36/12/05
تحمیل
الموضوع: الصوم, كفارة الافطار, مسألة,15,16,17,18
قال الماتن
(مسألة 15 ) : (لو جامع زوجته الصائمة وهو صائم في النوم لا يتحمل عنها الكفارة ولا التعزير كما أنه ليس عليها شيء ولا يبطل صومها بذلك وكذا لا يتحمل عنها إذا أكرهها على غير الجماع من المفطرات حتى مقدمات الجماع وإن أوجبت إنزالها (.[1]
الفرع الاول في المسألة قوله(لو جامع زوجته الصائمة وهو صائم في النوم ...) وفرقه عن المسألة المتقدمة هو أن الزوجة مستيقظة في المسألة المتقدمة ونائمة في هذا الفرع, ولا يتحمل الزوج الكفارة عنها في المقام بدليل عدم الدليل, لأن التحمل خلاف القاعدة وهو يحتاج إلى دليل, والدليل الذي نخرج به عن القاعدة عبارة عن النص المتقدم والاجماع وكل منهما لا يشمل هذا الفرض (كون الزوجة نائمة) لأنه ناظر إلى ما اذا كان كل منهما مستيقظاً.
فالنص وهو رواية المفضل بن عمر ( عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) في رجل أتى امرأته هو صائم وهي صائمة ، فقال : إن كان استكرهها فعليه كفارتان ، وإن كانت طاوعته فعليه كفارة وعليها كفارة ، وإن كان أكرهها فعليه ضرب خمسين سوطا نصف الحد وإن كانت طاوعته ضرب خمسة وعشرين سوطاً وضربت خمسة وعشرين سوطا)[2]
واضح في عدم الدلالة على المقام لأنها تقول (إن كان استكرهها فعليه كفارتان) والاكراه لا يتصور الا للمستيقظ ولا يمكن تصوره في النائم.
والاجماع توجد فيه عبارة (اكرهها وطاوعته) فمعقد الاجماع مختص بما اذا كان كل منهما مستيقظاً.
ومن هنا يظهر أنه لا يمكن اثبات التحمل في هذا ا لفرض.
نعم منسوب إلى الشيخ الطوسي القول بالتحمل في هذا الفرض.
هذا بالنسبة إلى التحمل.
أما بالنسبة إلى صحة صومها وعدم وجوب شيء عليها فلعدم اختيارها, وبطلان الصوم ووجوب الكفارة يتحققان عند الاختيار وهو غير حاصل في الفرض.
وحينئذ يصح صومها ولا يجب عليها شيء بلا اشكال.
الفرع الثاني وهو قوله (وكذا لا يتحمل عنها إذا أكرهها على غير الجماع من المفطرات....) كالأكل والشرب بل (حتى مقدمات الجماع وإن أوجبت إنزالها)[3] وقد حكم السيد الماتن بعدم التحمل عنها وهو الصحيح لما اشرنا إليه من اختصاص النص ومعقد الاجماع بالجماع ولا دليل على التحمل في غيره من المفطرات, ومقتضى القاعدة الالتزام بعدم التحمل في امثال ذلك, كما لو اكره غير الزوجة على الاكل فلا يتحمل عنه الكفارة ايضاً.
قال الماتن
(مسألة 16 ) : (إذا أكرهت الزوجة زوجها لا تتحمل عنه شيئا (.[4]
والوجه فيه كما تقدم وهو أن التحمل على خلاف القاعدة, ولا نلتزم به الا فيما اذا دل الدليل وهو أما النص أو الاجماع وهما مختصان بإكراه الزوج زوجته على الجماع, لا العكس كما في هذه المسألة.
قال الماتن
(مسألة 17 ) : (لا تلحق بالزوجة الأمة إذا أكرهها على الجماع وهما صائمان فليس عليه إلا كفارته وتعزيره وكذا لا تلحق بها الأجنبية إذا أكرهها عليه على الأقوى وإن كان الأحوط التحمل عنها خصوصا إذا تخيل أنها زوجته فأكرهها عليه (.[5]
أما بالنسبة إلى عدم الحاق الامة بالزوجة فوجهه هو أن الاجماع مختص بالزوجة فلا نتعدى إلى الامة, والنص ليس فيه زوجته وإنما فيه (رجل أتى امرأته) فيقال بأنه لا يشمل الأمة لأن الظاهر أن المراد بامرأته خصوص الزوجة, وقد ذكر العلامة وتبعه ولده فخر المحققين بأن النص يشمل الأمة فأنها يصدق عليها بأنها امرأته, والانصاف أن ذلك غير واضح من الرواية فأن فيها ظهور بأن المراد بها الزوجة ولا يشمل مثل الامة ولا اقل من التشكيك في مثل هذا الشمول.
وقد نقل فخر المحققين الرواية ولم يكن في كلمة (امرأته) ضمير يعود إلى الرجل بل نقلها (امرأة) واذا صح ذلك يمكن تعميمها إلى الامة وغيرها ايضاً, لكن هذا النقل _ كما يذكر صاحب الحدائق_ غير موجود في كتب الاخبار وليس في الفروع منه أي اثر, ولذا لا يمكن التعويل على ذلك.
قد يقال بأن الرواية وان ذكرت (امرأته) لكن يمكن الغاء الخصوصية وشمولها لغير الزوجة, كما لو كان ملاك التحمل منوطاً بإكراه الصائم على استعمال المفطر ولا دخل لكون المكرَه زوجة له, لكن هذا لا يمكن استظهاره من الرواية, ولا يوجد جزم بإلغاء الخصوصية.
ولازم هذا الكلام (كون ملاك التحمل منوطاً بإكراه الصائم على استعمال المفطر) التعدي إلى كل الموارد السابقة التي حكم السيد الماتن بعدم وجوب الكفارة فيها ولا الحاق فيها للزوج الذي اكره زوجته على الجماع, لأن هذا الملاك موجود في اكراه الزوجة لزوجها واكراه الاجنبية واكراه الامة بل حتى في الاكراه على غير الجماع كالإكراه على تناول الاكل والشرب, ومن الصعب جداً الالتزام بذلك مما يكشف على أنه لا يوجد جزم بإلغاء الخصوصية ولا استظهار أن الملاك هو اكراه الصائم على استعمال المفطر.
ومن هنا يظهر أن الاقرب عدم الحاق الامة بالزوجة.
أما الاجنبية التي ذكر الماتن فيها عبارة (على الأقوى) فوجه عدم الالحاق هو ما تقدم من أن النص والاجماع مختص بالزوجة ولا يشمل الاجنبية, لكن بالرغم من ذلك اُدعي الالحاق على اساس الاولوية, والسر في ذلك هو أن تشريع الكفارة إنما هو لأجل العقوبة من جهة وتخفيف الذنب من جهة اخرى, ومن الواضح أن الذنب في حالة اكراه الاجنبية على الجماع (الزنا) اقوى واعظم من اكراه الزوجة, وحينئذ يستدعي الكفارة من باب اولى, لأن الكفارة التي شرعت للذنب الصغير (اكراه الزوج زوجته الصائمة على الجماع) لتخفيف الذنب فمن باب اولى تشريعها اذا كان الذنب كبيراً جداً لأجل تخفيف الذنب.
وهذا الكلام اشبه بأستدلالات العامة !!!
فأن الشارع شرع عقوبات للزنا في الحياة الدنيا ولعله اكتفى بها لتخفيف ذنب الزاني, مضافاً إلى ذلك ما ذكره السيد الخوئي (قد) من أن ذلك يقتضي التحمل في باب اللواط ايضاً, فأنه اشد ذنباً من الزنا, فيقال بأن العقوبة تثبت كلما كان الذنب اكبر من باب اولى, ولكن هذا لا يمكن الالتزام به.
قال الماتن (خصوصا إذا تخيل أنها زوجته فأكرهها عليه) ولعل وجه الخصوصية بنظر السيد الماتن _والله العالم_ هو أن الموطوءة شبهة الحقت بالزوجة في جملة من الموارد, وفي المقام يكون الجماع بتخيل أنها زوجته وطء شبهة, وبناءً على الحاق الموطوءة شبهة بالزوجة فأن ذلك يقتضي من هذه الجهة الاحتياط في التحمل (والاحتياط في المقام استحبابي).
قال الماتن
(مسألة 18 ) : (إذا كان الزوج مفطرا بسبب كونه مسافرا أو مريضا أو نحو ذلك وكانت زوجته صائمة لا يجوز له إكراهها على الجماع وإن فعل لا يتحمل عنها الكفارة ولا التعزير وهل يجوز له مقاربتها وهي نائمة إشكال)[6]
ذكر السيد الماتن ثلاثة احكام في هذه المسألة.
الحكم الاول: وهو قوله (لا يجوز له إكراهها على الجماع).
وظاهر العلامة في القواعد الجواز في المقام وخالفه في ذلك صاحب المدارك من المتأخرين وذهب إلى التحريم.
واُستدل للجواز _ كما في الكلمات المنقولة عن العلامة_ بأنتفاء المقتضي للتحريم, فمقتضي التحريم هو الجماع الذي يفسد صومها وهو ليس كذلك في المقام, فأن هذا الجماع لا يفسد صومها.
وجواب ذلك ما تقدم من أن هذا يصح في باب الالجاء والاجبار حيث لا يبطل صومها, فيقال بعدم المقتضي للتحريم على فرض أن المقتضي هو افساد صومها, لكن في باب الاكراه يبطل صومها, فيكون مقتضي التحريم موجوداً.
الحكم الثاني: وهو قوله (وإن فعل لا يتحمل عنها الكفارة ولا التعزير) لعدم الدليل على ذلك فالنص المتقدم يفترض كونهما صائمين, ومعقد الاجماع كذلك, وحينئذ يقتصر في ما يخالف القاعدة على ما دل عليه الدليل وهو غير فرض المسألة.
وقد يقال في مقابل ذلك(عدم التحمل) بأن المفهوم من النص أن ملاك التحمل هو كون الزوجة صائمة واكرهها على الجماع, فالرواية وان قالت (هو صائم وهي صائمة) لكن اشتراط كونه صائماً لها دخل في وجوب كفارته عليه وليس له دخل في تحمل الكفارة عن زوجته التي اكرهها, وحينئذ اذا اكرهها على الجماع وهو غير صائم فأن ملاك التحمل عن زوجته متحقق فيتحمل الكفارة عنها اعتماداً على النص.
الحكم الثالث: وهو قوله (وهل يجوز له مقاربتها وهي نائمة إشكال)