36/05/02
تحمیل
الموضوع:- أصالة
عدم الزيادة - قواعد وفوائد.
القاعدة الأولى:- أصالة عدم الزيادة.
وفي البداية نقول:- إنّ هذا البحث يكون فيما إذا فرضنا أنّه لا يوجد مرجّح لأحد الطرفين أما إذا كان هناك مرجّح لأحدهما سواءً لناقل الزيادة أو لصاحب النقيصة كأن فرض أنّ عدد الناقلين للزيادة أكثر بينما الذي في جانب النقيصة أقل كواحدٍ مثلاً فهذا خارج عن محلّ الكلام ولو كان بالعكس فالعكس، وهكذا لو فرض أنّ هذا الناقل كان ضبطاً فإذا فرضنا أن أحد الناقلين كان من هذا القبيل بخلاف الآخر كما ينقل بأنّ الشيخ الطوسي حينما تقيسه بالكليني والصددوق فهما أضبط منه، وعلى أيّ حال إذا كان توجد مرجّحات فهذا خارج عن محلّ الكلام وإنما محلّ كلامنا هو فيما إذا كان هناك تساوٍ من جميع الجهات بلحاظ الناقلين.
كما إنّ هذا البحث لم تأتِ الإشارة إليه في الكتب القديمة كما أنّ من ذكره من المتأخرين لم يسلّط الأضواء عليه تحت عنوانٍ مستقل، وعلى أيّ حال المقصود من ذلك أنّه لو جاءتنا وراية ينقلها الشيخ الطوسي مع زيادة كلمة مثلاً وينقلها الصدوق أيضاً من دون تلك الزيادة والمثال الواقعي لذلك هو أنّ المحرِم لا يجوز له أن يقصّ أظفاره فلو قصّ ظفراً من أظفاره ما هي كفارته ؟ قالت الرواية عليه قيمة مدّ من طعام وهي صحيحة أبي بصير:- ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجلٍ قصّ ظفراً من أظافيره وهو محرمٌ، قال:- عليه في كلّ ظفرٍ قيمة مدّ من طعام حتى يبلغ عشر .... )[1] هكذا جاءت الرواية بنقل الشيخ الطوسي، ولكن صاحب الوسائل ذكر في ذيل الحديث أنّ الصدوق رواها من دون كلمة ( قيمة ) يعني ( عليه في كلّ ظفرٍ مدّ من طعام )، والفارق أنّه على نقل الشيخ الصدوق أنّ نفس الطعام لابدّ من دفعه وأما على نقل الشيخ الطوسي تدفع قيمة الطعام لا نفس الطعام، فكلمة ( قيمة ) مذكورة في نقل الشيخ الطوسي بينما هي ليست مذكورة في نقل الشيخ الصدوق وهنا يدور الأمر بين أن تكون هذه الكلمة قد زادها الشيخ الطوسي وبين أن تكون قد أنقصها الشيخ الصدوق وهنا قد يقال إنَّ الأصل عدم الزيادة عند الدوران بين الزيادة والنقيص، والمقصود من ( الأصل عدم الزيادة ) هو أنَّ هذه الزيادة وهي كلمة ( قيمة ) قد وقعت في موقعها المناسب وليست زائدة.
وما هو المدرك لهذا الأصل وهل هو ثابت أو لا ؟
والجواب:- قد تذكر له بعض الوجوه:-
الوجه الأول:- إنّ ناقل الزيادة يكون كلامه صريحاً في وجود الزيادة بينما الذي لم ينقلها يكون كلامه ظاهراً في عدم وجودها، فنقل الشيخ الطوسي صريحٌ في وجودها وكـأنه يصرح ويقول هي موجودةٌ أمّا كلام الشيخ الصدوق فهو ظاهرٌ إذ لعلّ هذه الكلمة موجودة وهو لم يذكرها لسببٍ وآخر كأن سقطت في الكتابة فيتولّد آنذاك ظهورٌ في أنّها ليست موجودة أمّا من أثبتها فيكون كلامه صريحاً في ثبوتها، ومتى ما كان عندنا كلامان أحدهما صريح والآخر ظاهر وبينهما تنافٍ فالعرف يأخذ بالصريح ويأوّل الظاهر لحساب الصريح فنطبّق هذه القاعدة في موردنا.
وفيه:- لو سلّمنا أن ناقل الزيادة يكون كلامه صريحاً في ثبوتها ولم نحتمل أنّ قلمه كتب هذه اللفظة اتفاقاً ومن دون قصدٍ فإنه قد يقال صحيحٌ أنّ ناقل الزيادة قد أثبتها ولكن هذا لا يعني أنّ كلامه نصٌّ وشهادةٌ منه بوجود هذه الزيادة بل إنّ هذا ليس بواضح، ولكن نقول لو سلّمنا هذا فنقول إنّه لا معنى لتطبيق قاعدة الصريح والظاهر في المقام فإنها تتمّ فيما إذا فرض وجود كلامين لشخصٍ واحدٍ أحدهما صريحٌ والآخر ظاهر وكان يوجد بينهما تنافٍ فهنا العرف والعقلاء يؤوّلون الظاهر لحساب الصريح، وفي مقامنا ليس ذلك الشخص واحداً وإنما الشيخ الطوسي ينقل الزيادة والشيخ الصدوق ينقل النقيصة، وعلى هذا الأساس هاتان شهادتان وكلامان من شخصين وليسا من شخصٍ واحدٍ فلا يمكن تطبيق هذه القاعدة فإنّ هذه القاعدة العرفيّة مدركها العرف والعقلاء وهم يطبقونها فيما إذا كان المتكلّم واحداً.
إن قلت:- إنَّ المتكلم هنا واحدٌ أيضاً وهو الإمام عليه السلام، فإنّه متكلّمٌ واحدٌ دار أمر كلامه بين ثبوت الزيادة وبين ثبوت النقيصة، فموردنا إذن من موارد القاعدة ومصاداقٌ لها بعد الالتفات إلى أنّ الإمام عليه السلام هو صاحب الكلام ففي كلامه ثبتت زيادة ونقيصة في حقّ متكلّمٍ واحد فتأتي القاعدة.
قلت:- لم يثبت أنّ الإمام عليه السلام تكلّم بكلامين أحدهما يشتمل على الزيادة والآخر يشتمل على النقيصة بل تكلّم بكلامٍ واحدٍ إمّا أن توجد فيه هذه الزايدة أو توجد فيه النقيصة، نعم لو فرض أنّه صدرت منه روايتان مختلفتان واحدة صريحة في شيءٍ من قبيل ( لا بأس بأن تترك صلاة الليل ) فهذه صريحة في نفي الوجوب والأخرى قالت ( صلِّ صلاة الليل ) وهذه ظاهرة في الوجوب فهنا صدر كلامان منه الإمام إمّا سمعناه نحن بأنفسنا منه أو نقل راوٍ هذه الرواية كما نقل راوٍ آخر تلك الرواية فهنا تأتي قاعدة الصريح والظاهر فنؤوّل ( صلِ صلاة الليل ) بإرادة الاستحباب بقرينة صراحة ( لابأس بترك صلاة الليل ) فإنّه صريح في نفي الوجوب ويكون هذا الكلام تامّ لأنّه يوجد كلامان قد صدرا من الإمام، وهذا بخلاف مقامنا فإنّ الصادر من الإمام واحدٌ إمّا مع الزيادة وإمّا مع النقيصة - لا أنّه صدر منه كلام مع الزيادة وكلام مع النقيصة - ولكن الشيخ الطوسي يقول إن هذا الصادر فيه كلمة ( قيمة ) بينما الشيخ الصدوق يقول هذا الكلام الواحد قد صدر وليست فيه كلمة ( قيمة )، فإذن لا يوجد كلامان من الإمام عليه السلام أحدهما ظاهر والآخر صريح وإنما نقل الشيخ الطوسي صريح في ثبوت الزيادة ونقل الشيخ الصدوق ظاهر في عدم وجود الزيادة فالصراحة هي في كلام شخصٍ - أعني الطوسي - والظهور هو في كلام شخصٍ آخر - أعني الصدوق - لا أنّ الظهور والصراحة كلاهما قد ثبتا في كلامين لشخصٍ واحد، فالفارق إذن بين مقام قاعدة الظاهر والصريح وبين مورد كلامنا واضحٌ فالقاعدة المذكورة لا يمكن تطبيقها.
الوجه الثاني:- إنّ المتكلم قد يغفل فينقص ولا يغفل عادةً فيزيد، ولا نقصد بهذا الكلام أنّه لا يغفل من حيث الزيادة أبداً بل نقصد أن احتمال الغفلة إن كان قوياً فهو في جانب النقيصة فيغفل فيحذف كأن أقول ( نسيتُ ماذا قال بَعدُ ) فأخذفه ولا أقول ( غفلتُ ) ثم أذكر له قطعةً من الكلام، إنّ الانسان يغفل عادةً فينقص لا أنّه يغفل فيزيد، ومادام الأمر كذلك فنأخذ بكلام من ذكر تلك الزيادة - وهو الشيخ الطوسي - حيث ذكر كلمة ( قيمة ) بنقله لأنّ الغفلة في حقّة من حيث الزيادة أضعف بخلاف غفلة الصدوق من حيث النقيصة فإنّه أقوى.
وفيه:- إنّ هذا المقدار لا يكفي لترجيح ناقل الزيادة لأنّ احتمال الغفلة في حقه وإن كان أضعف لكن غاية ما يولّد الظن بأنّه هو الصائب بخلاف ناقل النقيصة لا أنّه يحصل قطعٌ، وإذا كان يحصل ظنّ فالظن لا يغني من الحقّ شيئاً، نعم إذا أردت أن تقول إنّ السيرة قدرت هكذا فهي تقدّم من ذكر الزيادة، فإذا كان هذا هو المقصود فنقول إنّ هذا صحيحٌ ولكن لا نحتاج إلى هذا التطويل بل قُل هناك سيرة على أنّهم يأخذون بالذي أثبت الزيادة أمّا تحليل السيرة وأنّه لماذا فعل العقلاء هكذا فليس من البعيد أنّهم فعلوا ذلك لأجل نكتة أنّ احتمال الغفلة في جانب من ذكر الزيادة أضعف، وإذا كان المقصود هو السيرة فهي تكفي لوحدها ولا تجتاج إلى هذه الضميمة وسوف نذكرها فيما بعد كوجه مستقل.
إذن إذا كان المقصود بهذا الكلام وهو أنّ احتمال الغفلة في جانب الزيادة أضعق بمجرّده من دون ضمّ السيرة كما هو المفروض فهذا أقصى ما يولّد الظن وهو لا عبرة به.
وربما يجاب بجوابٍ آخر:- بأنّ منشأ الزيادة أو النقيصة ليس دائماً هو الغفلة بل له مناشئ أخرى كالنقل بالعنى فإنّ الأئمة عليهم السلام جوّزا لأصحابهم النقل بالمعنى والشخص إذا أراد أن ينقل بالمعنى فعادةً يحصل عنده زيادة كلمة أو نقيصتها وهذه مسألة طبيعية، فالمنشأ للزيادة والنقيصة ليس منحصرًا دائماً بالغفلة حتى تقول إنّ احتمال الغفلة في جانب الزيادة أضعف منه في جانب النقيصة بل هناك مناشيء أخرى - وهو النقل بالمعنى - ومادام هناك مناشيء أخرى فلا يكفيك ما ذكرت من أنّ احتمال الغفلة في جانب الزيادة أضعف بل هذا ينفع فيما إذا فرضنا أن منشأ الزيادة والنقيصة ينحصر بمسألة الغفلة وقد عرفت أن له مناشئ أخرى.
القاعدة الأولى:- أصالة عدم الزيادة.
وفي البداية نقول:- إنّ هذا البحث يكون فيما إذا فرضنا أنّه لا يوجد مرجّح لأحد الطرفين أما إذا كان هناك مرجّح لأحدهما سواءً لناقل الزيادة أو لصاحب النقيصة كأن فرض أنّ عدد الناقلين للزيادة أكثر بينما الذي في جانب النقيصة أقل كواحدٍ مثلاً فهذا خارج عن محلّ الكلام ولو كان بالعكس فالعكس، وهكذا لو فرض أنّ هذا الناقل كان ضبطاً فإذا فرضنا أن أحد الناقلين كان من هذا القبيل بخلاف الآخر كما ينقل بأنّ الشيخ الطوسي حينما تقيسه بالكليني والصددوق فهما أضبط منه، وعلى أيّ حال إذا كان توجد مرجّحات فهذا خارج عن محلّ الكلام وإنما محلّ كلامنا هو فيما إذا كان هناك تساوٍ من جميع الجهات بلحاظ الناقلين.
كما إنّ هذا البحث لم تأتِ الإشارة إليه في الكتب القديمة كما أنّ من ذكره من المتأخرين لم يسلّط الأضواء عليه تحت عنوانٍ مستقل، وعلى أيّ حال المقصود من ذلك أنّه لو جاءتنا وراية ينقلها الشيخ الطوسي مع زيادة كلمة مثلاً وينقلها الصدوق أيضاً من دون تلك الزيادة والمثال الواقعي لذلك هو أنّ المحرِم لا يجوز له أن يقصّ أظفاره فلو قصّ ظفراً من أظفاره ما هي كفارته ؟ قالت الرواية عليه قيمة مدّ من طعام وهي صحيحة أبي بصير:- ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجلٍ قصّ ظفراً من أظافيره وهو محرمٌ، قال:- عليه في كلّ ظفرٍ قيمة مدّ من طعام حتى يبلغ عشر .... )[1] هكذا جاءت الرواية بنقل الشيخ الطوسي، ولكن صاحب الوسائل ذكر في ذيل الحديث أنّ الصدوق رواها من دون كلمة ( قيمة ) يعني ( عليه في كلّ ظفرٍ مدّ من طعام )، والفارق أنّه على نقل الشيخ الصدوق أنّ نفس الطعام لابدّ من دفعه وأما على نقل الشيخ الطوسي تدفع قيمة الطعام لا نفس الطعام، فكلمة ( قيمة ) مذكورة في نقل الشيخ الطوسي بينما هي ليست مذكورة في نقل الشيخ الصدوق وهنا يدور الأمر بين أن تكون هذه الكلمة قد زادها الشيخ الطوسي وبين أن تكون قد أنقصها الشيخ الصدوق وهنا قد يقال إنَّ الأصل عدم الزيادة عند الدوران بين الزيادة والنقيص، والمقصود من ( الأصل عدم الزيادة ) هو أنَّ هذه الزيادة وهي كلمة ( قيمة ) قد وقعت في موقعها المناسب وليست زائدة.
وما هو المدرك لهذا الأصل وهل هو ثابت أو لا ؟
والجواب:- قد تذكر له بعض الوجوه:-
الوجه الأول:- إنّ ناقل الزيادة يكون كلامه صريحاً في وجود الزيادة بينما الذي لم ينقلها يكون كلامه ظاهراً في عدم وجودها، فنقل الشيخ الطوسي صريحٌ في وجودها وكـأنه يصرح ويقول هي موجودةٌ أمّا كلام الشيخ الصدوق فهو ظاهرٌ إذ لعلّ هذه الكلمة موجودة وهو لم يذكرها لسببٍ وآخر كأن سقطت في الكتابة فيتولّد آنذاك ظهورٌ في أنّها ليست موجودة أمّا من أثبتها فيكون كلامه صريحاً في ثبوتها، ومتى ما كان عندنا كلامان أحدهما صريح والآخر ظاهر وبينهما تنافٍ فالعرف يأخذ بالصريح ويأوّل الظاهر لحساب الصريح فنطبّق هذه القاعدة في موردنا.
وفيه:- لو سلّمنا أن ناقل الزيادة يكون كلامه صريحاً في ثبوتها ولم نحتمل أنّ قلمه كتب هذه اللفظة اتفاقاً ومن دون قصدٍ فإنه قد يقال صحيحٌ أنّ ناقل الزيادة قد أثبتها ولكن هذا لا يعني أنّ كلامه نصٌّ وشهادةٌ منه بوجود هذه الزيادة بل إنّ هذا ليس بواضح، ولكن نقول لو سلّمنا هذا فنقول إنّه لا معنى لتطبيق قاعدة الصريح والظاهر في المقام فإنها تتمّ فيما إذا فرض وجود كلامين لشخصٍ واحدٍ أحدهما صريحٌ والآخر ظاهر وكان يوجد بينهما تنافٍ فهنا العرف والعقلاء يؤوّلون الظاهر لحساب الصريح، وفي مقامنا ليس ذلك الشخص واحداً وإنما الشيخ الطوسي ينقل الزيادة والشيخ الصدوق ينقل النقيصة، وعلى هذا الأساس هاتان شهادتان وكلامان من شخصين وليسا من شخصٍ واحدٍ فلا يمكن تطبيق هذه القاعدة فإنّ هذه القاعدة العرفيّة مدركها العرف والعقلاء وهم يطبقونها فيما إذا كان المتكلّم واحداً.
إن قلت:- إنَّ المتكلم هنا واحدٌ أيضاً وهو الإمام عليه السلام، فإنّه متكلّمٌ واحدٌ دار أمر كلامه بين ثبوت الزيادة وبين ثبوت النقيصة، فموردنا إذن من موارد القاعدة ومصاداقٌ لها بعد الالتفات إلى أنّ الإمام عليه السلام هو صاحب الكلام ففي كلامه ثبتت زيادة ونقيصة في حقّ متكلّمٍ واحد فتأتي القاعدة.
قلت:- لم يثبت أنّ الإمام عليه السلام تكلّم بكلامين أحدهما يشتمل على الزيادة والآخر يشتمل على النقيصة بل تكلّم بكلامٍ واحدٍ إمّا أن توجد فيه هذه الزايدة أو توجد فيه النقيصة، نعم لو فرض أنّه صدرت منه روايتان مختلفتان واحدة صريحة في شيءٍ من قبيل ( لا بأس بأن تترك صلاة الليل ) فهذه صريحة في نفي الوجوب والأخرى قالت ( صلِّ صلاة الليل ) وهذه ظاهرة في الوجوب فهنا صدر كلامان منه الإمام إمّا سمعناه نحن بأنفسنا منه أو نقل راوٍ هذه الرواية كما نقل راوٍ آخر تلك الرواية فهنا تأتي قاعدة الصريح والظاهر فنؤوّل ( صلِ صلاة الليل ) بإرادة الاستحباب بقرينة صراحة ( لابأس بترك صلاة الليل ) فإنّه صريح في نفي الوجوب ويكون هذا الكلام تامّ لأنّه يوجد كلامان قد صدرا من الإمام، وهذا بخلاف مقامنا فإنّ الصادر من الإمام واحدٌ إمّا مع الزيادة وإمّا مع النقيصة - لا أنّه صدر منه كلام مع الزيادة وكلام مع النقيصة - ولكن الشيخ الطوسي يقول إن هذا الصادر فيه كلمة ( قيمة ) بينما الشيخ الصدوق يقول هذا الكلام الواحد قد صدر وليست فيه كلمة ( قيمة )، فإذن لا يوجد كلامان من الإمام عليه السلام أحدهما ظاهر والآخر صريح وإنما نقل الشيخ الطوسي صريح في ثبوت الزيادة ونقل الشيخ الصدوق ظاهر في عدم وجود الزيادة فالصراحة هي في كلام شخصٍ - أعني الطوسي - والظهور هو في كلام شخصٍ آخر - أعني الصدوق - لا أنّ الظهور والصراحة كلاهما قد ثبتا في كلامين لشخصٍ واحد، فالفارق إذن بين مقام قاعدة الظاهر والصريح وبين مورد كلامنا واضحٌ فالقاعدة المذكورة لا يمكن تطبيقها.
الوجه الثاني:- إنّ المتكلم قد يغفل فينقص ولا يغفل عادةً فيزيد، ولا نقصد بهذا الكلام أنّه لا يغفل من حيث الزيادة أبداً بل نقصد أن احتمال الغفلة إن كان قوياً فهو في جانب النقيصة فيغفل فيحذف كأن أقول ( نسيتُ ماذا قال بَعدُ ) فأخذفه ولا أقول ( غفلتُ ) ثم أذكر له قطعةً من الكلام، إنّ الانسان يغفل عادةً فينقص لا أنّه يغفل فيزيد، ومادام الأمر كذلك فنأخذ بكلام من ذكر تلك الزيادة - وهو الشيخ الطوسي - حيث ذكر كلمة ( قيمة ) بنقله لأنّ الغفلة في حقّة من حيث الزيادة أضعف بخلاف غفلة الصدوق من حيث النقيصة فإنّه أقوى.
وفيه:- إنّ هذا المقدار لا يكفي لترجيح ناقل الزيادة لأنّ احتمال الغفلة في حقه وإن كان أضعف لكن غاية ما يولّد الظن بأنّه هو الصائب بخلاف ناقل النقيصة لا أنّه يحصل قطعٌ، وإذا كان يحصل ظنّ فالظن لا يغني من الحقّ شيئاً، نعم إذا أردت أن تقول إنّ السيرة قدرت هكذا فهي تقدّم من ذكر الزيادة، فإذا كان هذا هو المقصود فنقول إنّ هذا صحيحٌ ولكن لا نحتاج إلى هذا التطويل بل قُل هناك سيرة على أنّهم يأخذون بالذي أثبت الزيادة أمّا تحليل السيرة وأنّه لماذا فعل العقلاء هكذا فليس من البعيد أنّهم فعلوا ذلك لأجل نكتة أنّ احتمال الغفلة في جانب من ذكر الزيادة أضعف، وإذا كان المقصود هو السيرة فهي تكفي لوحدها ولا تجتاج إلى هذه الضميمة وسوف نذكرها فيما بعد كوجه مستقل.
إذن إذا كان المقصود بهذا الكلام وهو أنّ احتمال الغفلة في جانب الزيادة أضعق بمجرّده من دون ضمّ السيرة كما هو المفروض فهذا أقصى ما يولّد الظن وهو لا عبرة به.
وربما يجاب بجوابٍ آخر:- بأنّ منشأ الزيادة أو النقيصة ليس دائماً هو الغفلة بل له مناشئ أخرى كالنقل بالعنى فإنّ الأئمة عليهم السلام جوّزا لأصحابهم النقل بالمعنى والشخص إذا أراد أن ينقل بالمعنى فعادةً يحصل عنده زيادة كلمة أو نقيصتها وهذه مسألة طبيعية، فالمنشأ للزيادة والنقيصة ليس منحصرًا دائماً بالغفلة حتى تقول إنّ احتمال الغفلة في جانب الزيادة أضعف منه في جانب النقيصة بل هناك مناشيء أخرى - وهو النقل بالمعنى - ومادام هناك مناشيء أخرى فلا يكفيك ما ذكرت من أنّ احتمال الغفلة في جانب الزيادة أضعف بل هذا ينفع فيما إذا فرضنا أن منشأ الزيادة والنقيصة ينحصر بمسألة الغفلة وقد عرفت أن له مناشئ أخرى.