37/03/11
تحمیل
الموضوع:-مقدمة الواجب.
النكتة الثانية:- إنّ بحث وجوب المقدّمة الذي عقد لأجل هذا المبحث صار هو الشاغل لبال الأصوليين في النهاية، فهم أخذوا يذكرون مقدّماتٍ كثيرة وفي النهاية تعرّضوا لمسالة الوجوب بمقدارٍ يسير، فهم تعرّضوا إلى دليل أبي الحسين البصري الذي نقله صاحب الكفاية(قده) مع مناقشته، وبذلك صار البحث في مقدّمة مبحث مقدّمة الواجب أطول وأكبر من البحث في مقدّمة الواجب نفسها، فهم انشغل بالهم في قضايا من قبيل تقسيم الواجب إلى نفسي وغيري، وتقسمه إلى نفسي وغيري، وإلى واجب ومشروط، ومعلّقٌ ومنجز، ومقدّمات مفوتة،.... الخ، ثم بعد ذلك رجعوا إلى صلب الموضوع وهو أن مقدّمة الواجب واجبة أو لا وتكلموا بشكلٍ قليل كما هو موجود في الكفاية.
النكتة الثالثة:- إنّ بحث مقدّمة الواجب رغم أنّه عميق ومعقّد لكنه قد يكون قليل الفائدة، فإن مقدمة الواجب إذا كانت واجبة ماذا يترتب عليها ؟ وإذا لم تكن واجبة ماذا يترتب عليها ؟ فهل يحصل تغيّر في المواقف ؟ يعني هل هناك ثمرة لوجوب مقدّمة الواجب ثابتة على تقدير وجوب المقدمة وليست ثابتة على تقدير العدم ؟! إنّه قد يصعب تحصيل الثمرة فإنّه حتى لو قلنا بأنّ مقدمة الواجب ليست بواجبة فبالتالي لابد وأن نأتي بذي المقدّمة ولا يمكن أن يتحصّل إلا من خلال المقدّمة، فإثبات الوجوب للمقدّمة لا ينفع شيئاً.
ومن هنا حاول الأصوليون أن يفكّروا في إيجاد ثمرةٍ لهذا البحث حتى انتهى فكر بعضٍ إلى إيجاد الثمرة في النذر مثلاً - كما قرأنا في الكفاية -، والذي أريد أن أقوله هو أنّه بحثٌ ربما يكون قليل الفائدة، ولكن نحن لا نتركه بل نختصره لأنّ فيه بعض النكات المفيدة.
النكتة الرابعة:- إنهم ذكروا تقسيماتٍ متعدّدة للمقدّمة وأخذوا بالبحث والاطالة، من قبيل إنّ المقدّمة تارةً تكون داخلية وأخرى خارجية، ويقصدون بالداخلية الجزء، فالجزء مقدّمة لتحقّق الكلّ وهو مقدّمة داخلية لأنه داخلٌ في الكلّ المركّب، أمّا المقدّمة الخارجية فهي مثل الشرط الشرعي كالوضوء بالنسبة للصلاة أو كالسفر بالنسبة - الذي هو ليس بشرطٍ شرعي - إلى أداء الحج، والذي هو محلّ الكلام والقدر المتيقن هو السفر بالنسبة إلى الحج هل هو واجب أو ليس بواجب، وقد أطالوا الكلام في الأوّل - وهو أنّ الجزء هل هو مقدّمة أو لا - وبحثوا بحثين الأوّل هل الجزء يتّصف بأنه مقدّمة فإنَّ الجزء هو عين الكلّ وهل يصير المقدّمة عين ذي المقدمة وهل تصير المقدّمة عين ذي المقدمة ؟ ووقع نزاعٌ في أنّه يمكن أن يتّصف بالمقدّمة وطرحت آراءٌ في أنّه يمكن ذلك.
والثاني أنهم بحثوا أنّه مقدّمة ولكن هل يتّصف بالوجوب الغيري بعدما اتصف بالوجوب النفسي فإنّ الوجوب المنصبّ على الكلّي المركّب ينصبّ على الأجزاء، فكلّ جزءٍ هو متّصفٌ بالوجوب النفسي غايته نعبّر عنه بالوجوب الضمني فيكف يتّصف بالوجوب الغيري ؟!!
ولكن هذه الأبحاث هي من الترف العلمي وإلا فواضحٌ أنّ هذا ليس بمهمٍّ ونافع عملاً، لأنّ الجزء واجبٌ بالوجوب النفسي فالبحث في كونه واجباً بالوجوب الغيري أو لا لا يؤثر شيئاً، فواضحٌ أنّ بعض هذه الأبحاث لا نفع فيها، ومن المناسب أن نتجاوزها مهما أمكن.
وبعد هذا ندخل في صلب الموضوع:- والكلام يقع في عدّة جهات:-
الجهة الأولى:- تحرير محلّ النزاع، فما هو محلّ النزاع ؟
قد يتصوّر أنّ النزاع هو في الوجب العقلي أعني اللابدية العقلية، فحينما نقول ( السفر يجب من باب المقدّمة للحج ) يعني هل تنازع في الوجوب العقلي ؟! إنّه لا معنى لعاقلٍ أن يبحث هذه القضية إذ من الواضح أنّ الوجوب العقلي ثابتٌ بمعنى لابدية الاتيان بالسفر حتى يمكن الحج وإلا فلا يمكن الحج، فإذن الوجوب العقلي ليس هو محلّ النزاع.
وإنّما محلّ النزاع هو الوجوب الشرعي ولكن التبعي - فيعبّر عن وجوب المقدّمة بالوجوب الشرعي التبعي -.
ولماذا أطلق عليه بأنّه تبعي ؟
إنّه إمّا لأجل أن هذا الوجوب ليس لمصلحةٍ قائمةٍ في فعل نفس المقدّمة بما هي مقدّمة وإنما المصلحة هي تحقّق ذو المقدّمة، فلأجل أن يتحقّق ذو المقدّمة يوجب المولى المقدّمة، فوجوبها صار بالتبع يعني لأجل تحقيق شيءٍ آخر وإلا فالمقدّمة ليست هي المقصود الأصيل.
وإما لأجل أنّه يحتمل أنّه إشارة إلى أنّه وجوبٌ ارتكازي إجماليّ وليس تفصيلياً، باعتبار أنّ المولى قد يغفل عن إيجاب المقدّمة، فهو يوجب ذا المقدّمة ويغفل عن أيجاب المقدّمة فيقول لعبده ( اشتر لي اللحم ) فإنّ هذا يلتفت إليه تفصيلاً لأنّ المصلحة قائمة باللحم أمّا المقدّمة - التي هي الذهاب إلى السوق - فحيث أنها ليس فيها مصلحة فيغفل عنها ولكن وجوبها ثابت في ارتكازه بحيث لو التفت إلى أنه يحتاج الذهاب إلى السوق فسوف يقول للعبد ( يا عبدي اذهب إلى السوق واشتر اللحم ) ولكن عادةً بما أنّه ليست هناك مصلحة في الذهاب إلى السوق بما هو هو فيغفل عن إيجابه له ولكن في نفس الوقت هو واجبٌ بالوجوب الارتكازي الإجمالي، بمعنى أنّه موجودٌ في قلبه لكنّه لا يلتفت إليه نفصيلاً ولو التفت إليه لأوجبه.
فلعلّه سمّي بالتبعي من هذه الناحية أو من تلك الناحية.
النكتة الثانية:- إنّ بحث وجوب المقدّمة الذي عقد لأجل هذا المبحث صار هو الشاغل لبال الأصوليين في النهاية، فهم أخذوا يذكرون مقدّماتٍ كثيرة وفي النهاية تعرّضوا لمسالة الوجوب بمقدارٍ يسير، فهم تعرّضوا إلى دليل أبي الحسين البصري الذي نقله صاحب الكفاية(قده) مع مناقشته، وبذلك صار البحث في مقدّمة مبحث مقدّمة الواجب أطول وأكبر من البحث في مقدّمة الواجب نفسها، فهم انشغل بالهم في قضايا من قبيل تقسيم الواجب إلى نفسي وغيري، وتقسمه إلى نفسي وغيري، وإلى واجب ومشروط، ومعلّقٌ ومنجز، ومقدّمات مفوتة،.... الخ، ثم بعد ذلك رجعوا إلى صلب الموضوع وهو أن مقدّمة الواجب واجبة أو لا وتكلموا بشكلٍ قليل كما هو موجود في الكفاية.
النكتة الثالثة:- إنّ بحث مقدّمة الواجب رغم أنّه عميق ومعقّد لكنه قد يكون قليل الفائدة، فإن مقدمة الواجب إذا كانت واجبة ماذا يترتب عليها ؟ وإذا لم تكن واجبة ماذا يترتب عليها ؟ فهل يحصل تغيّر في المواقف ؟ يعني هل هناك ثمرة لوجوب مقدّمة الواجب ثابتة على تقدير وجوب المقدمة وليست ثابتة على تقدير العدم ؟! إنّه قد يصعب تحصيل الثمرة فإنّه حتى لو قلنا بأنّ مقدمة الواجب ليست بواجبة فبالتالي لابد وأن نأتي بذي المقدّمة ولا يمكن أن يتحصّل إلا من خلال المقدّمة، فإثبات الوجوب للمقدّمة لا ينفع شيئاً.
ومن هنا حاول الأصوليون أن يفكّروا في إيجاد ثمرةٍ لهذا البحث حتى انتهى فكر بعضٍ إلى إيجاد الثمرة في النذر مثلاً - كما قرأنا في الكفاية -، والذي أريد أن أقوله هو أنّه بحثٌ ربما يكون قليل الفائدة، ولكن نحن لا نتركه بل نختصره لأنّ فيه بعض النكات المفيدة.
النكتة الرابعة:- إنهم ذكروا تقسيماتٍ متعدّدة للمقدّمة وأخذوا بالبحث والاطالة، من قبيل إنّ المقدّمة تارةً تكون داخلية وأخرى خارجية، ويقصدون بالداخلية الجزء، فالجزء مقدّمة لتحقّق الكلّ وهو مقدّمة داخلية لأنه داخلٌ في الكلّ المركّب، أمّا المقدّمة الخارجية فهي مثل الشرط الشرعي كالوضوء بالنسبة للصلاة أو كالسفر بالنسبة - الذي هو ليس بشرطٍ شرعي - إلى أداء الحج، والذي هو محلّ الكلام والقدر المتيقن هو السفر بالنسبة إلى الحج هل هو واجب أو ليس بواجب، وقد أطالوا الكلام في الأوّل - وهو أنّ الجزء هل هو مقدّمة أو لا - وبحثوا بحثين الأوّل هل الجزء يتّصف بأنه مقدّمة فإنَّ الجزء هو عين الكلّ وهل يصير المقدّمة عين ذي المقدمة وهل تصير المقدّمة عين ذي المقدمة ؟ ووقع نزاعٌ في أنّه يمكن أن يتّصف بالمقدّمة وطرحت آراءٌ في أنّه يمكن ذلك.
والثاني أنهم بحثوا أنّه مقدّمة ولكن هل يتّصف بالوجوب الغيري بعدما اتصف بالوجوب النفسي فإنّ الوجوب المنصبّ على الكلّي المركّب ينصبّ على الأجزاء، فكلّ جزءٍ هو متّصفٌ بالوجوب النفسي غايته نعبّر عنه بالوجوب الضمني فيكف يتّصف بالوجوب الغيري ؟!!
ولكن هذه الأبحاث هي من الترف العلمي وإلا فواضحٌ أنّ هذا ليس بمهمٍّ ونافع عملاً، لأنّ الجزء واجبٌ بالوجوب النفسي فالبحث في كونه واجباً بالوجوب الغيري أو لا لا يؤثر شيئاً، فواضحٌ أنّ بعض هذه الأبحاث لا نفع فيها، ومن المناسب أن نتجاوزها مهما أمكن.
وبعد هذا ندخل في صلب الموضوع:- والكلام يقع في عدّة جهات:-
الجهة الأولى:- تحرير محلّ النزاع، فما هو محلّ النزاع ؟
قد يتصوّر أنّ النزاع هو في الوجب العقلي أعني اللابدية العقلية، فحينما نقول ( السفر يجب من باب المقدّمة للحج ) يعني هل تنازع في الوجوب العقلي ؟! إنّه لا معنى لعاقلٍ أن يبحث هذه القضية إذ من الواضح أنّ الوجوب العقلي ثابتٌ بمعنى لابدية الاتيان بالسفر حتى يمكن الحج وإلا فلا يمكن الحج، فإذن الوجوب العقلي ليس هو محلّ النزاع.
وإنّما محلّ النزاع هو الوجوب الشرعي ولكن التبعي - فيعبّر عن وجوب المقدّمة بالوجوب الشرعي التبعي -.
ولماذا أطلق عليه بأنّه تبعي ؟
إنّه إمّا لأجل أن هذا الوجوب ليس لمصلحةٍ قائمةٍ في فعل نفس المقدّمة بما هي مقدّمة وإنما المصلحة هي تحقّق ذو المقدّمة، فلأجل أن يتحقّق ذو المقدّمة يوجب المولى المقدّمة، فوجوبها صار بالتبع يعني لأجل تحقيق شيءٍ آخر وإلا فالمقدّمة ليست هي المقصود الأصيل.
وإما لأجل أنّه يحتمل أنّه إشارة إلى أنّه وجوبٌ ارتكازي إجماليّ وليس تفصيلياً، باعتبار أنّ المولى قد يغفل عن إيجاب المقدّمة، فهو يوجب ذا المقدّمة ويغفل عن أيجاب المقدّمة فيقول لعبده ( اشتر لي اللحم ) فإنّ هذا يلتفت إليه تفصيلاً لأنّ المصلحة قائمة باللحم أمّا المقدّمة - التي هي الذهاب إلى السوق - فحيث أنها ليس فيها مصلحة فيغفل عنها ولكن وجوبها ثابت في ارتكازه بحيث لو التفت إلى أنه يحتاج الذهاب إلى السوق فسوف يقول للعبد ( يا عبدي اذهب إلى السوق واشتر اللحم ) ولكن عادةً بما أنّه ليست هناك مصلحة في الذهاب إلى السوق بما هو هو فيغفل عن إيجابه له ولكن في نفس الوقت هو واجبٌ بالوجوب الارتكازي الإجمالي، بمعنى أنّه موجودٌ في قلبه لكنّه لا يلتفت إليه نفصيلاً ولو التفت إليه لأوجبه.
فلعلّه سمّي بالتبعي من هذه الناحية أو من تلك الناحية.