الموضوع: المخوف السماوي أو الأرضي

 كان الكلام في متن الرواية الأخيرة في سياق ذكر الأدلة الخاصة على سببية الزلزلة لصلاة الآيات مصحح بريد بن معاوية ومحمد بن مسلم وان طعن السيد الخوئي في طريق الصدوق الى كتاب محمد بن مسلم وبريد

  مصحح بريد بن معاوية ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) قالا اذا وقع الكسوف أو بعض هذه الآيات فصلها مالم تتخوف ان يذهب وقت الفريضة فان تخوفت فبدأ بالفريضة واقرأ ماكنت فيه من صلاة الكسوف فاذا فرغت من الفريضة فارجع الى حيث كنت واحتسبت بما مضى [1] وهذه الرواية تشتمل على أحكام كثيرة لذا فاعتبار السند فيها مهم لاشتمالها على مسائل عديدة في صلاة الكسوف

 وإجمالا فهي تدل على عموم موضوع وجوب صلاة مطلق الآيات لاخصوص الكسوفين بل عمم وهذا مؤكد على ان الموضوع لوجوب صلاة الآيات ليست كسوفية الكسوف وخسوفية الخسوف وزلزلية الزلزلة بل الموضوع طبيعة وعنوان موحّد ساري في هذه النماذج نعم هو آيتية الآية فاما ان تكون الاية منذرو لعذاب الله او لرحمة الله او هي اية مظهرة لعظمة الله كما مر من ان الحكمة لصلاة الآيات التشريع فيها متعدد

 وان الزلزلة هي اية ربانية يخشى منها العباد العذاب او الهلاك فضابطة الاية التي وردت في الادلة منطبقة على الزلزلة

 الرابع: كل مخوف سماوي أو أرضي ماهو مراد المصنف من السماوي والأرضي فهل السماوي هو الجغرافي أو ان يكون سببه الله وان الأرضي في مقابل الجغرافي الأرضي أو فعل البشر فماهو مقصود الماتن

 الظاهر ان مراد الماتن هو السماوي الجغرافي أو الأرضي الجغرافي وليس مراده ان يكون سببه أهل الأرض لأن الآية لابد ان يكون سببها تقدير السماء

 كل مخوف سماوي أو أرضي كالريح الأسود أو الأحمر أو الأصفر والظلمة الشديدة والصاعقة والصيحة والهدة والنار التي تظهر في السماء والخسف وغير ذلك من الآيات المخوفة عند غالب الناس ولا عبرة بغير المخوف من هذه المذكورات، ولا بخوف النادر وماهو التعميم في هذا الرابع؟

 هنا قال صاحب الشرائع وهل تجب صلاة الآيات لما عدى ذلك من ريح مظلمة وغير ذلك من أخاويف السماء؟ قيل نعم وهو مروي، وقيل لا بل يستحب، وقيل تجب للريح المخوفة والظلمة الشديدة حسب فهنا عندما يعبر صاحب الشرائع بأخاويف السماء فانه يقصد التقدير الالهي وان الآية الشريفة بهذا المعنى

 وقال صاحب المدارك والقول بوجوب الصلاة لما عدى ذلك من ريح مظلمة وغير ذلك من أخاويف السماء كالظلمة العارضة والحمرة الشديدة والرياح العاصفة والصاعقة الخارجة عن قانون العادة مذهب الأكثر كالشيخ والمفيد والمرتضى وابن الجنيد وابن ابي عقيل وابن ادريس وغيرهم فوجوب الصلاة مذهب الأكثر وان الأكثر هو من حيث التعداد النسبي أقل من المشهور

 وقال الشيخ الطوسي في النهاية زيادة على الثلاثة الريح المخوفة والظلمة الشديدة فما يحدث في النجف حسب الأكثر يوجب صلاة الآيات

 وان الدليل على التعميم ماتقدم من ان الأدلة الواردة في الخسوف والكسوف والزلزلة قد أخذ عنوان العام وليس عنوان الخاص وهو الخروج عن النظام الطبيعي وهو ينذر إما بعذاب أو هو ظهور لعظمة القدرة الالهية التكوينية قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون اذا فهذا ظهور لعظمة الأفعال الالهية

 بالاضافة الى ماتقدم هنا سنستعرض الروايات الخاصة

 منها رواية محمد بن عمارة عن أبيه وقد تقدمت عن الصادق (عليه السلام) عن أبيه (عليه السلام) قال ان الزلازل والكسوفين والرياح الهائلة من علامات الساعة فإذا رأيتم شيئا من ذلك فتذكروا قيام الساعة وافزعوا الى مساجدكم [2] وهذه سندا غير تامة

 صحيح زرارة ومحمد بن مسلم قالا قلنا لابي جعفر (عليه السلام) هذه الرياح والظلم التي تكون هل يصلى لها؟ فقال كل أخاويف السماء من ظلمة أو ريح أو فزع فصلي له صلاة الكسوف حتى يسكن [3] والمراد به الصلاة لما قدرته السماء

 وقد استشكل البعض بأن هل حتى يسكن هو تعليل للأمر أو تعليل لمتعلق الأمر، فإن كان تعليلا للأمر فإن إسكان هذه الآيات وعدمه فهذا لايكون مدارا للوجوب والحال انه في الزلزلة وغيرها من الآيات وقتها ممتد وعليه فهذه يصلح للإستحباب

 ولكن مثل هذا الاشكال أو التقريب ضعيف لأنه حتى يسكن هو حكمة للتشريع ولو افترضناه قيد للحكم أو للمتعلق فإن القيود على أنواع متعددة، فمنها قيد الحكم ومنها قيد الموضوع الاصولي وهي قيود الوجوب مثل أقم الصلاة لدلوك الشمس وهو على أنواع وتقسيمات من الحيثية التعليلية والحيثية التقيدية ثم ان القيد هل هو وصف الملكة وكونه بصيغة الفعل أو الصفة أو الاستعداد، ويوجد قيد الواجب وهو متعلق بالحكم وهو على أقسام، وتوجد قيود ليست هي قيود الحكم وليست من قيود الواجب بل هي شبيه بالقيود في الواجب المعلق، ولدينا قيود في متعلق المتعلق فالمتعلق كالصلاة والصوم الاّ ان متعلق المتعلق فهو كالصلاة المتعلقة بالوضوء أو بالقبلة

 وقد مرّ بنا مرارا انه لابد ان يضبط الباحث في الاصول وفي الفقه قالب القضية الشرعية فالموضوع وهو قيد الوجوب أو المحمول وهو الحكم والمتعلق ومتعلق المتعلق فهذه محاور وهمة وبها يتم تحديد أركان القضية الشرعية في أيّ باب أو مسألة فقهية أو اصولية، فمن الآليات الصناعية الخطيرة جدا هو تشخيص أركان القضية الشرعية