): الا في الطلاق
.............
اعتبار الاشهاد في الطلاق مما لااشكال فيه عندنا ولاخلاف ، بل لعله يكاد يصل الى مرحلة ضروريات المذهب ، وتدل عليه الاية الشريفة (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ
[1]
)الواردة في خصوص الطلاق ، وكذلك تدل عليه الروايات الكثيرة ، ومنها صحيحة الفضلاء الواردة في الباب 10 من مقدمات الطلاق ح3، ص26 ج22 عن زرارة ومحمد بن مسلم وبكير وبريد وفضيل وإسماعيل الأزرق ومعمر بن يحيى ، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام في حديث أنه قال : وإن طلقها في استقبال عدتها طاهرا من غير جماع ولم يشهد على ذلك رجلين عدلين فليس طلاقه إياها بطلاق
[2]
.
فالطلاق وان كان مستكملاً لجميع الشرائط الا انه لفقدانه شهادة عدلين لم يكن عند الامام (ع) بطلاق وكذلك صحيحة البزنطي ، قال : سألت أبا الحسن ( عليه السلام ) عن رجل طلق امرأته بعد ما غشيها بشهادة عدلين قال : ليس هذا طلاقا ، قلت : فكيف طلاق السنة ؟ فقال : يطلقها إذا طهرت من حيضها قبل أن يغشيها بشاهدين عدلين كما قال الله عز وجل في كتابه فان خالف ذلك رد إلى كتاب الله
[3]
.
ثم يقول(قده): والظهار.
...............
فكما يعتبر الاشهاد في الطلاق كذلك يعتبر في الظهار ، وهو ايضاً بحسب الظاهر مما لاخلاف فيه بين علمائنا وان كان لايصل الى حد الوضوح الموجود في باب الطلاق ، لكن الروايات تدل عليه وهي من قبيل معتبرة حمران بن اعين في حديث قال: قال أبو جعفر ( عليه السلام ) : لا يكون ظهار في يمين ولا في إضرار ولا في غضب ، ولا يكون ظهار إلا في طهر من غير جماع بشهادة شاهدين مسلمين
[4]
.
والرواية صريحة في اعتبار الشهادة في الظهار .
وكذلك معتبرة حمران عن حمران عن أبي جعفر ( عليه السلام ) في حديث قال : لا يكون ظهار إلا على طهر بغير جماع بشهادة شاهدين مسلمين
[5]
.
وربما كانت هذه الرواية نفس الرواية الاولى .
ثم يقول (قده):نعم يستحب الاشهاد في النكاح
ومن العبارة يفهم عدم اعتبار الاشهاد في باب النكاح وتصدت الروايات الواردة من طرقنا عن اهل البيت (ع) لذلك في قبال المخالفين الذين اعتبروا الاشهاد في النكاح من قبيل صحيحة زرارة قال : سئل أبو عبد الله ( عليه السلام ) عن الرجل يتزوج المرأة بغير شهود ، فقال : لا بأس بتزويج البتة فيما بينة وبين الله ، إنما جعل الشهود في تزويج البتة من أجل الولد ، لولا ذلك لم يكن به بأس
[6]
.
وكذلك صحيحة حفص عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) في الرجل يتزوج بغير بينة ، قال : لا بأس
[7]
.
ومعتبرة داود بن الحصين التي ذكرناها مراراً في الباب 24 من ابواب الشهادات ح35 .
نعم قد يستدل لاعتبار الاشهاد في النكاح كما هو الحال في الطلاق برواية للمعلّى بن خنيس ويرويه الشيخ الطوسي باسناده عن الحسين بن سعيد عن صفوان عن بن مسكان عن المعلّى بن خنيس ، والرواية معتبرة بناءً على اعتبار المعلّى كما هو الصحيح قال :قلت لابي عبد الله(ع) ج21،ص65، قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) : ما يجزي في المتعة من الشهود ؟ فقال : رجل وامرأتان يشهدهما قلت : أرأيت ان لم يجد واحدا قال : إنه لا يعوزهم ، قلت : أرأيت إن أشفق ان يعلم بهم أحد ، أيجزيهم رجل واحد ؟ قال : نعم ، قال : قلت : جعلت فداك ، كان المسلمون على عهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يتزوجون بغير بينة ؟ قال : لا
[8]
.
وهذه الرواية وان كانت تامة سنداً لكن دلالتها ليست واضحة باعتبار ان ليس فيها مايشير الى اشتراط الاشهاد في باب النكاح حتى في المتعة بل ليس ظاهرة في ذلك فضلاً عن ان تكون نص وصريحة في ذلك لانه يقول ما يجزي في المتعة من الشهود ؟ فقال : رجل وامرأتان يشهدهما وليس فيه دلالة على الاشتراط خصوصاً في باب النكاح وان كان في باب المتعة ربما توجد اوامر ولكن يجزي رجل وامراتان ولذا بعد ذلك يقول: قلت : أرأيت ان لم يجد واحدا قال : إنه لا يعوزهم ، قلت : أرأيت إن أشفق ان يعلم بهم أحد ، أيجزيهم رجل واحد ؟ قال : نعم.
مع ان الرجل الواحد لايشكل بينة .
وكذلك قوله: جعلت فداك ، كان المسلمون على عهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يتزوجون بغير بينة ؟ قال : لا .
وهو ايضاً ليس فيه دلالة على اعتبار البينة في باب النكاح نعم جرت عادتهم على ان لايتزوجون الا ببينة ، وعلى تقدير التأمل في هذه المناقشة تكون الرواية دالة على الاعتبار ، فحملها الشيخ الطوسي وغيره على الاستحباب لا على الوجوب جمعاً بينها وبين الروايات الصريحة في عدم اعتبار الاشهاد في باب النكاح وخصوصاً الروايات التي هي بصدد مخالفتنا لما عليه العامة لانهم عكسوا ذلك والتزموا بما لم يامر به الله تعالى وهونوا ما امر الله تعالى به كما تقدم في معتبرة داود بن الحصين .
ورواية المهلب الدلال ، انه كتب إلى أبي الحسن ( عليه السلام ) : ان امرأة كانت معي في الدار ، ثم إنها زوجتني نفسها ، وأشهدت الله وملائكته على ذلك ، ثم إن أباها زوجها من رجل آخر ، فما تقول ؟ فكتب ( عليه السلام ) : التزويج الدائم لا يكون إلا بولي وشاهدين
[9]
.
وهي صريحة في دلالتها على اعتبار الاشهاد في النكاح الدائم الا انه مضافاً الى ضعف سندها هي معرضة بالروايات السابقة .
نعم، استحباب الاشهاد لايبعد استفادته من الروايات السابقة خصوصاً من معتبرة داود بن الحصين إذ ان باقي الروايات قد يقال انها تأمر بالاشهاد لكن ليس من باب الحكم المولوي التأسيسي وانما هو اشبه بالارشاد الى عدم ترتب اللوازم التي تترتب على عدم الاشهاد حتى يمكن استفادت الاستحباب الشرعي ،إذ استفادت الاستحباب يحصل من كلام المولى بما هو مولى ، فيأمر بشيء الزاماً او لا على نحو الالزام فيستفاد الوجوب او الاستحباب .
واما معتبرة داود المتقدمة فلايبعد استفادة الاستحباب منها لانه (ع) قال : فسن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في ذلك الشاهدين تأديبا ونظرا لئلا ينكر الولد والميراث
[10]
.
ثم قال (قده) : والمشهور انه يستحب في البيع والدين ونحو ذلك ايضاً
أي ان الاشهاد كما يستحب في النكاح يستحب في الدين والبيع ، واستدل على ذلك بالاية الشريفة وهو قوله تعالى (واستشهدوا شهيدين من رجالكم )
[11]
وهي واردة في باب الدين ، وفي باب البيع يقول تعالى (وأشهدوا اذا تبايعتم )
[12]
، فان الوارد في الايتين وان كان بصيغة الامر بالاشهاد وهو ظاهر في الوجوب ، ولكن حيث لايمكن الالتزام بالوجوب باعتبار وضوح عدم وجوب الاشهاد في باب البيع لوجود ضرورة قائمة على ذلك في باب البيع وكذلك وجود سيرة متشرعية على عدم الاشهاد في سائر المعاملات فلابد من حملها على الاستحباب .
وايضاً استدل على ذلك مضافاً الى الايات الشريفة ببعض الروايات الواردة في ابواب الدعاء منها معتبرة جعفر بن ابراهيم عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : أربعة لا يستجاب لهم دعوة : الرجل جالس في بيته يقول : اللهم ارزقني ، فيقال له : ألم آمرك بالطلب ؟ ! ورجل كانت له امرأة فدعا عليها ، فيقال له : ألم أجعل أمرها إليك ؟ ! ورجل كان له مال فأفسده فيقول : اللهم ارزقني ، فيقال له : ألم آمرك بالاقتصاد ؟ ! ألم آمرك بالاصلاح ؟ ! ثم قال : ( والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما ) ، ورجل كان له مال فأدانه بغير بينة ، فيقال له : ألم آمرك بالشهادة ؟ !
[13]
ومعتبرة مسعدة بن زياد عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : أصناف لا يستجاب لهم ، منهم : من أدان رجلا دينا إلى أجل فلم يكتب عليه كتابا ولم يشهد عليه شهودا.
[14]
هذا ولكن السيد الماتن (قده) استشكل في دلالة هذه الادلة على الاستحباب الشرعي وذكر ان الايتين وكل الروايات هي في مقام الارشاد الى ترتب محاذير على عدم الاشهاد في جميع المعاملات وليست في مقام التأسيس والمولوية حتى يستفاد منها الاستحباب الشرعي .
وهذا الكلام لاباس به في الروايات اما كون الاية هكذا فانه لايخلو من شيءٍ .
هذا تمام الكلام في هذه المسألة .
قال (قده): ( مسألة 107 ) : لا خلاف في وجوب أداء الشهادة بعد تحمّلها مع الطلب إذا لم يكن فيه ضرر عليه.
..............
اذا دعي الى أداء الشهادة وكان متحملاً لها فهل يجب عليه اداء هذه الشهادة او لا؟
السيد الماتن يقول لاخلاف في وجوب اداء الشهادة بشرطين ، الاول ان يكون قد تحملها ، الثاني ان لايكون في اداءها ضرراً عليه .
وأقول: المناسب ان تبحث مسألة تحمل الشهادة قبل مسألة الاداء وان كان السيد الماتن فعل عكس هذا .
واستدل السيد الماتن على وجوب اداء الشهادة بهذين الشرطين بعد طلب الاداء منه بالاية الشريفة (لا يأب الشهداء إذا ما دعو)
[15]
بناءً على ان هذه الاية ناظرة الى مسالة الاداء أي اذا ما دعو الى اداء الشهادة لا اذا مادعو الى تحمل الشهادة ، واستدل على ذلك ايضاً ببعض الروايات التي دلت على حرمة كتمان الشهادة بل بالاية الشريفة (ومن يكتمها فإنه آثم قلبه )
[16]
الواردة في الشهادة . فذا كان كتمان الشهادة حرام وجب اظهار الشهادة عند طلبها منه ،وكذلك الروايات الواردة في تفسير هذه الاية الشريفة حيث فسرتها بانه بعد تحمل الشهادة لايجوز كتمان الشهادة .
[1] الطلاق 2
[2] وسائل الشيعة(آل البيت) ج22 ، ص26 ،باب 10 من مقدمات الطلاق، ح3
[3] وسائل الشيعة(آل البيت) ج22 ،ص27 ،باب 10 من مقدمات الطلاق ح4
[4] وسائل الشيعة(آل البيت) ج22،ص307،باب 2 من ابواب الظهار، ح1
[5] نفس المصدر ج22 ،ص308 ، من نفس الباب ،ح4
[6] وسائل الشيعة(آل البيت) ج20،ص98،باب43،ح3
[7] نفس المصدر ،ح4
[8] نفس المصدر ، ج21،ص65،باب 31 من ابواب المتعة ،ح3
[9] وسائل الشيعة(آل البيت) ج21، ص34 ،باب 11 من ابواب المتعة ح11
[10] وسائل الشيعة(آل البيت)ج27،ص360 ،باب 24 ،ح35
[11] البقرة 282
[12] البقرة 282
[13] وسائل الشيعة(آل البيت) ج7،ص124 ،باب 50 من ابواب الدعاء ،ح1
[14] نفس المصدر ج7 ،ص127، نفس الباب ،ح7
[15] البقرة 282
[16] البقرة 283