34/03/22
تحمیل
الموضوع: الأحوط أن لا يقصد بالتسليم التحية حقيقة
مسألة 5: الأحوط أن لا يقصد بالتسليم التحية حقيقة بأن يقصد السلام على الإمام أو المأمومين أو الملكين حين السلام الثاني
فحين السلام الثاني وهو (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) لايقصد المأموم السلام على الامام ولايقصد المأموم السلام على بقية المأمومين ولا على الملكين الكاتبين وبعبارة ثانية لايقصد الامام المأمومين ولا المأموم يقصد الإمام ولايقصد المأموم الملكين الكاتبين
نعم لا بأس بإخطار ذلك بالبال فالمنفرد يخطر بباله الملكين الكاتبين حين السلام الثاني والإمام يخطرهما مع المأمومين والمأموم يخطرهم مع الإمام ففي كل حالات المصلي لم يفتي السيد اليزدي البطلان والحرمة بل يخطرهم في باله فالامام يخطر المأمومين والمأموم يخطر الامام والمأمومين
وفي السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين يخطر بباله الأنبياء والأئمة والحفظة وكذا بالنسبة لـ (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) لايخطر بباله الأنيياء والائمة (عليهم السلام) والحفظة
ومنشأ هذا الاحتياط هو صاحب الجواهر فقد استشكل صاحب الجواهر في قصد التحية حقيقة مع انه وردت روايات عديدة في باب التسليم من ان المصلي يحيي الملكين الكاتبين ويحي الإمام المأمومين والمأمومين يحيوّن الإمام الاّ ان صاحب الجواهر حملها على انها من باب حكمة الحكم
وهذا البحث هو بحث صناعي فان الفقهاء لايتعاطون مع دلالة الروايات الواردة في حكمة الحكم لايتعاطون معها تعاطي القالب الصناعي الحقيقي بل يجعلوها محددة للموضوع ولايجعلوها محددة للمحمول ولايجعلوها محددة لقيود الموضوع أوقيود الحكم فلايجعلون دلالتها ذات صلة بقالب القضية صناعيا بل من باب بيان فلسفة الحكم البعيدة وهذا هو المعروف عند الفقهاء في التعاطي مع حكمة الحكم
وهذا بخلاف علّة الحكم فتجعل قالبا موضوعيا وتجعل باعتبارها مرتبطة بالقالب الصناعي وهكذا
والنقطة الأساسية المركوزة عند صاحب الجواهر هو ان الروايات الواردة في علل الأحكام لا يستفاد منها مفاد فقهي وهذا يعبّر عنه بحكمة الحكم
فالفقهاء يتعاطون مع روايات العلل تعاطي روايات الآداب والأخلاق وهذا بحث حساس لانك اذا استقرءت الروايات فسترى ان الأبواب الروائية الفقهية مشحونة بالروايات التي تتعرض الى حكمة الحكم أو علل الأحكام وهذا من معجزات أهل البيت (عليهم السلام)
فلذا بات سائدا الآن ومعروف لدى اللأبحاث العلمية ان الشخص الذي يستنبط حمكا فقهيا من روايات علل وحكم الحكم فهذا ليست لدية دقة صناعية فان المتمهر بالبحث الصناعي هو ذلك الشخص الذي يقتصر على الروايات التي في صدد بيان موضوع الحكم
وقد وقع البحث بين الأعلام في تشخصي وتمييز كون الرواية صادرة لبيان علل الأحكام وفلسفة الأحكام أو هي صادرة لبيان القالب الصناعي القانوني الفقهي للحكم
هنا ذكر الميرزا النائيني ضابطة صغروية في ذلك فقال هناك علةالجعل والتشريع وهناك علة الحكم فلدينا علة الجعل والتقنين والانشاء وعلة المجعول والحكم والمنشأ فلدينا قسمان
قيقول الميرزا ان القسم الأول وهو علة الجعل وعلة الانشاء تسمى اصطلاحا حكمة المجعول وحكمة الجعل
أما القسم الثاني فلايقال له علة الجعل ولايقال حكمة المجعول ولاحكمة الجعل بل يقال له فقط علّة المجعول وعلّة الحكم
والضابطة في ذلك هو ان كل تعليل للحكم ذُكر فيه عنوانا عرفيا يصلح ان يكون ضابطة موضوعية فهو من القسم الثاني لأنه يستفاد منه مفاد صناعي بخلاف القسم الأول الذي لايستفاد منه مفاد صناعي
أما اذا كان التعليل بعنوان لايصلح عرفا ان يكون مدارا للحكم فهو من حكمة الجعل وحكمة الجعل فلايستفاد منه مفاد صناعي
وهذا كله كلام الميرزا النائيني وهو كلام جيد ودقيق وقد تبعه تلاميذه من بعده وهو ضابطة موضوعية في التفرقة بين القسم الثاني والقسم الأول
لكن هناك أقوال كبروية وأقوال صغروية وان كانت ضابطة الميرزا النائيني صغروية
والضابطة الصغروية التي ذكرها الميرزا النائيني هي ضابطة صغروية بين الفقهاء سواء من مذهب الامامية أو من غيرهم من عهد الائمة (عليهم السلام) الى يومنا هذا
وان الجدل العلمي هو ان هذه استحسانات أو ضابط موضوعية مع ان المعروف عند أهل البيت (عليهم السلام) ان الاستحسانات ليست بحجة وربطه بهذا المبحث هو انه تارة يأتي الإنسان بعلّة ليس منصوص عليها وتارة العلة منصوصة ولكنها ليست علّة حقيقة بل انها من القسم الأول فليس كل علّة منصوصة هي من القسنم الثاني وان ماذكره الميرزا النائيني هي ضابطة لابأس بها من حبث البحث الصغروي مع غض النظر عن كونها كاملة أو غير كاملة
لنا هنا وقفة في البحث الكبروي حيث قلنا في البحث الكبروي بات معهودا عند الأعلام في البحوث العلمية ان العلة المنصوصة من القسم الأول التي هي حكمة الحكم ومصالح ومفاسد التشريع لايستفاد منها مفاد صناعي بتاتا ومن يتمسك بها فليس له شمة فقاهة ولاصناعة لأنها من مستندات علم الأخلاق وعلم الآداب
لكن الصحيح ان مسير الفقهاء ارتكازا وكذا الاصوليين لايتطابق مع هذه الدعوى فهناك نكات صناعية منظبطة يستفيدها الفقهاء من القسم الأول وان كان القسم الأول ليس على حذو القسم الثاني
ومن أمثلة القسم الأول فمن ضمن العلل الواردة في علل الشرايع للشيخ الصدوق في الأحكام هو ان الشارع أمر بالجهر في صلاة الصبح وصلاة المغرب والعشاء لأن الجهر بالصلاة هو نوع من التنبية للآخرين بالصلاة بينما صلاة الظهرين بما انها واقعة في النهار فلايحتاج الى تنبيه بل ان البصر هو المنبة عليها حيث ورد في الروايات صلاة النهار عجماء بخلاف الصبح والعشائين
وهذا التعليل الذي هو حكمة وليس ضابطة موضوعية يمكن ان يتبدل باعتبار وجود الكهرباء وكثرة النور فلايتبدل الإخفات والجهر وكذا بالنسبة لصلاة الليل فمن فلسفات الجهر بها هو ان يوقض المصلي أهله وذويه فالمقصود ان هذه الفلسفات من الحكم ليست ضوابط موضوعية ولاميزان صناعي بل هو حكمة ومقاصد للشريعة
ولذا قال صاحب الجواهر عندما تأتي بالتسليم وتقصد به الامام او المأموم فهو من باب فلسفة الحكم لا انه بصدد البيان الصناعي لماهية التسليم فقال ان التسليم هو وظيفة صلاتية فتأتي به أداء للواجب وليس حقيقته تحية الآخر