37/07/08
تحمیل
الموضوع:- شرائط جريان الاصول العملية.
كنا في استعراض الآيات والروايات في قاعدة لا ضرر ، ولا يخفى ان نفس اصولية هذه القاعدة هو انها شاملة لكل طبقات الاحكام الشرعية والابواب وليست خاصة بالفقه الفردي ، مضافا الى ما رأينا من اشارات الآيات الى هذه العمومية كما مر ، غاية الامر ان توازنات الضرر ومصداقية الضرر وموضوع الضرر في كل باب بحسبه بلا شك ، لذا ما حققه الاعلام في قاعدة لا ضرر جملة منه في الفقه الفردي حقيقة والتطبيق في الفقه الفردي واما في الفقه غير الفردي فنمط التطبيق يختلف وتحديد الضرر يختلف كما سياتي ان المشهور لم يقتصروا في قاعدة لا ضرر ماهية ونوعية على قاعدة واحدة بل على عدة قواعد.
اما الروايات التي تدل على هذه القاعدة فقد مر بنا اجمالا انه نستطيع ان نقول انها مستفيضة او متواترة عندنا وكذا عند الفريقين لما مر من ان المدار في هذه الروايات ليس على عنوان ضرر بل على مادة الضرر سواء كان الاضطرار او الضرر او المضارة وسواء اتي بمحمول القاعدة مع موضوعها ام اكتفي بالموضوع فقط تعليلا او حكمة لحكم معين فكل هذا يثبت تأصيل القاعدة والاستناد الى القاعدة وهذه نكتة مهمة وهي انه ليس من الضروري في شرعية القواعد مجيء القاعدة بمحمولها وموضوعها في جملة واحدة او في لسان واحد بل حتى لو جيء بالقاعدة كحكمة تشريع وجيء بالموضوع اشارة الى كونه حكمة للتشريع هذا ايضا نوع من التشريع للقاعدة لما مر بنا في بحث اصول التشريع واصول القانون من ان طبيعة التمسك بالعموم الفوقاني يختلف ـــ كاصول تشريع واصول قانون ـــ عن التمسك بالعمومات الدارجة ، وكثير ـــ ولا اقول كل ـــ ما قرر انه حكمة تشريع هو في الحقيقة اشارة الى اصول التشريع ، ربما بعض الاخوة يتسائل انه كيف يكون اصل تشريعي والحال ان بعض الحكم غير مطردة وغير منعكسة؟
وجواب هذا مرتبط ببحث اصول القانون وهو انه اولا كما مر ان طبيعة تنزل العمومات التي من قبيل اصول القانون ليست تنزل تطبيقي كالقواعد الفقهية شبيه ما مر بنا المادة القانون الدستوري كيف يتنزل فان لا يتنزل بعنوانه او هويته او ماهيته بل يتبدل ماهيته او هويته بحسب سطح الظاهر لا بحسب الباطن لأنه بحسب الباطن متواجد كما مر بنا ومنطوي وموجود ن اذن ايها الباحث ان كنت جموديا مع سطح العناوين او الالفاظ لن تجد الاصل التشريعي كيف يتنزل وكيف يسري وان كنت فهميا بسفينة الفهم تغوص وتبحر ستجد المعنى مطويا ومتنزلا ومتخفيا.
لاحظوا ان المعاني ـــ وليس الالفاظ ـــ لها باطن ولها ظاهر فان المعنى المطوي في معنى اخر فهذا معنى خفي والمعنى الذي يتراءى في الذهن للوهلة الاولى معنى ظاهر وجلي ، فكما ان الالفاظ لها نصوصية ولها ظهور وظهور قوي ولها دلالة التزامية خفية وغير ايضا المعاني في الحقيقة كذلك فبعض المعاني ظاهرة وبعض المعاني خفية وبعض المعاني باطن وبعض المعاني ظاهر وهلم جرا ، اذن ايها اباحث ان وجود المعاني لا تتوقعه يكون لقمة سائغة ظاهرة بل تجرع مرارة الفحص ستجد المعاني.
وكل الطبقات التي ذكرها الاعلام من المعنى الوضعي والمعنى الاستعمالي والمعنى التفهيمي والمعنى الجدي والالتزامي والمطابقي وما شابه ذلك هذه التقسيمات بعينها تجرجر في المعاني ومر بنا هذا التعبير وهو ان نفس المعاني لغة وليس اللفظ والصوت لغة فقط بل نفس المعاني ، فكما تستعمل اللفظ في معنى ايضا المعنى قد تستعمله في معنى.
اذا عرفنا خاصية المعاني وهيكل طبقات المعاني اذن التفت ايها الباحث فانه ما يقال له اصول القانون او الفقه الدستوري يختلف عن الفقه الوزاري او الفقه البلدي فان الفقه الوزاري البلدي فقه تطبيقي وقواعد تطبيقية اما الفقه الدستوري يختلف فهو لابد ان تكون انت تأويلي وبطوني ومستخرج بالعمليات الجراحية في المعنى من بطون البطون هذا هو الفرق.
كذا الحال في الحقيقة في الفقه الشرعي فانه طبقات من الفقه ، اذن ايها الباحث احرز أي الفقهاء متنمر في الفقه الاصولي أي اصول التشريع وكثير من الفقهاء يتنمر في الفقه التطبيقي ، ذكرنا الفقه الراوندي فقه القران هو لامع في الاصول الفوقية وعموما المفسرين لآيات الاحكام هكذا فانه تبحث عن العمومات الفوقية.
ثانيا:- ان طبيعة اصول القانون هو ان تنزل اصول القانون الفوقية غالبا ان لم يكن دائما هو ان التنزل يكون لعدة اصول قانونية تتنزل من بعضها البعض وتمتزج وتختلط او تتداخل او تتمازج ، وهذا ثاني صعوبة تنزل الاصول وهو خفي فانه لا يتنزل لديك اصل قانوني واحد بل تتنزل عليك مجموعة اصول قانونية في اطار واحد وعنوان واحد ، وعلاقة هذه الاصول المتنزلة اما امتزاج او اختلاط او اندماج او توازن او تزاحم وهذه العلاقة يذكرها الاعلام ارتكازا ولم يذكروها اطارا وتبويبا.
فهذه العمومات غالبا تتنزل مع بعضها البعض فيحسب صاحب المنهج التطبيقي ان هذه العمومات وجودها من باب الحكمة أي ليس شيء مطرد وموزون ، ولكن في الحقيقة ليس نزولها عفوي وصدفة وبالاتفاق.
ثالثا:- ان طبيعة اصول القانون اذا تنزلت للدون فهي لا تتنزل انفرادية ولا تتنزل بحالة التخصيص او التقييد فلاحظوا ان قانون برلماني واحد قد يشترك قانونين دستوريين يتنزلان لأجل قانون واحد برلماني ، وهذا التنزل لا بنحو الحكومة ولا بنحو التخصيص بل بنحو التناسب وهذا عنوان عام يعتبرون عن اختلاط الاصول الفوقية.