37/01/20
تحمیل
الموضوع: الصوم, كفارة الافطار,
مسألة, 19.
هل أن الاستغفار المأمور به في هذه الروايات كفارة؟ أو لا؟
وما يمكن الاستدلال به على أنه كفارة هو صحيحة ابي بصير المتقدمة حيث أن فيها ظهور بأنه كفارة (فالاستغفار له كفارة).
وكذلك موثقة ابن بكير، عن زرارة (عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : سألته عن شيء من كفارة اليمين فقال : يصوم ثلاثة أيام، قلت : إن ضعف عن الصوم وعجز، قال : يتصدق على عشرة مساكين، قلت : إنه عجز عن ذلك، قال : يستغفر الله ولا يعد فإنه أفضل الكفارة وأقصاه وأدناه فليستغفر الله ويظهر توبة وندامة)[1]
وفي المقابل قد يقال بأنه ليس بدلاً عن الكفارة ويستشهد لذلك بموثقة إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : الظهار إذا عجز صاحبه عن الكفارة فليستغفر ربه وينوي أن لا يعود قبل أن يواقع ثم ليواقع، وقد أجزأ ذلك عنه من الكفارة، فإذا وجد السبيل إلى ما يكفر يوما من الأيام فليكفر، وإن تصدق وأطعم نفسه وعياله فإنه يجزيه إذا كان محتاجا، وإلا يجد ذلك فليستغفر ربه وينوي أن لا يعود فحسبه ذلك - والله - كفارة .)[2]
فالرواية صريحة في وجوب التكفير عند التمكن منه بعد الاستغفار وهو لا ينسجم مع كون الاستغفار بدلاً عن الكفارة لأنه اذا كان كفارة اضطرارية يكون مجزياً ولا تجب الاعادة لو تمكن من المبدل, وهذا هو شأن البدائل الاضطرارية فلو صلى قاعداً يكون مجزياً ولو تمكن من الصلاة قائماً بعد ذلك لا يجب عليه الاتيان بها قائماً, لأن البدل الاضطراري يكون مجزياً ووافياً بالملاك.
ويلاحظ على هذا الوجه هو أن مورد هذه الموثقة هو الظهار بصريح الرواية (الظهار إذا عجز صاحبه...) والظهار اُستثني من صحيحة ابي بصير المتقدمة حيث ورد فيها بعد ذكر الاستغفار كفارة لمن عجز عن الخصال الثلاث (فالاستغفار له كفارة ما خلا يمين الظهار) فكأنه يريد أن يقول بأن الاستغفار يكون كفارة الا في يمين الظهار فأنه لا يكون كفارة, وحينئذ يكون ما ورد في موثقة اسحاق بن عمار من وجوب الكفارة بعد التمكن منها بعد الاستغفار على القاعدة على اساس هذا الاستثناء لأن الاستغفار ليس كفارة في باب الظهار وان كان موجباً لجواز الوطيء والدخول على الزوجة الا أنه لا يعد كفارة في مقام الامتثال فإذا تمكن من الكفارة بعد ذلك وجب عليه الاتيان بها, وحينئذ لا يمكن الاستدلال بموثقة اسحاق بن عمار بأنه في كل مورد اذا تمكن من الكفارة بعد الاستغفار تجب عليه, لكي يجعل ذلك دليلاً على أن الاستغفار ليس بدلاً عن الكفارة فليس هذا الأمر في سائر الموارد, بل يكون على القاعدة في البدائل الاضطرارية فلا تجب الكفارة عليه عند التمكن منها بعد الاستغفار في غير الظهار الذي فيه حكم خاص في ذلك.
وقد يلاحظ على الوجه الاول _الذي يقول بأن الاستغفار بدل عن الكفارة_ أن التعبير الوارد في الروايتين لا يراد به اعتبار الاستغفار كفارة _وان عبر بذلك_ أو بدل عن الكفارة بلحاظ تمام الاثار وإنما المراد انها كفارة من الذنب, فتجب عند عدم القدرة على التكفير, وكأن المدعى أن ما ارتكبه من الذنب عند الافطار عمداً في شهر رمضان يترتب عليه امران الاول الكفارة الاصطلاحية وهي احدى الخصال الثلاث فأن لم يستطع يتصدق بما يطيق والامر الثاني هو وجوب الاستغفار من الذنب وكأن الروايات تريد هذا المعنى فتقول أن لم تستطع من الاتيان بالكفارة الاصطلاحية فأنه يجب عليك الكفار بالمعنى الثاني أي الكفارة من الذنوب.
لكن هذا المعنى خلاف ظاهر صحيحة ابي بصير خصوصاً أن قوله عليه السلام فالاستغفار له كفارة وقع بعد ذكر الكفارة مرتين قبل ذلك(قال : كل من عجز عن الكفارة التي تجب عليه من صوم، أو عتق، أو صدقة في يمين، أو نذر، أو قتل، أو غير ذلك مما يجب على صاحبه فيه الكفارة، فالاستغفار له كفارة) فيكون المراد بالكفارة الكفارة الاصطلاحية لأن قوله عليه السلام (فالاستغفار له كفارة) يوحي بأن المراد بالكفارة هو الكفارة المتقدم ذكرها في الكلام, وهذه قرينة على ذلك والقرينة الاخرى التي تؤيد هذا الكلام هي قوله عليه السلام(فالاستغفار له كفارة ما خلا يمين الظهار) اذ لا وجه لأستثناء الظهار اذا كان المقصود بالاستغفار الاستغفار من الذنوب, وإنما يكون وجه لأستثناءه اذا جعل الاستغفار بدلاً اضطرارياً عن الكفارة, فيستثني الشارع يمين الظهار من هذا الحكم.
ومن هنا يظهر أن الاقرب والاصح _ وفاقاً للمعروف بينهم_ هو أن الاستغفار المأمور به في هذه الروايات لا علاقة له بالاستغفار عن الذنوب وإنما هو بدل عن الكفارة.
ثم قال الماتن (وإن تمكن بعد ذلك منها أتى بها) بالرغم من أنه قال قبل ذلك (استغفر الله ولو مرة بدلا عن الكفارة).
وفرض المسألة الاتيان بالاستغفار عند العجز عن الخصال الثلاث والصوم ثمانية عشر يوماً والتصدق بما يطيق _ كما هو رأي السيد الماتن_ ثم تمكن من الكفارة بعد الاتيان بالاستغفار فأنه يجب عليه الاتيان بالكفارة.
ويمكن تعميم هذا الكلام ونقله من الاستغفار إلى التصدق بما يطيق _بناءً على الرأي الصحيح_ فنتكلم فيه ونقول بأن المكلف اذا جاء بالتصدق بما يطيق ثم تمكن من الكفارة _الخصال الثلاث_ فهل يجب عليه الاتيان بالكفارة أو لا؟
فملاك البحث واحد فبعد أن فرغنا من أن الاستغفار كفارة اضطرارية يمكن ايقاع الكلام بشكل عام, فكل كفارة عجز عنها المكلف ووجب عليه بدلها وجاء به ثم تمكن من الكفارة (المبدل) فأنه يجب عليه الاتيان بها.
بل يمكن أن يقع الكلام عند التمكن من التصدق بما يطيق ايضاً وكذلك الصيام ثمانية عشر يوماً , والظاهر أن مراد السيد الماتن من قوله (وإن تمكن بعد ذلك منها أتى بها) أي من الكفارة _ واتى بها أي بالكفارة _ والمراد من الكفارة الخصال الثلاث .
والحاصل أن الذي يجمع الكل هو أنه اذا عجز عن الكفارة واتى ببدلها ثم تمكن منها فهل يجب عليه الاتيان بها أو لا؟؟ وهذا العنوان عام يشمل جميع الفروع.
وعلى كل حال وجوب الاتيان بالكفارة بعد الاتيان بالاستغفار بناءً على أن الاستغفار ليس بدلاً عن الكفارة واضح وعلى القاعدة لأنه لم يأتي بالكفارة ولا ببدلها ثم تمكن منها بعد ذلك فيجب عليه الاتيان بها.
فالكفارة اذا كانت من الواجبات الموقتة تنتهي بأنتهاء وقتها والقضاء يحتاج إلى دليل لكنها ليس من الموقتات ولا تجب فوراً فإذا لم يتمكن منها الان ثم تمكن من لاحقاً يجب عليه الاتيان بها فأنه لم يصنع شيئاً في الفترة التي بين حال العجز وبين حال التمكن فأنه استغفر الله من الذنب وليس بدلاً عن الكفارة.
وإنما الكلام في حال فرض كونها بدلاً عن الكفارة فهل يجب عليه الاتيان بها أن تمكن بعد ذلك؟ أو لا؟ فالسيد الماتن حكم بوجوب الاتيان بها, وقد يقال بعدم وجوب الاتيان بها بعد ذلك بناءً على البدلية بأعتبار ما ذكرنا من اجزاء البدل الاضطراري عن الواقع اذا جاء به المكلف بشروطه.
لكن هناك نقطة اخرى في المسألة تتحكم في الوصول إلى النتيجة وهي أن العجز المأخوذ موضوعاً لوجوب البدل الاضطراري ما المقصود به؟ هل المقصود به العجز المستمر؟؟ أو العجز في وقت محدد؟؟
بناءً على الاول _العجز المستمر_ يمكن أن يقال بوجوب الاتيان بالكفارة اذا تمكن منها بعد ذلك لأن بتمكنه من الكفارة بعد ذلك يتبين عدم تحقق شرط وموضوع وجوب البدل الذي هو العجز المستمر, فإذا تمكن بعد ذلك فأن هذا يعني لا وجود للعجز المستمر, نعم هو كان يتخيل تحقق الموضوع (العجز المستمر) لكن الواقع اثبت غير ذلك, فيتبين عدم تحقق موضوع وجوب البدل, وبالتالي كأنه لم يأتي بالبدل فيجب عليه الاتيان بالكفارة عند التمكن منها لأن ما جاء به ليس واجباً في الحقيقة لأنه قادر على المبدل وعند القدرة على المبدل لا يجب عليه البدل.
وعلى الثاني _ العجز في وقت محدد_ لا يجب عليه الاتيان بالكفارة بعد الاتيان بالبدل بعد هذا الوقت لما تقدم من أن البدائل الاضطرارية تكون مجزية وكافية ولا تجب معها الاعادة.
والكلام يقع في أن العجز المعتبر في وجوب الكفارة هل هو العجز المستمر أو العجز في وقت محدد؟؟
قد يقال بأنه بحسب القاعدة هو العجز المستمر لعدم تحديد الكفارة في وقت محدد, فهي ليس كالصلاة والصوم, كما انها لا تجب فوراً ( لا فورية دقية ولا عرفية), ومقتضى ادلتها أن العجز المعتبر فيها هو العجز المستمر.
استشكل السيد الحكيم (قد) في المستمسك وقال (إلا أن حمل الدليل عليه في المقام بعيد جدا، لندرة العجز المستمر عن الصدقة بالقليل كما لا يخفى . فالاكتفاء بالعجز العرفي مطلقا، أو مع عدم ظهور أمارة المكنة لا يخلو من قوة)[3]
ويلاحظ _ فنياً_ على هذا الكلام بأنه لو سلمنا مقدماته فأنه لا يستلزم حمل الدليل على الفرد النادر لكي يقال بأنه مستبعد ولا يمكن حمل الدليل عليه ونخرج العجز المستمر ونقول بأن المقصود هو العجز العرفي, والسر في ذلك هو أن المستهجن والقبيح عرفاً في باب الكلام والمحاورات هو تخصيص الدليل بالفرد النادر, لكن اطلاق الدليل للفرد النادر ليس فيه استهجان, كما لو كان الدليل يشمل الفرد النادر وافراد اخرى متعارفة, فنقول أن تخصيص الادلة في المقام بالفرد النادر(العجز المستمر) مستهجن, لكن لا داعي لهذا التخصيص فنقول بأنه يشمل كل عجز ولو كان عجزاً عرفياً, فيكون العجز في الروايات شاملاً للعجز النادر(المستمر) والعجز غير النادر (العرفي) فلا يحصل الاستهجان.
هل أن الاستغفار المأمور به في هذه الروايات كفارة؟ أو لا؟
وما يمكن الاستدلال به على أنه كفارة هو صحيحة ابي بصير المتقدمة حيث أن فيها ظهور بأنه كفارة (فالاستغفار له كفارة).
وكذلك موثقة ابن بكير، عن زرارة (عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : سألته عن شيء من كفارة اليمين فقال : يصوم ثلاثة أيام، قلت : إن ضعف عن الصوم وعجز، قال : يتصدق على عشرة مساكين، قلت : إنه عجز عن ذلك، قال : يستغفر الله ولا يعد فإنه أفضل الكفارة وأقصاه وأدناه فليستغفر الله ويظهر توبة وندامة)[1]
وفي المقابل قد يقال بأنه ليس بدلاً عن الكفارة ويستشهد لذلك بموثقة إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : الظهار إذا عجز صاحبه عن الكفارة فليستغفر ربه وينوي أن لا يعود قبل أن يواقع ثم ليواقع، وقد أجزأ ذلك عنه من الكفارة، فإذا وجد السبيل إلى ما يكفر يوما من الأيام فليكفر، وإن تصدق وأطعم نفسه وعياله فإنه يجزيه إذا كان محتاجا، وإلا يجد ذلك فليستغفر ربه وينوي أن لا يعود فحسبه ذلك - والله - كفارة .)[2]
فالرواية صريحة في وجوب التكفير عند التمكن منه بعد الاستغفار وهو لا ينسجم مع كون الاستغفار بدلاً عن الكفارة لأنه اذا كان كفارة اضطرارية يكون مجزياً ولا تجب الاعادة لو تمكن من المبدل, وهذا هو شأن البدائل الاضطرارية فلو صلى قاعداً يكون مجزياً ولو تمكن من الصلاة قائماً بعد ذلك لا يجب عليه الاتيان بها قائماً, لأن البدل الاضطراري يكون مجزياً ووافياً بالملاك.
ويلاحظ على هذا الوجه هو أن مورد هذه الموثقة هو الظهار بصريح الرواية (الظهار إذا عجز صاحبه...) والظهار اُستثني من صحيحة ابي بصير المتقدمة حيث ورد فيها بعد ذكر الاستغفار كفارة لمن عجز عن الخصال الثلاث (فالاستغفار له كفارة ما خلا يمين الظهار) فكأنه يريد أن يقول بأن الاستغفار يكون كفارة الا في يمين الظهار فأنه لا يكون كفارة, وحينئذ يكون ما ورد في موثقة اسحاق بن عمار من وجوب الكفارة بعد التمكن منها بعد الاستغفار على القاعدة على اساس هذا الاستثناء لأن الاستغفار ليس كفارة في باب الظهار وان كان موجباً لجواز الوطيء والدخول على الزوجة الا أنه لا يعد كفارة في مقام الامتثال فإذا تمكن من الكفارة بعد ذلك وجب عليه الاتيان بها, وحينئذ لا يمكن الاستدلال بموثقة اسحاق بن عمار بأنه في كل مورد اذا تمكن من الكفارة بعد الاستغفار تجب عليه, لكي يجعل ذلك دليلاً على أن الاستغفار ليس بدلاً عن الكفارة فليس هذا الأمر في سائر الموارد, بل يكون على القاعدة في البدائل الاضطرارية فلا تجب الكفارة عليه عند التمكن منها بعد الاستغفار في غير الظهار الذي فيه حكم خاص في ذلك.
وقد يلاحظ على الوجه الاول _الذي يقول بأن الاستغفار بدل عن الكفارة_ أن التعبير الوارد في الروايتين لا يراد به اعتبار الاستغفار كفارة _وان عبر بذلك_ أو بدل عن الكفارة بلحاظ تمام الاثار وإنما المراد انها كفارة من الذنب, فتجب عند عدم القدرة على التكفير, وكأن المدعى أن ما ارتكبه من الذنب عند الافطار عمداً في شهر رمضان يترتب عليه امران الاول الكفارة الاصطلاحية وهي احدى الخصال الثلاث فأن لم يستطع يتصدق بما يطيق والامر الثاني هو وجوب الاستغفار من الذنب وكأن الروايات تريد هذا المعنى فتقول أن لم تستطع من الاتيان بالكفارة الاصطلاحية فأنه يجب عليك الكفار بالمعنى الثاني أي الكفارة من الذنوب.
لكن هذا المعنى خلاف ظاهر صحيحة ابي بصير خصوصاً أن قوله عليه السلام فالاستغفار له كفارة وقع بعد ذكر الكفارة مرتين قبل ذلك(قال : كل من عجز عن الكفارة التي تجب عليه من صوم، أو عتق، أو صدقة في يمين، أو نذر، أو قتل، أو غير ذلك مما يجب على صاحبه فيه الكفارة، فالاستغفار له كفارة) فيكون المراد بالكفارة الكفارة الاصطلاحية لأن قوله عليه السلام (فالاستغفار له كفارة) يوحي بأن المراد بالكفارة هو الكفارة المتقدم ذكرها في الكلام, وهذه قرينة على ذلك والقرينة الاخرى التي تؤيد هذا الكلام هي قوله عليه السلام(فالاستغفار له كفارة ما خلا يمين الظهار) اذ لا وجه لأستثناء الظهار اذا كان المقصود بالاستغفار الاستغفار من الذنوب, وإنما يكون وجه لأستثناءه اذا جعل الاستغفار بدلاً اضطرارياً عن الكفارة, فيستثني الشارع يمين الظهار من هذا الحكم.
ومن هنا يظهر أن الاقرب والاصح _ وفاقاً للمعروف بينهم_ هو أن الاستغفار المأمور به في هذه الروايات لا علاقة له بالاستغفار عن الذنوب وإنما هو بدل عن الكفارة.
ثم قال الماتن (وإن تمكن بعد ذلك منها أتى بها) بالرغم من أنه قال قبل ذلك (استغفر الله ولو مرة بدلا عن الكفارة).
وفرض المسألة الاتيان بالاستغفار عند العجز عن الخصال الثلاث والصوم ثمانية عشر يوماً والتصدق بما يطيق _ كما هو رأي السيد الماتن_ ثم تمكن من الكفارة بعد الاتيان بالاستغفار فأنه يجب عليه الاتيان بالكفارة.
ويمكن تعميم هذا الكلام ونقله من الاستغفار إلى التصدق بما يطيق _بناءً على الرأي الصحيح_ فنتكلم فيه ونقول بأن المكلف اذا جاء بالتصدق بما يطيق ثم تمكن من الكفارة _الخصال الثلاث_ فهل يجب عليه الاتيان بالكفارة أو لا؟
فملاك البحث واحد فبعد أن فرغنا من أن الاستغفار كفارة اضطرارية يمكن ايقاع الكلام بشكل عام, فكل كفارة عجز عنها المكلف ووجب عليه بدلها وجاء به ثم تمكن من الكفارة (المبدل) فأنه يجب عليه الاتيان بها.
بل يمكن أن يقع الكلام عند التمكن من التصدق بما يطيق ايضاً وكذلك الصيام ثمانية عشر يوماً , والظاهر أن مراد السيد الماتن من قوله (وإن تمكن بعد ذلك منها أتى بها) أي من الكفارة _ واتى بها أي بالكفارة _ والمراد من الكفارة الخصال الثلاث .
والحاصل أن الذي يجمع الكل هو أنه اذا عجز عن الكفارة واتى ببدلها ثم تمكن منها فهل يجب عليه الاتيان بها أو لا؟؟ وهذا العنوان عام يشمل جميع الفروع.
وعلى كل حال وجوب الاتيان بالكفارة بعد الاتيان بالاستغفار بناءً على أن الاستغفار ليس بدلاً عن الكفارة واضح وعلى القاعدة لأنه لم يأتي بالكفارة ولا ببدلها ثم تمكن منها بعد ذلك فيجب عليه الاتيان بها.
فالكفارة اذا كانت من الواجبات الموقتة تنتهي بأنتهاء وقتها والقضاء يحتاج إلى دليل لكنها ليس من الموقتات ولا تجب فوراً فإذا لم يتمكن منها الان ثم تمكن من لاحقاً يجب عليه الاتيان بها فأنه لم يصنع شيئاً في الفترة التي بين حال العجز وبين حال التمكن فأنه استغفر الله من الذنب وليس بدلاً عن الكفارة.
وإنما الكلام في حال فرض كونها بدلاً عن الكفارة فهل يجب عليه الاتيان بها أن تمكن بعد ذلك؟ أو لا؟ فالسيد الماتن حكم بوجوب الاتيان بها, وقد يقال بعدم وجوب الاتيان بها بعد ذلك بناءً على البدلية بأعتبار ما ذكرنا من اجزاء البدل الاضطراري عن الواقع اذا جاء به المكلف بشروطه.
لكن هناك نقطة اخرى في المسألة تتحكم في الوصول إلى النتيجة وهي أن العجز المأخوذ موضوعاً لوجوب البدل الاضطراري ما المقصود به؟ هل المقصود به العجز المستمر؟؟ أو العجز في وقت محدد؟؟
بناءً على الاول _العجز المستمر_ يمكن أن يقال بوجوب الاتيان بالكفارة اذا تمكن منها بعد ذلك لأن بتمكنه من الكفارة بعد ذلك يتبين عدم تحقق شرط وموضوع وجوب البدل الذي هو العجز المستمر, فإذا تمكن بعد ذلك فأن هذا يعني لا وجود للعجز المستمر, نعم هو كان يتخيل تحقق الموضوع (العجز المستمر) لكن الواقع اثبت غير ذلك, فيتبين عدم تحقق موضوع وجوب البدل, وبالتالي كأنه لم يأتي بالبدل فيجب عليه الاتيان بالكفارة عند التمكن منها لأن ما جاء به ليس واجباً في الحقيقة لأنه قادر على المبدل وعند القدرة على المبدل لا يجب عليه البدل.
وعلى الثاني _ العجز في وقت محدد_ لا يجب عليه الاتيان بالكفارة بعد الاتيان بالبدل بعد هذا الوقت لما تقدم من أن البدائل الاضطرارية تكون مجزية وكافية ولا تجب معها الاعادة.
والكلام يقع في أن العجز المعتبر في وجوب الكفارة هل هو العجز المستمر أو العجز في وقت محدد؟؟
قد يقال بأنه بحسب القاعدة هو العجز المستمر لعدم تحديد الكفارة في وقت محدد, فهي ليس كالصلاة والصوم, كما انها لا تجب فوراً ( لا فورية دقية ولا عرفية), ومقتضى ادلتها أن العجز المعتبر فيها هو العجز المستمر.
استشكل السيد الحكيم (قد) في المستمسك وقال (إلا أن حمل الدليل عليه في المقام بعيد جدا، لندرة العجز المستمر عن الصدقة بالقليل كما لا يخفى . فالاكتفاء بالعجز العرفي مطلقا، أو مع عدم ظهور أمارة المكنة لا يخلو من قوة)[3]
ويلاحظ _ فنياً_ على هذا الكلام بأنه لو سلمنا مقدماته فأنه لا يستلزم حمل الدليل على الفرد النادر لكي يقال بأنه مستبعد ولا يمكن حمل الدليل عليه ونخرج العجز المستمر ونقول بأن المقصود هو العجز العرفي, والسر في ذلك هو أن المستهجن والقبيح عرفاً في باب الكلام والمحاورات هو تخصيص الدليل بالفرد النادر, لكن اطلاق الدليل للفرد النادر ليس فيه استهجان, كما لو كان الدليل يشمل الفرد النادر وافراد اخرى متعارفة, فنقول أن تخصيص الادلة في المقام بالفرد النادر(العجز المستمر) مستهجن, لكن لا داعي لهذا التخصيص فنقول بأنه يشمل كل عجز ولو كان عجزاً عرفياً, فيكون العجز في الروايات شاملاً للعجز النادر(المستمر) والعجز غير النادر (العرفي) فلا يحصل الاستهجان.