37/06/19
تحمیل
الموضوع:- شرائط جريان الاصول العملية.
كان الكلام في اقوال الاعلام في تصوير الوجوب المستفاد من ادلة التعلم وخلصنا الى هذا الموضع وهو ان الوجوب تكليفي نفسي وهو وضعي ولا مانع من اجتماع الحكمين في جعل واحد او مورد واحد ، بقي الترديد في ان هذا الوجوب النفسي هل هو تهيئي طريقي او غيرها؟
اصطلاح الاعلام في الحكم الطريقي هو حكم وضعي يجعل فيه الطريقية نظير مبنى الميرزا النائيني (قدس سره) الذي ذكره الشيخ في تضاعيف الرسائل كقول من الاقوال في الامارات فهذا حكم وضعي يعبر عنه بالطريقية ، والمراد بالوجوب الطريقي هو في الحقيقة وجوب تكليفي ملاكه الطريقية الوضعية ، فهنا من يذهب في حجية الامارات كما هو احد مبنيي او احد مباني المحقق العراقي َ(قدس سره) مثلا وجوب العمل بالخبر الواحد فهذا وجوب نفسي ولكنه ملاكه الطريقية فالوجوب الطريقي يختلف عن الطريقية فان الوجب الطريقي هو وجوب نفسي ملاكه الطريقية بخلاف الطريقية فهو حكم وضعي ن نظير الامر بالجزء او الجزئية او الجزء بوصف الجزء ، ويعبر عن الوجوب الطريقي بالأمر الاستطراقي.
وهذا يختلف عن الوجوب النفسي التهيئي فانه ملاكه التهيئ والاستعداد وه مثل النفر والتفقه لكي يتهئي للارشاد والوعظ.
والصحيح ان وجوب التعلم او الفحص انه يشتمل على الاقسام الثلاثة لما مر بنا من ان ادلة وجوب التعلم والتعليم وجوب لإقامة نظام في دولة الدين أي اقامة الدين.
هذا تمام الكلام في ادلة الفحص وحقيقة حكم الفحص وبالتالي تبين لنا ان حكم الفحص لا ينحل او يزول بزوال العلم الاجمالي الكبير او العلم الاجمالي الصغير لان جملة من الاعلام اعتمدوا في وجوب الفحص على وجود العلم الاجمالي الكبير بالتكاليف ، نعم لا باس به هذا موجود.
يوجد علم اجمالي كبير والاستدلال به يواجه اشكالية انه بعد الفحص والاستنباط لكثير من المسائل الفقهية يزول هذا العلم الاجمالي فكيف يصلح ان يكون جها للزوم الفحص لكل ابواب الفقه ولكل مسألة.
وربما يقال ان زوال العلم الاجمالي لا يتوقف على استنباط اكثر الابواب بل الباب الواحد اذا استنبطنا اكثر مسائلة والبقية لا يبقى علم اجمالي وربما يخرج الباب والفصل عن كونه طرفا للعلم الاجمالي عندما تستنبط اكثر مسائل الباب فلا يبقى علم اجمالي ، اذن عدم بقاء العلم الاجمالي وزواله لا يتوقف على كل الابواب بل اغلب مسائل الباب الواحد وحينئذ حصة هذا الباب من العلم الاجمالي تنتهي ، فتبقى المسائل الاخرى في هذا الباب لا يمكن دعوى كونه طرفا في العلم الاجمالي ن هذا اشكال ذكره الاعلام.
الميرزا النائيني (قدس سره) هنا يبدي بحث صناعي لطيف يقول العلم الاجمالي سواء اعتمد على الكبير او الصغير لو اقل واكثر فهذا الكلام يتأتى واما العلم الاجمالي اذا كان المعلوم معلوم بوصف وعنوان فهنا لا يكون اقل واكثر وان كان صورة اقل واكثر ولكن لبا ليس اقل واكثر بل لبا كأنما بين متباينين فليس مجرى للبراءة مثلا الغناء هو الترجيع المطرب او هو مطلق الترجيع فانه صورة قد يقال هذا اقل واكثر فنجري البراءة بالزائد يعني الترجيع المطرب قدر متيقن وغير المطرب نجري فيه البراءة فقد يقال هكذا ولكن ايضا قد يقال انه هنا ليس اقل واكثر لان الاقل والاكثر اذا كان في المفهوم فليس اقل واكثر الاصطلاحي.
بعبارة اخرى بين الاعلام نزاع في الاقل والاكثر المفهومي وهو ان الاقل والاكثر المفهومي هل هو اقل واكثر ام هو بين متباينين ، فمن حيث الانطباق في المصاديق هو اقل واكثر ولكن من حيث نفس المفهومين هو متباينين ، فاذا كانا متباينين يجري على الترديد في المفهوم تباين وهذا العلم الاجمالي منجز لا انه يكون اقل واكثر.
الشبهة المفهومية من اصعب مباحث الشبهات الموضوعية والحكمية طراً ، وهي ذات اهمية لأنه ترتبط بالدليل الاجتهادي اللفظي مثلا من الثوابت عند اكثر علماء الاصول ان في الشبهة المفهومية لا يجري الاستصحاب وان كنا نقول بالتفصيل ، فالشبهة المفهومية قسم مهم من اقسام الشبهات الحكمية وليس الشبهة المفهومية شبهة موضوعية وان كان بعض انماط الشبهة المفهومية يخيل للباحث انها موضوعية ولكنها ليست موضوعية ، ومن نكات الشبهة المفهومية ان الموضوعات المستنبطة ليست شبهة موضوعية بل شبهة مفهومية مثلا هذا ماء الشعير او بيرة فهذه شبهة مفهومية او شبهة موضوعية فاذا كانت شبهة مفهومية فالأصل فيها الفحص لا لا البراة التي هي الاصل في الشبهة الموضوعية مع ان الصحيح لدينا ليس كل شبهة موضوعية الاصل فيها البراءة بلا فحص كما هو المشهور بين متأخر العصر بل مشهور بين القدماء انهم يفصلون ، اذن الشبهة المفهومية تلتبس مع الشبهة الموضوعية في حصة وهي الموضوعات المستنبطة ولذا الفقهاء ينبهون ان الموضوعات المستنبطة محل تقليد وليست بيد المكلف ، والمراد من الموضوعات المستنبطة انك تراها موضوع خارجي ولكن بالدقة فيها زوايا اجتهادية أي الموضوع الذي تصرف الشارع ببعض اجزائه فتلك الزوايا تحتاج الى استنباط ، وهنا قسم اخر من الشبهات الحكمية ايضا شبيه الشبهة المفهومية فيه التباس ويعبر عنه بالشبهة الصدقية.
اذن المفهوم هل هو اقل واكثر او متباينين فانه بلحاظ مصاديقه بالخارج اقل واكثر ولكنه بما هو هو متباينين ، فهنا يذكر الميرزا ان العلم الاجمالي الاقل والاكثر ينحل الا اذا كان متعلق العلم الاجمالي أي المعلوم بالعلم الاجمالي هو ذو عنوان ووصف فحينئذ فيكون مفهومه مردد بين متباينين وليس اقل واكثر وان كان اقل واكثر بلحاظ المصداق.
ثم طبق الميرزا هذه الضابطة في المقام باننا نقول ان العلم الاجمالي عندنا في الاحكام الشرعية ليس المراد به الاحكام التنظيرية العامة بل المراد بما هو موجود في كتب الحديث ، اذن بقيد ما موجود في الكتب وهذا عنوان وصفي وبالدقة هو متباين وليس اقل واكثر.