37/05/22
تحمیل
الموضوع: ... ـ شروط وجوب الخمس في المختلط ويتضمن صورة ما إذا علم المقدار وجهل صاحب المال الحرام، القول الرابع ورده ـ واختيار عدم اعتبار الجهل بالمقدار ـ وبيان العمل إذا عُلم المالك ولم يرض بالصلح والاقوال في ذلك واختيار الثالث منها.
القول الرابع: القول بأنه في صورة زيادة الحرام على الخمس يجب إخراج الخمس أولا، ثم يتصدق بالزائد.
ونسبه كما عن المدارك إلى العلامة في التذكرة وإلى جماعة، بينما الذي في التذكرة: "ولو عرف أنّه أكثر من الخمس، وجب إخراج الخمس وما يغلب على الظن في الزائد"[1] .
وكيف كان ففيه: إن كان مراده دفع الخمس والزائد معاً صدقة، رجع إلى القول المنسوب للمشهور. غاية الأمر الرجوع في تحديد الزائد للظن، الذي كثيراً ما يرجعون إليه في موارد الاشتباه، وإن لم يتضح الوجه فيه، بل الظاهر جواز الاقتصار على الأقل المعلوم ثبوته.
وإن كان مراده لزوم دفع الخمس المعهود في مصارفه المعهودة والتصدق بالزائد، فهو ضعيف لا وجه له، لان نصوص المقام إن شملت صورة العلم بالمقدار فمقتضاها الاجتزاء بدفع الخمس، وإن لم تشملها كان المرجع أدلة مجهول المالك المقتضية للتصدق بتمام مقدار الحرام.
وأوضح منه بالضعف ما لو كان مراده ما قد يظهر من بعضهم من كون الخمس والزائد معاً من سنخ الخمس المعهود بحيث يصرف جميع ما يخرجه في مصارف الخمس وإن كان أكثر من قدر الخمس، كما لعله ظاهر.
والمتحصل: ان الحرام سواء علم مقداره ام لم يعلم يجب دفع الخمس لمستحقيه.
ثم إنك عرفت ان المالك إذا عُلم لا يجب الخمس لتقييد ادلة الخمس بما إذا لم يعلم صاحبه كما في صحيحة عمار بن مروان، وعليه فماذا ينبغي ان يُصنع حينئذ مع فرض الجهل بالمقدار وتردده بين الاقل والاكثر؟
والذي قاله في الجواهر، وحكاه عن جماعة هو ان يتراضيا بالصلح. ولا ريب في مشروعية الصلح حينئذ وصحته في المقام، لإطلاق أدلته، وفي عدم الحاجة للخمس كما هو المفروض.
وأما إذا لم يرض مالكُ الحرام بالصلح، ففيه وجوه بل أقوال:
الأول: ان يجبر على الصلح من قبل الحاكم الشرعي، كما نسب لكاشف الغطاء وجماعة.
لكن من الظاهر انه لا دليل على جواز إجباره عليه، كما لا دليل على وجوبه على من المال تحت يده. على ما صرح به في محكي الرياض في الجملة.
القول الثاني: إذا أبى المالك الصلح دفع إليه خمس المال، بدعوى: أن هذا المقدار جعله الله تعالى مطهرا للمال، ورضي به تعبدا، كما في نصوص تخميس المخلوط كما عن العلامة في التذكرة.
وهو لم يتضح دليله اللهم الا الاخذ بعموم التعليل في موثق السكوني "فإن الله [قد] رضي من الأشياء بالخمس وسائر المال لك حلال".
وهو كما ترى، لان الخمس المذكور في الموثق هو الخمس المعهود ومصرفه بني هاشم لا صاحب المال الحرام. فاذا اخذنا بالرواية لزم اعطاء المال لهم لا لمالك الحرام. وان شئت قلت: ان اخراج الخمس لتحليل المال لا لتعيين مقدار المال الحرام المختلط، كي يكون الدفع لصاحب المال الحرام ارجاع ماله اليه.
القول الثالث: الاكتفاء بالأقل المتيقن لإصالة البراءة من الزائد
ويقتضيه إمارية اليد على ملكية صاحب اليد لجميع المال الذي تحتها إلّا بالمقدار الذي يعلم بكونه للغير، وهو الأقل هنا. ومن الظاهر ان إمارية يده مبنية على ما هو الصحيح من حجية اليد وإمارتيها حتى بالنسبة لذي اليد نفسه، فضلا عن الغير.
فإن قلت: إن العلم الإجمالي بوجود الحرام في المال المختلط يمنع من إجراء قاعدة اليد، لمعارضة اليد في كل طرف لليد في الطرف الآخر، كما في سائر موارد العلم الإجمالي بوجود الحرام في بعض الأطراف المانع عن إجراء الأصول المرخّصة، أو الأمارات القائمة في الأطراف، لسقوطها بالمعارضة.
قلت: هذا يستقيم لو كان المراد إجراء قاعدة اليد بالإضافة إلى كل واحد من أطراف العلم الإجمالي بخصوصه لتساقط القاعدة حينئذ بالمعارضة- كما ذكر- اما اذا اجريناها في الفرد الاجمالي المشكوك على الوجه الكلي ومن غير تمييز خارجي فهي حجة، لعدم المعارض لها حينئذ، فاذا علم صاحب اليد إجمالا بأن ثلاثة دنانير من العشرة التي تحت يده للغير، وشك في أن السبعة الباقية كلها له، أو خمسة منها فقط له، فلا مانع حينئذ من إجراء قاعدة اليد بالنسبة إلى تمام السبعة من غير تعيين،
وهذا مبني على ما حقق في محله من جريان الأصل في الفرد المشكوك من أطراف العلم الإجمالي، على النحو الكلي القابل للانطباق على بعض الأطراف[2] إذا كان له ثمرة عملية.