36/06/11
تحمیل
الموضـوع:- مسألة (
9 ) - المكاسب المحرمة -كتاب التجارة.
مسألة ( 9 ):- كما يحرم بيع الآلات المذكورة يحرم عملها وأخذ الاجرة عليها بل يجب إعدامها على الأحوط ولو بتغيير هيئتها . ويجوز بيع مادتها من الخشب والنحاس والحديد بعد تغيير هيئتها بل قبله لكن لا يجوز دفعها إل المشتري إلا مع الوثوق بأن المشتري يغيرها أما مع عدم الوثوق بذلك فالظاهر جواز البيع وإن أثم بترك التغيير مع انحصار الفائدة في الحرام أما إذا كانت لها فائدة ولو قليلةً لم يجب تغييرها.[1]
تشتمل المسألة على مجموعة نقاط:-
النقطة الأولى:- إنّ الآلات المذكورة - أعني الصلبان الاصنام، وآلات اللهو، وآلات القمار - كما يحرم التعامل علبيها يحرم صنعها وإيجادها.
وظاهر ما أفاده(قده) هو أنّ نفس ايجاد هذه الأشياء بما هو إيجادٌ هو محرّم.
بيد أنه يمكن أن يقال إنّ الحرمة ثابتة في حالتين:-
الأولى:- ما إذا فرض أنّ إيجادها كان ملازماً للعبادة أو التقامر بها أو للغناء ولو بنحو الخوف،بمعنى أنّي أخاف واحتمل بدرجةٍ يعتدّ بها أنّ نفس وجودها سوف يلازم ترتّب الفساد عليها ففي مثل هذه الحالة تثبت حرمة الإيجاد، والوجه فيه هو أنّ إيجاد هذه الأمور سوف يصبح علّة لترتّب الحرام ومقدمة لا تنفك لترتّب الحرام وإذا كانت المقدّمة من هذا القبيل فحرمة ذي المقدّمة يلازم حرمة المقدّمة التي لا ينفك تحققها عن تحقّق الحرام ولو على مستوى المبغوضية، وهذا لا يمكن لأحدٍ إنكاره، فمن أبغض شيئاً أبغض المقدمة التي لا ينفك تحققها عن تحقّقه، فهذه تكون محرّمة شرعاً ولو على مستوى المبغوضيّة الشرعيّة، وهذا واضحٌ إذا حصل الجزم بذلك - يعني أني جزمت بأنّ إيجادها يلازم ترتّب الفساد عليها -.
ولكن كيف الحال فيما إذا فرض أن هناك خوفٌ ولم يكن هناك جزمٌ - يعني كان هناك احتمال معتدّ به فكيف نثبت أن هذا يكفي للحرمة - ؟
والجواب:- إنّه في باب الضرر والفساد يكفي الخوف فإنّه طريقٌ عقلائيٌّ إلى ذلك، فعند العقلاء في باب الضرر والفساد يكفي الخوف ويعدّ طريقاً ولذلك ترى العاقل مادام يحتمل الضرر في شيءٍ بدرجةٍ معتدّ بها فإنّه ينتهي ولا يرتكب ذلك الشي وهذا طريقٌ عقلائيٌّ وحيث لم يردع الشرع عنه فيكفي ذلك في إثبات الحجّية.
وعلى هذا الأساس يقال في باب الصوم إنَّ من خاف الضرر يمكن أن نقول - نفس خوف الضرر ولو من دون رواية - لا يجوز له الصوم ويكفي ذلك، وتوجيهه الفنّي هو أنّ الخوف في باب الضرر طريقٌ عقلائيٌّ وحيث لم يردع عنه فتثبت حجيّته.
الثانية:- ما إذا فرض أنّ إيجادها كان يعدّ تقويةً وتعزيزاً للانحراف والشرك والباطل كأن يصنع الآلات ويعلّقها في سوق البلد فإنّ في هذا إعزازٌ للباطل وللمغنين وللتقامر وللشرك، فإذا انطبق عليه عنوان الإعزاز والتقوية فلا يجوز إذ لا إشكال في أنّ تقوية الباطل محرّمة مادام قد صدق ذلك ولو لارتكاز المتشرّعة، فالباطل كما لا يريده الشرع لا يريد تعزيزه وتقويته أيضاً.
إذن في هاتين الحالتين نسلّم انه لا يجوز إيجاد هذه الآلات.
أما إذا فرض أني أوجدت هذه الآلات من دون أن ينطبق أحد هذين الأمرين كما إذا كان الهدف من الإيجاد هو أن توضع في المتحف كما لو صنعنا صنما لنضعه في المتحف لكي يرمز إلى العبادة القديمة أو أصنع آلة التقامر وأضعها في المتحف إشارةً إلى أنّه كان هناك أناس يتقامرون بمثل هذه الأمور وهكذا بالنسبة إلى الآت اللهو فهذا لا ينطبق عليه أحد هذين العنوانين.
بل أقول أكثر:- وهو أنّه لو صنع صنماً ووضعه في خزانته الخاصة فتحريم ذلك موجب له وإن كان ظاهر عبارة الفقهاء ومنهم السيد الماتن(قده) ذلك - أي أنه حرام -.
إن قلت:- توجد بعض الروايات في باب الأصنام تدلّ على أنّ بيع الخشب لمن يصنعه صنماً أو صليباً لا يجوز وقد تقدّمت وهي:-
الرواية الأولى:- صحيحة أبي أذينة قال:- ( كتبت إلى أبي عبد الله عليه السلام أسأله عن رجلٍ له خشب فباعه لمن يتخذه برابط، فقال:- لا بأس به، وعن رجلٍ له خشب فباعه ممن يتخذه صلباناً، قال:- لا )[2].
الرواية الثانية:- رواية عمرو بن حريث:- ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن التوت أبيعه يصنع للصليب والصنم، قال:- لا )[3].
إنّه في هاتين الروايتين وإن كان السؤال عن موردٍ خاصٍّ ففي الأولى كان السؤال عن الصليب فقال عليه السلام ( لا )، ولكن نضمّ عدم الفصل، فالفقهاء لم يفصّلوا فبضمّ عدم الفصل القطعي يعم الحكم حينئذٍ غير الصلبان.
وهكذا الرواية في الثانية فموردها وإن كان هو بيع الصليب والصنم والإمام عليه السلام حكم بعدم الجواز ولكن بضمّ عدم الفصل بين هذين وبين آلات القمار وآلات اللهو يثبت المطلوب، هذه مقدمة.
ونحتاج إلى مقدمة ثانية:- وهي أنّ الامام عليه السلام حينما لم يجوّز بيع الخشب لأجل ما ذكر يستفاد بالدلالة الالتزاميّة العرفيّة أنّ إيجاد مثل هذه الأمور هو غير جائزٍ ولذلك نهى الأمام عن بيع الخشب لأجل ذلك وإلا لو كان جائزاً فلا وجه حينئذٍ للمنع من بيعه.
كما لابد من ضمّ مقدمة ثالثة:- وهي أنّ الإمام عليه السلام لم يستفصل ولم يقل إنّ الذي يريد أن يصنع الصليب أو الصنم ماذا يريد أن يصنع به فهل يريده لنفسه فيجوز أو يريده للعبادة أو ما شاكل ذلك فلا يجوز فعدم استفصال الإمام عليه السلام يدلّ على أنّ هذا لا يجوز في جميع الحالات وبذلك يثبت المطلوب .
إذن نحتاج إلى ثلاث مقدّمات نضمّها إلى هاتين الروايتين وما شاكلهما حتى يثبت المطلوب، هكذا قد يقال.
ولكن يمكن ردّ ذلك:- بأنّ المنصرف من بيع الخشب لأجل الصليب أو الصنم هو لأجل أن يصنعه لأجل أن يستفاد منه في الفوائد الباطلة ومادام هذا الانصراف موجوداً فلا يمكن التمسّك بهذه الروايات لإثبات الردع عمّا أشرنا إليه فإنّنا قلنا إنّ صنع هذه الأمور إذا لم يترتّب عليه الفساد - كما إذا صنعها لأجل أن يضعها في المخزن - لا دليل على التحريم فنتمسّك أصل البراءة فهذه الروايات لا تكون رداً على ذلك.
والنتيجة التي ننتهي إليها هي أنّ إيجاد مثل هذه الأمور إنما يكون محرّماً في الحالتين المذكورتين لا أكثر.
مسألة ( 9 ):- كما يحرم بيع الآلات المذكورة يحرم عملها وأخذ الاجرة عليها بل يجب إعدامها على الأحوط ولو بتغيير هيئتها . ويجوز بيع مادتها من الخشب والنحاس والحديد بعد تغيير هيئتها بل قبله لكن لا يجوز دفعها إل المشتري إلا مع الوثوق بأن المشتري يغيرها أما مع عدم الوثوق بذلك فالظاهر جواز البيع وإن أثم بترك التغيير مع انحصار الفائدة في الحرام أما إذا كانت لها فائدة ولو قليلةً لم يجب تغييرها.[1]
تشتمل المسألة على مجموعة نقاط:-
النقطة الأولى:- إنّ الآلات المذكورة - أعني الصلبان الاصنام، وآلات اللهو، وآلات القمار - كما يحرم التعامل علبيها يحرم صنعها وإيجادها.
وظاهر ما أفاده(قده) هو أنّ نفس ايجاد هذه الأشياء بما هو إيجادٌ هو محرّم.
بيد أنه يمكن أن يقال إنّ الحرمة ثابتة في حالتين:-
الأولى:- ما إذا فرض أنّ إيجادها كان ملازماً للعبادة أو التقامر بها أو للغناء ولو بنحو الخوف،بمعنى أنّي أخاف واحتمل بدرجةٍ يعتدّ بها أنّ نفس وجودها سوف يلازم ترتّب الفساد عليها ففي مثل هذه الحالة تثبت حرمة الإيجاد، والوجه فيه هو أنّ إيجاد هذه الأمور سوف يصبح علّة لترتّب الحرام ومقدمة لا تنفك لترتّب الحرام وإذا كانت المقدّمة من هذا القبيل فحرمة ذي المقدّمة يلازم حرمة المقدّمة التي لا ينفك تحققها عن تحقّق الحرام ولو على مستوى المبغوضية، وهذا لا يمكن لأحدٍ إنكاره، فمن أبغض شيئاً أبغض المقدمة التي لا ينفك تحققها عن تحقّقه، فهذه تكون محرّمة شرعاً ولو على مستوى المبغوضيّة الشرعيّة، وهذا واضحٌ إذا حصل الجزم بذلك - يعني أني جزمت بأنّ إيجادها يلازم ترتّب الفساد عليها -.
ولكن كيف الحال فيما إذا فرض أن هناك خوفٌ ولم يكن هناك جزمٌ - يعني كان هناك احتمال معتدّ به فكيف نثبت أن هذا يكفي للحرمة - ؟
والجواب:- إنّه في باب الضرر والفساد يكفي الخوف فإنّه طريقٌ عقلائيٌّ إلى ذلك، فعند العقلاء في باب الضرر والفساد يكفي الخوف ويعدّ طريقاً ولذلك ترى العاقل مادام يحتمل الضرر في شيءٍ بدرجةٍ معتدّ بها فإنّه ينتهي ولا يرتكب ذلك الشي وهذا طريقٌ عقلائيٌّ وحيث لم يردع الشرع عنه فيكفي ذلك في إثبات الحجّية.
وعلى هذا الأساس يقال في باب الصوم إنَّ من خاف الضرر يمكن أن نقول - نفس خوف الضرر ولو من دون رواية - لا يجوز له الصوم ويكفي ذلك، وتوجيهه الفنّي هو أنّ الخوف في باب الضرر طريقٌ عقلائيٌّ وحيث لم يردع عنه فتثبت حجيّته.
الثانية:- ما إذا فرض أنّ إيجادها كان يعدّ تقويةً وتعزيزاً للانحراف والشرك والباطل كأن يصنع الآلات ويعلّقها في سوق البلد فإنّ في هذا إعزازٌ للباطل وللمغنين وللتقامر وللشرك، فإذا انطبق عليه عنوان الإعزاز والتقوية فلا يجوز إذ لا إشكال في أنّ تقوية الباطل محرّمة مادام قد صدق ذلك ولو لارتكاز المتشرّعة، فالباطل كما لا يريده الشرع لا يريد تعزيزه وتقويته أيضاً.
إذن في هاتين الحالتين نسلّم انه لا يجوز إيجاد هذه الآلات.
أما إذا فرض أني أوجدت هذه الآلات من دون أن ينطبق أحد هذين الأمرين كما إذا كان الهدف من الإيجاد هو أن توضع في المتحف كما لو صنعنا صنما لنضعه في المتحف لكي يرمز إلى العبادة القديمة أو أصنع آلة التقامر وأضعها في المتحف إشارةً إلى أنّه كان هناك أناس يتقامرون بمثل هذه الأمور وهكذا بالنسبة إلى الآت اللهو فهذا لا ينطبق عليه أحد هذين العنوانين.
بل أقول أكثر:- وهو أنّه لو صنع صنماً ووضعه في خزانته الخاصة فتحريم ذلك موجب له وإن كان ظاهر عبارة الفقهاء ومنهم السيد الماتن(قده) ذلك - أي أنه حرام -.
إن قلت:- توجد بعض الروايات في باب الأصنام تدلّ على أنّ بيع الخشب لمن يصنعه صنماً أو صليباً لا يجوز وقد تقدّمت وهي:-
الرواية الأولى:- صحيحة أبي أذينة قال:- ( كتبت إلى أبي عبد الله عليه السلام أسأله عن رجلٍ له خشب فباعه لمن يتخذه برابط، فقال:- لا بأس به، وعن رجلٍ له خشب فباعه ممن يتخذه صلباناً، قال:- لا )[2].
الرواية الثانية:- رواية عمرو بن حريث:- ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن التوت أبيعه يصنع للصليب والصنم، قال:- لا )[3].
إنّه في هاتين الروايتين وإن كان السؤال عن موردٍ خاصٍّ ففي الأولى كان السؤال عن الصليب فقال عليه السلام ( لا )، ولكن نضمّ عدم الفصل، فالفقهاء لم يفصّلوا فبضمّ عدم الفصل القطعي يعم الحكم حينئذٍ غير الصلبان.
وهكذا الرواية في الثانية فموردها وإن كان هو بيع الصليب والصنم والإمام عليه السلام حكم بعدم الجواز ولكن بضمّ عدم الفصل بين هذين وبين آلات القمار وآلات اللهو يثبت المطلوب، هذه مقدمة.
ونحتاج إلى مقدمة ثانية:- وهي أنّ الامام عليه السلام حينما لم يجوّز بيع الخشب لأجل ما ذكر يستفاد بالدلالة الالتزاميّة العرفيّة أنّ إيجاد مثل هذه الأمور هو غير جائزٍ ولذلك نهى الأمام عن بيع الخشب لأجل ذلك وإلا لو كان جائزاً فلا وجه حينئذٍ للمنع من بيعه.
كما لابد من ضمّ مقدمة ثالثة:- وهي أنّ الإمام عليه السلام لم يستفصل ولم يقل إنّ الذي يريد أن يصنع الصليب أو الصنم ماذا يريد أن يصنع به فهل يريده لنفسه فيجوز أو يريده للعبادة أو ما شاكل ذلك فلا يجوز فعدم استفصال الإمام عليه السلام يدلّ على أنّ هذا لا يجوز في جميع الحالات وبذلك يثبت المطلوب .
إذن نحتاج إلى ثلاث مقدّمات نضمّها إلى هاتين الروايتين وما شاكلهما حتى يثبت المطلوب، هكذا قد يقال.
ولكن يمكن ردّ ذلك:- بأنّ المنصرف من بيع الخشب لأجل الصليب أو الصنم هو لأجل أن يصنعه لأجل أن يستفاد منه في الفوائد الباطلة ومادام هذا الانصراف موجوداً فلا يمكن التمسّك بهذه الروايات لإثبات الردع عمّا أشرنا إليه فإنّنا قلنا إنّ صنع هذه الأمور إذا لم يترتّب عليه الفساد - كما إذا صنعها لأجل أن يضعها في المخزن - لا دليل على التحريم فنتمسّك أصل البراءة فهذه الروايات لا تكون رداً على ذلك.
والنتيجة التي ننتهي إليها هي أنّ إيجاد مثل هذه الأمور إنما يكون محرّماً في الحالتين المذكورتين لا أكثر.