الموضوع:- شرائط جريان الاصول العملية.

كنا في تقرير قاعدة لا ضرر بحسب العقل والفطرة والجبلة والطبع وانتهى الكلام فيها.

وسبحان الله كأنما كل طبقات وجود الانسان جعل الله عز وجل لا ضرر بنفس تلك اللغة ميزان لاستقامة المخلوقات ، ولا باس نكتة لطيفة لغوية عقلية وهو ان احد معاني ان كل الخلائق مكلفون بالدين هو ان لغة دفع الضرر او ما شبه ذلك كل المخلوقات بنباتها او بحيواناتها وانسها وجنها وملائكتها تدان بمداينة الله بالعقوبة والثواب ، أي التكليف يعنى القدرة عليه موجودة لا ان درجات التكليف واحدة بين المخلوقات ولكن اصل التدين والمداينة بالدين موجود في كل المخلوقات وكل مخلوق بلغته.

واما بحث الروايات ، فالان نستعرض الروايات اجمالا ثم نستعرض الاقوال ثم نعاود الى ذكر الروايات مرة اخرى.

بالنسبة الى روايات لا ضرر انه اولا لابد ان نلتفت في بحث الروايات عطفا على مر بحثه في حديث الرفع وهو ان قاعدة لا ضرر شأنها شأن بقية القواعد العذرية الست فان ادلة جعلها بالسن متعددة ، كما في قاعدة لا حرج عناوينها متعددة واسمائها متعددة وان خفي ذلك على جملة من الفحول ولكن الاكثر منهم ملتفتون الى ذلك.

ولكن اللطيف في قاعدة لا ضرر انها مجعولة بعناوين اشتقاقية مختلفة ولكن مادة الجعل واحدة ، وكثيرا الباحث عندما لا يتأنى ويقف رويا متدبرا في الالفاظ والاشتقاقات يرتكز في ذهنه غفلة ان العناوين متباينة حتى مادة مثل ضرورة وضرر ، ففي البداية لا ينتبه الى ان المادة واحدة فانه يتوهم ان الضرورة هي بمعنى الوجوب والابدية بينما الضرر أي النقصان ولكت هما نفس الشيء ومادة واحدة ، وكذا ضطرار ونفض الضرار هو عنوان اخر للقاعدة.

اذن المادة بالدقة في قاعدة لا ضرر هي واحدة وذلك لما مر علينا ان خاصية قاعدة لا ضرر مع طبقاتها المختلفة قد احتفظت بعنوان واحدة.

لذا جملة من الاعلام فقط تعرضوا للروايات التي فيها لا ضرر ولا ضرار وهذا غير صحيح فان هذا لسان من السن القاعدة وليس كل السنتها ، والغفلة عن هذا المطلب اوقع كثير من الاكابر في كثير من الغفلات.

لاحظوا التاثير العظيم سياتي بيان السن هذه الروايات ان بعضها ناف وبعضها مثبت مثل (كل شيء اضطر اليه ابن ادم فقد احله الله) فهذا اللسان مثبت ومثل (لا ضرر ولا ضرار) هذا اللسان نافٍ و(رفع ما اضطروا اليه) نافٍ ، بينما كثير من الاكابر اصلا لم يرعى انتباهه الى ان هذا اللسان من السن قاعدة الضرر والحال انه منها ، ولا نستغرب فكما في البراءة فانها قاعدة شرعية عذرية اخرى اكثر السنتها نافية وبعضها مثبت كما في (كل شيء لك حلال حتى تعرف انه حرام بعينه) فجملة من الاصوليين الكبار جعل قاعدة الحل من ادلة البراءة وهذا صحيح غاية الامر في قاعدة البراءة العنوان مختلف ولكن المطلب واحد.

لاحظوا في السن قاعدة البراءة العناوين مختلفة مثل (حل ، وسعة ، ومطلق ، كل شيء لك حلال) فلا ترادف لغوي بل ترادف عقلي قريب ، اذن الاصوليين والفقهاء يعتمدون جانب التحليل الصناعي في المعاني ، والا كيف يمكنه ان يجعل هذه العناوين بموادها المختلفة واشتقاقاتها المختلفة كلها في قاعدة واحدة ، وهذا البحث شبيه بخطوات في علم الحديث اكابر الفحول لا يعتنون بها بل يتكل بعضهم على بعض ، فانه وان كان تخصصه في الامور الصناعية الفقهية او الاصولية ولكن هذه الامور الحديثية الدرائية اليسيرة مهمة ومصيرية.

والثمرة لهذا المطلب وهو انه كثير من اشتباهات العامة وانحرافاتهم في العقيدة سبه عدم التركيز على هذه الخطوات ، فهم يدعون ضبط المتن ولكن لا يضبطوه ، وكذا ضبط للمعنى غير موجود عندهم ، فكثير من الاشكالات على مادة وحيانية او غيرها تشاهد ان المستشكل غير ضابط اوليات المادة

، ولذا ظهرت كثير من الانحرافات والفرق الضالة حتى في زماننا ، مثلا في زيادة سيد الشهداء (عليه السلام) فانه يسلم على رسول الله (صلى الله عليه واله) ثم يسلم على فاطمة الزهراء (عليها السلام) فهذا يسمى التفات في البلاغة ولكنه يعتقد انه وحدة السياق وهذا غير صحيح فان السياق غير واحد ، فانه يقول ائمة اهل البيت ان اكثر المفسرين استعصى عليهم هذا فهو يظن السياق واحد ولكن السياق غير واحدة بل يوجد التفات ، وهكذا كثيرا ما يقال نص غير موجود في المسالة ولكنه الصحيح ان النص موجود ولكنه بألفاظ اخرى في باب اخر.

اذن قاعدة لا ضرر هي على السن وليست على لسان واحد وحينئذ بناء على هذا التصور في الاستنباط وجمع مواد الروايات بصراحه هذه القاعدة رواياتها مستفيضة ومتوترة في طرقنا وكذا في طرقهم لان كثير من التشريعات بينها الشارع عنوان الاضطرار فيها وان كان لم يأتي بلسان لا مثبت ولا نافي وانما بلسان تعليل.