34/06/17
تحمیل
الموضوع: حجية خبر الواحد
الآية الاولى: التي استدل بها على حجية الخبر الواحد وهي آية النبأ في سورة الحجرات يا أيها الذين آمنوا ان جائكم فاسق بنبأ فتبينوا عسى ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على مافعلتم نادمين وتقريب الاستدلال ان هناك مفهوم الشرط ومفهم اللقب
فعنوان غير الفاسق وهو العادل فينتفي الحكم بانتفاء اللقب وهو التبين وهو التفحص ففي خبر العادل لايتبين بل يعتمد عليه
أو بتقريب الجملة الشرطية فانه ان لم يجيء الفاسق بل جاء العادل بالخبر فلا تتبينوا فعلى التقريبين تتم حجية الخبر العادل
وهذا إجمال تقريب الاستدلال بالآية الكريمة على حجية الخبر الواحد بمفهوم الشرط أو مفهوم اللقب
الاّ انه يعترض بداية اعتراضين مهمين كما يصفهما الشيخ الأنصاري وهما
الاعتراض الأول: على بنيان نفس التقريب فان هذا التقريب اما أن يعتمد على مفهوم الوصف واللقب وهذا المفهوم غير حجة لاسيما وان هنا ليس مفهوم اللقب أو الوصف المعتمد على الموصوف بل غير المعتمد على الموصوف وهو من أضعف أنواع الوصف
وهنا لايلتزم بوجود المفهوم للجملة اشرطية هنا لان الشرط في الآية الكريمة مسوق لتحقيق الموضوع كما في ان رزقت ولدا فاختنه فان لم ترزق فهو من السالبة بانتفاء الموضوع ومعه فلاتكون تلك الشرطية دالة على المفهوم إنما الشرطية الدالة على المفهوم لو كان الموضوع مغايرا للشرط
فالموضوع له حالتان حالة مع الشرط فيثبت وحالة ينتفي الشرط ويبقى الموضوع فيثبت المفهوم وينتفي الجزاء بانتفاء الشرط وغالبا هذا هو المنوال الطبيعي للقضية الشرطية وهذا الاشكال معروف
الاعتراض الثاني: عن هذا الاشكال في تقريب المفهوم وبني على تمامية المفهوم شرطية أو وصف أو معا فيبقى اشكال في المنطوق بنفسه يهدم المفهوم فالمفهوم متصدع من جهتين اصل تقؤيب وبيان الجملة الشرطية غير تام وتصدع اخر من جهة التعليلل وهو فتبينوا عسى ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على مافعلتم نادمين فإن إصابة القوم بالجهالة هو من الإحتمال فلعل الإصابة بالجهالة من دون علم فتلحق الندامة فإن الندامة والخطأ كما هو موجود في خبر الفاسق فهو بعينه موجود في خبر العادل
فالاشكال الثاني بالدقة هو ممانعة التعليل عن تكوّن المفهوم الدال على حجية الخبر العادل فلاتصل النوبة الى تقريب ان المفهوم وهو حجية خبر العادل أخص من عموم التعليل في المنطوق فلو وصلت النوبة فيقال ان حجية الخبر العادل أخص من عموم التعليل في المنطوق فلا تصل النوبة له
فالتعليل في المنطوق يمانع عن أصل تكوّن المفهوم لا أن تصل النوبة للمفهوم وهو أخص نسبة من عموم التعليل وهذا التقريب ربما يتنبى ويقرر
وهذا التعليل لاتصل له النوبة لأن منافاة المنطوق والتعليل بالمنطوق للمفهوم ليس بعد تقرر المفهوم بل الممانعة الاولى قبل تقرر وتكوّن المفهوم فلو كان حجية خبر العادل فيه دليل آخر لكان اخص من عموم التعليل وهو مخصص لكن في خصوص المقام المفهوم لايتكوّن للدلالة على حجية الخبر العادل كي تصل النوبة لكي يقال انه أخص مطلقا من التعليل لأن المفهوم تولده وتكونه من المنطوق فهو تبعي لشؤون دلالة المنطوق
فإن الدال على المفهوم كما قرر في بحث المفاهيم هو خصوصية في المنطوق فالمفهوم تبعي وتولده من رحم وخصوصية المنطوق ففي المنطوق خصوصوة اخرى ممانعة للخصوصية الاولى وهو التعليل ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على مافعلتم نادمين أي الندامة لأجل فوت الواقع وهذا التعليل موجود في العموم وهو يمانع عن تولد وتكون المفهوم
هنا في المقام ميزة خاصة وهي ان هذا المفهوم الممانع له ماهو سبب له وهو المنطوق نعم في موارد اخرى المفهوم يقدم على عموم منطوق أعم منفصل فهذا مسلم بينهم
وربما يلتزم ان المفهوم الأخص يقدم على عموم المنطوق الأعم لنفسه الاّ انه في المقام لانلتزم بذلك لأن عموم المنطوق في المقمام متضمن لتعليل وهذا التضمن للتعليل يقوي جانب المنطوق ويمانع عن أصل تولّد وتكوّن المفهوم
فإن أخصية المنطوق واضح تقدمها على عمومية المنطوق نفسه فضلا عن عموم المنطوق المنفصل وهذا صحيح لكن في المقام ميزة خاصة توجب عدم الالتزام بذلك من ان المفهوم الأخص لايقدم على عموم المنطوق لنفيسه أو لغيره
وذلك لأن هذا المنطوق متضمن لتعليل قوي وان العلة عقلية وعقلائية آبية عن التخصيص فهذا المفهوم لهذه الآية في هذا المنطوق يمانع في بدأ تولده وتكونه وهنا تكمن المشكلة
فهذان اشكالان أوّليّان يذكران على الاستدلال بالآية وهما كيفية تحصيل مفهوم الوصف او الشرط مع ان الجملة الشرطية مسوقة لتحقيق الموضوع والاشكال الثاني جهة التعليل التي تمانع عن أصل تكوّن المفهوم وهناك اشكالات اخرى سنأتي عليها
هنا الأعلام مجهريا قاموا بالتدقيق في الآية وهذا هو منهج الاستنباط الدقيق فذكروا معطيات عديدة في المنطوق
المعطية الاولى: ماهو الموضوع والشرط في الجملة الشرطية فهل الشرط هو نبأ الفاسق أو ان الشرط هو مجيء الفاسق بالنبأ؟
فلو كان الشرط هو نبأ الفاسق فاشكال المشهور صحيح لأن النبأ قد زال فلا تبيّن في المفهوم فهو معتبر وحجة
أما اذا كان الموضوع هو نفس النبأ والشرط أحد اسباب التحقيق وليس الكل فاذا انتفى فلا تنتفي الاسباب الاخرى فهنا لاتكون الجملة الشرطية مسوقة لتحقيق الموضوع
وقد جعل الشيخ هنا ان الشرط هو نبأ الفاسق ومعه فيكون نبأ الفاسق هو موضوع التبين فلايبقى الموضوع لكي يتصور تقرر المفهوم فان الجملة الشرطية انما تدل على المفهوم في الموارد التي يكون لها موضوع أعم تقررا من المنطوق ومن المفهوم حينئذ يكون للجملة الشرطية مفهوم
وأما الموارد التي يكون فيها تواجد الموضوع فقط مع تواجد الشرط فالجملة الشرطية مسوقة لتحقيق الموضوع ولاتدل على المفهوم وهذه الحذاقة في التدقيق لابد ان تكون في يوميات الفقه والمعارف والتفسير
ونلاحظ الفاظ الاية بالدقة يا أيها الذين آمنوا ان جائكم فاسق بنبأ فالنبأ موضوع ومتعلق للجزاء فتبينوا فتثبتوا النبأ وهو مطلق وطبيعي فهذه الجملة الشرطية ليست مسوقة للموضوع بل الموضوع في هذه الجملة الشرطية عام
الميرزا النائيني يبيّن نفس المطلب بعبارة اخرى وهو يحدد الموضوع وقبل ذلك ننبه على ان الاستنباط يعني ان الانسان عندما يتلقى الدليل فان الجملة لها تركيب فقهي وقانوني واصول قانوني فان تركيب الجملة بلحاظ لغة الفقه والاصول والقانون يختلف عن تركيب الجملة بلحاظ علم النحو والبلاغة
فمن الخطأ ان نحسب ان تركيب الجملة القانوني أو الفقهي أو الاصولي هو عين تركيبها البلاغي أو النحوي فهذا من أكبر الخطأ والعفوية في الاستدلال والاستنباط