34/02/10
تحمیل
الموضوع: الشك في حجية الامارة
كان الكلام في الشك في الحجية ومما تقدم من نقاط تبين ان المقتضي للتنجيز كما ذكر جملة من القدماء موجود في كل احتمال وظن
وكما ذكر المحقق العراقي في بعض كلماته ان الاحتمال والشك فيه امارية وان الشك فيه حيثية امارية وهو الاحتمال الموجود فيه بدرجة متوسطة كاشفة عن الواقع وحيثية تحيريّة
والوجه في ذلك هو ان الاحتمال فيه ارائه ومعه فيكون درجة من العلم والإدراك ففيه مقتضي التنجيز
فالاصل في الامارات اقتضاء التنجيز الاّ ان يحول عنها حائل وحينئذ فمجيئ الدليل بتلك الحجية يمكن حمله على تخصيص وتقييد البرائة الشرعية أو البرائة العقلية وبالتالي ابقاء هذا الاحتمال على منجزيته التكوينية
فمقتضى القاعدة لولا البرائة الشرعية والبرائة العقلائية الممضاة من قبل الشارع هو منجزية كل احتمال وكل امارة تكوينا غاية الأمر الشارع مقابل هذا الاقتضاء الفوقي أتى بالبرائة الشرعية أو البرائة العقلية فتنقلب القاعدة الى اصالة عدم حجبية كل امارة الاّ مادلّ عليه الشارع
حينئذ في غير موارد العلم بدرجة القطع واليقين فمجيئ الأدلة الخاصة الدال على اعتبار الامارات مخصص للعموم بالدرجة الثانية أي بالدرجة الثانية أتى بالبرائة والاّ فالعموم الأولي هو اقتضاء كل احتمال للتنجيز والحجية وبالدرجة الثانية بالبرائة
فالقاعدة الأولية من الدرجة الاولى هو منجزية وحجية كل امارة تكوينا عقليا وبمجيئ البرائة الشرعية والبرائة العقلائية الممضاة أصبح العكس فان كل احتمال ليس بحجة وليس بمنجز الاّ ان يأتي الشارع بمخصص لهذا العموم
وان الأدلة المخصصة لهذا العموم تكون من الدرجة الثالثة وهذه المخصصات للدرجة الثالثة تقدم انه يمكن تفسيرها بأنها تفيد مجعولية هذه الاحتمالات ويمكن تفسيرها بأنها تخصص العموم بالدرجة الثانية أي البرائة وتبقي العموم الأول على حاله في بعض الموارد
كيف ان البرائة بالدرجة الثانية لم تخرج العموم من القطع واليقين إنما اخرجت البرائة ماعدى اليقين والقطع من بقية الظنون والاحتمالات واذا أتت أدلة مخصصة فإنها سترجع الاحتمالات والظنون الخاصة الى العموم من الدرجة الاولى
نلفتكم الى نكتة وهي ان هنا توجد درجة اولى وثانية وثالثة فنلاحظ في بحث الانسداد يقال ان البرائة لايمكن التمسك بها في كل مكان والاّ لضاعت كل الأحكام باعتبار ان الانسداد يتبنى انه لاعموم من الدرجة الثالثة أو الرابعة وفقظ موجود العموم من الدرجة الاولى والثانية فيحاول الانسدادي في بحث الانسداد ان يقول ان البرائة التي هي درجة ثانية غير موجودة ويصبح كل احتمال وظن عند المجتهد حجة ويبقى العموم الأول لذا عرف عن الانسداديّن ان ظن المجتهد حجة وقد عبر البعض ان الترجيح عند المجتهد حجة ومنجز لأن المجتهد المفروض ان يأخذ بالاحتمال الراجح لا المرجوح
فالمقصود انه بعد تبّن هذه الامور والنقاط في الحجية والاحتمال فنقول هل الشك في الحجية يساوق عدمها مع وجود البرائة؟
تقرر في بحث البرائة العقلائية الممضاة أو البرائة الشرعية ان البرائة بعد الفحص والبرائة قبل الفحص ليس عمومها حجة سواء كان الشك والفحص عن حكم واقعي أو الشك والفحص عن حكم ظاهري أو عن الحكم الظاهري للحكم الظاهري فقد يقرر للحكم الظاهري طبقات مترامية فكما ان الحكم الظاهري لأجل استكشاف الحكم الفقهي الواقعي أو تعيين الوظيفة تجاهة فلو شككنا في الحكم الظاهري الاصولي فيأتي فيه حكم اصولي فاحص عنه وكاشف له والكاشف عن ماهو كاشف عن الواقع ومن باب المثال فان ظهور الآيات في حجية الخبر الواحد فان نفس الخبر الواحد حكم ظاهري يقوم عن الحكم الفقهي الواقعي فظهور الآيات في حجية خبر الواحد هو حكم اصولي في طول حجية الخبر الواحد فهو حكم ظاهري اثبت لنا حكما ظاهريا آخر قائما على كشف الواقع ويعبر عنه بترامي الحكم الاصولي وقد اشار اليه السيد بحر العلوم كما وقد اشار اليه الشيخ الانصاري بأن الحكم الظاهري يترامى
وحينئذ نلتفت الى ان الحجيبة المجعولة بالظنون الخاصة إنما يقف عليها المجتهد بالفحص فان الفقيه يبحث عن الحكم الاصولي كما يبحث ويفحص عن الحكم الفقهي
وبعبارة اخرى كما ان للشارع تشريعات تأسيسية أو امضائة أو ارشادية وكما ان للشارع اعتبارات ومجعولات في مضمار الحكم الواقعي الفقهي تصل الينا ولابد من الفحص عن أدلتها كذا للشارع تشريعات في الحكم الاصولي تصل الينا لابد من الفحص عنها وهذه التشريعات لها أدلتها
كما ان الفحص عن الحكم الفقهي الواقعي ليس من الضروري ان يوصلنا الى كل ماهو واصل فكم من حكم فقهي نرى الفقهاء يختلفون في استنباطه فالمدار في وصول الأحكام سواء التشريعات الفقهية الأولية أو التشريعات الاصولية المترامية وغيرها فالمدار في وصولها هو الوصول النوعي وليس الوصول الشخصي ومعه فان عدم الوجدان لايدل على عدم الوجود النوعي فالمدار على الصول النوعي
أيضا للشارع تشريعات في الحكم الفقهي قد لاتكون واصلة وصولا نوعيا بأن تكون واصلة وصولا شخصيا أو أصلا ليست بواصلة
فالتشريعات للشارع سواء في مضمار الحكم الفقهي أو مضمار الاصولي قد لاتكون واصلة وصولا نوعيا أو قد تكون واصلة ولكن هذا لايضر كونها قد شرعت من قبل الشارع