37/07/11
الموضوع: الأصل العملي في المسألة – كلام السيد الخوئي في حد الشأن في الاعمال الاخروية
ثم انا لو شككنا ولم نتوصل الى الحق من الاقوال ورجعنا الى الأصل العملي في المقام فهو يقضي بما ذهب اليه المصنف. وذلك لان جملة من ادلة وجوب الخمس غير مقيدة بما يفضل عن مئونة السنة كالآية الشريفة وغيرها فمقتضى اطلاقها وجوب الخمس في كل فائدة. لكن ورد في قبالها الأدلة التي دلت على استثناء المؤنة فيلزم تقييدها بها، هذا إذا استوضحنا مفهوم المؤنة ومدلولها.
فان شككنا في مدلولها وافترضنا اجمالها، فحيث كانت ادلة استثناء المؤنة منفصلة فلا يسري اجماها الى ادلة وجوب الخمس بل تبقى ادلة وجوب الخمس حجة وسارية في افرادها الا ما علم تخصيصه وهذا يناسب مختار المصنف لأنه المتيقن من المؤنة كما هو غير خفي.
ثم ان السيد الخوئي (ره) بالوقت الذي التزم باستثناء خصوص المصارف المناسبة لشأن المكلف وما يليق بحاله في العادة، دون ما كان زائدا على المتعارف لانصراف الأدلة الى المتعارف، فقد فصل بين ما كان الصرف في الامور الدنيوية، وبين الأمور القربية، حيث بنى في الأمور القربية على عموم المؤنة لغير المتعارف والمعتاد من المصارف التي تعد بلحاظ الامور الدنيوية زائدة على ما هو من شأنه. فقال: "واما بالإضافة إلى العبادات والأمور القربية من صدقة أو زيارة أو بناء مسجد أو حج مندوب أو عمرة ونحو ذلك من سائر الخيرات والمبرات فظاهر عبارة المتن وصريح غيره جريان التفصيل المزبور فيه أيضا، فيلاحظ مناسبة الشأن. فمن كان من شأنه هذه الأمور تستثنى وتعد من المؤن والا فلا.
و لكن الظاهر عدم صحة التفصيل هنا فإن شأن كل مسلم التصدي للمستحبات الشرعية والقيام بالأفعال القربية امتثالا لأمره تعالى وابتغاء لمرضاته وطلبا لجنته، وكل احد يحتاج الى ثوابه ويفتقر الى رضوانه فهو يناسب الجميع ولا معنى للتفكيك بجعله مناسبا لشأن مسلم دون آخر فلو صرف احد جميع وارداته بعد اعاشة نفسه وعائلته في سبيل الله ذخرا لآخرته ولينتفع به بعد موته كان ذلك من الصرف في المؤنة لاحتياج الكل إلى الجنة، ولا يعد ذلك من الإسراف أو التبذير بوجه بعد أمر الشارع المقدس بذلك، وكيف يعد الصرف في الصدقة أو العمرة ولو في كل شهر أو زيارة الحسين عليه السلام كل ليلة جمعة أو في زياراته المخصوصة من التفريط والخروج عن الشأن بعد حث الشريعة المقدسة المسلمين عليها حثا بليغا.
فالإنصاف ان كل ما يصرف في هذا السبيل فهو من المؤن قلّ أم كثر. والتفصيل المزبور خاص بالأمور الدنيوية حسبما عرفت"[1] .
اقول: الذي يبدو لي ان السيد الخوئي (ره) بصدد الرد على صاحب العروة حيث استظهر منه انه يفصل بين ما هو اللائق بحال المكلف وغير اللائق في الأمور الدنيوية والأمور الأخروية. فرد عليه بان اللياقة وعدمها متصورة في الأمور الدنيوية واما الأمور الأخروية فلا يتصور فيها وقوع التفصيل المذكور لان كل عمل وصرف يصرفه المكلف في هذ السبيل فهو من شأنه اللائق به فيكون من المؤنة فيكون مستثنيا.
فمرجع كلامه الى ان الأمور الأخروية خارجة موضوعا عن محل النزاع لأنها لا يتصور فيها موردا ليس من شأن المكلف كي يمكن التفصيل. فخلافه مع صاحب العروة (ره) في الصغرى لا في كبر اختصاص المؤنة بالصرف اللائق بالمكلف.
ونحن حيث بنينا على عموم المؤنة فتدخل هذه الأمور فيها عندنا. واما من التزم باختصاص المؤنة باللائق بحال المكلف او شأنه او المعتاد او المتعارف فصحة كلام السيد الخوئي وعدمها ترجع الى توافق كلام السيد مع ما فهم من المؤنة وعدم توافقه.
والذي يبدو لي من كلام أكثر من واحد ممن أشكل على السيد الخوئي انه فهم منه غير الذي بينا ولذا أحببت إيضاح الحال. والامر سهل.