34/04/12
تحمیل
الموضوع: حجية ظواهر القران الكريم
وصل بنا الكلام الى هذا الموضوع من استدلال الاخباريين من وجود علم اجمالي بالمخصصات او المقيدات او التحريف مما يوجب سقوط القران الكريم عن حجية الظواهر
وقد أجاب الأعلام أجوبة متعددة فمثلا أجاب صاحب الكفاية بأن هذا العلم الاجمالي غير موجود في آيات الأحكام بل هو موجود في آيات العقائد
ولكننا نعتمد على جوابين مهمين:
أما الجواب الأول: فقد تقدم وهو الذي وقفنا عليه من بيان أمير المؤمنين (عليه السلام) في كتاب الاحتجاج للطبرسي في رواية سؤال الزنديق فبيّن (عليه السلام) ان حجية القران هي حجية متكاملة مهما جرت يد التعتيم عليه فان الحق الكامل يوجد في القران الكريم مهما كان
ولعل هذا هو أحد أسرارا التكرار والبيان في آيات القران الكريم فان الحقائق لايمكن ان تضيع في القران الكريم باعتبار وحدة المنظومة وتكاملها فيه
واما الجواب الثاني: فان التشريعات والعمومات والمطلقات وغيرها الواردة في التشريع ليست تنضبط في الدلالة والحجية على المراد الواقعي والجدّي للشارع فقط في المطلقات والمقيدات التي هي في عرضها بل كما تقدم انها تنضبط بمنظومة كل التشريع ربما عبّر عنها الفقهاء بدرجات العموم
وهذه الدرجات هي ان العامل الثاني أخص من الأول والثالث أخص من الثاني والرابع أخص من الثالث فالسبب في تسميته بالعام الرابع وذلك لأنه أضيق دائرة واخص فان قصر هذا العموم الرابع فنذهب الى العموم الثالث وهكذا الى ان نصل الى العموم الأول
فالمعروف في درجات العموم في باب التعارض عند العلاج أو في باب العام والخاص مطلق ومقيد والمطلق نسبي تحت ماهو أضيق منه والمقيد هو نسبي أيضا ويندرج تحته مقيد أضيق
وقد تكون رتب العمومات والأدلة حسب قوة الكاشفية كالعموم والظاهر وقوي الظهور والأظهر والصريح والنص وآبي عن التأويل فهذه مراتب في الدلالة بين الأدلة بلحاظ هذه الدلالة
فكلما قصر نطاق المتقدم نذهب الى المتأخر وهكذا كما لو قصر نطاق الظهور فنذهب الى الاظهر
لكن هناك درجات اخرى غير هذا المطلب وهي شبيه بالعموم المفسر ولكن هذان النموذجان الذي ذكره الأعلام هي من باب المراتب من جهة الاثبات وهناك مراتب في الأدلة من جهة الثبوت اي ليس بلحاظ سعة وضيق الدليل أو بلحاظ قوة دلالة الدليل بل بلحاظ واقع التقنين فهذه مراتب في التشريع لكنها لاترتبط بالعام والخاص ولا بالمطلق والمقيّد
حينئذ جوابنا وجواب الاصوليين للأخباريين هو ان انضباط دلالة الأدلة في التشريع وفي الدلالة وفي بيان المراد الجدي للشارع ليس فقط في العام والخاص وبالمطلق والمقيد أو بالاقوى دلالة فإن انضباط التشريعات في الأصل ثبوتا هي بالاصول الشرعية الفوقية الثبوتية المنحدر منها التشريع
فانضباط التشريعات ليس فقط بلحاظ العمومات والمخصصات العرضية في مقام الاثبات والدلالة أو بما هو أقوى دلالة بل انضباطها بالاصول التشريعية المنحدرة منه وليس أصل التشريع واحد وهو يعني انضباطها بأن التشريع لايخالف الكتاب والسنة وهذه كلمة جامعة بينّها القران الكريم وبينها أهل البيت (عليهم السلام) لذا فان أعظم ضابطة بالتواتر عند الفريقين هو ماوافق الكتاب والسنة فخذه وماخالف الكتاب والسنة فاطرحه
فهذه أعظم ضابطة ثبوتية وهي ان المنظومة هي الكتاب والسنة ففی الأصل مایتوهمه الأخبارییون أو الاصولیون کذلک من انه اذا ورد ظاهر من الكتاب ليس عليه رواية في ذيله بدلالة خاصة من السنة فالأخباريون لايعملمون بها بينما الاصوليون قالوا نعمل بها ولكن الجواب لانعمل بها منفردة بل حتى الآية من القران لانعمل بها منفردة بل نخاطب الأخباريين ونقول كذا الرواية المعتبرة لانعمل بها
فالحجية مجموعية في الأصل وليست منفردة لذا فان تشدد القدماء بأن خبر الآحاد الصحيح ليس حجة منفردة فلايمكن تأسيس تشريع لأجل رواية واحدة آحاد
فمجموع محكمات العقل ومحكمات الكتاب ومحكمات السنة ومحكمات الوجدان غير متشابهة بل مجموع محكماتها بما هو مجموع حجة فطبيعة الحجج مجموعية
وهذا هو الرجوع الى الأدلة الأربعة وهي الكتاب والسنة والعقل الحصولي والوجدان ثم قلنا ان هذه الحجج الأربع لها طبقات محكم فمحكم وأبده فأبده فهي منظومة مجموعية واحدة وان الحجية ليست حجية منفردة