36/02/02
تحمیل
الموضـوع:- أحكام
المصدود - مسألة ( 440 ).
أما بالنسبة الذي صدّ عن أصل دخول مكة:- فهذا هو القدر المتيقّن مما دلّ على حكم المصدود وأنّه يذبح في مقامه فيتحلّل في مكانه كما ذكر(قده).
وأمّا إذا فرض أنّه فسح له المجال لدخول مكّة ولكن مُنِع من الموقفين أو على الأقل منع من الوقوف بالمشعر فيمكن أن يقال في توجيه تطبيق حكم المصدود عليه:- هو أنّ ما دلّ على أنّ المصدود يتحلّل لو سلّمنا أنّ ظاهرها أو المنصرف منها هو المصدود عن أصل دخول مكة ولكن هذا مأخوذٌ بنحو الطريقيّة إلى الأعمال المطلوبة منه، فالصدّ عن دخول مكة مأخوذٌ عرفاً بما هو صدٌّ عن الأعمال الواجبة فالمهم هو الأعمال الواجبة، وهذا الانسان وإن فُسِح له الدخول إلى مكّة لكن بالتالي هو لا يتمكن من مزاولة الأعمال، فعلى هذا الأساس يكون مشمولاً لحكم المصدود بعد الالتفات إلى قضيّة المرآتيّة التي أشرنا إليه.
أجل نلفت النظر إلى قضيّةٍ:- وهي أنّه لو فسح له المجال في دخول مكة ومُنِع من الموقفين ولكن فسح له المجال بلحاظ الطواف والسعي فقيل له إذا أردت أن تطوف أو تسعى فلا مانع ولكن لا يمكنك الذهاب إلى الموقفين فهنا هل يقتصر في تحلّله على الهدي أو يلزمه الاتيان بعمرة مفردة ؟
يمكن أن يقال:- إنّ ما دلّ على أنّ المصدود يتحلّل بالهدي - يعني أنه لو مُنِع من الأعمال ولا يتمكن منها - والمفروض أن هذا يتمكن من التحلّل بالعمرة المفردة فيمكن التشكيك في شمول ما دلّ على حكم المصدود له وأنّه يتحلّل بالهدي في مكانه، إنّه يمكن أنّ يشكّك في شموله له بعد فرض قدرته على الإتيان بالعمرة المفردة والتحلّل من خلالها، فإذا شك في ذلك فسوف يشكّ في حصول التحلّل له لو ذبح الهدي فقط ومقتضى الاستصحاب بقاء الإحرام فلذلك يكون من المناسب له الجمع بين الوظيفتين إذا أراد الاحتياط وذلك بأن يأتي بأعمال العمرة المفردة فيطوف ويقصّر ويسعى ويأتي أيضاً بطواف النساء كما أنّه يأتي بوظيفة المصدود - وهو الهدي - لأنه يريد أن يحتاط لأنه يحتمل أنّ حكم المصدود ثابتٌ في حقّه فعلى هذا الأساس إذا أريد الاحتياط فطريقته هي هذه - أعني الجمع بين الوظيفتين بالشكل الذي اشرنا إليه -، وحيث يشك في شمول ورايات المصدود له فحينئذٍ يكون هذا الاحتياط مناسباً إذا الأحوط لمثل هذا الشخص الذي يتمكن من الطواف والسعي أن يجمع بين الوظيفتين.
إن قلت:- لِمَ استصحبتَ بقاء الاحرام ؟! فإن لنا طريقةً نمنع بها الاستصحاب من الأساس وذلك بأن نقول:- إنّ هذا الشخص نشكّ في أصل انعقاد إحرامه فلا معنى حينئذٍ لجريان الاستصحاب إذ لا توجد حالةٌ متيقّنةٌ سابقةٌ حتى يجري استصحابها .
قلت:- هذا وجيهٌ إذا لم تكن لدبنا روايات الصدّ، أمّا بعد الالتفات إليها فهي تدلّ بوضوح على أنّ الاحرام ينعقد ولا يتحلّل إلا بالمحلّل.
إذن القاعدة وإن اقتضت عدم حصول الاحرام من البداية لأن الحج واجبٌ ارتباطيٌّ فإذا لم يمكن الاتيان بباقي الأجزاء ينكشف أنه لا أمر بالجزء الأوّل ولكن بعد مجيء روايات الصدّ فالإحرام يكون ثابتاً ونشكّ في أنّه يزول حكم الاحرام بمجرّد الهدي كما دلّت عليه روايات المصدود أو لا ؟ فعلى هذا الأساس المناسب هو الاحتياط بالشكل الذي أشرنا إليه.
كما ونشير إلى أنّ ما أتى به لا يكون مجزياً عن الحج الواجب عليه لأنه لم يأتِ بالحج ويجب عليه آنذاك التحفظ على الاستطاعة إن أمكن بقاؤها، فهذا بالتالي هو مستطيعٌ ويجب عليه الاتيان بالحج، وما سبق حيث إنّه لا حجّ فلا يكون مجزياً، ودليل حكم المصدود لا يستفاد منه الاجزاء بل أقصى ما يستفاد منه أنّه يتحلّل من خلال الهدي أمّا أنّ الذمّة تفرغ من الوجب بذلك فلا دلالة فيه على ذلك، وما دام لا دلالة فنبقى نتمسّك بمقتضى القاعدة وهو أنّه مادامت الاستطاعة يمكن التحفّظ عليها فيجب عليه الاتيان بالحج في العام المقبل وإن لم يمكنه ففيما بعده.
إذن ما ذكره في الحالة الأولى من أنه يتحلّل بالهدي شيءٌ وجيهٌ لروايات المصدود ولكن إذا كان يمكنه الاتيان بالطواف والسعي فمن المناسب الاحتياط بالجمع بين الوظيفتين.
وأمّا بالنسبة إلى الحالة الثانية - أعني من أتى بالموقفين وأتى بأعمال منى ولكنه مُنِع من الطواف والسعي -:- ففي مثل هذه الحالة ذكرنا إنّه يوجد شقّان، فإن لم يمكنه النيابة فالمناسب في مثل هذه الحالة هو التحلّل بالهدي - يعني يطبّق عليه حكم المصدود - والوجه في ذلك هو أنّه لا يُحتمل شيءٌ غير ذلك فإنّه لا معنى للتحلّل بالعمرة المفردة كما أشرنا لأنّ العمرة المفردة قوامها الطواف والسعي وهذا ممنوعٌ منهما، فإذن لابد وأن يطبّق حكم المصدود إذ لا يوجد احتمالٌ آخر.
وإن شئت قلت:- هنا يوجد مجالٌ للتمسّك بإطلاق ما دلّ على حكم المصدود، أو نتمكن أن نقول:- إنّه بقطع النظر عن الاطلاق لا نحتمل شيئاً آخر بل يتعيّن هذا.
إن قلت:- لماذا الحاجة إلى التحلّل بالهدي إذ هو قد تحلّل في اليوم العاشر حينما أتى بأعمال منى والتي منها التقصير أو الحلق فإنّه به قد أحلّ من المحرّمات وإذا أحلّ فليترك الطواف والسعي ويذهب إلى أهله بلا حاجة إلى هدي.
قلت:- إنّه بقيت عليه حرمة النساء والطيب ...، فبالتالي بقيت عليه بعض المحرّمات فعلى هذا الأساس لأجل أن يتحلّل منها لابد وأن يأتي بالهدي - يعني يطبق أحكام المصدود عليه - حتى يحلّ من إحرامه بشكلٍ كاملٍ وتحلّ له بقيّة المحرّمات.
وبالجملة:- حيث لا يحتمل ثبوت شيءٍ عليه غير حكم المصدود فيكتفي بتطبيق حكم المصدود عليه.
وأمّا إذا أمكنته النيابة فهل الوظيفة آنذاك هي النيابة فينيب شخصاً للطوافين وللسعي وبذلك يحصل الحلّ التام بلا حاجة إلى تطبيق حكم المصدود إذ هو قد أتى بكلّ الأعمال المطلوبة منه غايته أنّه أتى بأكثرها بالمباشرة وبالنسبة إلى الطوافين والسعي فقد أتى بهما بالنيابة ؟
فإذا قلنا يشمله حكم النيابة فحينئذ ينيب شخصاً وبالتالي لا حاجة إلى تطبيق حكم المصدود - أي التحلّل بالهدي -، وأمّا إذا فرض أنّ حكم النيابة لا يشمله فيلزم أن يطبّق حكم المصدود بعدما فرض أنه باقٍ على الاحرام فلأجل الحلّ لابد وأن يطبق أحكام المصدود، وبالتالي لا يجزي عن حجة الاسلام أيضاً لأنّ ما أتى به ناقصٌ وإجزاء الناقص عن التام يحتاج إلى دليلٍ ولا دليل على ذلك إذ الفرض أنّ دليل الصدّ لا يدلّ على الإجزاء، وهذا بخلافه إذا قلنا بأنّه تصحّ منه النيابة فإنه يجزيه آنذاك عمّا اشتغلت به ذمته.
وبالجملة:- هل دليل النيابة تشمله وبالتالي تفرغ ذمّته من الواجب عليه أو لا يشمله فيطبق حكم المصدود ولازم ذلك عدم الاجزاء عن الواجب أو أنّ هناك تفصيلاً ؟
والجواب:- الأقوال في ذلك ثلاثة، ومنشأ هذه الأقوال شيءٌ واحدٌ وهو أنّ أدلة النيابة هل فيها إطلاقٌ يشمل مثل هذه الحالة أو لا ؟ فمن قال بوجود الاطلاق جزم بأنّ حكمه أنّه ينيب ويجزي عنه حينئذٍ، ومن أنكر الاطلاق طبّق حكم الصدّ، ومن فصّل في دليل النيابة يفصّل حينئذٍ في الإجزاء وعدمه.
وألفت النظر إلى أنّ الأدلّة الواردة في صحّة النيابة في الطواف والسعي هي روايات الكسير والمبطون حيث قالت:- ( الكسير والمبطون يرمى عنهما )، كما توجد عندنا رواية في المريض وكذلك المغمى عليه فإنه يرمى عنهما، فأقصى ما عندنا هو هذا ولا توجد عندنا رواية تقول:- ( كلّ من لا يتمكّن من الطواف والسعي ينيب ) حتى نتمسّك بعمومها أو إطلاقها.
والأقوال هي:-
القول الأوّل:- وهو لصاحب الجواهر(قده)[1] حيث إنّه طبق أحكام المصدود، والنيابة وإن كانت ممكنةً ولكن حكمه ليس هو النيابة . وقلنا إنّه بالتالي لابد وأن يرتّب عليه عدم الإجزاء.
الثاني:- وهو أنّ أدلّة النيابة تعمّ، وقد ذهب إليه الشيخ النائيني(قده) في متن دليل الناسك[2] . وبالتالي يلزم أن يحكم بالاجزاء.
الثالث:- ما ذهب إليه السيد الماتن(قده)[3] وهو التفصيل بين ما إذا كان بَعدُ في منى ومُنِع من دخول مكة فهنا يطبّق حكم المصدود ولا يجزيه عمله ولا تبرأ به ذمته، وبين ما إذا فرض أنّه دخل مكة ولكنّه منع الطواف والسعي ففي مثل هذه الحالة تحقّ له النيابة . والوجه في هذا لتفصيل على ما ذكر هو أنّ أدلّة النيابة ناظرة إلى من كان داخل مكة فحينما قيل:- ( المبطون يُطاف عنه ) يعني المفروض أنّه داخل مكة ومادام هو في مكة فيرمى حينئذٍ عنه، فعلى هذا الأساس الذي هو في خارج مكّة لا تشمله الأدلّة وإنما تشمل من كان داخل مكة فقط.
وأنا أساعد السيد الخوئي(قده) وأقول:- وهذه مجرّد دعوى فكيف نثبتها - وهي أنّ الأدلة التي تقول المريض يطاف عنه يعني ناظرة إلى من كان داخل مكة - ؟ إنّه لا بد وأن يكون مقصوده الانصراف فالمنصرف من الروايات هو ذلك فإذا كان داخل مكة ينيب وأمّا إذا فرض أنه كان خارجها كما هو محلّ كلامنا فهنا أدلّة النيابة في الطواف والسعي لا تشمله للانصراف.
أما بالنسبة الذي صدّ عن أصل دخول مكة:- فهذا هو القدر المتيقّن مما دلّ على حكم المصدود وأنّه يذبح في مقامه فيتحلّل في مكانه كما ذكر(قده).
وأمّا إذا فرض أنّه فسح له المجال لدخول مكّة ولكن مُنِع من الموقفين أو على الأقل منع من الوقوف بالمشعر فيمكن أن يقال في توجيه تطبيق حكم المصدود عليه:- هو أنّ ما دلّ على أنّ المصدود يتحلّل لو سلّمنا أنّ ظاهرها أو المنصرف منها هو المصدود عن أصل دخول مكة ولكن هذا مأخوذٌ بنحو الطريقيّة إلى الأعمال المطلوبة منه، فالصدّ عن دخول مكة مأخوذٌ عرفاً بما هو صدٌّ عن الأعمال الواجبة فالمهم هو الأعمال الواجبة، وهذا الانسان وإن فُسِح له الدخول إلى مكّة لكن بالتالي هو لا يتمكن من مزاولة الأعمال، فعلى هذا الأساس يكون مشمولاً لحكم المصدود بعد الالتفات إلى قضيّة المرآتيّة التي أشرنا إليه.
أجل نلفت النظر إلى قضيّةٍ:- وهي أنّه لو فسح له المجال في دخول مكة ومُنِع من الموقفين ولكن فسح له المجال بلحاظ الطواف والسعي فقيل له إذا أردت أن تطوف أو تسعى فلا مانع ولكن لا يمكنك الذهاب إلى الموقفين فهنا هل يقتصر في تحلّله على الهدي أو يلزمه الاتيان بعمرة مفردة ؟
يمكن أن يقال:- إنّ ما دلّ على أنّ المصدود يتحلّل بالهدي - يعني أنه لو مُنِع من الأعمال ولا يتمكن منها - والمفروض أن هذا يتمكن من التحلّل بالعمرة المفردة فيمكن التشكيك في شمول ما دلّ على حكم المصدود له وأنّه يتحلّل بالهدي في مكانه، إنّه يمكن أنّ يشكّك في شموله له بعد فرض قدرته على الإتيان بالعمرة المفردة والتحلّل من خلالها، فإذا شك في ذلك فسوف يشكّ في حصول التحلّل له لو ذبح الهدي فقط ومقتضى الاستصحاب بقاء الإحرام فلذلك يكون من المناسب له الجمع بين الوظيفتين إذا أراد الاحتياط وذلك بأن يأتي بأعمال العمرة المفردة فيطوف ويقصّر ويسعى ويأتي أيضاً بطواف النساء كما أنّه يأتي بوظيفة المصدود - وهو الهدي - لأنه يريد أن يحتاط لأنه يحتمل أنّ حكم المصدود ثابتٌ في حقّه فعلى هذا الأساس إذا أريد الاحتياط فطريقته هي هذه - أعني الجمع بين الوظيفتين بالشكل الذي اشرنا إليه -، وحيث يشك في شمول ورايات المصدود له فحينئذٍ يكون هذا الاحتياط مناسباً إذا الأحوط لمثل هذا الشخص الذي يتمكن من الطواف والسعي أن يجمع بين الوظيفتين.
إن قلت:- لِمَ استصحبتَ بقاء الاحرام ؟! فإن لنا طريقةً نمنع بها الاستصحاب من الأساس وذلك بأن نقول:- إنّ هذا الشخص نشكّ في أصل انعقاد إحرامه فلا معنى حينئذٍ لجريان الاستصحاب إذ لا توجد حالةٌ متيقّنةٌ سابقةٌ حتى يجري استصحابها .
قلت:- هذا وجيهٌ إذا لم تكن لدبنا روايات الصدّ، أمّا بعد الالتفات إليها فهي تدلّ بوضوح على أنّ الاحرام ينعقد ولا يتحلّل إلا بالمحلّل.
إذن القاعدة وإن اقتضت عدم حصول الاحرام من البداية لأن الحج واجبٌ ارتباطيٌّ فإذا لم يمكن الاتيان بباقي الأجزاء ينكشف أنه لا أمر بالجزء الأوّل ولكن بعد مجيء روايات الصدّ فالإحرام يكون ثابتاً ونشكّ في أنّه يزول حكم الاحرام بمجرّد الهدي كما دلّت عليه روايات المصدود أو لا ؟ فعلى هذا الأساس المناسب هو الاحتياط بالشكل الذي أشرنا إليه.
كما ونشير إلى أنّ ما أتى به لا يكون مجزياً عن الحج الواجب عليه لأنه لم يأتِ بالحج ويجب عليه آنذاك التحفظ على الاستطاعة إن أمكن بقاؤها، فهذا بالتالي هو مستطيعٌ ويجب عليه الاتيان بالحج، وما سبق حيث إنّه لا حجّ فلا يكون مجزياً، ودليل حكم المصدود لا يستفاد منه الاجزاء بل أقصى ما يستفاد منه أنّه يتحلّل من خلال الهدي أمّا أنّ الذمّة تفرغ من الوجب بذلك فلا دلالة فيه على ذلك، وما دام لا دلالة فنبقى نتمسّك بمقتضى القاعدة وهو أنّه مادامت الاستطاعة يمكن التحفّظ عليها فيجب عليه الاتيان بالحج في العام المقبل وإن لم يمكنه ففيما بعده.
إذن ما ذكره في الحالة الأولى من أنه يتحلّل بالهدي شيءٌ وجيهٌ لروايات المصدود ولكن إذا كان يمكنه الاتيان بالطواف والسعي فمن المناسب الاحتياط بالجمع بين الوظيفتين.
وأمّا بالنسبة إلى الحالة الثانية - أعني من أتى بالموقفين وأتى بأعمال منى ولكنه مُنِع من الطواف والسعي -:- ففي مثل هذه الحالة ذكرنا إنّه يوجد شقّان، فإن لم يمكنه النيابة فالمناسب في مثل هذه الحالة هو التحلّل بالهدي - يعني يطبّق عليه حكم المصدود - والوجه في ذلك هو أنّه لا يُحتمل شيءٌ غير ذلك فإنّه لا معنى للتحلّل بالعمرة المفردة كما أشرنا لأنّ العمرة المفردة قوامها الطواف والسعي وهذا ممنوعٌ منهما، فإذن لابد وأن يطبّق حكم المصدود إذ لا يوجد احتمالٌ آخر.
وإن شئت قلت:- هنا يوجد مجالٌ للتمسّك بإطلاق ما دلّ على حكم المصدود، أو نتمكن أن نقول:- إنّه بقطع النظر عن الاطلاق لا نحتمل شيئاً آخر بل يتعيّن هذا.
إن قلت:- لماذا الحاجة إلى التحلّل بالهدي إذ هو قد تحلّل في اليوم العاشر حينما أتى بأعمال منى والتي منها التقصير أو الحلق فإنّه به قد أحلّ من المحرّمات وإذا أحلّ فليترك الطواف والسعي ويذهب إلى أهله بلا حاجة إلى هدي.
قلت:- إنّه بقيت عليه حرمة النساء والطيب ...، فبالتالي بقيت عليه بعض المحرّمات فعلى هذا الأساس لأجل أن يتحلّل منها لابد وأن يأتي بالهدي - يعني يطبق أحكام المصدود عليه - حتى يحلّ من إحرامه بشكلٍ كاملٍ وتحلّ له بقيّة المحرّمات.
وبالجملة:- حيث لا يحتمل ثبوت شيءٍ عليه غير حكم المصدود فيكتفي بتطبيق حكم المصدود عليه.
وأمّا إذا أمكنته النيابة فهل الوظيفة آنذاك هي النيابة فينيب شخصاً للطوافين وللسعي وبذلك يحصل الحلّ التام بلا حاجة إلى تطبيق حكم المصدود إذ هو قد أتى بكلّ الأعمال المطلوبة منه غايته أنّه أتى بأكثرها بالمباشرة وبالنسبة إلى الطوافين والسعي فقد أتى بهما بالنيابة ؟
فإذا قلنا يشمله حكم النيابة فحينئذ ينيب شخصاً وبالتالي لا حاجة إلى تطبيق حكم المصدود - أي التحلّل بالهدي -، وأمّا إذا فرض أنّ حكم النيابة لا يشمله فيلزم أن يطبّق حكم المصدود بعدما فرض أنه باقٍ على الاحرام فلأجل الحلّ لابد وأن يطبق أحكام المصدود، وبالتالي لا يجزي عن حجة الاسلام أيضاً لأنّ ما أتى به ناقصٌ وإجزاء الناقص عن التام يحتاج إلى دليلٍ ولا دليل على ذلك إذ الفرض أنّ دليل الصدّ لا يدلّ على الإجزاء، وهذا بخلافه إذا قلنا بأنّه تصحّ منه النيابة فإنه يجزيه آنذاك عمّا اشتغلت به ذمته.
وبالجملة:- هل دليل النيابة تشمله وبالتالي تفرغ ذمّته من الواجب عليه أو لا يشمله فيطبق حكم المصدود ولازم ذلك عدم الاجزاء عن الواجب أو أنّ هناك تفصيلاً ؟
والجواب:- الأقوال في ذلك ثلاثة، ومنشأ هذه الأقوال شيءٌ واحدٌ وهو أنّ أدلة النيابة هل فيها إطلاقٌ يشمل مثل هذه الحالة أو لا ؟ فمن قال بوجود الاطلاق جزم بأنّ حكمه أنّه ينيب ويجزي عنه حينئذٍ، ومن أنكر الاطلاق طبّق حكم الصدّ، ومن فصّل في دليل النيابة يفصّل حينئذٍ في الإجزاء وعدمه.
وألفت النظر إلى أنّ الأدلّة الواردة في صحّة النيابة في الطواف والسعي هي روايات الكسير والمبطون حيث قالت:- ( الكسير والمبطون يرمى عنهما )، كما توجد عندنا رواية في المريض وكذلك المغمى عليه فإنه يرمى عنهما، فأقصى ما عندنا هو هذا ولا توجد عندنا رواية تقول:- ( كلّ من لا يتمكّن من الطواف والسعي ينيب ) حتى نتمسّك بعمومها أو إطلاقها.
والأقوال هي:-
القول الأوّل:- وهو لصاحب الجواهر(قده)[1] حيث إنّه طبق أحكام المصدود، والنيابة وإن كانت ممكنةً ولكن حكمه ليس هو النيابة . وقلنا إنّه بالتالي لابد وأن يرتّب عليه عدم الإجزاء.
الثاني:- وهو أنّ أدلّة النيابة تعمّ، وقد ذهب إليه الشيخ النائيني(قده) في متن دليل الناسك[2] . وبالتالي يلزم أن يحكم بالاجزاء.
الثالث:- ما ذهب إليه السيد الماتن(قده)[3] وهو التفصيل بين ما إذا كان بَعدُ في منى ومُنِع من دخول مكة فهنا يطبّق حكم المصدود ولا يجزيه عمله ولا تبرأ به ذمته، وبين ما إذا فرض أنّه دخل مكة ولكنّه منع الطواف والسعي ففي مثل هذه الحالة تحقّ له النيابة . والوجه في هذا لتفصيل على ما ذكر هو أنّ أدلّة النيابة ناظرة إلى من كان داخل مكة فحينما قيل:- ( المبطون يُطاف عنه ) يعني المفروض أنّه داخل مكة ومادام هو في مكة فيرمى حينئذٍ عنه، فعلى هذا الأساس الذي هو في خارج مكّة لا تشمله الأدلّة وإنما تشمل من كان داخل مكة فقط.
وأنا أساعد السيد الخوئي(قده) وأقول:- وهذه مجرّد دعوى فكيف نثبتها - وهي أنّ الأدلة التي تقول المريض يطاف عنه يعني ناظرة إلى من كان داخل مكة - ؟ إنّه لا بد وأن يكون مقصوده الانصراف فالمنصرف من الروايات هو ذلك فإذا كان داخل مكة ينيب وأمّا إذا فرض أنه كان خارجها كما هو محلّ كلامنا فهنا أدلّة النيابة في الطواف والسعي لا تشمله للانصراف.