37/05/18
تحمیل
الموضوع:- تقسيمات الواجب - مقدمة
الواجب.
وفيه:- إنّ الوجهين اللذين ذكرا كتوجيه لهذا الاحتمال يأتي التعرض إليهما بعد الفراغ من الاحتمال الرابع فانتظر.
وأما نفس هذا الاحتمال - يعني أنّ الارادة المشروطة هي فعلية والمشروط هو المراد دون نفس الارادة - فهو شيء مخالف للوجدان؛ إذ لازمه أني الآن حينما لم أكن مريضاً عندي إرادة بالفعل لاستعمال الدواء مادامت الارادة فعلية وهذا مخالف للوجدان - يعني وجود إرادةٍ فعليةٍ لاستعمال الدواء مع علمي بأني لست مريضاً الآن فالمفروض أنّ الشرط أجزم بعدم تحققه في حقّي فأنا لست بمريض فهنا الإرادة ليست موجودة عندي لاستعمال الدواء -، فكيف يقال إنّ الارادة ثابتة بنحو فعلي وأن الشرط يرجع إلى المراد ؟ إن هذا خلاف الوجدان.
نعم لا أريد بهذا الكلام أن أدعي أنّ عندي إرادة مشروطة فإنّ هذا باطل كما سوف يأتي، فلا نريد أن ندّعي وجود إرادة مشروطة فإنّ هذا باطل كما سوف يأتي، كما نرفض وجود إرادة فعلية لاستعمال الدواء المقيّد بالمرض إذ مع فرض علمي بأني لست مريضاً الآن كيف تكون عندي إرادة بالفعل لاستعمال الدواء ؟! إنّ هذا يكذبه الوجدان.
إذن هذا الاحتمال باطل لأن الوجدان يكذبه، والوجهان اللذان ذكرا سوف يأتي فيما بعد دفعهما بعد الفراغ من الاحتمال الرابع، ولكن أبقى أأكد على أنه ليس مقصودي من نفي وجود إرادة فعلية أنه توجد إرادة مشروطة بالمرض فهذا لا أريده أيضاً لأنّه باطل كما سوف يأتي، وسوف تتجلى معالم هذه الدعوى فيما بعد فانتظر.
الاحتمال الثاني:- ما ذهب إليه الشيخ العراقي(قده)[1] فإنه ذكر أنّ القيد لا يرجع إلى المراد كما كان يقال في الاحتمال الأول، بل يرجع إلى نفس الارادة، فالمرض قيدٌ إلى الارادة ولكن رغم رجوعه إلى الارادة تكون الارادة فعلية رغم عدم تحقّق شرطها، فالمرض لا هو قيدٌ للمراد بل هو قيد للإرادة، وهو أعتقد بأنه ليس بموجودٍ ولكن مع ذلك تكون الارادة فعلية.
وهذا لغزٌ فكيف يمكن حلّه ؟
والجواب:- إنّه ينحلّ بناءً على مباني الشيخ العراقي(قده) فإنّ من آرائه أنّ قيد الارادة ليس هو الوجود الخارجي بل هو الوجود اللحاظي، واللحاظ دائماً موجودٌ، فالإرادة دائماً هي فعلية لفعلية شرطها دائماً وهو اللحاظ فإنه فعليٌّ دائماً.
وفيه:- نحن أيضاً نسلّم أنّ شرط الارادة هو اللحاظ وليس الوجود الخارجي وسبب ذلك هو أنّ الارادة أمر نفسي والأمر النفسي لا يناط بالأمر الخارجي وإلا يلزم أن يوجد الأمر النفسي في الخارج والأمر الخارجي يوجد في النفس وكلاهما لا يمكن، فإذن شرط الارادة التي هي أمرٌ نفسي دائماً هو اللحاظ كما قال الشيخ العراقي(قده) ولكن ليس اللحاظ بما هو لحاظ وإنما اللحاظ الذي يُرى به الخارج ويعتقد بمطابقته له، فلحاظ مرضي من دون أن اعتقد وجوده في الخارج ليس هو الشرط بما هو لحاظ - وهذا نشعر به بالوجدان - وإلا يلزم أنه بمجرد أن أتصوّر مرضي تصير عندي إرادة وهذا يكذبه الوجدان، وهو غير ممكن، ولا يمكن لعاقلٍ أن يقول به، وإنما شرط إرادته هو لحاظي الذي أرى به الخارج، يعني الذي اعتقد أنه مطابق للخارج، يعني مع اعتقادي أني مريض خارجاً وواقعاً، فهذا اللحاظ الذي أرى به الخارج هو شرط الارادة، فليس هو اللحاظ بما هو لحاظ ولا الوجود الخارجي للشرط بما هو وجود خارجي، وعلى هذا الأساس إذا كان المدار في الشرط على لحاظ المرض الذي يعتقد بأنه مطابق للخارج فلازم ذلك أنه عند عدم اعتقادي بأني مريض فمجرد التصوّر حينئذٍ لا يكفي لصيرورة الارادة فعلية.
فما ذكره احتمال قابل للمناقشة لما أشرنا إليه من أن الوجود الخارجي له مدخلية ولكن بهذا المعنى - أي لا الوجود الخارجي بما وجود خارجي ولا اللحاظ بما هو لحاظ وإنما هو اللحاظ بما يعتقد بمطابقته للخارج - وهذا هو المطابق للوجدان، فأنت حينما تتصور المرض كتصوّرٍ لا تحصل عندك إرادة وإنما تحصل الارادة إذا تصورت المرض معتقداً مطابقته للخارج، يعني أنّك مريض وإن كان هذا الاعتقاد خاطئ وباطل، ولكن ما دمت تعتقد أنّ هذا التصور موافق للواقع ولو اشتباهاً يكفي حينئذٍ لصيرورة الارادة فعلية.
وهكذا لو فرض أني تصورت أن الأسد موجود ورائي الآن وقد فتح فمه فمجرد التصوّر وحده بما هو تصوّر لا يوجب إرادة الفرار، ولكن إذا اعتقدت أنّ هذا التصور مطابق للواقع ولو اشتباهاً فهنا تحصل عندي إرادة الفرار.
الاحتمال الثالث:- ما ذهب إليه الشيخ النائيني(قده)[2] وحاصله:- إنّ الارادة المشروطة هي في واقعها ليست فعلية كما كان يقوله صاحب الاحتمال الأول وصاحب الاحتمال الثاني، بل إنما هي إرادة بنحوٍ مشروطٍ، يعني أنّ الوجود على نحوين وجودٌ فعليٌّ ووجودٌ مشروطٌ، والوجود المشروط نحوٌ من الوجود لا أنه ليس بوجود، فالوجود وجودان، والارادة المشروطة هي عبارة عن إرادة موجودة ولكنها موجودة بنحوٍ مشروطٍ - ولعلّ هذا هو الموجود في أذهاننا -، فإرادةٌ لاستعمال الدواء موجودة ولكن هذه ارادة بنحوٍ مشروطٍ، فهي مشروطة بالمرض فإنّ مرضت فتوجد عندي إرادة لاستعمال الدواء، فإرادة موجودة الآن ولكن بنحوٍ مشروط.
أقول:- وما أفاده(قده) شبيه بما أفاده الشيخ الخراساني(قده) في مبحث الاستصحاب التعليقي حيث ذكر هناك أنّ حرمة العنب المعلقة على الغليان كيف تستصحب ؟ فهل تستصحب الحرمة الفعلية والمفروض أن الفعلية منوطة بالغليان وهذا العنب لم يغل سابقاً، وإذا إذا كان قد غلى لم يصر زبيباً فالمفروض أنه لم يغل، فالحرمة لم تكن فعلية، فماذا تستصحب إذن ؟ وإذا قلت:- نستصحب الحرمة المعلّقة على الغليان، فالجواب:- هو أنّ المفروض أن الشرع قد جعل الحرمة للعنب المغلي ولم يجعلها على للعنب إن غلى، يعني بنحوٍ تكون حرمةً مشروطةً، بل هي أمر انتزاعي عقلي فلا يقبل الاستصحاب، فلا يمكن استصحاب الحرمة المشروطة لأنها أمر انتزاعي، والحرمة الفعلية ليست بثابتة سابقاً حتى يجري الاستصحاب، هكذا ذكر في الاشكال على استصحاب حرمة العنب المعلقة.
وهناك أجاب الشيخ الخراساني(قده)[3] فقال:- لا بأس وأن نستصحب الحرمة المشروطة، ودعوى أنها مجرّد أمر انتزاعي باطلٌ فإنّ الوجود المشروط نحوٌ من الوجود.
وفيه:- إنّ الوجهين اللذين ذكرا كتوجيه لهذا الاحتمال يأتي التعرض إليهما بعد الفراغ من الاحتمال الرابع فانتظر.
وأما نفس هذا الاحتمال - يعني أنّ الارادة المشروطة هي فعلية والمشروط هو المراد دون نفس الارادة - فهو شيء مخالف للوجدان؛ إذ لازمه أني الآن حينما لم أكن مريضاً عندي إرادة بالفعل لاستعمال الدواء مادامت الارادة فعلية وهذا مخالف للوجدان - يعني وجود إرادةٍ فعليةٍ لاستعمال الدواء مع علمي بأني لست مريضاً الآن فالمفروض أنّ الشرط أجزم بعدم تحققه في حقّي فأنا لست بمريض فهنا الإرادة ليست موجودة عندي لاستعمال الدواء -، فكيف يقال إنّ الارادة ثابتة بنحو فعلي وأن الشرط يرجع إلى المراد ؟ إن هذا خلاف الوجدان.
نعم لا أريد بهذا الكلام أن أدعي أنّ عندي إرادة مشروطة فإنّ هذا باطل كما سوف يأتي، فلا نريد أن ندّعي وجود إرادة مشروطة فإنّ هذا باطل كما سوف يأتي، كما نرفض وجود إرادة فعلية لاستعمال الدواء المقيّد بالمرض إذ مع فرض علمي بأني لست مريضاً الآن كيف تكون عندي إرادة بالفعل لاستعمال الدواء ؟! إنّ هذا يكذبه الوجدان.
إذن هذا الاحتمال باطل لأن الوجدان يكذبه، والوجهان اللذان ذكرا سوف يأتي فيما بعد دفعهما بعد الفراغ من الاحتمال الرابع، ولكن أبقى أأكد على أنه ليس مقصودي من نفي وجود إرادة فعلية أنه توجد إرادة مشروطة بالمرض فهذا لا أريده أيضاً لأنّه باطل كما سوف يأتي، وسوف تتجلى معالم هذه الدعوى فيما بعد فانتظر.
الاحتمال الثاني:- ما ذهب إليه الشيخ العراقي(قده)[1] فإنه ذكر أنّ القيد لا يرجع إلى المراد كما كان يقال في الاحتمال الأول، بل يرجع إلى نفس الارادة، فالمرض قيدٌ إلى الارادة ولكن رغم رجوعه إلى الارادة تكون الارادة فعلية رغم عدم تحقّق شرطها، فالمرض لا هو قيدٌ للمراد بل هو قيد للإرادة، وهو أعتقد بأنه ليس بموجودٍ ولكن مع ذلك تكون الارادة فعلية.
وهذا لغزٌ فكيف يمكن حلّه ؟
والجواب:- إنّه ينحلّ بناءً على مباني الشيخ العراقي(قده) فإنّ من آرائه أنّ قيد الارادة ليس هو الوجود الخارجي بل هو الوجود اللحاظي، واللحاظ دائماً موجودٌ، فالإرادة دائماً هي فعلية لفعلية شرطها دائماً وهو اللحاظ فإنه فعليٌّ دائماً.
وفيه:- نحن أيضاً نسلّم أنّ شرط الارادة هو اللحاظ وليس الوجود الخارجي وسبب ذلك هو أنّ الارادة أمر نفسي والأمر النفسي لا يناط بالأمر الخارجي وإلا يلزم أن يوجد الأمر النفسي في الخارج والأمر الخارجي يوجد في النفس وكلاهما لا يمكن، فإذن شرط الارادة التي هي أمرٌ نفسي دائماً هو اللحاظ كما قال الشيخ العراقي(قده) ولكن ليس اللحاظ بما هو لحاظ وإنما اللحاظ الذي يُرى به الخارج ويعتقد بمطابقته له، فلحاظ مرضي من دون أن اعتقد وجوده في الخارج ليس هو الشرط بما هو لحاظ - وهذا نشعر به بالوجدان - وإلا يلزم أنه بمجرد أن أتصوّر مرضي تصير عندي إرادة وهذا يكذبه الوجدان، وهو غير ممكن، ولا يمكن لعاقلٍ أن يقول به، وإنما شرط إرادته هو لحاظي الذي أرى به الخارج، يعني الذي اعتقد أنه مطابق للخارج، يعني مع اعتقادي أني مريض خارجاً وواقعاً، فهذا اللحاظ الذي أرى به الخارج هو شرط الارادة، فليس هو اللحاظ بما هو لحاظ ولا الوجود الخارجي للشرط بما هو وجود خارجي، وعلى هذا الأساس إذا كان المدار في الشرط على لحاظ المرض الذي يعتقد بأنه مطابق للخارج فلازم ذلك أنه عند عدم اعتقادي بأني مريض فمجرد التصوّر حينئذٍ لا يكفي لصيرورة الارادة فعلية.
فما ذكره احتمال قابل للمناقشة لما أشرنا إليه من أن الوجود الخارجي له مدخلية ولكن بهذا المعنى - أي لا الوجود الخارجي بما وجود خارجي ولا اللحاظ بما هو لحاظ وإنما هو اللحاظ بما يعتقد بمطابقته للخارج - وهذا هو المطابق للوجدان، فأنت حينما تتصور المرض كتصوّرٍ لا تحصل عندك إرادة وإنما تحصل الارادة إذا تصورت المرض معتقداً مطابقته للخارج، يعني أنّك مريض وإن كان هذا الاعتقاد خاطئ وباطل، ولكن ما دمت تعتقد أنّ هذا التصور موافق للواقع ولو اشتباهاً يكفي حينئذٍ لصيرورة الارادة فعلية.
وهكذا لو فرض أني تصورت أن الأسد موجود ورائي الآن وقد فتح فمه فمجرد التصوّر وحده بما هو تصوّر لا يوجب إرادة الفرار، ولكن إذا اعتقدت أنّ هذا التصور مطابق للواقع ولو اشتباهاً فهنا تحصل عندي إرادة الفرار.
الاحتمال الثالث:- ما ذهب إليه الشيخ النائيني(قده)[2] وحاصله:- إنّ الارادة المشروطة هي في واقعها ليست فعلية كما كان يقوله صاحب الاحتمال الأول وصاحب الاحتمال الثاني، بل إنما هي إرادة بنحوٍ مشروطٍ، يعني أنّ الوجود على نحوين وجودٌ فعليٌّ ووجودٌ مشروطٌ، والوجود المشروط نحوٌ من الوجود لا أنه ليس بوجود، فالوجود وجودان، والارادة المشروطة هي عبارة عن إرادة موجودة ولكنها موجودة بنحوٍ مشروطٍ - ولعلّ هذا هو الموجود في أذهاننا -، فإرادةٌ لاستعمال الدواء موجودة ولكن هذه ارادة بنحوٍ مشروطٍ، فهي مشروطة بالمرض فإنّ مرضت فتوجد عندي إرادة لاستعمال الدواء، فإرادة موجودة الآن ولكن بنحوٍ مشروط.
أقول:- وما أفاده(قده) شبيه بما أفاده الشيخ الخراساني(قده) في مبحث الاستصحاب التعليقي حيث ذكر هناك أنّ حرمة العنب المعلقة على الغليان كيف تستصحب ؟ فهل تستصحب الحرمة الفعلية والمفروض أن الفعلية منوطة بالغليان وهذا العنب لم يغل سابقاً، وإذا إذا كان قد غلى لم يصر زبيباً فالمفروض أنه لم يغل، فالحرمة لم تكن فعلية، فماذا تستصحب إذن ؟ وإذا قلت:- نستصحب الحرمة المعلّقة على الغليان، فالجواب:- هو أنّ المفروض أن الشرع قد جعل الحرمة للعنب المغلي ولم يجعلها على للعنب إن غلى، يعني بنحوٍ تكون حرمةً مشروطةً، بل هي أمر انتزاعي عقلي فلا يقبل الاستصحاب، فلا يمكن استصحاب الحرمة المشروطة لأنها أمر انتزاعي، والحرمة الفعلية ليست بثابتة سابقاً حتى يجري الاستصحاب، هكذا ذكر في الاشكال على استصحاب حرمة العنب المعلقة.
وهناك أجاب الشيخ الخراساني(قده)[3] فقال:- لا بأس وأن نستصحب الحرمة المشروطة، ودعوى أنها مجرّد أمر انتزاعي باطلٌ فإنّ الوجود المشروط نحوٌ من الوجود.