37/01/19
تحمیل
الموضوع:- إجزاء
الأمر الاضطراري عن الأمر الواقعي الأوّلي الاختياري -مبحث الإجـــزاء.
وفيه:- إنّا لسنا ملزمين بملاحظة الملاكات والمصالح فإنّ الملاكات عند الله عزّ وجلّ وتحصيلها ليس واجباً علينا، وإنما اللازم مراعاة ما كلّفنا الله تعالى به وأشغل ذمتنا به[1]، فمثلاً ما هي مصلحة الصلاة وهل حقّقت المصلحة بصلاتي أو لا فهذا لا دخل لنا به بل علينا الاتيان بما أمرنا الله تعالى به، فالشيخ العراقي(قده) أخذ يسير وراء الملاك ويرتّب أحكاماً على طبقه.
ونحن نقول:- إنّ هذه الكبرى مرفوضة رفضاً باتاً والمناسب هو ملاحظة ما اشتغلت به الذمّة من تكاليف، فبذلك المقدار يلزم تفريغ الذمة، وإذا رجعنا إلى عالم الذمة نقول آنذاك إنّ ذمتنا لا نجزم باشتغالها بخصوص الوظيفة الاختيارية وإنما هي مشغولة بالجامع، والجامع يتحقّق بإحد الطرفين، خلافاً للشيخ الأصفهاني في بعض كلماته التي نقلها السيد الشهيد[2].
ففي موردنا إذا نظرنا إلى عالم الذمّة فهي مشغولة بالجامع - أي بإحدى الصلاتين وإحدى الصلاتين قد حققتها - والجامع الذي اشتغلت به الذمّة قد تحقّق يقيناً وما زاد نجري البراءة عنه.
أجل ربَّ قائلٍ يقول:- إنّهحتى إذا لم نرد أن ننظر إلى عالم الملاكات يبقى الحقّ مع الشيخ العراقي(قده)، فنتمكن أن نقول:- إنَّ الأمر دائرٌ بين التعيين والتخيير حتى لو قطعنا النظر عن الملاكات حيث نقول هكذا ( إننا نقطع بأنّا مكلّفون إمّا بإحدى الصلاتين أو بخصوص الاختيارية، أمّا خصوص الاضطرارية فاحتماله ليس موجوداً - لأنّ كلامنا هو داخل الوقت - )، فبالتالي أتمكن أن أجزم بأن ذمتي مشغولة إمّا بإحدى الصلاتنين أو بخصوص الصلاة الاختيارية.
إذن الدوران بين التعيين والتخيير ثابتٌ حتى إذا قطعنا النظر عن الملاكات.
قلت:- الأمر ليس كما تقول، يعني لا يحتمل أنّ ذمّتنا مشغولة بخصوص الوظيفة الاختيارية إذ المفروض أننا نتكلّم بناءً على جواز البدار، يعني يوجد خطابٌ بالوظيفة الاضطرارية، فعلى هذا الأساس اتمكن أن أجزم وأقول أني الآن - أي حالة الاضطرار - مكلّفٌ بالوظيفة الاضطرارية إذ المفروض أنّا جوّزنا البدار، أمّا إذا لم نجوّز البدار فليس لك الحقّ بالاتيان بالوظيفة الاضطرارية بل عليك الانتظار والاتيان بالوظيفة الاختيارية ولا يأتي كلّ هذا الكلام.
فمادام جوّزنا البدار فأنا مخاطبٌ بالوظيفة الاضطرارية الآن حتماً، وإذا ارتفع الاضطرار أشك هل توجّه لي تكليفٌ بالصلاة الاختيارية أو لا فنجري البراءة عن ذلك.
فهناك شيءٌ متيقّن وهو التكليف بالصلاة الاضطرارية حيث جوّزنا البدار، وعند ارتفاع العذر نشك باشتغال الذمّة في التكليف الثاني - أي بالصلاة الاختيارية - فنجري البراءة عنه.
إذن كلامه الأوّل على الاحتمال الأوّل قد اندفع.
وأما كلامه على الاحتمال الثاني ففي جوابه نقول:- نحن قلنا إنَّ الملاكات لا ينبغي الاهتمام بها فإنّ المهم هو ملاحظة عالم شغل الذمة، وإذا لاحظنا عالم الذمّة فهي مشغولة حتماً بالوظيفة الاضطرارية إذ قد جوّزنا البدار، والزائد على ذلك - أي لو ارتفع العذر هل تجب علينا الوظيفة الاختيارية أو لا ؟ - نشك في أصل التكليف به فنجري البراءة عنه.
الإشكال الخامس:- ما ذكره الشيخ العراقي(قده) أيضاً[3]، وهو أنه لو فرضنا أنّ المكلّف في بداية الوقت كان واجداً للماء ومضى مقدار ساعة مثلاً وهو بَعدُ موجودٌ ثم زال الماء أو أنه كان موجوداً ولكن حدث عذرٌ آخر يمنع من استعاله فصليت صلاةً اضطراريةً وقبل أن ينتهي الوقت ارتفع العذر فهل يجب إعادة الصلاة أو لا ؟
قال(قده):- نعم تجب الاعادة، لأنّه في أوّل الوقت قد اشتغلت ذمتك بالصلاة الاختيارية لأنك كنت قادراً وتشك هل فرغت ذمتك بما أتيت به أو لا ؟ والاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني، فلا يكتفى بذلك، فيلزمك أن تصلّي من جديد حتى يحصل الفراغ اليقيني.
إذن ثبت عدم الإجزاء ولكن في حالة ما إذا فرض أنّه كان واجداً للقدرة في أوّل الوقت.
أمّا لو فرض أنّه كان فاقداً للقدرة من أوّل الوقت ثم ارتفع العذر أثناء الوقت فما هو الحكم ؟
قال(قده):- وبضمّ عدم القول بالفصل بين الحالتين يثبت الحكم المذكور وهو عدم الإجزاء في الحالة المتعارفة - وهي كون الاضطرار موجوداً من بداية الوقت -.
وفيه:-
أولاً:- إنّه وإن كان الملكف مشغول الذمّة بالصلاة الاختيارية في البداية ولكن بعد أن طرأ العذر ارتفع التكليف بالصلاة الاختيارية وقد جوّزنا له البدار، فالتكليف قد تحوّل إلى الاتيان بالصلاة الاختيارية، فذلك التكليف السابق قد زال حتماً وتبدّل إلى التكليف بالوظيفة الاضطرارية لا أنّه يُشَك في فراغ الذمة منه، وبعد أن ارتفع العذر نشكّ في توجّه التكليف الجديد فنجري البراءة.
ثانياً:- لو سلّمنا هذا فإنه قال:- ( وبضم عدم القول بالفصل يثبت تمام المطلوب )، فنقول:- هذا ليس من موارد ضمّ عدم القول بالفصل، فإنّ عدم القول بالفضل يتمّ في الدليل الاجتهادي، أمّا إذا فرض أنّه لم يكن لديك دليل اجتهادي فهذا الكلام لا معنى له، والمفروض في مقامنا أننا نريد أن نطبّق قاعدة ( الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني ) وهذا أصلٌ من الأصول - كالبراءة العقلية التي تقول يقبح العقاب بلا بيان - وهو لا يثبت اللوازم غير الشرعيّة، فإنه يقول إنَّ ذمتك مشغولة - أي بهذا المقدار فقط - أمّا ما يستتبع ذلك بضمّ عدم القول بالفصل فهذا ساكتٌ عنه وليس له لسان، ففي باب الأصول العمليّة يكون ضمّ عدم القول بالفصل ليس بصحيح فإنّه من قبيل الأصل المثبت، وإنما ينفع ضمّ عدم القول بالفصل في مورد الدليل الاجتهادي.
وفيه:- إنّا لسنا ملزمين بملاحظة الملاكات والمصالح فإنّ الملاكات عند الله عزّ وجلّ وتحصيلها ليس واجباً علينا، وإنما اللازم مراعاة ما كلّفنا الله تعالى به وأشغل ذمتنا به[1]، فمثلاً ما هي مصلحة الصلاة وهل حقّقت المصلحة بصلاتي أو لا فهذا لا دخل لنا به بل علينا الاتيان بما أمرنا الله تعالى به، فالشيخ العراقي(قده) أخذ يسير وراء الملاك ويرتّب أحكاماً على طبقه.
ونحن نقول:- إنّ هذه الكبرى مرفوضة رفضاً باتاً والمناسب هو ملاحظة ما اشتغلت به الذمّة من تكاليف، فبذلك المقدار يلزم تفريغ الذمة، وإذا رجعنا إلى عالم الذمة نقول آنذاك إنّ ذمتنا لا نجزم باشتغالها بخصوص الوظيفة الاختيارية وإنما هي مشغولة بالجامع، والجامع يتحقّق بإحد الطرفين، خلافاً للشيخ الأصفهاني في بعض كلماته التي نقلها السيد الشهيد[2].
ففي موردنا إذا نظرنا إلى عالم الذمّة فهي مشغولة بالجامع - أي بإحدى الصلاتين وإحدى الصلاتين قد حققتها - والجامع الذي اشتغلت به الذمّة قد تحقّق يقيناً وما زاد نجري البراءة عنه.
أجل ربَّ قائلٍ يقول:- إنّهحتى إذا لم نرد أن ننظر إلى عالم الملاكات يبقى الحقّ مع الشيخ العراقي(قده)، فنتمكن أن نقول:- إنَّ الأمر دائرٌ بين التعيين والتخيير حتى لو قطعنا النظر عن الملاكات حيث نقول هكذا ( إننا نقطع بأنّا مكلّفون إمّا بإحدى الصلاتين أو بخصوص الاختيارية، أمّا خصوص الاضطرارية فاحتماله ليس موجوداً - لأنّ كلامنا هو داخل الوقت - )، فبالتالي أتمكن أن أجزم بأن ذمتي مشغولة إمّا بإحدى الصلاتنين أو بخصوص الصلاة الاختيارية.
إذن الدوران بين التعيين والتخيير ثابتٌ حتى إذا قطعنا النظر عن الملاكات.
قلت:- الأمر ليس كما تقول، يعني لا يحتمل أنّ ذمّتنا مشغولة بخصوص الوظيفة الاختيارية إذ المفروض أننا نتكلّم بناءً على جواز البدار، يعني يوجد خطابٌ بالوظيفة الاضطرارية، فعلى هذا الأساس اتمكن أن أجزم وأقول أني الآن - أي حالة الاضطرار - مكلّفٌ بالوظيفة الاضطرارية إذ المفروض أنّا جوّزنا البدار، أمّا إذا لم نجوّز البدار فليس لك الحقّ بالاتيان بالوظيفة الاضطرارية بل عليك الانتظار والاتيان بالوظيفة الاختيارية ولا يأتي كلّ هذا الكلام.
فمادام جوّزنا البدار فأنا مخاطبٌ بالوظيفة الاضطرارية الآن حتماً، وإذا ارتفع الاضطرار أشك هل توجّه لي تكليفٌ بالصلاة الاختيارية أو لا فنجري البراءة عن ذلك.
فهناك شيءٌ متيقّن وهو التكليف بالصلاة الاضطرارية حيث جوّزنا البدار، وعند ارتفاع العذر نشك باشتغال الذمّة في التكليف الثاني - أي بالصلاة الاختيارية - فنجري البراءة عنه.
إذن كلامه الأوّل على الاحتمال الأوّل قد اندفع.
وأما كلامه على الاحتمال الثاني ففي جوابه نقول:- نحن قلنا إنَّ الملاكات لا ينبغي الاهتمام بها فإنّ المهم هو ملاحظة عالم شغل الذمة، وإذا لاحظنا عالم الذمّة فهي مشغولة حتماً بالوظيفة الاضطرارية إذ قد جوّزنا البدار، والزائد على ذلك - أي لو ارتفع العذر هل تجب علينا الوظيفة الاختيارية أو لا ؟ - نشك في أصل التكليف به فنجري البراءة عنه.
الإشكال الخامس:- ما ذكره الشيخ العراقي(قده) أيضاً[3]، وهو أنه لو فرضنا أنّ المكلّف في بداية الوقت كان واجداً للماء ومضى مقدار ساعة مثلاً وهو بَعدُ موجودٌ ثم زال الماء أو أنه كان موجوداً ولكن حدث عذرٌ آخر يمنع من استعاله فصليت صلاةً اضطراريةً وقبل أن ينتهي الوقت ارتفع العذر فهل يجب إعادة الصلاة أو لا ؟
قال(قده):- نعم تجب الاعادة، لأنّه في أوّل الوقت قد اشتغلت ذمتك بالصلاة الاختيارية لأنك كنت قادراً وتشك هل فرغت ذمتك بما أتيت به أو لا ؟ والاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني، فلا يكتفى بذلك، فيلزمك أن تصلّي من جديد حتى يحصل الفراغ اليقيني.
إذن ثبت عدم الإجزاء ولكن في حالة ما إذا فرض أنّه كان واجداً للقدرة في أوّل الوقت.
أمّا لو فرض أنّه كان فاقداً للقدرة من أوّل الوقت ثم ارتفع العذر أثناء الوقت فما هو الحكم ؟
قال(قده):- وبضمّ عدم القول بالفصل بين الحالتين يثبت الحكم المذكور وهو عدم الإجزاء في الحالة المتعارفة - وهي كون الاضطرار موجوداً من بداية الوقت -.
وفيه:-
أولاً:- إنّه وإن كان الملكف مشغول الذمّة بالصلاة الاختيارية في البداية ولكن بعد أن طرأ العذر ارتفع التكليف بالصلاة الاختيارية وقد جوّزنا له البدار، فالتكليف قد تحوّل إلى الاتيان بالصلاة الاختيارية، فذلك التكليف السابق قد زال حتماً وتبدّل إلى التكليف بالوظيفة الاضطرارية لا أنّه يُشَك في فراغ الذمة منه، وبعد أن ارتفع العذر نشكّ في توجّه التكليف الجديد فنجري البراءة.
ثانياً:- لو سلّمنا هذا فإنه قال:- ( وبضم عدم القول بالفصل يثبت تمام المطلوب )، فنقول:- هذا ليس من موارد ضمّ عدم القول بالفصل، فإنّ عدم القول بالفضل يتمّ في الدليل الاجتهادي، أمّا إذا فرض أنّه لم يكن لديك دليل اجتهادي فهذا الكلام لا معنى له، والمفروض في مقامنا أننا نريد أن نطبّق قاعدة ( الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني ) وهذا أصلٌ من الأصول - كالبراءة العقلية التي تقول يقبح العقاب بلا بيان - وهو لا يثبت اللوازم غير الشرعيّة، فإنه يقول إنَّ ذمتك مشغولة - أي بهذا المقدار فقط - أمّا ما يستتبع ذلك بضمّ عدم القول بالفصل فهذا ساكتٌ عنه وليس له لسان، ففي باب الأصول العمليّة يكون ضمّ عدم القول بالفصل ليس بصحيح فإنّه من قبيل الأصل المثبت، وإنما ينفع ضمّ عدم القول بالفصل في مورد الدليل الاجتهادي.