الموضوع: ادلة القول المنسوب لابن الجنيد.

هذا وقد استدل للقول الذي ذهب اليه ابن الجنيد بأمرين:

الأول: الاستدلال بالآية الشريفة بحمل "ذي القربى" على الجنس فيشمل كل قريب ولا يختص بالإمام.

وفيه ان الحمل على الجنس لا يمنع من إرادة الفرد الخاص بعد تفسيرها بالإمام خاصة في المستفيض من الروايات.

وثانيا: الاستدلال بعدة نصوص:

كرواية ربعي المتقدمة حيث يقول فيها "... ثم يقسم الأربعة أخماس بين ذوي القربى واليتامى والمساكين وأبناء السبيل يعطى كل واحد منهم حقا..."[1] .

وفيه: ان جعل ذوي القربى في قبال الاقسام الثلاث الاخر يعني انهم غيرهم، وغير خفي ان ذلك الغير ينحصر بالأئمة والاغنياء. وحيث قام الاجماع وضرورة المذهب ـ لو لم تكن ضرورة الدين ـ على ان الاغنياء لا نصيب لهم في الخمس. تعين كون المقصود بذي القربى هم الائمة الاطهار خاصة.

ورواية ابن مسكان عن زكريا بن مالك الجعفي حيث يقول فيها " ... وأما خمس الرسول فلأقاربه وخمس ذوي القربى فهم أقرباؤه، واليتامى يتامى أهل بيته، فجعل هذه الأربعة أسهم فيهم..."[2] .

وفيه: ان الرواية ذكرت ان سهم رسول الله لأقاربه وعرّفت ذوي القربى بأنهم اقرباؤه، ومن الظاهر ان "اقاربه واقرباؤه" تعبير واحد، فوحدة التعبير في كلام واحد يكشف عن وحدة المقصود منهما. وحيث عرفت ان سهم رسول الله (ص) للإمام، تعين كون المقصود بذوي القربى هو الامام ايضا، خصوصا مع فصل اليتامى عن الاقرباء وجعل حصة خاصة لهم في قبال الاقرباء مع انهم منهم، ولا معنى لجعل حصتين لليتامى خاصة.

ويمكن ان يكون المراد بالرواية بيان ان المقصود بذي القربى اقرباء النبي، في قبال احتمال ارادة قرابة المكلف. وليست بصدد تحديد المقصود بأقرباء النبي بعد حمل "ذي القربى" عليهم. وقد يقربه التفريق بين اليتامى والحاقهم بذي القربى الذين وضّح انهم قربى الرسول وبين المساكين وابن السبيل، حيث فرضت انهما من عامة الناس لا من اقرباء النبي (ص). فكأن المنظور للرواية التفريق بين موارد قربى النبي عن غيرهم. وعليه تكون الرواية اجنبية عما نحن بصدده كما هو واضح.

ورواية تفسير العياشي عن محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) "قال سألته عن قول الله عز وجل: (واعلموا أنما غنمتم من شيء فان لله خمسه وللرسول ولذي القربى) قال: هم قرابة رسول الله صلى الله عليه وآله، فسألته: منهم اليتامى والمساكين وابن السبيل؟ قال: نعم."[3] .

والاقرب ان التفسير الاخير الذي ذكرناه لرواية ابن مسكان ـ وهو التنصيص على ان المقصود قرابة النبي لا قرابة المكلف ـ هو المراد برواية العياشي ايضا، فبعد ان بين الامام (ع) ان الخمس يكون في قربى النبي (ص) لا قربى المكلف، سأله السائل عن الايتام والمساكين وبن السبيل هل هم من قربى النبي (ص) ايضا، او من عامة الناس؟ فأجاب الامام (ع) بنعم. أي من قربى النبي. والا فأي معنى لجعل هذه الامور من اقسام ذي القربى بعد ان جعلتها الآية الشريفة قسيما لذي القربى؟

وان ابيت ذلك فهذه الروايات تعارضها النصوص العديدة التي أدعي تواترها إجمالاً والدالة على ان المقصود هو الامام. فتتقدّم عليهما ويمكن أنْ يجمع بينهما حينئذ بحملها على التقية أو بردّ علمهما إلى أهله. وفي الجواهر تعقيبا على الحديث الثاني قال: "يجب تأويله أو طرحه، سيما مع ملاحظة اشتماله على غير ذلك مما هو مخالف للمعلوم من المذهب كما ستعرف".

والحاصل انه لا مجال للأخذ بالقول الثاني فالمتعين الاخذ بالقول الثالث كما عرفت.

فهذه الثلاثة للإمام (ع)(1)

(1) في المستمسك "كما صرح به جماعة"[4] وتصريح بعض النصوص بذلك، ودلالة نصوص اخرى عليه، مضافا الى ما عرفت من الإجماع.