37/06/04
تحمیل
الموضوع: شروط واستثناءات وجوب الخمس ـ اعتبار النصاب في المعدن ـ تقريب كون النصاب نصاب الخمس.
وكذا يؤكده رواية أخرى له عن محمد بن علي بن أبي عبد الله[1] ، عن أبي الحسن عليه السلام قال: "سألته عما يخرج من البحر من اللؤلؤ والياقوت والزبرجد وعن معادن الذهب والفضة هل (فيها زكاة)؟ فقال: إذا بلغ قيمته دينارا ففيه الخمس"[2] .
فان مقدار النصاب وان اختلف فيهما الا انها صريحة في ان المُشرّع هو الخمس لا الزكاة. فتدل على ان المقصود بالشيء في الرواية الأولى هو الخمس.
وان شئت قلت: حيث كان راويهما معا البزنطي، فان سؤال الراوي في الأخيرة عن وجود الزكاة في معدن الذهب والفضة، يمنع من حمل السؤال والجواب في الأولى على الزكاة، لأنه لا يخلو اما ان تكون الأولى سابقة زمانا عن الأخيرة او متأخرة عنها، فان كانت سابقة وفهم منها وجود الزكاة في معدن الذهب ـ كما يقول المستشكل ـ فلا وجه لان يسأل عنه ثانيا في روايته الثانية، وان كانت الرواية الأولى متأخرة عن الأخيرة زمانا فبعد وضوح الأخيرة في ثبوت الخمس في معدنهما دون الزكاة لا بد من حمل "الشيء" في الأولى على غير الزكاة، وليس في البين الا الخمس.
فان قلت: إذا كانت الرواية الأولى متأخرة وقد علم ان في المعدن الخمس فلم السؤال اذن.
قلت: السؤال عن سائر المعدن هل فيه خمس أولا ويؤكده سؤاله "من قليل او كثير".
الجهة الثالثة: ما استشكله الفقيه الهمداني (ره)[3] من انه لو اريد من الصحيح الخمس للزم "ارتكاب التقييد ببلوغ العشرين في صحيحة محمّد بن مسلم[4] ، المصرّحة بوجوب الخمس في الملح المتّخذ من الأرض السبخة المالحة التي يجتمع فيها الماء فيصير ملحا، فإنّ هذه الصحيحة وإن لم تكن مسوقة لبيان الإطلاق من هذه الجهة، إلّا أنّ تنزيلها على إرادة ما لو كان الملح المتّخذ من مثل هذه الأرض بعد وضع المئونة بالغا هذا الحدّ لا يخلو عن بعد؛ إذ قلّما يتّفق حصول مثل الفرض".
ومرجع كلامه (ره) الى قياس استثنائي انه لو كان النصاب في رواية البزنطي نصاب للخمس للزم تقييد الملاحة في صحيح ابن مسلم به، لكن تقييد الصحيح به ممنوع للزوم حمله على الفرد النادر، فيمتنع كون النصاب في رواية البزنطي للخمس.
ولكن كلامه (ره) ممنوع في الصغرى والكبرى اما الصغرى: فلمنع الندرة خصوصا في الأمكنة التي تكثرفيها الحاجة الى الملح. واوضح منه فيمن اتخذ الملاحة تجارة له فيستعين لاستخراجه بالعمال بل يؤسس معملا لاستخراجه سواء اتخذ من صفحة الجبل وهو الملح الحجري أم من سطح الأرض، ولعل بلوغ النصاب في الأول أسرع.
وبالجملة فالندرة غير مسلمة، ولا أقل من انها غير مطردة.
واما الكبرى: فلان المحذور إنما يتجه لو كان الحكم في الصحيحة متعلقا بالملح نفسه بما هو ملح واما اذا تعلق به بما أنه معدن فلا محذور فيه. والظاهر من قوله عليه السلام: "هذا المعدن فيه الخمس". ان موضوع الحكم هو المعدن، وليس الملح الافردا من افراده، وعليه لا يلزم من تقييده الحمل على الفرد النادر لتحقق النصاب في اكثر المعادن فلا مانع من تقييده وإن حصلت الندرة في بعض افراده وبالتالي لا مانع من كون النصاب في صحيح البزنطي هو نصاب الخمس.
والمتحصل مما تقدم ان السؤال في الرواية الأولى عن الخمس فتدل على اعتبار النصاب المذكور في المعدن.