الموضوع: حرمة السجود لغير الله تعالى

 اجمالا مرّ بنا ان محل البحث في هذه المسألة بنص عبارة السيد اليزدي فما يفعله سواد الشيعة من صورة السجدة وحسب مؤدى عبارة العروة فان صورة السجدة التي تفعل من قبل عموم عوام الشيعة ليست من السنة ومحشي الرعوة كلهم على هذا المنوال

 لكننا ذكرنا ان مايفعله الشيعة عند المشهور من علماء الامامية الى القرن الثاني عشر هو من السنن الأكيدة والآداب الأكيدة في الزيارة وليس من ابتداعات عوام الشيعة

 وللتدقيق أكثر نقول ان السجود لغير الله حرام وهذا هو أمر مسلم وهو بمعنى عبادة غير الله حرام

 وقد تسالم عند علماء الامامية هنا بان من لم يعتقد بالربوية لغير الله ومع ذلك عصى وسجد لغير الله بقصد السجود والتعظيم لابقصد التألية فانه قد عصى ولكنه لم يكفر

 فالكفر والايمان لايدور مدار قصد السجود وعدم قصد السجود بل يدور مدار ان الغرض من قصد السجود قصد آخر فان كان بقصد التأليه والربوية فهو كفر وأما اذا لم يكن بقصد التأليه بل بقصد الإجلال والتعطيم فهو ليس من الكفر أي يعظمه لابما هو واجب الوجود

 فالمائز الدقيق للشيخ جعفر كاشف الغظاء حيث اطال البحث ف يكتابه منهاج الرشاد مع الوهابية والسلفية وهو ان مجرد السجود لغير الله ان كان لأنه واجب الوجود فهو من الكفر والتأليه اما اذا كان لأنه ليس بواجب الوجود بل للتعظيم والتجليل فهنا لاربوبية في البين ولا تأليه

 فالمدار في الكفر هو ان المعظم والمبجل يجعله نهاية النهايات ليس وراء الله منتهى اما اذا أقمت الإكرام والتمجيد والتعظيم لا لأنه نهاية النهايات فلا كفر في البين

 ومعه فقد لاتكون عبادة غير الله كفرا بل تكون قد تكون عصيانا وتكون كفرا اذا نظرت الى الشيئ بعنوان انه غني بالذات وهو قائم بحوله وقوته وهو ازلي وسرمدي فهو من الكفر والاّ فليس هذا من الكفر

 وان أكبر أنواع التعظيم هو تعظيم واجب الوجود وغير واجب الوجود لايكون من أكبر أنواع التعظيم

 وان بعض أنواع التعظيم لغير الله عز وجل اذا عظمت بتعظيم لا بما هي واجبة الوجود بل بما هي مقربة بدرجة اولى عند واجب الوجود فتعظيمها بهذا النمط من دون استحقاق يقول القران ان هذا من الكفر ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون فهنا هؤلاء اتجهوا نحو اشخاص اخر لم يعتبروهم واجب الوجود ولكن اعتبروها مقربة من الدرجة الاولى والحال ان الله تعالى لم يجعل الأشخاص من الدرجة الاولى

 أما اذا اذن الله في ناس يعظمون فتعظيمهم بما هم مقربين لكن صورة التعظيم لم يأذن بها الله فالمعصية هنا عملية وليست معصية اعتقادية فلا يكون هنا كفر بل يكون من الفسق

 فاشكال الوهابية والسلفية من جهتين

 ان الكفر هو ان تعتبر الشيئ هو واجب الوجود وهو منتهى النهايات وليس ورائه شيئ أوتعظّم الشخص و تعتبره مقرب مع انه ليس بمقرب

 فهنا ليس فقط ان الله لم يأذن بالتعظيم بل لم يأذن بتعظيمهم باعتباره من أبواب الله

 فدرجة التعظيم ليست فقط في ألية التعظيم ولكن الكلام في نوعية التعظيم و من المعظَم ومن المعظِم فلابد من الالتفات الى هذه النكتة

 فالكفر يثبت كبحث فقهي وكلامي اذا عظمت الشيئ بما انه واجب الوجود وبما هو أزلي وبما انه سرمدي وليس هو كذلك أو ان تجعله باب للازلي

 مع انهم جعلوا الكفر قشريا حيث جعلوا صورة آليات التعظيم قالوا بأنها هي المدار بينما عند الميزان الشرعي ليست الآلية هي مدار الكفر

 فان قصدت بما هو غني بالذات فهو من الكفر أو انك جعلت الشخص باب الأزل والسرمد فهو من الكفر وأما الية العظيم من دون هاتبن الضابطتين فهي ليست من الشرك والكفر

 لذا نرى الوهابية تحسسهم ليس فقط من السجود بل تحسسهم للتوجه والدعاء فان كل هذه مراسيم للعبادة ولكن العبادة أعم من التأليه فالعبودية لاتعني التأليه بل هو تطويع

 فعندما نقف على مزارات أهل البيت (عليهم السلام) تقول عبدك وان عبدك فيقول الامام الرضا (عليه السلام) إنما لنا عبودية طاعة لا عبودية تأليه وهي عبودية انقياد الى الله تعالى

 فالطاعة بالذات لله تعالى واما العبودية بالتبع فهي لمن امر الله بذلك وكذا الكلام في بحث التأليه فبالذات هو لله وبالتيع ليس من الشرك بل هو امتثال لله قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى فهو ليس من التاليه بالذات

 فمحل البحث ليس هو الكفر بل ان مدار البحث هو ان من يخطئ عوام الشيعة مدارهم انه ليس في البين تكفير كيف وقد عظم الله أهل البيت (عليهم السلام) وقد عظم النبي (صلى الله عليه واله)

 فالكلام عند المعاصرين في المعصية وآلية الخطأ وما الدليل على ان القاعدة الأولية في خصوص آليه السجود لافي كل آليات العبادة كما خلط في ذلك الوهابية فالمسلمون مجمعون على ان آليات العبودية غير السجود جائزة وراجحة للنبي (صلى الله عليه واله) ولأهل البيت (عليهم السلام) وللأولياء المقربين وفقط الممنوع هو السجود بينما الوهابية قالوا ان كل آليات العبودية محرمة كالقنوت والتوجه والدعاء والانحناء

 وهذه المباحث ليست منقحة في الكلام ولا في الفقه وانصافا كتاب الشيخ جعفر كاشف الغطاء وهو منهاج الرشاد فهو كتاب مهم ويحتوي على أجوبة دقيقة على الوهابية وقد قال الشيخ آغا بزرك الطهراني ماكتبه الشيخ جعفر كاشف الغطاء أكثر دقة بمراتب مما ذكره السيد محسن الأمين