الموضوع: صلاة الآيات

 كان الكلام في مصحح علي بن جعفر والواردة في تعميم وجوب صلاة الآيات لجنس الرجال والنساء، قال سألت عن النساء هل على من عرف منهن صلاة النافلة وصلاة الليل والزوال والكسوف ماعلى الرجال؟ قال نعم [1] كما بينا ان ذلك مقتضى قاعدة الاشتراك

 وسببها أمور: وهذا التعبير هو موضوع الوجوب فإن موضوع الوجوب اسباب متكثرة كما انها متباينة وهذا معنى آخر أو ان يكون المراد هو أنها متكثرة غير متباينة فان تعبير الأعلام بصلاة الآيات فان عنوان الآيات أتى من الموضوع فإنه مرتكز عند الأعلام وحدة الموضوع، وان وحدة الموضوع قد تكون وحدة طبيعية أو وحدة فردية أو وحدة ماذا وكذا الكلام في الكثرة فقد تكون كثرة طبعية وقد تكون كثرة جنسية أو كثرة طبائع متباينة فإن أصل تصور مبحث المسألة مهم

 هنا نرى ان المصنف قال السبب الأول والثاني الكسوف والخسوف والثالث الزلزلة وهكذا فهل اللازم ان نقف على دليل كل واحد واحد من هذه الامور أو ان هناك موضوع جامع بين هذه الأسباب وهذا مؤثر في البحث كما سيظهر

 ففي المباحث لابد ان نرى اهل سبب وجوب صلاة الآيات حتى في مورد الخسوف والكسوف هل هو لأجل الكسوف والخسوف أو لأجل وجود طبيعة جامعة في الكسوف والخسوف وبقية الموارد غاية الأمر فان الشارع كما تعبدنا بالطبيعة تعبدنا ان هذا وهذا هو أيضا مصداق لأن التعبد على مراتب فقد يكون التعبد في الطبيعة العامة وقد يكون التعبد في المصاديق وقد يكون الشارع في الطبيعة العامة غير متعبد اي ليس لديه حقيقة شرعية لكن في بعض المصاديق يتعبد ولكن هذا لايعني ان الشارع قد قرر حقيقة شرعية في الطبيعة العامة للموضوع

 الأول والثاني: كسوف الشمس وخسوف القمر ولو بعضهما، وإن لم يحصل منهما خوف

 إجمالا بالنسبة الى سببية الكسوف والخسوف لصلاة الآيات لم يحكى مخالف من الأصحاب في الوجب

 والروايات الواردة في المقام كثيرة، منها:

 صحيحة جميل بن دراج قال: قال وقت صلاة الكسوف ... وهي فريضة [2] وظاهر كلمة الفريضة هو الوجوب وان استعملت في غير الوجوب في الروايات

 وهناك مصحح آخر لجميل الرواية التاسعة في الباب الأول مفاده نفس المفاد

 معتبرة أبي اسامة عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث قال صلاة الكسوف فريضة [3] فان لسان الروايات أخذ نفس عنوان الكسوف كموضوع للوجوب

 معتبرة الفضل بن شاذان [4] وقد مرّ مرارا ان الفضل بن شاذان ومحمد بن سنان كل منهما له رواية، وان آخر ما أدركه محمد بن سنان من المعصومين هو الامام الجواد (عليه السلام) وقد أدرك الامام الرضا (عليه السلام) أما الفضل بن شاذان فقد أدرك الامام الرضا (عليه السلام) وكان صغيرا وكذا أدرك الامام الجواد والامام الهادي (عليهما السلام)، وقد شنّ الفضل بن شاذان وتلاميذه ومدرسته هجوما عنيفا على محمد بن سنان فان أكثر تضعيفات ابن سنان من قبل الرجاليين هي ناشئة من الفضل بن شاذان مع ان كلام الفضل بن شاذان مطوي فيه الإعتراف بجلالة محمد بن سنان، فمثلا قال الفضل بن شاذان (لاتروا عنّي ما رويته لكم عن محمد بن سنان في حياتي) فان كان محمد بن سنان غير معتبر فلا فرق في الرواية عنه حال حياة الفضل بن شاذان أو بعد حياته، وهذا قد يكون من التعصب

 وان محمد سنان يروي رواية طويلة عن الامام الرضا (عليه السلام) في علل الأحكام ومعروفة برواية العلل عن محمد بن سنان عن الامام الرضا (عليه السلام) وهذه رواية مهمة فان الامام الرضا (عليه السلام) يستقرء فيها كل الأبواب ويبيّن فيها فلسفة التشريع وهي رواية مهمة باعتبار ان فيها قيود وشرح للأحكام والأبواب

 كما ان الفضل بن شاذان يروي رواية اخرى عن الامام الرضا (عليه السلام) فيها علل الأحكام أيضا وعليه فكل من التلميذ الفضل بن شاذان والاستاذ محمد بن سنان يرويان روايتين مستقلتين ومختلفتين

 وقد روى الصدوق كلا الروايتين في علل الشرايع كما ورواهما في عيون أخبار الرضا (عليه السلام) وله أسانيد الى هاتين الروايتين وشواهد اخرى تدل على اعتبار الروايتين وان الروايتين مهمتين في الأبواب كثيرا

 معتبرة الفضل بن شاذان عن الرضا (عليه السلام) قال انما جعلت للكسوف صلاة لأنه من آيات الله لايدرى ءلرحمة ظهرت أو لعذاب فأحب النبي (صلى الله عليه واله) ان تفزع امته الى خالقها وراحمها عن ذلك ليصرف عنهم شرها ويقيهم مكروهها كما صرف عن قوم يونس حين تضرعوا الى الله عزوجل (فلولا كانت قرينة امنت فنفعها ايمانها الاّ قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم الى حين وهذه الرواية صريحة على ان موضوع الوجوب آيات الله

 وهذا المقطع من الرواية يبين ان المراد من الخوف هو توقع العذاب الالهي، فالموضوع في هذه الرواية جعل الآية والرواية كما مرّ بنا معتبرة

 فظاهرها ان موضوع الوجوب ليس خصوص الكسوف بل ان موضوع الوجوب هو مطلق الآية فان أصل التشريع من الآية القرانية وبخصوص صلاة الآيات فهو تشريع من سيد الأنبياء (صلى الله عليه واله) وان ملاحظة أصل التشريع ومنشأ التشريع يفيد كثيرا في تحليل مفاد الأدلة في كل باب

 رواية علي بن عبد الله ورواية الحسين بن خالد [5] دلتا على ان الموضوع هو عموم الاية انهما آيتان من آيات الله

 رواية اخرى رواها علي بن ابراهيم في تفسيره ورواها الكليني في الكافي باسنادهما وكذا الشيخ الصدوق قد رواها في الفقيه فالطرق اليها متعددة عن علي بن الحسين (عليه السلام) في علّة كسوف الشمس والقمر أما انه لايفزع للآيتين ولايرغب لهما الاّ من كان من شيعتنا فاذا كان ذلك فافزعوا الى الله عزوجل وراجعوا ومفادها ان موضوع الوجوب ليس خصوص الشمس والقمر بل بما هما آيتين مرتبطتين لإنذار العذاب

 ويمكن تخرج الآية بأنها تريد ان تقول ان كل تغيير مفصلي في نظام طبيعة التكوين يخل بحركة الدورة الطبيعية بحيث يحذر تصدع النظام الطبيعي الدوري بما يوجب هلاك البشر فإنه يعبّر عنه بالآية، هذا مجمل الأدلة في الخسوف والكسوف

 الثالث: الزلزلة، وهي أيضا سبب لها مطلقا، وإن لم يحصل بها خوف على الأقوى

 أكثر الفقهاء أو المشهور لم يقيد الزلزلة بكونها مخوفة والسر في ذلك هو ان المراد من الخوف هو بحسب تغير نظام الطبيعة نقمة الله عزوجل وبهذا التعريف من الخوف فالزلزلة متصلة بالتعريف

 يقال ان جملة من القدماء لم ينصوا على سببية الزلزلة لوجوب صلاة الآيات وهذا ليس بأمر غريب لأن الكتب القهية أخذت مراحل من التكامل والاستيعاب

 صحيح الفضلاء عن كليهما (عليهما السلام) ومنهم من رواه عن أحدهما ان صلاة كسوف الشمس والقمر والرجفة والزلزلة عشر ركعات واربع سجدات صلاها رسول الله (صلى الله عليه واله) والناس خلفه في كسوف ففرغ حين فرغ وقد انجلى كسوفها [6]