35/11/13
تحمیل
الموضوع:- أدلة البراءة الشرعية (حديث الرفع) / الأصول العملية.
كنا بصدد تبيان الشواهد لكلام مشهور القدماء أي مشهور ما عدا متاخري الاعصار والشواهد التي ربما يتمسك بها ايضا متاخري الاعصار فإذن مرت بنا عدة شواهد دالة على ان الحكم في قواعد الرفع في العناوين الثانوية المحمول ليس مرفوعاً من جذره أي في مرحلة الانشائية او مرحلة اصل الفعلية وانما المرفوع منه مرتبة من مراتبه وطور من اطواره او قل أثر من آثاره وهو التنجيز، الان يبقى الكلام وهو أي مرتبة من مراتب الحكم المتأخرة هي المرفوعة؟ وهل يقتصر على المؤاخذة فقط او الفعلية التامة او الفاعلية ؟ والجواب عن ذلك ان هذه الامور تحددها القرائن الخاصة في كل قاعدة من القواعد،لكن أيا ما كان المرفوع فان الحكم الانشائي بمراحله واصل الحكم الفعلي متقرر وموجود ليس مرفوع والرفع انما يرفع العزيمة او الكلفة او المؤاخذ. اذن هل ان المرفوع الفعلية التامة كما هو الحال في الصبي او المرفوع الفاعلية ــ والفاعلية ايضا مرتبتين ــ او المرفوع التنجيز؟ هذه تبقى وراء القرائن المرتبطة بعظها بالبعض وبحسب كل قاعدة وقرائنها ولابد ان يُدقق في كل لسان ويتثبت في كل دليل. ومن باب تكملة الفائدة مر بنا ان هذه القواعد الست كلٌ منها له السن واسماء متعددة فإذن لابد ان يعطف بعضها على البعض ولا يمتنع ان لسان من السنة القاعدة ــ ولنفرض قاعدة الحرج او الاضطرار ــ ناظر الى مرتبة التنجيز ولسان آخر ناظر الى مرتبة اخرى فهذا ممكن غير ممتنع ولا تنافي بينهما لان برفع الفاعلية وهي الاسبق لا محالة يرتفع التنجيز فرفع الاسبق يوجب رفع المتأخر اللاحق من مراتب الحكم لكن رفع المتأخر لا يوجب رفع الاسبق وهذا واضح ولا تنافي بين المفادين ــ لو كانا في البين ــ لان احدهما ناظر الى قدر من المفاد والآخر ناظر الى تمام المفاد فهذا معهود في السنة الادلة وليس شيء غريب، عموما المقدار المحصل من حديث الرفع هو رفع المؤاخذة أي رفع الحكم بلحاظ المؤاخذة اما بتقدير لفظة مؤاخذة او المراد من الحكم تلك المرتبة اذا اسندنا الرفع الى الحكم بالقرائن التي مرت بنا ولمزيد من التفسير لمبنى المشهور الذي مر بنا بالأمس انه عبارة عن تزاحم ملاكي لا باس وقبل الدخول في بيان هذا المبنى ان نتعرض لأنواع التزاحم:
النوع الاول:- في باب التزاحم ــ التزاحم له انواع طبعا ــ يوجد عنوان وهو تزاحم امتثالي وهو المعهود المعروف من عنوان التزاحم وهو المبحوث في باب الضد ومعناه التزاحم بين الحكمين في مرحلة الامتثال وهذا واضح.
النوع الثاني:- وهناك تزاحم آخر مر بنا وشيده المشهور وان لم يقبله النائيني (قدس) وتلامذته لكن الصحيح هو رأي المشهور هو تزاحم في باب اجتماع الأمر والنهي ويعبر عنه بالتزاحم الملاكي فهو فعل واحد من جهة واجب ومن جهة حرام يتصادقان على مصداق واحد مثل سجود الصلاة في الدار المغصوبة فهناك جملة من الموارد يكون فيها الفعل مجمعٌ لعنوان الحرمة والوجوب ولكن هنا التدافع بين الحكمين ليس في مرحلة الامتثال لان المكلف يستطيع ان يصلي في مكان آخر غير المكان المغصوب بل التدافع بين الحكمين حاصل في مرحلة الفعلية التامة وليس التدافع بين الحكمين حاصل في مرحلة الفعلية الناقصة. فالفعلية الناقصة ــ كما لا يخفى ــ هي اصل الفعلية للحكم وبدء الفعلية للحكم كما يعبر عنها صاحب الكفاية ـ وهو تعبير من سبقه ــ بالحكم الفعلي من قبل المولى بينما الفعلية التامة يعبر عنها صاحب الكفاية بفعلية الحكم من قبل العبد وتدور هذه المرحلة مدار اصل وجود الموضوع سواء علم المكلف او لم يعلم وقدر على ذلك او لم يقدر فالفعلية الناقصة لا تدور مدار شؤون العبد وانما تدر مدار شؤون تقنين المولى وموضوعه الذي اتخذه، هذه هي الفعلية الناقصة والفعلية التامة هي الفعلية من قبل العبد أي لابد من ملاحظة شؤونه فعلى الاقل عنده قدرة على التفات ولو احتمالي فاذا لم يكن عنده علم تصديقي على الاقل عنده علم تصوري ويعبر عنها بالفعلية التامة يعني ارادة المولى صارة باتة اتجاهه يعني تقبل العبد للإرادة المولى لتحريك المولى صار تاما وان كان التحريك هي الفاعلية لا الفعلية ولكن قابلية الحكم وشؤنه لان يحرك ــ لا نفس التحرك ــ هذه هي الفعلية التامة،هذه بحوث لابد من اتقانها لأنها مؤثرة في ابواب عديدة،وكذا الفاعلية توجد عندنا فاعلية ناقصة و فاعلية تامة. فالفاعلية يعني محركية الحكم باعثية الحكم تحريك الحكم فإما تحريك ناقص وهو الاحتمال او تحريك تام تدور مدار علم المكلف اذا كان عنده علم تصديقي اما اذا كان العلم علما احتماليا تكون فاعلية ناقصة. نرجع الى التزاحم الملاكي في باب اجتماع الأمر والنهي الذي لم يرتضه النائيني (قدس) وتلامذته ومنهم السيد الخوئي(قدس) والحال ان كل من صاحب الكفاية والشيخ الانصاري ارتضوه وارتضاه كل من قبلهم من مشهور الفقهاء الا من ندر طبعا يوجد من ارتضى بهذا المبني من تلامذة النائيني (قدس) وهو السيد محمود الشاهرودي (قدس). المهم اجتماع الأمر والنهي في مورد الاجتماع سواء كان الانضمامي او الاتحادي حتى الاتحادي عند المشهور ليس هناك تعارضٌ بين دليل الحرام ودليل الواجب في باب امتناع اجماع الأمر والنهي فالامتناع غايته يسبب تزاحم وتدافع بين الواجب والحرام ولكن هذا التدافع بين الحكمين أيـن محله؟ الجواب:- هو في الفعلية التامة لا في الفعلية الناقصة أي قبل الفاعلية وقبل التنجيز وقبل الامتثال فلاحظ ان التزاحم الملاكي طبعا التزاحم الملاكي له عدة انواع هذا النوع الذي يقال عنه في باب اجتماع الأمر والنهي وهو تدافع الحكمين في الفعلية التامة فلا يكون فعلية تامة للحرام والواجب في نفس الوقت فإرداة باتةٌ من الشارع وزجرٌ بات من الشارع في وجود واحد هذا غير ممكن فالحكم يكون حينئذ ــ حسب تعبير المشهور والكفاية ــ يكون اقتضائي والمقصود من الحكم الاقتضائي في اصطلاح المشهور يعني الفعلي الناقص أي احدهما الاقوى يطيح بالأضعف وهو يستقر ويكون هو حكم فعلي تام والاضعف يبقى على درجة الحكم الاقتضائية يعني الفعلي الناقص وهذا التزاحم ايضا يعبر عنه بتزاحم المقتضيات، هذا احد انواع التزاحم لكن توجد انواع اخرى موجودة وبكلمة مختصرة بحسب مراحل الحكم الاسبق من الفعلية التامة يتصور تزاحم ايضا بل يقع تزاحم ويعبر عنه بالتزاحم الملاكي ايضا،امس مر بنا بحث حقيقة التخصيص عند القدماء وحقيقية التخصيص نوع من التزاحم الملاكي وآثاره تختلف عن التزاحم الملاكي في باب اجتماع الأمر والنهي والنسخ ايضا نوع من تزاحم المقتضيات وتوجد انواع اخرى ونمثل لما مر بنا من الاقسام لاحظ صلاة الليل كانت في بدء شريعة الاسلام الصلاة الواجبة الوحيدة على المسلمين في السنة الاولى من البعثة هي صلاة اليل فقط نسخ وجوبها في صورة المزمل وشرعت بمعراج النبي الصلوات الخمس الاخرى ولكن كثير من ائمة اهل البيت عليهم السلام لكي يبينون اهمية صلاة الليل يبينون هذه النكتة وهي انها كانت الواجبة وبقي وجوبها على النبي لم ينسخ ونسخ وجوبها في غير النبي صلى الله عليه واله، ولكن لماذا الامام يبين انها كانت واجبة؟
الجواب:- لكي ينبه على ان هذا النسخ لم يرفع الملاك وتشريع هذا المنسوخ عن كل مراحل الحكم لا اقل المرحلة الاولى الانشائية وان كانت الثانية والثالثة ازيلت ورفعت.
المهم اذن هناك انواع متعددة من تزاحم الملاك بحسب مراحل الحكم متباينة عن بعضها البعض وآثارها مختلفة
النوع الثالث:- توجد مرحلة من تزاحم الملاكي يطلق عليه المشهور وهو نوع من انواع التزاحم الملاكي وهو تقريبا ما قبل التشريع حتما مر بكم في بحوث اصول الفقه نظير قوله صلى الله عليه واله (لولا ان اشق على امتي لأمرتهم بالسواك او بالخلال[1]) هنا كلامه صلى الله عليه واله يبين ان ملاك وجوب السواك موجود لا فقط رجحان السواك لكن لأجل سهولة الشريعة وعدم المشقة راعى النبي صلى الله عليه واله ان لا يلزم امته بذلك فهذا يعبر عنه تزاحم ملاكي ما قبل التشريع أي بين سهولة الشريعة الذي يقتضي الاباحة وبين السواك الذي يقتضي الالزام ولكن ما قبل الانشاء وكثير ما تطلق كتب الاصول التزاحم الملاكي على هذا النوع والا فالتزاحم الملاكي له انواع وهذا نوع من انواعه، اذن هناك انواع من التزاحم واحدة منها امتثالي وهناك انواع اخر من التزاحم الملاكي.
النوع الرابع:- هناك نوع آخر من التزاحم وهو تزاحم في احراز الامتثال أي في مرحلة ما قبل المرحلة الاخيرة من مراحل الحكم مثلا اذا علم ان واجب موجود في البين وحرام موجود في البين كما لو كان عنده شخصان وكان احدهما يجب قتله والاخر لا يجوز قتله ولكن لا يعرف من منهما يجب قتله فاذا كنت تريد ان تراعي جانب الحرام فلا بد من ان تترك كل الاطراف ولا تقتل احد واذا كنت تريد ان تراعي جانب الوجوب فلابد ان تأتي بكل الاطراف وتقتل الاثنين فلاحظ هنا التدافع والتزاحم ليس ثبوتا او في الامتثال لان مصداق الواجب غير مصداق الحرام هنا في الواقع فثبوتا لا تزاحم يعني لو انكشف لك الواقع فانه يتمكن من الامتثال لكن الترديد من جهة الاحراز فهذا نوع آخر من التزاحم يعبر عنه بالتزاحم في احراز الامتثال لا في نفس الامتثال.
هذا البحث في حديث الرفع في القواعد الثانوية الخمس عند المشهور ليس تخصيص بل رفع للتنجيز هذا الرفع للتنجيز حقيقته عند المشهور تزاحم ملاكي بين حقيقة العناوين الثانوية المحمول ــ وهو المعروف انه عندما يقال ثانوي المقصود ثانوي المحمول ــ ولكن من أي نمط؟ سنبين. اذا قلنا ان التزاحم ملاكي من قبيل اجتماع الأمر والنهي مثلا فهذا يعني ان اصل الفعلية الناقصة للحكم المرفوع غير مرفوعة وغير مزاله بل متقررة موجودة لانه في اجتماع الأمر والنهي حكمان فعليان ناقصان يتدافعان في مرحلة الفعلية التامة وقد يصور حكمان فعليان تامان يتدافعان في مرحلة الفاعلية غير التزاحم الامتثالي لان التزاحم الامتثالي تدافع الحكمين في الامثتال أي الامتثال ممتنع اما اذا صورنا هناك تزاحم في الفاعلية او في الفعلية التامة هذا تزاحم ملاكي من نمط آخر وليس تزاحم امتثالي المشهور يقولون ــ وهو الصحيح ــ ان هذه العناوين الثانوية الست او التسع هذه الرفع فيها بسبب التزاحم الملاكي ولكن بين ماذا وماذا التزاحم الملاكي؟
الجواب:- طرف منه ادلة الاحكام الاولية المرفوع التنجيز فيها والطرف الثاني سهولة الشريعة وسماحة الشريعة ﴿يريد الله بكم ولا يريد بكم العسر[2]﴾ و ﴿الان خفف الله عنكم[3]﴾ و ﴿يضع عنهم اصرهم والاغلال التي في اعناقهم[4]﴾ فالشريعة سمحة سهلة بيضاء تدافع المشقة الموجودة في الاحكام الاولية وتدافع الضرر الموجود في بعض الاحكام الاولية لذلك دققوا لسانها واحد لا ضرر ولا ضرار في الاسلام نفس النكتة لان الاسلام شريعة سهلة سمحة وكذا ما جعل عليكم في الدين من حرج لان الدين شريعة سمحه سهلة نفس رفع عن امتي ما لا يطيقون ببركاته هو صلى الله عليه واله هذه العناوين الستة في الحقيقة عناوين سماحة وسهولة الشريعة تزاحكم الاحكام الاولية اذا طراء عليها ما ينافي السهولة والسماحة واليسر فاين التدافع يكون ؟
الجواب:- يكون في مرحلة الفعلية التامة او الفاعلية لا في اصل الفعلية، اصلا معنى التزاحم ان كلاهما موجود وليس تخصيص الا انواع نادرة من انواع التزاحم الملاكي والا فالتزاحم يقتضي وجودهما لا ان احدهما يخصص ويرفع الاخر من راس.
كنا بصدد تبيان الشواهد لكلام مشهور القدماء أي مشهور ما عدا متاخري الاعصار والشواهد التي ربما يتمسك بها ايضا متاخري الاعصار فإذن مرت بنا عدة شواهد دالة على ان الحكم في قواعد الرفع في العناوين الثانوية المحمول ليس مرفوعاً من جذره أي في مرحلة الانشائية او مرحلة اصل الفعلية وانما المرفوع منه مرتبة من مراتبه وطور من اطواره او قل أثر من آثاره وهو التنجيز، الان يبقى الكلام وهو أي مرتبة من مراتب الحكم المتأخرة هي المرفوعة؟ وهل يقتصر على المؤاخذة فقط او الفعلية التامة او الفاعلية ؟ والجواب عن ذلك ان هذه الامور تحددها القرائن الخاصة في كل قاعدة من القواعد،لكن أيا ما كان المرفوع فان الحكم الانشائي بمراحله واصل الحكم الفعلي متقرر وموجود ليس مرفوع والرفع انما يرفع العزيمة او الكلفة او المؤاخذ. اذن هل ان المرفوع الفعلية التامة كما هو الحال في الصبي او المرفوع الفاعلية ــ والفاعلية ايضا مرتبتين ــ او المرفوع التنجيز؟ هذه تبقى وراء القرائن المرتبطة بعظها بالبعض وبحسب كل قاعدة وقرائنها ولابد ان يُدقق في كل لسان ويتثبت في كل دليل. ومن باب تكملة الفائدة مر بنا ان هذه القواعد الست كلٌ منها له السن واسماء متعددة فإذن لابد ان يعطف بعضها على البعض ولا يمتنع ان لسان من السنة القاعدة ــ ولنفرض قاعدة الحرج او الاضطرار ــ ناظر الى مرتبة التنجيز ولسان آخر ناظر الى مرتبة اخرى فهذا ممكن غير ممتنع ولا تنافي بينهما لان برفع الفاعلية وهي الاسبق لا محالة يرتفع التنجيز فرفع الاسبق يوجب رفع المتأخر اللاحق من مراتب الحكم لكن رفع المتأخر لا يوجب رفع الاسبق وهذا واضح ولا تنافي بين المفادين ــ لو كانا في البين ــ لان احدهما ناظر الى قدر من المفاد والآخر ناظر الى تمام المفاد فهذا معهود في السنة الادلة وليس شيء غريب، عموما المقدار المحصل من حديث الرفع هو رفع المؤاخذة أي رفع الحكم بلحاظ المؤاخذة اما بتقدير لفظة مؤاخذة او المراد من الحكم تلك المرتبة اذا اسندنا الرفع الى الحكم بالقرائن التي مرت بنا ولمزيد من التفسير لمبنى المشهور الذي مر بنا بالأمس انه عبارة عن تزاحم ملاكي لا باس وقبل الدخول في بيان هذا المبنى ان نتعرض لأنواع التزاحم:
النوع الاول:- في باب التزاحم ــ التزاحم له انواع طبعا ــ يوجد عنوان وهو تزاحم امتثالي وهو المعهود المعروف من عنوان التزاحم وهو المبحوث في باب الضد ومعناه التزاحم بين الحكمين في مرحلة الامتثال وهذا واضح.
النوع الثاني:- وهناك تزاحم آخر مر بنا وشيده المشهور وان لم يقبله النائيني (قدس) وتلامذته لكن الصحيح هو رأي المشهور هو تزاحم في باب اجتماع الأمر والنهي ويعبر عنه بالتزاحم الملاكي فهو فعل واحد من جهة واجب ومن جهة حرام يتصادقان على مصداق واحد مثل سجود الصلاة في الدار المغصوبة فهناك جملة من الموارد يكون فيها الفعل مجمعٌ لعنوان الحرمة والوجوب ولكن هنا التدافع بين الحكمين ليس في مرحلة الامتثال لان المكلف يستطيع ان يصلي في مكان آخر غير المكان المغصوب بل التدافع بين الحكمين حاصل في مرحلة الفعلية التامة وليس التدافع بين الحكمين حاصل في مرحلة الفعلية الناقصة. فالفعلية الناقصة ــ كما لا يخفى ــ هي اصل الفعلية للحكم وبدء الفعلية للحكم كما يعبر عنها صاحب الكفاية ـ وهو تعبير من سبقه ــ بالحكم الفعلي من قبل المولى بينما الفعلية التامة يعبر عنها صاحب الكفاية بفعلية الحكم من قبل العبد وتدور هذه المرحلة مدار اصل وجود الموضوع سواء علم المكلف او لم يعلم وقدر على ذلك او لم يقدر فالفعلية الناقصة لا تدور مدار شؤون العبد وانما تدر مدار شؤون تقنين المولى وموضوعه الذي اتخذه، هذه هي الفعلية الناقصة والفعلية التامة هي الفعلية من قبل العبد أي لابد من ملاحظة شؤونه فعلى الاقل عنده قدرة على التفات ولو احتمالي فاذا لم يكن عنده علم تصديقي على الاقل عنده علم تصوري ويعبر عنها بالفعلية التامة يعني ارادة المولى صارة باتة اتجاهه يعني تقبل العبد للإرادة المولى لتحريك المولى صار تاما وان كان التحريك هي الفاعلية لا الفعلية ولكن قابلية الحكم وشؤنه لان يحرك ــ لا نفس التحرك ــ هذه هي الفعلية التامة،هذه بحوث لابد من اتقانها لأنها مؤثرة في ابواب عديدة،وكذا الفاعلية توجد عندنا فاعلية ناقصة و فاعلية تامة. فالفاعلية يعني محركية الحكم باعثية الحكم تحريك الحكم فإما تحريك ناقص وهو الاحتمال او تحريك تام تدور مدار علم المكلف اذا كان عنده علم تصديقي اما اذا كان العلم علما احتماليا تكون فاعلية ناقصة. نرجع الى التزاحم الملاكي في باب اجتماع الأمر والنهي الذي لم يرتضه النائيني (قدس) وتلامذته ومنهم السيد الخوئي(قدس) والحال ان كل من صاحب الكفاية والشيخ الانصاري ارتضوه وارتضاه كل من قبلهم من مشهور الفقهاء الا من ندر طبعا يوجد من ارتضى بهذا المبني من تلامذة النائيني (قدس) وهو السيد محمود الشاهرودي (قدس). المهم اجتماع الأمر والنهي في مورد الاجتماع سواء كان الانضمامي او الاتحادي حتى الاتحادي عند المشهور ليس هناك تعارضٌ بين دليل الحرام ودليل الواجب في باب امتناع اجماع الأمر والنهي فالامتناع غايته يسبب تزاحم وتدافع بين الواجب والحرام ولكن هذا التدافع بين الحكمين أيـن محله؟ الجواب:- هو في الفعلية التامة لا في الفعلية الناقصة أي قبل الفاعلية وقبل التنجيز وقبل الامتثال فلاحظ ان التزاحم الملاكي طبعا التزاحم الملاكي له عدة انواع هذا النوع الذي يقال عنه في باب اجتماع الأمر والنهي وهو تدافع الحكمين في الفعلية التامة فلا يكون فعلية تامة للحرام والواجب في نفس الوقت فإرداة باتةٌ من الشارع وزجرٌ بات من الشارع في وجود واحد هذا غير ممكن فالحكم يكون حينئذ ــ حسب تعبير المشهور والكفاية ــ يكون اقتضائي والمقصود من الحكم الاقتضائي في اصطلاح المشهور يعني الفعلي الناقص أي احدهما الاقوى يطيح بالأضعف وهو يستقر ويكون هو حكم فعلي تام والاضعف يبقى على درجة الحكم الاقتضائية يعني الفعلي الناقص وهذا التزاحم ايضا يعبر عنه بتزاحم المقتضيات، هذا احد انواع التزاحم لكن توجد انواع اخرى موجودة وبكلمة مختصرة بحسب مراحل الحكم الاسبق من الفعلية التامة يتصور تزاحم ايضا بل يقع تزاحم ويعبر عنه بالتزاحم الملاكي ايضا،امس مر بنا بحث حقيقة التخصيص عند القدماء وحقيقية التخصيص نوع من التزاحم الملاكي وآثاره تختلف عن التزاحم الملاكي في باب اجتماع الأمر والنهي والنسخ ايضا نوع من تزاحم المقتضيات وتوجد انواع اخرى ونمثل لما مر بنا من الاقسام لاحظ صلاة الليل كانت في بدء شريعة الاسلام الصلاة الواجبة الوحيدة على المسلمين في السنة الاولى من البعثة هي صلاة اليل فقط نسخ وجوبها في صورة المزمل وشرعت بمعراج النبي الصلوات الخمس الاخرى ولكن كثير من ائمة اهل البيت عليهم السلام لكي يبينون اهمية صلاة الليل يبينون هذه النكتة وهي انها كانت الواجبة وبقي وجوبها على النبي لم ينسخ ونسخ وجوبها في غير النبي صلى الله عليه واله، ولكن لماذا الامام يبين انها كانت واجبة؟
الجواب:- لكي ينبه على ان هذا النسخ لم يرفع الملاك وتشريع هذا المنسوخ عن كل مراحل الحكم لا اقل المرحلة الاولى الانشائية وان كانت الثانية والثالثة ازيلت ورفعت.
المهم اذن هناك انواع متعددة من تزاحم الملاك بحسب مراحل الحكم متباينة عن بعضها البعض وآثارها مختلفة
النوع الثالث:- توجد مرحلة من تزاحم الملاكي يطلق عليه المشهور وهو نوع من انواع التزاحم الملاكي وهو تقريبا ما قبل التشريع حتما مر بكم في بحوث اصول الفقه نظير قوله صلى الله عليه واله (لولا ان اشق على امتي لأمرتهم بالسواك او بالخلال[1]) هنا كلامه صلى الله عليه واله يبين ان ملاك وجوب السواك موجود لا فقط رجحان السواك لكن لأجل سهولة الشريعة وعدم المشقة راعى النبي صلى الله عليه واله ان لا يلزم امته بذلك فهذا يعبر عنه تزاحم ملاكي ما قبل التشريع أي بين سهولة الشريعة الذي يقتضي الاباحة وبين السواك الذي يقتضي الالزام ولكن ما قبل الانشاء وكثير ما تطلق كتب الاصول التزاحم الملاكي على هذا النوع والا فالتزاحم الملاكي له انواع وهذا نوع من انواعه، اذن هناك انواع من التزاحم واحدة منها امتثالي وهناك انواع اخر من التزاحم الملاكي.
النوع الرابع:- هناك نوع آخر من التزاحم وهو تزاحم في احراز الامتثال أي في مرحلة ما قبل المرحلة الاخيرة من مراحل الحكم مثلا اذا علم ان واجب موجود في البين وحرام موجود في البين كما لو كان عنده شخصان وكان احدهما يجب قتله والاخر لا يجوز قتله ولكن لا يعرف من منهما يجب قتله فاذا كنت تريد ان تراعي جانب الحرام فلا بد من ان تترك كل الاطراف ولا تقتل احد واذا كنت تريد ان تراعي جانب الوجوب فلابد ان تأتي بكل الاطراف وتقتل الاثنين فلاحظ هنا التدافع والتزاحم ليس ثبوتا او في الامتثال لان مصداق الواجب غير مصداق الحرام هنا في الواقع فثبوتا لا تزاحم يعني لو انكشف لك الواقع فانه يتمكن من الامتثال لكن الترديد من جهة الاحراز فهذا نوع آخر من التزاحم يعبر عنه بالتزاحم في احراز الامتثال لا في نفس الامتثال.
هذا البحث في حديث الرفع في القواعد الثانوية الخمس عند المشهور ليس تخصيص بل رفع للتنجيز هذا الرفع للتنجيز حقيقته عند المشهور تزاحم ملاكي بين حقيقة العناوين الثانوية المحمول ــ وهو المعروف انه عندما يقال ثانوي المقصود ثانوي المحمول ــ ولكن من أي نمط؟ سنبين. اذا قلنا ان التزاحم ملاكي من قبيل اجتماع الأمر والنهي مثلا فهذا يعني ان اصل الفعلية الناقصة للحكم المرفوع غير مرفوعة وغير مزاله بل متقررة موجودة لانه في اجتماع الأمر والنهي حكمان فعليان ناقصان يتدافعان في مرحلة الفعلية التامة وقد يصور حكمان فعليان تامان يتدافعان في مرحلة الفاعلية غير التزاحم الامتثالي لان التزاحم الامتثالي تدافع الحكمين في الامثتال أي الامتثال ممتنع اما اذا صورنا هناك تزاحم في الفاعلية او في الفعلية التامة هذا تزاحم ملاكي من نمط آخر وليس تزاحم امتثالي المشهور يقولون ــ وهو الصحيح ــ ان هذه العناوين الثانوية الست او التسع هذه الرفع فيها بسبب التزاحم الملاكي ولكن بين ماذا وماذا التزاحم الملاكي؟
الجواب:- طرف منه ادلة الاحكام الاولية المرفوع التنجيز فيها والطرف الثاني سهولة الشريعة وسماحة الشريعة ﴿يريد الله بكم ولا يريد بكم العسر[2]﴾ و ﴿الان خفف الله عنكم[3]﴾ و ﴿يضع عنهم اصرهم والاغلال التي في اعناقهم[4]﴾ فالشريعة سمحة سهلة بيضاء تدافع المشقة الموجودة في الاحكام الاولية وتدافع الضرر الموجود في بعض الاحكام الاولية لذلك دققوا لسانها واحد لا ضرر ولا ضرار في الاسلام نفس النكتة لان الاسلام شريعة سهلة سمحة وكذا ما جعل عليكم في الدين من حرج لان الدين شريعة سمحه سهلة نفس رفع عن امتي ما لا يطيقون ببركاته هو صلى الله عليه واله هذه العناوين الستة في الحقيقة عناوين سماحة وسهولة الشريعة تزاحكم الاحكام الاولية اذا طراء عليها ما ينافي السهولة والسماحة واليسر فاين التدافع يكون ؟
الجواب:- يكون في مرحلة الفعلية التامة او الفاعلية لا في اصل الفعلية، اصلا معنى التزاحم ان كلاهما موجود وليس تخصيص الا انواع نادرة من انواع التزاحم الملاكي والا فالتزاحم يقتضي وجودهما لا ان احدهما يخصص ويرفع الاخر من راس.