37/03/11
تحمیل
الموضوع: الصوم, كفارة الافطار, مسألة, 25.
ومن الروايات التي يمكن أن يستدل بها على قول المشهور على جواز السفر في شهر رمضان رواية حماد بن عثمان (قال : قلت لابي عبدالله ( عليه السلام ) : رجل من أصحابي قد جاءني خبره من الاعوص[1]وذلك في شهر رمضان (أتلقاه ؟ قال : نعم، قلت : ) أتلقاه وافطر ؟ قال : نعم، قلت : أتلقاه وافطر أم أقيم وأصوم ؟ قال : تلقاه وأفطر)[2] وهذه الرواية يرويها الشيخ الصدوق عن الوشاء عن حماد بن عثمان وطريق الشيخ الصدوق إلى الحسن الوشاء صحيح ومعتبر وكذلك يرويها الشيخ الكليني بسند فيه المعلى بن محمد الذي لم تثبت عندنا وثاقته. والرواية صريحة في جواز السفر في شهر رمضان.
ورواية زرارة (عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ـ في حديث ـ قال : سألته عن الرجل يشيع أخاه اليوم واليومين في شهر رمضان ؟ قال : يفطر ويقصر فان ذلك حق عليه)[3]
وهذه الرواية معتبرة سنداً فهي يرويها الشيخ الطوسي بأسناده عن محمد بن علي بن محبوب عن الحسن عن بن علي عن العباس بن عامر عن ابان عن زرارة, وطريق الشيخ الطوسي إلى محمد بن علي بن محبوب تام والحسن بن علي الظاهر أن المراد به الحسن بن علي بن المغيرة البجلي المنصوص على وثاقته ويحتمل أن يكون المراد به الحسن بن علي بن النعمان المنصوص على وثاقته ايضاً وهما متحدان في الطبقة ومحمد بن علي بن محبوب يروي عن كل منهما وان كانت روايته عن الاول اكثر من روايته عن الثاني, والمقصور بأبان هو ابان بن عثمان الموثق عن زرارة فتكون الرواية تامة سنداً, والرواية ظاهرة الدلالة في جواز السفر.
رواية إسماعيل بن جابر (قال : استأذنت أبا عبدالله ( عليه السلام ) ونحن نصوم رمضان لنلقى وليدا بالاعوص، فقال : تلقه وأفطر)[4]
وهذه الرواية يرويها الشيخ الطوسي بأسناده عن محمد بن علي بن محبوب عن محمد بن الحسين عن الحسين بن عثمان عن اسماعيل بن جابر والرواية بهذا السند تامة وليس فيه من يُتأمل فيه فمحمد بن الحسين هو محمد بن الحسين بن الخطاب وهو رجل ثقة ومنصوص على وثاقته والحسين بن عثمان منصوص على وثاقته ايضاً واسماعيل بن جابر المراد به اسماعيل بن جابر الجعفي وهو منصوص على وثاقته ايضاً.
اختلفوا في المراد بالوليد في هذه الرواية هل أن المقصود به عامل المدينة حيث كان متعارف سابقاً خروج الناس لأستقبال عامل المدينة عندما يُعين وكأن خروجهم مفروض عليهم فيحتمل أن يكون الوليد عامل من عمال الحكومة في ذلك الوقت وقد استأذن الامام للخروج لأستقباله واذا كان كذلك فيحتمل أن القضية فيها نوع من التقية وحينئذ لا يستفاد الجواز من الرواية, ولكن يحتمل أن يكون المراد بالوليد غير هذا (أي غير عامل الحكومة) وحينئذ تكون الرواية دالة على الجواز والشيخ الطوسي حمل الرواية على التقية وكأنه فهم أن الوليد هو احد عمال بني امية أو بني العباس لكن الشيخ صاحب الوسائل يقول يمكن حمل الوليد على غير الوالي الجائر فتكون الرواية دليلاً في محل الكلام.
وموثقة زرارة (عن أبي جعفر ( عليه السلام )، قال : قلت : الرجل يشيع أخاه في شهر رمضان اليوم واليومين ؟ قال : يفطر ويقضي، قيل له : فذلك أفضل أو يقيم ولا يشيعه ؟ قال : يشيعه ويفطر فان ذلك حق عليه)[5] والظاهر أن سند هذه الرواية تام وهو (الكليني عن حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن عدة، عن أبان بن عثمان، عن زرارة، عن أبي جعفر ( عليه السلام )) غاية الأمر انها موثقة لأن (حميد بن زياد بن حماد) كان واقفياً لكنه ثقة ومنصوص على وثاقته وابن سماعه كذلك فالمقصود به الحسن بن محمد بن سماعه وكان من اعلام الواقفة وهو ايضاً ثقة و (عن عدة) يفهم منها عن جماعة أي أن ابن سماعة يرويها عن جماعة وحينئذ اذا اجرينا حساب الاحتمالات واستبعدنا أن تكون هذه العدة كلهم من الضعاف أي استقربنا واطمئننا بوجود ثقة ولو كان شخصاً واحداً وهذا غير بعيد ممن يروي عن الحسن بن محمد بن سماعة فنسبة الثقات فيهم اكثر بكثير من نسبة غير الثقات والضعفاء وهذا بحساب الاحتمالات يعطي نوع من الاطمئنان والوثوق بأن هذه العدة التي يروي عنها ابن سماعة في هذه الرواية يوجد فيها ثقة واحد على الاقل وحينئذ يمكن التعويل عليها, واذا لم يعول على هذا الطرح وشكك فيه فأن الرواية يصعب الالتزام بصحة سندها, وابان بن عثمان تقدم أنه منصوص على وثاقته بلا اشكال.
هذه هي الروايات التي يستدل بها على قول المشهور في جواز السفر في شهر رمضان وفي مقابل ذلك توجد روايات تدل على عدم جواز السفر في شهر رمضان ومنها حديث الاربع مائة المعروف الذي يرويه الشيخ الصدوق في الخصال وهو حديث مهم جداً وفيه فروع كثيرة وفيه آداب وتكاليف شرعية واحكام شرعية والشيخ الصدوق عنون الباب الذي ذكر فيه هذه الحديث بعنوان (علم امير المؤمنين (ع) اصحابه في مجلس واحد اربع مائة باب مما يصلح للمسلم في دينه ودنياه) وهذا العنوان اقتبسه الشيخ الصدوق من نفس الرواية وسند الحديث هو قال الشيخ الصدوق حدثنا ابي رضي الله عنه قال حدثنا سعد بن عبدالله قال حدثني محمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني عن القاسم بن يحيى عن جده الحسن بن راشد عن ابي بصير ومحد بن مسلم عن ابي عبدالله عليه السلام قال حدثني ابي عن جدي عن ابائه أن امير المؤمنين عليه السلام علم اصحابه في مجلس واحد اربع مائة باب ثم ذكر جملة من الاحكام الشرعية وجملة من الآداب ومنها ما نحن فيه كما ورد في الوسائل وفي ( الخصال ) (عن علي ( عليه السلام ) ـ في حديث الاربعمائة ـ قال : ليس للعبد أن يخرج إلى سفر إذا حضر شهر رمضان، لقول الله عز وجل : ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ))[6]
وفيها يستدل الامام عليه السلام على عدم جواز السفر في شهر رمضان بالآية الشريفة وهذه الرواية احدى الروايات التي ذكرنا بأننا نستفيد منها في تفسير الآية الشريفة فهي تؤيد الاحتمال الثاني المتقدم.
والكلام يقع في سند هذه الرواية وليس فيه ممن يمكن أن يتوقف فيه الا القاسم بن يحيى وجده الحسن بن راشد ففي كل منهما كلام , أما القاسم بن يحيى فلم يرد فيه توثيق صريح بالرغم من أن النجاشي ترجمه في كتابه والشيخ الطوسي تعرض له في الفهرست بشكل مفصل لكنهما لم ينصا على وثاقته واكثر من ذلك أن ابن الغضائري ضعفه بصريح العبارة وكذلك العلامة ضعفه بصريح العبارة, لكنه بالرغم من ذلك حاول البعض الاستدلال على وثاقته بأمرين:
الامر الاول: مسألة اكثار الاجلاء الرواية عنه والمقصود بالأجلاء هو ما كان مثل احمد بن محمد بن عيسى ومحمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني الذي يروي عنه في هذه الرواية وهكذا ابراهيم بن هاشم القمي بل يظهر بمراجعة طرق المشايخ إلى كتابه أن هؤلاء هم الذين يروون كتابه كما يظهر من طريق النجاشي إليه وطريق الشيخ الصدوق إليه وطريق الشيخ الطوسي إليه, وهذا مما نؤمن به كبروياً ويمكن الاعتماد عليه فأكثار الرواية من الاجلاء عن شخص دليل على امكان الاعتماد عليه خصوصاً مع ملاحظة تفضيل الرواية عنه على اشخاص اخرين وهم ايضاً ثقاة فهذا يعني وجود الخصوصية في هذا تستوجب الاعتماد عليه لكن الكلام في تحقق الصغرى في المقام ومجرد أن طريق النجاشي إلى كتابه يمر (مثلاً)بأحمد بن محمد بن عيسى أو طريق الشيخ الصدوق يمر بأبراهيم بن هاشم أو يمر بمحمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني هذا قد لا يحقق الاكثار لأنه بالنتيجة يروي كتاباً لا أنه يروي كل رواية من روايات الكتاب وفرق بين الموردين فالإكثار يتحقق كما لو روى الجليل مائة رواية عن شخص مثلاً أما لو كان عنده كتاب وقد مر هذا الكتاب بأحد الاجلاء كما لو مر هذا الكتاب بأحمد بن محمد بن عيسى وقد رواه عنه لأنه اجازه فيه أو تحمله بأحد انواع التحمل المعروفة فأن هذا قد لا يحقق مسألة اكثار الرواية عنه, وهذا قد يُتأمل فيه من هذه الجهة والا فالكبرى تامة.
وما ذكر من قضية اكثار الاجلاء الرواية عنه مع قطع النظر عن خصوصية في احمد بن محمد بن عيسى من رأيه وتعامله مع الضعفاء وتشدده في هذا الجانب إلى أن يصل إلى حد الطرد والنفي والهجران ومن هنا مال جماعة من المحققين إلى أن من يعتمد عليه احمد بن محمد بن عيسى بل من يروي عنه فضلاً عن أن يروي كتابه لابد أن يكون ثقة لا أنه يروي عن شخص ضعيف أو مجهول.
الأمر الثاني: الذي استدل به على وثاقته هو ما ذكره السيد الخوئي (قد) (الأول : أنه لا يبعد القول بوثاقة القاسم بن يحيى لحكم الصدوق بصحة ما رواه في زيارة الحسين عليه السلام، عن الحسن بن راشد، وفي طريقه إليه : القاسم بن يحيى، بل ذكر أن هذه الزيارة أصح الزيارات عنده رواية . الفقيه : في زيارة قبر أبي عبد الله عليه السلام، الحديث ( 1614 و 1615 )، حيث إن في جملة الروايات الواردة في الزيارات ما تكون معتبرة سندا، ومقتضى حكمه مطلقا بأن هذه أصح رواية يشمل كونها أصح من جهة السند أيضا، ولا يعارضه تضعيف ابن الغضائري لما عرفت من عدم ثبوت نسبة الكتاب إليه)[7]
فالسيد الخوئي يستنتج من حكم الشيخ الصدوق بصحة ما رواه القاسم بن يحيى عن جده الحسن بن راشد في زيارة الحسين عليه السلام وان الشيخ الصدوق عندما ذكر هذه الرواية وانها رواية الحسن بن راشد عن الحسين بن ثوير قال (واخترت هذه لهذا الكتاب لأنها أصح الزيارات عندي من طريق الرواية وفيها بلاغ وكفاية .)[8] وقد قال الشيخ الصدوق عند نقل هذه الزيارة (هذه الزيارة رواية الحسن بن راشد عن الحسين بن ثوير عن الصادق عليه السلام)
ويؤيد كلام الشيخ الصدوق أن القاسم بن يحيى وان لم يذكره الشيخ الصدوق في سند هذه الرواية لكن عندما نرجع إلى كامل الزيارات نجد أن نفس الزيارة التي ذكرها الشيخ الصدوق في الفقيه يذكرها الشيخ بن قولويه في كامل الزيارات بهذا الشكل(حدثني أبي وعلي بن الحسين ومحمد بن الحسن رحمهم الله جميعا، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن القاسم بن يحيى، عن الحسن بن راشد، عن الحسين بن ثوير بن أبي فاختة ثم ينقل الزيارة عن الامام عليه السلام)[9]
وهذه الزيارة نفس الزيارة التي ينقلها الشيخ الصدوق في الفقيه مما يعني أن الشيخ الصدوق وان لم يذكر القاسم بن يحيى وقال هذه الرواية رواها الحسن بن راشد لكن مقصوده هذه الرواية التي رواها عنه حفيده القاسم بن يحيى, والشيخ الصدوق يقول هذه الزيارة اصح الزيارات عندي واذا ضممنا إلى ذلك أن في الزيارات(اي زيارات الامام الحسين عليه السلام) التي وردت ما هو صحيح السند, وهذا يكفي في اثبات صحة سند هذه الرواية وامكان الاعتماد على القاسم بن يحيى والحسن بن راشد, نعم لابد من الالتفات إلى أن مجرد تصحيح الشيخ الصدوق للرواية لا يكتفي به السيد الخوئي ويقول بأن هذا ليس فيه دلالة على الوثاقة لأنه يمكن أن يكون التصحيح ناشئ من اصالة العدالة فلا يدل على الوثاقة, لكن الخصوصية في المقام هو أنه يقدمها على سائر الزيارات وبعض هذه الزيارات ثابت بطريق معتبر وصحيح فعندما يفضلها عليها تكون هذه الرواية معتبرة وكافية لأثبات وثاقة القاسم بن يحيى والحسن بن راشد, هذا ما يقوله السيد الخوئي
وما ذكره (قد) وما قبله لا يبعد أن يكون كافياً لأثبات وثاقة القاسم بن يحيى لكن المشكلة هي في تضعيف ابن الغضائري له وكذلك العلامة وهذا يعتمد على موقفنا من تضعيفات ابن الغضائري وما نقول فيها فالسيد الخوئي يقول بعدم ثبوت نسبة الكتاب إلى صاحبه, وحينئذ لا يثبت تضعيف ابن الغضائري لكي يكون هذا التضعيف معارضاً للتوثيق الذي استفدناه من الوجوه السابقة ولذا لا توجد مشكلة عند السيد الخوئي (قد) في الاعتماد على الوجه الثاني وليس له معارض عنده, أما تضعيف العلامة فلا يشكل مشكلة لأنه تبع فيه ابن الغضائري كما نص على ذلك صاحب التعليقة (المحقق البهبهاني) وذلك واضح مما يذكره العلامة في الخلاصة, فهو ينقل اراء الاخرين عادة لا أنه يطلع على بطريق آخر على غير ما وصل إليه الاخرون, وحينئذ يسقط هذا التضعيف لأنه اخذه عن ابن الغضائري والمفروض عدم صحة نسبة الكتاب إليه, فيؤخذ بالتوثيق وعلى هذا الاساس بنى السيد الخوئي (قد) على صحة هذه الرواية.
أما اذا قلنا بصحة نسبة الكتاب إليه كما هو الظاهر وقد ذكرنا ذلك في بعض الابحاث وحينئذ يحصل التعارض بين التوثيق وبين التضعيف والقاعدة في مثل ذلك_ ليس تقديم التضعيف على التوثيق من باب أن الجرح يقدم على المدح_ التساقط فيبقى الرجل بلا توثيق لا أنه يثبت الضعف فيه وحينئذ لا يمكن الاعتماد عليه, هذا غاية ما يمكن أن يقال في مسألة القاسم بن يحيى.
ومن الروايات التي يمكن أن يستدل بها على قول المشهور على جواز السفر في شهر رمضان رواية حماد بن عثمان (قال : قلت لابي عبدالله ( عليه السلام ) : رجل من أصحابي قد جاءني خبره من الاعوص[1]وذلك في شهر رمضان (أتلقاه ؟ قال : نعم، قلت : ) أتلقاه وافطر ؟ قال : نعم، قلت : أتلقاه وافطر أم أقيم وأصوم ؟ قال : تلقاه وأفطر)[2] وهذه الرواية يرويها الشيخ الصدوق عن الوشاء عن حماد بن عثمان وطريق الشيخ الصدوق إلى الحسن الوشاء صحيح ومعتبر وكذلك يرويها الشيخ الكليني بسند فيه المعلى بن محمد الذي لم تثبت عندنا وثاقته. والرواية صريحة في جواز السفر في شهر رمضان.
ورواية زرارة (عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ـ في حديث ـ قال : سألته عن الرجل يشيع أخاه اليوم واليومين في شهر رمضان ؟ قال : يفطر ويقصر فان ذلك حق عليه)[3]
وهذه الرواية معتبرة سنداً فهي يرويها الشيخ الطوسي بأسناده عن محمد بن علي بن محبوب عن الحسن عن بن علي عن العباس بن عامر عن ابان عن زرارة, وطريق الشيخ الطوسي إلى محمد بن علي بن محبوب تام والحسن بن علي الظاهر أن المراد به الحسن بن علي بن المغيرة البجلي المنصوص على وثاقته ويحتمل أن يكون المراد به الحسن بن علي بن النعمان المنصوص على وثاقته ايضاً وهما متحدان في الطبقة ومحمد بن علي بن محبوب يروي عن كل منهما وان كانت روايته عن الاول اكثر من روايته عن الثاني, والمقصور بأبان هو ابان بن عثمان الموثق عن زرارة فتكون الرواية تامة سنداً, والرواية ظاهرة الدلالة في جواز السفر.
رواية إسماعيل بن جابر (قال : استأذنت أبا عبدالله ( عليه السلام ) ونحن نصوم رمضان لنلقى وليدا بالاعوص، فقال : تلقه وأفطر)[4]
وهذه الرواية يرويها الشيخ الطوسي بأسناده عن محمد بن علي بن محبوب عن محمد بن الحسين عن الحسين بن عثمان عن اسماعيل بن جابر والرواية بهذا السند تامة وليس فيه من يُتأمل فيه فمحمد بن الحسين هو محمد بن الحسين بن الخطاب وهو رجل ثقة ومنصوص على وثاقته والحسين بن عثمان منصوص على وثاقته ايضاً واسماعيل بن جابر المراد به اسماعيل بن جابر الجعفي وهو منصوص على وثاقته ايضاً.
اختلفوا في المراد بالوليد في هذه الرواية هل أن المقصود به عامل المدينة حيث كان متعارف سابقاً خروج الناس لأستقبال عامل المدينة عندما يُعين وكأن خروجهم مفروض عليهم فيحتمل أن يكون الوليد عامل من عمال الحكومة في ذلك الوقت وقد استأذن الامام للخروج لأستقباله واذا كان كذلك فيحتمل أن القضية فيها نوع من التقية وحينئذ لا يستفاد الجواز من الرواية, ولكن يحتمل أن يكون المراد بالوليد غير هذا (أي غير عامل الحكومة) وحينئذ تكون الرواية دالة على الجواز والشيخ الطوسي حمل الرواية على التقية وكأنه فهم أن الوليد هو احد عمال بني امية أو بني العباس لكن الشيخ صاحب الوسائل يقول يمكن حمل الوليد على غير الوالي الجائر فتكون الرواية دليلاً في محل الكلام.
وموثقة زرارة (عن أبي جعفر ( عليه السلام )، قال : قلت : الرجل يشيع أخاه في شهر رمضان اليوم واليومين ؟ قال : يفطر ويقضي، قيل له : فذلك أفضل أو يقيم ولا يشيعه ؟ قال : يشيعه ويفطر فان ذلك حق عليه)[5] والظاهر أن سند هذه الرواية تام وهو (الكليني عن حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن عدة، عن أبان بن عثمان، عن زرارة، عن أبي جعفر ( عليه السلام )) غاية الأمر انها موثقة لأن (حميد بن زياد بن حماد) كان واقفياً لكنه ثقة ومنصوص على وثاقته وابن سماعه كذلك فالمقصود به الحسن بن محمد بن سماعه وكان من اعلام الواقفة وهو ايضاً ثقة و (عن عدة) يفهم منها عن جماعة أي أن ابن سماعة يرويها عن جماعة وحينئذ اذا اجرينا حساب الاحتمالات واستبعدنا أن تكون هذه العدة كلهم من الضعاف أي استقربنا واطمئننا بوجود ثقة ولو كان شخصاً واحداً وهذا غير بعيد ممن يروي عن الحسن بن محمد بن سماعة فنسبة الثقات فيهم اكثر بكثير من نسبة غير الثقات والضعفاء وهذا بحساب الاحتمالات يعطي نوع من الاطمئنان والوثوق بأن هذه العدة التي يروي عنها ابن سماعة في هذه الرواية يوجد فيها ثقة واحد على الاقل وحينئذ يمكن التعويل عليها, واذا لم يعول على هذا الطرح وشكك فيه فأن الرواية يصعب الالتزام بصحة سندها, وابان بن عثمان تقدم أنه منصوص على وثاقته بلا اشكال.
هذه هي الروايات التي يستدل بها على قول المشهور في جواز السفر في شهر رمضان وفي مقابل ذلك توجد روايات تدل على عدم جواز السفر في شهر رمضان ومنها حديث الاربع مائة المعروف الذي يرويه الشيخ الصدوق في الخصال وهو حديث مهم جداً وفيه فروع كثيرة وفيه آداب وتكاليف شرعية واحكام شرعية والشيخ الصدوق عنون الباب الذي ذكر فيه هذه الحديث بعنوان (علم امير المؤمنين (ع) اصحابه في مجلس واحد اربع مائة باب مما يصلح للمسلم في دينه ودنياه) وهذا العنوان اقتبسه الشيخ الصدوق من نفس الرواية وسند الحديث هو قال الشيخ الصدوق حدثنا ابي رضي الله عنه قال حدثنا سعد بن عبدالله قال حدثني محمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني عن القاسم بن يحيى عن جده الحسن بن راشد عن ابي بصير ومحد بن مسلم عن ابي عبدالله عليه السلام قال حدثني ابي عن جدي عن ابائه أن امير المؤمنين عليه السلام علم اصحابه في مجلس واحد اربع مائة باب ثم ذكر جملة من الاحكام الشرعية وجملة من الآداب ومنها ما نحن فيه كما ورد في الوسائل وفي ( الخصال ) (عن علي ( عليه السلام ) ـ في حديث الاربعمائة ـ قال : ليس للعبد أن يخرج إلى سفر إذا حضر شهر رمضان، لقول الله عز وجل : ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ))[6]
وفيها يستدل الامام عليه السلام على عدم جواز السفر في شهر رمضان بالآية الشريفة وهذه الرواية احدى الروايات التي ذكرنا بأننا نستفيد منها في تفسير الآية الشريفة فهي تؤيد الاحتمال الثاني المتقدم.
والكلام يقع في سند هذه الرواية وليس فيه ممن يمكن أن يتوقف فيه الا القاسم بن يحيى وجده الحسن بن راشد ففي كل منهما كلام , أما القاسم بن يحيى فلم يرد فيه توثيق صريح بالرغم من أن النجاشي ترجمه في كتابه والشيخ الطوسي تعرض له في الفهرست بشكل مفصل لكنهما لم ينصا على وثاقته واكثر من ذلك أن ابن الغضائري ضعفه بصريح العبارة وكذلك العلامة ضعفه بصريح العبارة, لكنه بالرغم من ذلك حاول البعض الاستدلال على وثاقته بأمرين:
الامر الاول: مسألة اكثار الاجلاء الرواية عنه والمقصود بالأجلاء هو ما كان مثل احمد بن محمد بن عيسى ومحمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني الذي يروي عنه في هذه الرواية وهكذا ابراهيم بن هاشم القمي بل يظهر بمراجعة طرق المشايخ إلى كتابه أن هؤلاء هم الذين يروون كتابه كما يظهر من طريق النجاشي إليه وطريق الشيخ الصدوق إليه وطريق الشيخ الطوسي إليه, وهذا مما نؤمن به كبروياً ويمكن الاعتماد عليه فأكثار الرواية من الاجلاء عن شخص دليل على امكان الاعتماد عليه خصوصاً مع ملاحظة تفضيل الرواية عنه على اشخاص اخرين وهم ايضاً ثقاة فهذا يعني وجود الخصوصية في هذا تستوجب الاعتماد عليه لكن الكلام في تحقق الصغرى في المقام ومجرد أن طريق النجاشي إلى كتابه يمر (مثلاً)بأحمد بن محمد بن عيسى أو طريق الشيخ الصدوق يمر بأبراهيم بن هاشم أو يمر بمحمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني هذا قد لا يحقق الاكثار لأنه بالنتيجة يروي كتاباً لا أنه يروي كل رواية من روايات الكتاب وفرق بين الموردين فالإكثار يتحقق كما لو روى الجليل مائة رواية عن شخص مثلاً أما لو كان عنده كتاب وقد مر هذا الكتاب بأحد الاجلاء كما لو مر هذا الكتاب بأحمد بن محمد بن عيسى وقد رواه عنه لأنه اجازه فيه أو تحمله بأحد انواع التحمل المعروفة فأن هذا قد لا يحقق مسألة اكثار الرواية عنه, وهذا قد يُتأمل فيه من هذه الجهة والا فالكبرى تامة.
وما ذكر من قضية اكثار الاجلاء الرواية عنه مع قطع النظر عن خصوصية في احمد بن محمد بن عيسى من رأيه وتعامله مع الضعفاء وتشدده في هذا الجانب إلى أن يصل إلى حد الطرد والنفي والهجران ومن هنا مال جماعة من المحققين إلى أن من يعتمد عليه احمد بن محمد بن عيسى بل من يروي عنه فضلاً عن أن يروي كتابه لابد أن يكون ثقة لا أنه يروي عن شخص ضعيف أو مجهول.
الأمر الثاني: الذي استدل به على وثاقته هو ما ذكره السيد الخوئي (قد) (الأول : أنه لا يبعد القول بوثاقة القاسم بن يحيى لحكم الصدوق بصحة ما رواه في زيارة الحسين عليه السلام، عن الحسن بن راشد، وفي طريقه إليه : القاسم بن يحيى، بل ذكر أن هذه الزيارة أصح الزيارات عنده رواية . الفقيه : في زيارة قبر أبي عبد الله عليه السلام، الحديث ( 1614 و 1615 )، حيث إن في جملة الروايات الواردة في الزيارات ما تكون معتبرة سندا، ومقتضى حكمه مطلقا بأن هذه أصح رواية يشمل كونها أصح من جهة السند أيضا، ولا يعارضه تضعيف ابن الغضائري لما عرفت من عدم ثبوت نسبة الكتاب إليه)[7]
فالسيد الخوئي يستنتج من حكم الشيخ الصدوق بصحة ما رواه القاسم بن يحيى عن جده الحسن بن راشد في زيارة الحسين عليه السلام وان الشيخ الصدوق عندما ذكر هذه الرواية وانها رواية الحسن بن راشد عن الحسين بن ثوير قال (واخترت هذه لهذا الكتاب لأنها أصح الزيارات عندي من طريق الرواية وفيها بلاغ وكفاية .)[8] وقد قال الشيخ الصدوق عند نقل هذه الزيارة (هذه الزيارة رواية الحسن بن راشد عن الحسين بن ثوير عن الصادق عليه السلام)
ويؤيد كلام الشيخ الصدوق أن القاسم بن يحيى وان لم يذكره الشيخ الصدوق في سند هذه الرواية لكن عندما نرجع إلى كامل الزيارات نجد أن نفس الزيارة التي ذكرها الشيخ الصدوق في الفقيه يذكرها الشيخ بن قولويه في كامل الزيارات بهذا الشكل(حدثني أبي وعلي بن الحسين ومحمد بن الحسن رحمهم الله جميعا، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن القاسم بن يحيى، عن الحسن بن راشد، عن الحسين بن ثوير بن أبي فاختة ثم ينقل الزيارة عن الامام عليه السلام)[9]
وهذه الزيارة نفس الزيارة التي ينقلها الشيخ الصدوق في الفقيه مما يعني أن الشيخ الصدوق وان لم يذكر القاسم بن يحيى وقال هذه الرواية رواها الحسن بن راشد لكن مقصوده هذه الرواية التي رواها عنه حفيده القاسم بن يحيى, والشيخ الصدوق يقول هذه الزيارة اصح الزيارات عندي واذا ضممنا إلى ذلك أن في الزيارات(اي زيارات الامام الحسين عليه السلام) التي وردت ما هو صحيح السند, وهذا يكفي في اثبات صحة سند هذه الرواية وامكان الاعتماد على القاسم بن يحيى والحسن بن راشد, نعم لابد من الالتفات إلى أن مجرد تصحيح الشيخ الصدوق للرواية لا يكتفي به السيد الخوئي ويقول بأن هذا ليس فيه دلالة على الوثاقة لأنه يمكن أن يكون التصحيح ناشئ من اصالة العدالة فلا يدل على الوثاقة, لكن الخصوصية في المقام هو أنه يقدمها على سائر الزيارات وبعض هذه الزيارات ثابت بطريق معتبر وصحيح فعندما يفضلها عليها تكون هذه الرواية معتبرة وكافية لأثبات وثاقة القاسم بن يحيى والحسن بن راشد, هذا ما يقوله السيد الخوئي
وما ذكره (قد) وما قبله لا يبعد أن يكون كافياً لأثبات وثاقة القاسم بن يحيى لكن المشكلة هي في تضعيف ابن الغضائري له وكذلك العلامة وهذا يعتمد على موقفنا من تضعيفات ابن الغضائري وما نقول فيها فالسيد الخوئي يقول بعدم ثبوت نسبة الكتاب إلى صاحبه, وحينئذ لا يثبت تضعيف ابن الغضائري لكي يكون هذا التضعيف معارضاً للتوثيق الذي استفدناه من الوجوه السابقة ولذا لا توجد مشكلة عند السيد الخوئي (قد) في الاعتماد على الوجه الثاني وليس له معارض عنده, أما تضعيف العلامة فلا يشكل مشكلة لأنه تبع فيه ابن الغضائري كما نص على ذلك صاحب التعليقة (المحقق البهبهاني) وذلك واضح مما يذكره العلامة في الخلاصة, فهو ينقل اراء الاخرين عادة لا أنه يطلع على بطريق آخر على غير ما وصل إليه الاخرون, وحينئذ يسقط هذا التضعيف لأنه اخذه عن ابن الغضائري والمفروض عدم صحة نسبة الكتاب إليه, فيؤخذ بالتوثيق وعلى هذا الاساس بنى السيد الخوئي (قد) على صحة هذه الرواية.
أما اذا قلنا بصحة نسبة الكتاب إليه كما هو الظاهر وقد ذكرنا ذلك في بعض الابحاث وحينئذ يحصل التعارض بين التوثيق وبين التضعيف والقاعدة في مثل ذلك_ ليس تقديم التضعيف على التوثيق من باب أن الجرح يقدم على المدح_ التساقط فيبقى الرجل بلا توثيق لا أنه يثبت الضعف فيه وحينئذ لا يمكن الاعتماد عليه, هذا غاية ما يمكن أن يقال في مسألة القاسم بن يحيى.