37/04/27
تحمیل
الموضوع: يجب القضاء دون الكفارة في موارد(المورد السابع).
لا يستبعد أن يكون المراد بالظن في صحيحة زرارة الثانية هو الاعتقاد _وليس الظن المنطقي_ وهو استعمال شائع خصوصاً في النصوص القرآنية فالغالب في استعمالاته للظن في الاعتقاد غير المطابق للواقع كما في قوله تعالى (يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ) ال عمران 154وقوله تعالى (وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ) الحشر 2 وقوله تعالى {وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ }القصص39 فالظاهر أن المقصود بالظن في جميع هذه الموارد هو الاعتقاد غير المطابق للواقع وقد يستعمل في الاعتقاد المطابق للواقع كما في قوله تعالى {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ }البقرة46ولعل منه قوله تعالى {وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ }ص24 ومن قبيل الاول محل الكلام فالظن في الرواية الثانية هو ظن غير مطابق للواقع فالرواية تصرح بأنه ظن أن الشمس قد غابت ثم تبين أن الشمس مازالت في السماء, والظاهر أنه لا موجب لتخصيص هذه الوراية بما اذا حصل له الظن مع مراعاته بنفسه مع وجود علة في السماء حتى تكون هذه الرواية اجنبية عن محل الكلام بل الرواية مطلقة وشاملة لمحل الكلام والى هنا نستطيع أن نخرج بهذه النتيجة_ لكن البحث لم يكتمل بعد_ وهي أن كلتا الصحيحتين (زرارة الاولى والثانية) تشملان محل الكلام ولو في بعض صوره لكن مع فرض حصول الاعتقاد من اخبار المخبر, فإذا اعتقد دخول الليل سواء كان بسبب قيام حجة عليه أم بأخبار مخبر فأفطر ثم تبين الخلاف فأن هذه الروايات تدل على عدم وجوب القضاء عليه, وهذه النتيجة قد تكون مخالفة لما هو المعروف والمشهور.
هناك نصوص دلت على عدم القضاء في صورة وجود علة في السماء ولابد من ملاحظتها وهل فيها قابلية تخصيص اطلاق الروايات السابقة؟؟
والروايات هي عبارة عن:-
رواية أبي الصباح الكناني (قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن رجل صام ثم ظن أن الشمس قد غابت وفي السماء غيم فأفطر، ثم إن السحاب انجلى فاذا الشمس لم تغب ؟ فقال : قد تم صومه ولا يقضيه)[1]
ولا فرق بينها وبين صحيحة زرارة الثانية الا انها افترضت وجود غيم في السماء وقد حكمت بصحة الصوم.
ورواية زيد الشحام (عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) في رجل صائم ظن أن الليل قد كان[2]، وأن الشمس قد غابت وكان في السماء سحاب فأفطر، ثم إن السحاب انجلى فاذا الشمس لم تغب، فقال : تم صومه ولا يقضيه)[3]
والرواية ظاهرة في عدم وجوب القضاء لكن في فرض ما اذا كان في السماء سحاب, وفي هذه الروايات كلام سندي أما رواية الكناني ففيها مشكلة محمد بن الفضيل وفيه كلام طويل وقد تقدم الكلام عنه في ابحاث سابقة ولم ننتهِ إلى نتيجة واضحة ولا بأس بأن نعيد الكرة مرة اخرى لنرى هل نصل إلى نتيجة توثيقه أو لا؟
وخلاصة الحديث فيه هي أن محمد بن الفضيل بن كثير الكوفي الصيرفي الازدي الازرق فكل هذه القاب له يعد من اصحاب الامام الصادق والامام الكاظم والامام الرضا عليهم السلام, ولم يرد في حقه توثيق صريح بل نص الشيخ الطوسي على ضعفه حينما ذكره في رجاله في اصحاب الامام الكاظم عليه السلام وعندما ذكره في اصحاب الامام الرضا عليه السلام قال يرمى بالغلو ولم يضعفه احد غير الشيخ الطوسي, بل حتى الشيخ الطوسي لم يضعفه في الفهرست مع أنه ذكره وذكر طريقه إلى كتبه, وصاحب جامع الرواة ذهب على نحو الجزم واليقين _ وذهب قبله التفرشي صاحب نقد الرجال إلى نفس الرأي لكن على مستوى الاحتمال_ إلى أن محمد بن الفضيل الذي نتكلم عنه والذي يروي عن الكناني ومحمد بن القاسم بن الفضيل بن يسار المنصوص على وثاقته متحدان, فهما عبارة عن شخص واحد تارة ينسب إلى ابيه فيقال محمد بن القاسم بن فضيل واخرى ينسب إلى جده مباشرة فيقال محمد بن الفضيل, وقالوا بأن نسبة الرجل إلى جده امر متداول, وذكر صاحب جامع الرواة (أقول لما تتبعنا بقدر وسعنا تتبعا تاما وجدنا محمد بن الفضيل الصيرفي الكوفي الأزدي الضعيف ومحمد بن القاسم بن الفضيل بن يسار النهدي البصري الثقة في مرتبة واحدة وكثيرا ما يعبر عنه باسم جده أيضا فيكونان مشتركين ووجدنا رواة ومرويا عنهم مشتركين بينهما ورواة ومرويا عنهم مختصين بكل واحد منهما)[4] أي أنه يوجد اشتراك في من يروي عنهما ومن يرويان عنه في الجملة.
وذكر صاحب النقد في عنوان ابراهيم بن نعيم العبدي (ابو الصباح الكناني)(وروى عنه : محمد بن الفضيل كثيرا، ويحتمل أن يكون محمد بن الفضيل هذا هو محمد بن القاسم بن الفضيل الثقة، لأن الشيخ الصدوق محمد بن علي بن بابويه روى كثيرا في الفقيه عن محمد بن الفضيل عن أبي الصباح الكناني، ثم قال في مشيخته : وما كان فيه عن محمد بن القاسم ابن الفضيل البصري صاحب الرضا عليه السلام فقد رويته عن فلان عن فلان . . . إلى اخره. ولم يذكر في المشيخة طريقه إلى محمد بن الفضيل أصلا)[5]وكأنه يريد أن يقول من البعيد جداً أن يذكر في المشيخة طريقاً إلى من يروي عنه في موضعين ويترك طريقه إلى من يروي عنه كثيراً في الفقيه وهذا لا تفسير له الا أن نقول بالاتحاد.
هذا غاية ما يمكن أن يقال في تقريب الاتحاد بينهما والذي يلاحظ على هذا الكلام:-
اولاً: أن اتحاد الراوي والمروي عنه خصوصاً اذا كان في الجملة لا يكون دليلاً على الاتحاد لعدم المحذور في فرض الاتحاد في الراوي والمروي عنه بل هذا امر واقع خصوصاً الاتحاد في الجملة, نعم لا بأس بجعله قرينة عندما تجتمع قرائن اخرى على الاتحاد.
ثانياً: أن النسبة إلى الجد التي ذكرها الاردبيلي اجابوا عنها كما في القاموس وغيره انها قد تصح في اسماء معينة من قبيل بابويه وقولويه وشاذان ولا تصح في كل الاسماء ويمكن أن يضاف إلى هذه الاسماء ما اذا كان الجد عالماً شاخصاً معروفاً وكان يراد ابراز الانساب إليه فينسب الحفيد بل حتى اولاد الحفيد إليه لكن هذا مع فرض امن الالتباس وهذا غير متحقق في محل الكلام فليس هو من الاسماء الخاصة التي تنسب إلى الجد ولا يوجد شخوص في الجد فعلى الاقل أن هذا لم يثبت بالنسبة إلى الفضيل.
ثالثاً: أن القرينة التي ذكرها صاحب نقد الرجال اجاب عنها بنفسه وقال بعد أن ذكر كلامه المتقدم (اللهم إلا أن يقال : إن الشيخ الصدوق لم يذكر في المشيخة طريقه إلى محمد بن الفضيل كما لم يذكر طريقه إلى أبي الصباح الكناني وغيره، مع أن روايته في الفقيه عنه كثيرة، والله أعلم)
فالشيخ الصدوق روى عن اشخاص كثيرين ولم يذكر طريقه اليهم في المشيخة فليكن هذا واحداً منهم, فالسيد الخوئي (قد) يقول بأنه لم يذكر طرقه إلى مائة راوٍ روى عنهم في الفقيه, وعليه فلا يمكن جعل هذا(عدم ذكره طريقه إلى محمد بن الفضيل) قرينة على الاتحاد.
رابعاً: أن هذه المحاولة لا تجدي نفعاً في اثبات وثاقة محمد بن الفضيل حتى على فرض الاتحاد وكونهما شخصاً واحداً لأنه يعارضه تضعيف الشيخ الطوسي حينئذ. فيكون هذا الشخص ممن تعارض فيه التوثيق والتضعيف.
خامساً: أن كل من عنون محمد بن القاسم بن الفضيل لم يذكر أنه صيرفي ولا أنه كوفي ولا أنه ازدي ولا أنه ازرق بل ذكر النجاشي أنه نهدي وترجمه ووثقه ووثق اباه واخاه, والشيخ الصدوق وصفه في المشيخة أنه بصري, واختلاف هذه الالقاب مؤشر على التعدد وهكذا نفس ذكر عنوانين من قبل البرقي والنجاشي والطوسي (محمد بن الفضيل في مكان ومحمد بن القاسم بن الفضيل في مكان آخر) فذكر عنوانين لكل هؤلاء في كتبهم يعني وجود التعدد ويجعل قرينة معاكسة للاتحاد.
والخلاصة أن الاتحاد غير ثابت, فهما شخصان لا شخص واحد, نعم عاشا في زمان واحد وكل منهما روى عن الامام الرضا عليه السلام والثاني يعتبر من اصحاب الامام الرضا عليه السلام واشتركا في بعض من يرويا عنه ومن يروي عنهما لكن هذا ليس مبرراً كافياً لأثبات الاتحاد مع أن الاتحاد لا ينفع في اثبات وثاقة محمد بن الفضيل.
وبناءً على عدم الاتحاد نقول أن هذا الرجل ضعفه الشيخ الطوسي في رجاله وفي موضع آخر قال بأنه يرمى بالغلو, لكن يوجد ما يستدل به على وثاقته منها:
اولاً: ما ذكره الشيخ المفيد في رسالته العددية المعروفة حيث ذكر أن الاختلاف_حيث كان الكلام عن شهر رمضان وهل هو ثلاثون أو تسع وعشرون وهل يختلف أو لا يختلف_ رواه جماعة من الثقات الذين عبر عنهم بهذا التعبير (أن الفقهاء والرؤساء الاعلام الذين يؤخذ منهم الحلال والحرام والفتيا والاحكام ولا يطعن عليهم بشيء ولا طريق لأحدهم لذم واحد منهم) وذكر مجموعة من الاسماء واحد هذه الاسماء هو محمد بن الفضيل وهذا نوع من التوثيق حيث أنه تجتمع كل هذه الاوصاف فيه, وقد تعرضنا سابقاً إلى امكان الاخذ بتوثيقات الشيخ المفيد ولا اشكال في ذلك.
ثانياً: رواية المشايخ الثلاثة _ ابن ابي عمير وصفوان والبزنطي_ عنه حيث انهم لا يروون الا عن ثقة كما ثبت عندنا وقد روى عنه صفوان والبزنطي بسند صحيح, نعم لم يروِ عن ابن ابي عمير بشكل واضح, فقد روى عنه صفوان بسند صحيح في الفقيه ج3 ص31 ح29 وهكذا في طريق الشيخ الصدوق في المشيخة إلى ابي حمزة الثمالي ففيه رواية صفوان عن محمد بن الفضيل وفي الكافي ج1 في باب العرش والكرسي ص132 ح6 فيه رواية البزنطي عنه وتوجد رواية لأبن ابي عمير عنه في الكافي في كتاب الحجة ج1 ص207 ح3 لكن ورد في السند عن محمد بن ابي عمير أو غيره عن محمد بن الفضيل فلا يمكن التعويل عليه, وعلى كل حال يكفي رواية صفوان والبزنطي عنه كما ذكرنا.
ثالثاً: ما ذكره بعضهم من اكثار رواية الاجلاء عنه ويعرف ذلك بمراجعة ترجمته.
رابعاً: أن محمد بن احمد بن يحيى صاحب كتاب نوادر الحكمة روى عنه مباشرة وقد ثبت ذلك بسند صحيح كما يظهر من التهذيب للشيخ الطوسي ج3 ص132 ح290 حيث يبدأ الشيخ الطوسي السند بمحمد بن احمد بن يحيى _عن محمد بن الفضيل عن ابي الصباح الكناني _ والمراد به صاحب نوادر الحكمة وعندنا قاعدة تقول بأن الشيخ الطوسي كلما يبدأ السند بشخص فهو قد اخذ روايته عن كتابه وبهذا نثبت أن الرواية موجودة في نوادر الحكمة, وقد هذب ابن الوليد نوارد الحكمة واستثنى منه بعض الروايات ونحن نرى أن الميزان في هذا الاستثناء هو الوثاقة والضعف, فمن كان ضعيفاً استثنى رواياته وذكر جملة من هؤلاء كروايات سهل وغيره ونستفيد من ذلك أن من لم يستثنه ابن الوليد فهو ثقة لكن في خصوص من يروي عنه مباشرة ولم يثبت عندنا اكثر من ذلك, ومحمد بن الفضيل ممن روى عنه محمد بن احمد بن يحيى ولم يستثنه ابن الوليد, والظاهر أن هذه الامور تكفي لأثبات وثاقته لولا المعارضة بتضعيف الشيخ الطوسي صريحاً فالنتيجة هي أن هذا الشخص تعارض فيه التضعيف والتوثيق وكلما تعارض الجرح والتعديل تكون النتيجة لصالح الجرح لكن لا بمعنى تقديم الجرح على التعديل بل لأنهما يتساقطان فيبقى الشخص بلا توثيق.
قد يقال بأن توثيق الشيخ الطوسي من جهة الغلو ويقال في دعم هذا الرأي بأن هناك مسلك يضعف الاشخاص على اساس عقائدهم, لكن هذا الكلام قد يقبل في مقام آخر لكنه لا يقبل في خصوص المقام بأعتبار أن الشيخ الطوسي لم يرمه في الغلو وإنما قال رُمي بالغلو وكأنه هو لا يريد القول بهذه التهمة ومن البعيد جداً أن يضعف الشيخ الطوسي هذا الرجل لمجرد رميه بالغلو, قد يقال بذلك اذا كان ثابتاً عنده أنه مغالٍ, ومن هنا يظهر أن التضعيف ثابت فيعارض التوثيق فيتساقطان.
لا يستبعد أن يكون المراد بالظن في صحيحة زرارة الثانية هو الاعتقاد _وليس الظن المنطقي_ وهو استعمال شائع خصوصاً في النصوص القرآنية فالغالب في استعمالاته للظن في الاعتقاد غير المطابق للواقع كما في قوله تعالى (يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ) ال عمران 154وقوله تعالى (وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ) الحشر 2 وقوله تعالى {وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ }القصص39 فالظاهر أن المقصود بالظن في جميع هذه الموارد هو الاعتقاد غير المطابق للواقع وقد يستعمل في الاعتقاد المطابق للواقع كما في قوله تعالى {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ }البقرة46ولعل منه قوله تعالى {وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ }ص24 ومن قبيل الاول محل الكلام فالظن في الرواية الثانية هو ظن غير مطابق للواقع فالرواية تصرح بأنه ظن أن الشمس قد غابت ثم تبين أن الشمس مازالت في السماء, والظاهر أنه لا موجب لتخصيص هذه الوراية بما اذا حصل له الظن مع مراعاته بنفسه مع وجود علة في السماء حتى تكون هذه الرواية اجنبية عن محل الكلام بل الرواية مطلقة وشاملة لمحل الكلام والى هنا نستطيع أن نخرج بهذه النتيجة_ لكن البحث لم يكتمل بعد_ وهي أن كلتا الصحيحتين (زرارة الاولى والثانية) تشملان محل الكلام ولو في بعض صوره لكن مع فرض حصول الاعتقاد من اخبار المخبر, فإذا اعتقد دخول الليل سواء كان بسبب قيام حجة عليه أم بأخبار مخبر فأفطر ثم تبين الخلاف فأن هذه الروايات تدل على عدم وجوب القضاء عليه, وهذه النتيجة قد تكون مخالفة لما هو المعروف والمشهور.
هناك نصوص دلت على عدم القضاء في صورة وجود علة في السماء ولابد من ملاحظتها وهل فيها قابلية تخصيص اطلاق الروايات السابقة؟؟
والروايات هي عبارة عن:-
رواية أبي الصباح الكناني (قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن رجل صام ثم ظن أن الشمس قد غابت وفي السماء غيم فأفطر، ثم إن السحاب انجلى فاذا الشمس لم تغب ؟ فقال : قد تم صومه ولا يقضيه)[1]
ولا فرق بينها وبين صحيحة زرارة الثانية الا انها افترضت وجود غيم في السماء وقد حكمت بصحة الصوم.
ورواية زيد الشحام (عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) في رجل صائم ظن أن الليل قد كان[2]، وأن الشمس قد غابت وكان في السماء سحاب فأفطر، ثم إن السحاب انجلى فاذا الشمس لم تغب، فقال : تم صومه ولا يقضيه)[3]
والرواية ظاهرة في عدم وجوب القضاء لكن في فرض ما اذا كان في السماء سحاب, وفي هذه الروايات كلام سندي أما رواية الكناني ففيها مشكلة محمد بن الفضيل وفيه كلام طويل وقد تقدم الكلام عنه في ابحاث سابقة ولم ننتهِ إلى نتيجة واضحة ولا بأس بأن نعيد الكرة مرة اخرى لنرى هل نصل إلى نتيجة توثيقه أو لا؟
وخلاصة الحديث فيه هي أن محمد بن الفضيل بن كثير الكوفي الصيرفي الازدي الازرق فكل هذه القاب له يعد من اصحاب الامام الصادق والامام الكاظم والامام الرضا عليهم السلام, ولم يرد في حقه توثيق صريح بل نص الشيخ الطوسي على ضعفه حينما ذكره في رجاله في اصحاب الامام الكاظم عليه السلام وعندما ذكره في اصحاب الامام الرضا عليه السلام قال يرمى بالغلو ولم يضعفه احد غير الشيخ الطوسي, بل حتى الشيخ الطوسي لم يضعفه في الفهرست مع أنه ذكره وذكر طريقه إلى كتبه, وصاحب جامع الرواة ذهب على نحو الجزم واليقين _ وذهب قبله التفرشي صاحب نقد الرجال إلى نفس الرأي لكن على مستوى الاحتمال_ إلى أن محمد بن الفضيل الذي نتكلم عنه والذي يروي عن الكناني ومحمد بن القاسم بن الفضيل بن يسار المنصوص على وثاقته متحدان, فهما عبارة عن شخص واحد تارة ينسب إلى ابيه فيقال محمد بن القاسم بن فضيل واخرى ينسب إلى جده مباشرة فيقال محمد بن الفضيل, وقالوا بأن نسبة الرجل إلى جده امر متداول, وذكر صاحب جامع الرواة (أقول لما تتبعنا بقدر وسعنا تتبعا تاما وجدنا محمد بن الفضيل الصيرفي الكوفي الأزدي الضعيف ومحمد بن القاسم بن الفضيل بن يسار النهدي البصري الثقة في مرتبة واحدة وكثيرا ما يعبر عنه باسم جده أيضا فيكونان مشتركين ووجدنا رواة ومرويا عنهم مشتركين بينهما ورواة ومرويا عنهم مختصين بكل واحد منهما)[4] أي أنه يوجد اشتراك في من يروي عنهما ومن يرويان عنه في الجملة.
وذكر صاحب النقد في عنوان ابراهيم بن نعيم العبدي (ابو الصباح الكناني)(وروى عنه : محمد بن الفضيل كثيرا، ويحتمل أن يكون محمد بن الفضيل هذا هو محمد بن القاسم بن الفضيل الثقة، لأن الشيخ الصدوق محمد بن علي بن بابويه روى كثيرا في الفقيه عن محمد بن الفضيل عن أبي الصباح الكناني، ثم قال في مشيخته : وما كان فيه عن محمد بن القاسم ابن الفضيل البصري صاحب الرضا عليه السلام فقد رويته عن فلان عن فلان . . . إلى اخره. ولم يذكر في المشيخة طريقه إلى محمد بن الفضيل أصلا)[5]وكأنه يريد أن يقول من البعيد جداً أن يذكر في المشيخة طريقاً إلى من يروي عنه في موضعين ويترك طريقه إلى من يروي عنه كثيراً في الفقيه وهذا لا تفسير له الا أن نقول بالاتحاد.
هذا غاية ما يمكن أن يقال في تقريب الاتحاد بينهما والذي يلاحظ على هذا الكلام:-
اولاً: أن اتحاد الراوي والمروي عنه خصوصاً اذا كان في الجملة لا يكون دليلاً على الاتحاد لعدم المحذور في فرض الاتحاد في الراوي والمروي عنه بل هذا امر واقع خصوصاً الاتحاد في الجملة, نعم لا بأس بجعله قرينة عندما تجتمع قرائن اخرى على الاتحاد.
ثانياً: أن النسبة إلى الجد التي ذكرها الاردبيلي اجابوا عنها كما في القاموس وغيره انها قد تصح في اسماء معينة من قبيل بابويه وقولويه وشاذان ولا تصح في كل الاسماء ويمكن أن يضاف إلى هذه الاسماء ما اذا كان الجد عالماً شاخصاً معروفاً وكان يراد ابراز الانساب إليه فينسب الحفيد بل حتى اولاد الحفيد إليه لكن هذا مع فرض امن الالتباس وهذا غير متحقق في محل الكلام فليس هو من الاسماء الخاصة التي تنسب إلى الجد ولا يوجد شخوص في الجد فعلى الاقل أن هذا لم يثبت بالنسبة إلى الفضيل.
ثالثاً: أن القرينة التي ذكرها صاحب نقد الرجال اجاب عنها بنفسه وقال بعد أن ذكر كلامه المتقدم (اللهم إلا أن يقال : إن الشيخ الصدوق لم يذكر في المشيخة طريقه إلى محمد بن الفضيل كما لم يذكر طريقه إلى أبي الصباح الكناني وغيره، مع أن روايته في الفقيه عنه كثيرة، والله أعلم)
فالشيخ الصدوق روى عن اشخاص كثيرين ولم يذكر طريقه اليهم في المشيخة فليكن هذا واحداً منهم, فالسيد الخوئي (قد) يقول بأنه لم يذكر طرقه إلى مائة راوٍ روى عنهم في الفقيه, وعليه فلا يمكن جعل هذا(عدم ذكره طريقه إلى محمد بن الفضيل) قرينة على الاتحاد.
رابعاً: أن هذه المحاولة لا تجدي نفعاً في اثبات وثاقة محمد بن الفضيل حتى على فرض الاتحاد وكونهما شخصاً واحداً لأنه يعارضه تضعيف الشيخ الطوسي حينئذ. فيكون هذا الشخص ممن تعارض فيه التوثيق والتضعيف.
خامساً: أن كل من عنون محمد بن القاسم بن الفضيل لم يذكر أنه صيرفي ولا أنه كوفي ولا أنه ازدي ولا أنه ازرق بل ذكر النجاشي أنه نهدي وترجمه ووثقه ووثق اباه واخاه, والشيخ الصدوق وصفه في المشيخة أنه بصري, واختلاف هذه الالقاب مؤشر على التعدد وهكذا نفس ذكر عنوانين من قبل البرقي والنجاشي والطوسي (محمد بن الفضيل في مكان ومحمد بن القاسم بن الفضيل في مكان آخر) فذكر عنوانين لكل هؤلاء في كتبهم يعني وجود التعدد ويجعل قرينة معاكسة للاتحاد.
والخلاصة أن الاتحاد غير ثابت, فهما شخصان لا شخص واحد, نعم عاشا في زمان واحد وكل منهما روى عن الامام الرضا عليه السلام والثاني يعتبر من اصحاب الامام الرضا عليه السلام واشتركا في بعض من يرويا عنه ومن يروي عنهما لكن هذا ليس مبرراً كافياً لأثبات الاتحاد مع أن الاتحاد لا ينفع في اثبات وثاقة محمد بن الفضيل.
وبناءً على عدم الاتحاد نقول أن هذا الرجل ضعفه الشيخ الطوسي في رجاله وفي موضع آخر قال بأنه يرمى بالغلو, لكن يوجد ما يستدل به على وثاقته منها:
اولاً: ما ذكره الشيخ المفيد في رسالته العددية المعروفة حيث ذكر أن الاختلاف_حيث كان الكلام عن شهر رمضان وهل هو ثلاثون أو تسع وعشرون وهل يختلف أو لا يختلف_ رواه جماعة من الثقات الذين عبر عنهم بهذا التعبير (أن الفقهاء والرؤساء الاعلام الذين يؤخذ منهم الحلال والحرام والفتيا والاحكام ولا يطعن عليهم بشيء ولا طريق لأحدهم لذم واحد منهم) وذكر مجموعة من الاسماء واحد هذه الاسماء هو محمد بن الفضيل وهذا نوع من التوثيق حيث أنه تجتمع كل هذه الاوصاف فيه, وقد تعرضنا سابقاً إلى امكان الاخذ بتوثيقات الشيخ المفيد ولا اشكال في ذلك.
ثانياً: رواية المشايخ الثلاثة _ ابن ابي عمير وصفوان والبزنطي_ عنه حيث انهم لا يروون الا عن ثقة كما ثبت عندنا وقد روى عنه صفوان والبزنطي بسند صحيح, نعم لم يروِ عن ابن ابي عمير بشكل واضح, فقد روى عنه صفوان بسند صحيح في الفقيه ج3 ص31 ح29 وهكذا في طريق الشيخ الصدوق في المشيخة إلى ابي حمزة الثمالي ففيه رواية صفوان عن محمد بن الفضيل وفي الكافي ج1 في باب العرش والكرسي ص132 ح6 فيه رواية البزنطي عنه وتوجد رواية لأبن ابي عمير عنه في الكافي في كتاب الحجة ج1 ص207 ح3 لكن ورد في السند عن محمد بن ابي عمير أو غيره عن محمد بن الفضيل فلا يمكن التعويل عليه, وعلى كل حال يكفي رواية صفوان والبزنطي عنه كما ذكرنا.
ثالثاً: ما ذكره بعضهم من اكثار رواية الاجلاء عنه ويعرف ذلك بمراجعة ترجمته.
رابعاً: أن محمد بن احمد بن يحيى صاحب كتاب نوادر الحكمة روى عنه مباشرة وقد ثبت ذلك بسند صحيح كما يظهر من التهذيب للشيخ الطوسي ج3 ص132 ح290 حيث يبدأ الشيخ الطوسي السند بمحمد بن احمد بن يحيى _عن محمد بن الفضيل عن ابي الصباح الكناني _ والمراد به صاحب نوادر الحكمة وعندنا قاعدة تقول بأن الشيخ الطوسي كلما يبدأ السند بشخص فهو قد اخذ روايته عن كتابه وبهذا نثبت أن الرواية موجودة في نوادر الحكمة, وقد هذب ابن الوليد نوارد الحكمة واستثنى منه بعض الروايات ونحن نرى أن الميزان في هذا الاستثناء هو الوثاقة والضعف, فمن كان ضعيفاً استثنى رواياته وذكر جملة من هؤلاء كروايات سهل وغيره ونستفيد من ذلك أن من لم يستثنه ابن الوليد فهو ثقة لكن في خصوص من يروي عنه مباشرة ولم يثبت عندنا اكثر من ذلك, ومحمد بن الفضيل ممن روى عنه محمد بن احمد بن يحيى ولم يستثنه ابن الوليد, والظاهر أن هذه الامور تكفي لأثبات وثاقته لولا المعارضة بتضعيف الشيخ الطوسي صريحاً فالنتيجة هي أن هذا الشخص تعارض فيه التضعيف والتوثيق وكلما تعارض الجرح والتعديل تكون النتيجة لصالح الجرح لكن لا بمعنى تقديم الجرح على التعديل بل لأنهما يتساقطان فيبقى الشخص بلا توثيق.
قد يقال بأن توثيق الشيخ الطوسي من جهة الغلو ويقال في دعم هذا الرأي بأن هناك مسلك يضعف الاشخاص على اساس عقائدهم, لكن هذا الكلام قد يقبل في مقام آخر لكنه لا يقبل في خصوص المقام بأعتبار أن الشيخ الطوسي لم يرمه في الغلو وإنما قال رُمي بالغلو وكأنه هو لا يريد القول بهذه التهمة ومن البعيد جداً أن يضعف الشيخ الطوسي هذا الرجل لمجرد رميه بالغلو, قد يقال بذلك اذا كان ثابتاً عنده أنه مغالٍ, ومن هنا يظهر أن التضعيف ثابت فيعارض التوثيق فيتساقطان.