37/07/12
الموضوع: فصل في شرائط صحة الصوم الاول الاسلام والايمان.
الطائفة الخامسة: ما يفهم منها أن العمل الصادر من غير الموالي بحكم العدم وهي من قبيل رواية إسماعيل بن نجيح (عن أبي عبدالله (عليه السلام ) ـ في حديث ـ قال: الناس سواد وأنتم الحاج)[1]
ومعتبرة فضيل (عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال: أما والله، ما لله عز ذكره حاج غيركم، ولا يتقبل إلا منكم، الحديث)[2]
ومعتبرة الكلبي(عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ـ في حديث ـ قال: ما أكثر السواد؟! يعني الناس، قلت: أجل، فقال: أما والله، ما يحج ( أحد ) لله غيركم.)[3]
ومعتبرة الكلبي واضحة الدلالة على معنى أن غيركم لا يحج لله وليس كذلك معتبرة فضيل لأن عبارة (ما لله عز ذكره حاج غيركم) لا تعني أن حج غيركم يكون لغير الله.
والاستدلال بهذه الطائفة يكون بتقريب أن (اللام في لله) للغاية, فغيركم غايته من الحج غير الله تعالى, فتكون دالة على عدم صحة النية المقربة من غير المؤمن, فتقع عبادته باطلة.
قد يقال أن هذه الرواية ليست بصدد الاخبار عن صدور حج الموالي لله وغيره لغير الله, لإمكان التخلف في الموردين وامكان افتراض حج الموالي لغير الله رياءً وسمعة, وحج غيره لله, ومن هنا لابد من حملها على ضرب من التنزيل, وكأنها تريد القول أن حج المخالف بمنزلة العدم لفقده الشرط الاساسي(الايمان بالولاية), وكأنها في مقام الحكم ببطلان قصد القربة تعبداً, وتنزيله منزلة العدم, فيثبت بطلان العبادة.
لكن الذي يظهر من سياق الرواية لا يساعد ذلك, واقرب الوجوه لحملها أن الثواب والقبول الذي يعطى لمن حج لله يختص بمن آمن بالولاية, وعُبر عن هذا المعنى ب(ما يحج ( أحد ) لله غيركم) وهذا الوجه يمنع من الاستدلال بالرواية حتى على فرض كونه مجرد احتمال, وحينئذ يتحد مفادها _تقريباً_ مع كثير من الروايات الدالة على أن حج المخالف بمنزلة العدم _ولعله يساعد على هذا الفهم من الرواية_ وهو من قبيل الحديث السابع ( الناس سواد وانتم الحاج) [4] والتاسع (إن أهل الموقف لكثير، فقال: غثاء يأتي به الموج من كل مكان، لا والله، ما الحج إلا لكم، لا والله، ما يتقبل الله إلا منكم)[5] والثامن عشر (...ليس له صلاة وإن ركع وإن سجد، ولا له زكاة، ولا حج...)[6] .
والإنصاف أن الاستدلال بهذه الطائفة غير واضح, وهي عمدة الطوائف المستدل بها في محل الكلام وهناك روايات متفرقة قد يستدل بها ايضاً ولعل اهمها رواية الحسين بن زيد (عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ ع عَنْ عَلِيٍّ أَوِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ( ع ) قَالَ إِنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ خَمْساً وَ لَمْ يَفْتَرِضْ إِلَّا حَسَناً جَمِيلًا الصَّلَاةَ وَ الزَّكَاةَ وَ الْحَجَّ وَ الصِّيَامَ وَ وَلَايَتَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ فَعَمِلَ النَّاسُ بِأَرْبَعٍ وَ اسْتَخَفُّوا بِالْخَامِسَةِ وَ اللَّهِ لَا يَسْتَكْمِلُوا الْأَرْبَعَ حَتَّى يَسْتَكْمِلُوهَا بِالْخَامِسَةِ)[7]
حيث ذكر بعض الاعلام أنها صريحة في بطلان العمل وعدم تماميته بدون الولاية لكنها بقطع النظر عن ضعف سندها لا يستفاد منها ذلك, فعبارة (يستكملوا ) تعني وصول العمل إلى حد الكمال, وقد ورد هذا التعبير في الروايات ( لا يستكمل عبد حقيقة الايمان حتى يكون فيه ....) ولا شك في أن كمال هذه الاعمال الاربعة لا يكون الا بالولاية, لكن هذا لا يعني بطلانها بدونها.
وهناك بعض الروايات الاخرى يتضح جوابها مما تقدم ومن هنا يظهر عدم وجود دليل واضح يمكن الاستناد إليه لأثبات شرطية الايمان في صحة العبادة.