38/03/10
تحمیل
آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض
بحث الفقه
38/03/10
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع:- خــتــام.
كان كلامنا فيما اذا أمر المالك شخصاً في أنّ يدفع زكاته في مواردها وعلى مستحقيها وفرضنا ان الوكيل مستحق للزكاة ومن مواردها فحينئذ هل يجوز للوكيل ان يأخذ من الزكاة او لا يجوز له ذلك؟
الجواب:- إن علم بان المالك أراد إيصال زكاته الى مطلق المستحقين بدون خصوصية في البين فيجوز له الاخذ ، وإن علم بان المالك أراد صنفٍ خاص من المستحقين فلا يجوز له ذلك ، وان لم يعلم بذلك فقد ذكر الماتن (رحمه الله) عدم الجواز فلا يجوز له الاخذ من الزكاة اذا لم يعلم ارادة المالك وقصده ، وهذا هو مقتضى القاعدة فان التصرف في مال الغير غير جائز ما لم يعلم بإذنه ومع الشك فلا يجوز التصرف فيه.
ولكن في المسالة روايات معتبرة تدل على الجواز.
منها:- صحيحة سعيد ابن يسار (قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : الرجل يُعطى الزكاة فيقسمها في أصحابه أيأخذ منها شيئاً ؟ قال : نعم)[1] .
فهذه الرواية تدل على جواز الاخذ ولكن ليس لها اطلاق من هذه الناحية وانه يأخذ بمقدار ما يعطي لغيره او الاقل او الاكثر فليست في مقام البيان من هذه الناحية ولا اطلاق لها من هذه الناحية ، وانما هي في مقام بيان أصل جواز الاخذ من الزكاة والامام (عليه السلام) أجاز وحيث ان ولاية الامام (عليه السلام) حاكمة على ولاية المالك فحينئذ اذا فرضنا ان المالك اراد صرف زكاته في صنف خاص لا يشمل الوكيل ولكن اذا اجاز الامام فيجوز له ان يأخذ من الزكاة لان ولاية الامام حاكمة على ولاية المالك اذن هذه الرواية من هذه الناحية واضحة الدلالة.
ومنها:- صحيحة الحسين ابن عثمان (عن أبي إبراهيم (عليه السلام) في رجل اُعطي مالاً يفرّقه في من يحلّ له ، أله أن يأخذ منه شيئاً لنفسه وإن لم يسمّ له ؟ قال : يأخذ منه لنفسه مثل ما يعطي غيره)[2] .
فان هذه الصحيحة قد قيد بانه يجوز له مثل ما يعطى لغيره فهل هذه الصحيحة تدل على التقييد أي يجوز له الاخذ بمقدار ما يعطي لغير ولا يجوز له الاخذ اكثر من ذلك او لا تدل؟
الجواب:- الظاهر ان الصحيحة ليست في مقام بيان التقييد فان الصحيحة ظاهرة في مقام بيان اصل جواز الاخذ مثل ما يعطى لغيره يجوز له ان يأخذ فالصحيحة ليست في مقام بيان تقييد مقدار ما يأخذه بل في مقام بيان اصل جواز الاخذ ، إذن الصحيحة لا تدل على التقييد كما ان الصحيحة ليست مطلقة من هذه الناحية وهذه الصحيحة ليست مقيدة من هذه الناحية.
ومنها:- صحيحة عبد الرحمن ابن الحجاج عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) في رجل أعطاه رجل مالا ليقسمه في المساكين وله عيال محتاجون أيعطيهم منه من غير أن يستأذن صاحبه ؟ قال : نعم)[3] .
فهذه الصحيحة ايضا تدل على جواز الاخذ يعني ان المولى جوز الاخذ من الزكاة لاحتياج عياله اليها.
اذن هذه الصحاح تدل على جواز الاخذ سواء أكان مراد المالك مطلق ايصال الزكاة الى مستحقيها ومن المستحقين هو الوكيل من قِبَله أم كان مراد المالك صرف الزكاة في صنف خاص غير الوكيل ، فعلى كلا التقديرين يجوز له الاخذ بإجازة الامام (عليه السلام) لان ولاية الامام على الزكاة حاكمة على ولاية المالك فاذا اجاز جاز الاخذ منه وان لم يجز المالك.
ولكن توجد صحيحة اخرى تدل على عدم الجواز وهي صحيحة عبد الرحمن ابن الحجاج (قال : سألته عن رجل أعطاه رجل مالاً ليقسمه في محاويج أو في مساكين ، وهو محتاج ، أيأخذ منه لنفسه ولا يعلمه ؟ قال : لا يأخذ منه شيئاً حتّى يأذن له صاحبه)[4] .
هذه الصحيحة نهى فيها الامام (عليه السلام) عن الاخذ مادام صاحبه لم يأذن فلا يجوز له ان يأخذ منه.
ولكن السيد الاستاذ (قدس الله نفسه) حمل هذه الصحيحة على المال الشخصي دون الزكاة وهذا يكون على القاعدة فاذا كان المراد من المال ماله الشخصي دون الزكاة فحينئذ عدم جواز اخذه بدون اذنه يكون على القاعدة ، وانما الكلام في ان الصحيحة ظاهرة في ذلك اولا؟
الجواب:- الظاهر لا يبعد ظهور الصحية في ذلك لان المال اذا ذكر مطلقا ظاهر في المال الشخصي ، واما اذا كان من الحقوق فهو بحاجة الى تقييد كما في الروايات المتقدمة نحو قوله (ليصرف في مواضعها) فهذا قرينة على ان هذا المال من الحقوق وليس مالا شخصيا ، اذن هذه الصحيحة غير بعيدة عن ذلك.
ولكن حينئذ تقع المعارضة بين هذه الصحيحة وصحيحته الاخرى فان في صحيحته الاخرى وهي عن عبد الرحمن ابن الحجاج عن أبي عبد الله (عليه السلام) في رجل أعطاه رجل مالا ليقسمه في المساكين وله عيال محتاجون أيعطيهم منه من غير أن يستأذن صاحبه ؟ قال : نعم)[5] .
فان المال ظاهر في المال الشخصي وحينئذ تقع المعارضة بين هاتين الصحيحتين فان الصحيحة الاولى تدل على عدم الجواز بدون ان يأذن صاحبة والصحيحة الثانية تدل على الجواز.
وحينئذ تارة نجمع بينهما بان الحكم بالجواز حكم ولائي من الامام (عليه السلام) ولكن هذا بعيد فالرواية غير ظاهرة في ذلك فان حكم الامام (عليه السلام) في الروايات حكم قليل ونادر جدا فان الامام (عليه السلام) في مقام بيان الاحكام الشرعية لا الولائية ، ومن هنا حمل شيخنا الانصاري (قدس الله نفسه) النهي في الصحيحة الاولى على الكراهة فان الاولى ظاهرة في الحرمة والثانية نص في الجواز فيجمع بينهما بحمل الظاهر على النص الذي هو من احد موارد الجمع الدلالي العرفي فيحمل النهي الظاهر في الحرمة على الكراهة.
ولكن هذا الجمع غير صحيح فان الصحيحة الاولى ايضا نص في عدم الجواز فانه لو كان الموجود في الصحيحة الاولى النهي فقط فيكون ما ذكره شيخنا الانصاري صحيح ولكن المذكور ليس نهيا فقط بل ذكر في ذيل هذه الصحيحة انه مالم يأذن فلا يجوز ، اذن لابد من احراز الاذن ، فان النهي اذا كان مذيلا بهذا الذيل فهو نص في عدم الجواز ، اذن تقع المعارضة بينهما فتسقطان والمرجع هو الاصل العملي اذا لم يكن هنا اصل لفظي.
وللكلام تتمة تأتي ان شاء الله تعالى.