38/02/04
تحمیل
آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض
بحث الفقه
38/02/04
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: خــتــام.
ذكر السيد الماتن (قدس الله نفسه): الثانية والعشرون: لا يجوز إعطاء الزكاة للفقير من سهم الفقراء للزيارة أو الحج أو نحوهما من القربيات ، ويجوز من سهم سبيل الله)[1] .
وهذا يتصور على أنحاء.
الاول:- ان المالك يدفع زكاته للفقير للحج فقط لكي يحج بها او يزور بها او غير ذلك من الاعمال القربية.
الثاني:- ان المالك يدفع زكاته للفقير لمؤونته ولنفقته ولكن الفقير بعد اخذ الزكاة وقبضها مختار في التصرف فيها فله ان يحج بها وله ان يزور بها وما شاكل ذلك.
الثالث:- ان المالك يدفع زكاته الى الفقير ويشترط عليه ان يحج بها او يزور بها او يجعلها في أمر خيري وما شاكل ذلك.
اما النحو الاول فهل هو جائز او لا؟
الجواب:- مقتضى القاعدة عدم الجواز لأنه حصة الفقراء ومعنى حصة الفقراء ان على المالك ان يدفع زكاته لنفقة الفقير فان الفقراء شريكة مع المالك بما يكتفون به في مؤونتهم وفي نفقتهم من المأكل والمشرب والمسكن وما شاكل ذلك من شؤونهم ، وأما الحج فليس من شؤون الفقير ولا يجب عليه لأن الحج مشروط بالاستطاعة فاذا استطاع المكلف وجب عليه الحج والا لم يجب عليه الحج ، وكذا الزيارة أمر مستحب وليس من مؤونة الفقير وشؤونه ، فالمستفاد من ادلة تشريع الزكاة ان حصة الفقراء مجعولة للفقراء لكي يستغني بها في مؤونة سنته ، اذن اعطاء حصة الفقراء للحج او لعمل اخر بحاجة الى دليل ومقتضى القاعدة عدم جواز ذلك.
واما النحو الثاني وهو ان يدفع المالك زكاته للفقير اما بنحو التمليك او بنحو المصرف فعلى كلا التقديرين الزكاة تحت يد الفقير وله ان يتصرف فيها في مأكله ومشربه ومسكنه وسائر شؤونه وسائر حاجاته فلا فرق من هذه الناحية بين ان يكون دفع الزكاة للفقير بنحو التمليك او بنحو المصرف فعلى كلا التقديرين الفقير مختار في صرف الزكاة في ما هو مؤونته وما هو من شؤونه الفردية والاجتماعية.
واما النحو الثالث وهو اشتراط المالك بان يدفع الزكاة للفقير ويشترط ان يحج بها او يزور بها فهل للمالك هذا الاشتراط او لا؟
الجواب:- الظاهر انه ليس له هذا الاشتراط فليس للمالك ولاية على تقييد الزكاة فان ولاية المالك انما هو على افراز الزكاة وتعيينها ودفعها الى مستحقيها وليس له ولاية على ان يشترط على الفقير ان يزور بها او يحج بها كما ذكر السيد الاستاذ قدس الله نفسه) على ما في تقرير بحثه.
هذا بحسب مقتضى القاعدة واما بحسب الروايات فهنا مجموعة من الروايات تدل على جواز ان يحج الفقير بالزكاة او يزور وما شاكل ذلك نقرأ بعضها.
الرواية الاولى:- موثقة سماعة ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إذا أخذ الرجل الزكاة فهي كماله يصنع بها ما شاء ، قال : وقال : إنّ الله فرض للفقراء في أموال الأغنياء فريضة لا يحمدون إلاّ بأدائها وهي الزكاة ، فإذا هي وصلت إلى الفقير فهي بمنزلة ماله يصنع بها ما يشاء ، فقلت : يتزوّج بها ويحج منها ؟ قال : نعم ، هي ماله ، قلت : فهل يؤجر الفقير إذا حجّ من الزكاة كما يؤجر الغني صاحب المال ؟ قال : نعم)[2] .
فان هذه الموثقة واضحة الدلالة على ان للفقير ان يتزوج بالزكاة ويحج بها حاله حال ماله بعد قبض الزكاة فالزكاة حالها حال ماله.
لكن هذه الموثقة بإطلاقها تشمل ما اذا اعطاء الزكاة للحج او للزيارة او ما شاكل ذلك.
الرواية الثانية:- صحيحة ابي بصير قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : إنّ شيخاً من أصحابنا يقال له : عمر ، سأل عيسى بن أعين وهو محتاج ، فقال له عيسى بن أعين : أما إنّ عندي من الزكاة ولكن لا اُعطيك منها ، فقال له : ولمَ ؟ فقال : لأنّي رأيتك اشتريت لحماً وتمراً ، فقال : إنّما ربحت درهماً فاشتريت بدانقين لحماً وبدانقين تمراً ثمّ رجعت بدانقين لحاجة قال : فوضع أبو عبد الله (عليه السلام) يده على جبهته ساعة ثمّ رفع رأسه ، ثم قال : إنّ الله نظر في أموال الأغنياء ثمّ نظر في الفقراء فجعل في أموال الأغنياء ما يكتفون به ، ولو لم يكفهم لزادهم ، بلى فليعطه ما يأكل ويشرب ويكتسي ويتزوج ويتصدّق ويحجّ)[3] .
فان هذه الصحيحة ايضا واضحة الدالة على انه يجوز للفقير ان يحج بالزكاة وان يتزوج بها سواء أكان اعطاء الزكاة للحج فقط ام كان للمؤونة.
الرواية الثالثة:- صحيحة علي بن يقطين ، أنّه قال لأبي الحسن الأوّل (عليه السلام) : يكون عندي المال من الزكاة أفاُحج به مواليّ وأقاربي ؟ قال : نعم ، لا بأس)[4] .
فان هذه الصحيحة واضحة الدلالة على انه يجوز اعطاء الزكاة للحج فقط او للتزويج فقط.
الرواية الرابعة:- صحيحة محمّد بن مسلم أنّه سأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن الصرورة ، أيحجّ من الزكاة ؟ قال : نعم)[5] .
فهذه الصحيحة ايضا واضحة الدلالة على ذلك.
الرواية الخامسة:- صحيحة محمد ابن مسلم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : سأل رجل أبا عبد الله (عليه السلام) وأنا جالس فقال : إنّي اُعطى من الزكاة ، فأجمعه حتى أحجّ به ؟ قال : نعم ، يأجر الله من يعطيك)[6] .
فان هذه الصحيحة ايضا واضحة الدلالة.
فهذه الروايات جميعا تدل على جواز الحج بالزكاة ، اذن لابد من الاخذ بهذه الروايات بلا فرق بين ان يكون اعطاء الزكاة للفقير بقصد مؤونته من قبل المالك او اعطائها للحج او للزيارة ، فان الروايات تشمل ذلك ولا سيما بعض هذه الروايات يشمل هذه الصورة ايضا.
النتيجة ان ما ذكره الماتن قدس الله نفسه) من انه لا يجوز اعطاء الزكاة للفقير لان يحج بها او يزور بها لا يمكن المساعدة عليه فان هذه الروايات واضحة الدلالة وتامة من ناحية السند. بقي هنا شيء نتكلم فيه ان شاء الله تعالى.