34/06/20
تحمیل
الموضوع: وجوب رد التحية
كنّا في صدد أصل الأدلة الدالة على وجوب رد التحية
الآية الكريمة في سورة النساء الآية 86 واذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها فلماذا يخصص الوجوب بتحية السلام، فيمكن ان يكون (حيّاه بالرحمة) أو (حياه بالخير) أي أول ماباشره بالحديث واللقاء دعى له
وكذا بشاشة الوجوه وسرور النظر هو أيضا تحية أو الهدية فان التحية قد تكون بالفعل أو بالهدية أو بالدعاء أو بالمديح فكلّ هذه الموارد من التحية فالتحية اذن عامة فهل هذا هو المراد بالاية الكريمة من التحية
مرّ ان التحية فيها توقيف ولكن التوقيف في التحية وفي غيرها لايعني ان الشارع قد الغى المعنى اللغوي من رأس وهذا ليس في محلة
فإنه كثيرما يكون توقيف الشارع لحقيقة أو معنى شرعي فقط بلحاظ حكم ما أو حكمين أو فصل في باب وليس بلحاظ ذلك العنوان في كل الأحكام والفصول والأبواب
فمثلاً نلاحظ لفظ الصلاة فان معنى الصلاة هو التوقيف الخاص المعلوم لكن مع ذلك الشارع لم يلغ الصلاة بمعنى مطلق الانعطاف والتوجه الى الله بأنه راجح لأن هذه التوقيفية من الشارع من الماهية الشرعية هو بلحاظ جملة أو كثير أو أغلب الأحكام وليس بلحاظ كل الأحكام فيبقى المعنى اللغوي على حاله
فان الشارع عندما يحدد في جانب المحرمات أو الواجبات أو المستحبّات بحقيقة شرعية أو بتوقيف شرعي فلايعني ذلك الغاء المعنى اللغوي من رأس
والثمرة ان المعنى اللغوي يبقى على حاله وله معناه وآثاره بالمعنى اللغوي فإن بقاء العناوين اللغوية على سعتها اللغوية في الأصل هو أمر مهم للمشروعية أو للرجحان بلحاظ تلك الآثار العامة
لذا ففي المقام اذا حييتم بتحية المراد منه تحية لشواهد عديدة سنذكرها لكن هذه الشواهد غاية ماتثبته هو الأثر الالزامي لرد التحية وليس بلحاظ مطلق الرجحان
وربما تكون الآية في صدد تشريع حكمين وهما نوع الحكم وجنس الحكم فان الاية أو الرواية لو كانت في صدد تشريع الحكم بانه غير الزامي فهذا لايعني ان الجنس غير مشرّع كما هنا في المقام
وتطبيقا لهذه النكتة نقول انه تبين ان الحقيقة الشرعية والتوقيفية غالبا لاتعدم المعنى اللغوي ولو بلحاظ بعض الاثار القريبة
ونكتة اخرى صميمية مرتبطة بهذا الموضوع نففس الحقيقة الشرعية التوقيفية التي وقفها الشارع كالركوع والسجود والصلاة فان هذا الحد الشرعي جعله الشارع بعناوين معينة الأصل في هذه العناوين كونها لغوية وليست الشرعية فبالنتيجة تصل هذه الحقائق الشرعية التوقيفية الى عناوين لغوية فنحن مضطرون الى الرجوع الى معاني لغوية
نعم بمقدار تصرف الشارع لابد ان نتبعه في تصرفه الاّ ان الباقي لابد فيه من الرجوع الى المعاني اللغوية الاخرى وهذه نكات مهمة يغفل عنها بعض الأكابر
فمثلا الشعائر الحسينية لو سلمنا انها توقيفية فمن قال انها لو كانت توقيفية فيعني ان هذا المعنى برمته وفي كل زواياه لابد ان تبع فيه الشارع من رأس
نعم نتبع مقدار تصرف الشارع لكن الزائد يبقى على حدوده اللغوية فان الحقيقة الشرعية تؤخذ بمقدر ماتصرف الشارع بالمعنى اللغوي أما الزائد فيبقى على معناه اللغوي
وان ترامي تصرفات الشارع في العناوين اللغوية أيضا يؤخذ به من باب الإنقياد لكن مع ذلك له معنى وعنوان لغوي
نكتة صناعية: ان العنوان التوقيفي كما ورد عن سيد الأنبياء (صلى الله عليه واله وسلم) سياحة امتي الجهاد وورد أيضا سياحة امتي الكون في المساجد ولكن المعنى اللغوي للسياحة هو أن لايحبسه شيء معين لكن هذ النسخ لمعنى السياحة لايعني ان المنسوخ لاملاك له بل بمعنى ان المنسوخ مجمدّ والناسخ مفعل فالسياحة بالمعنى الشرعي ليس هي عديمة الملاك
فان نسخ شريعة سيد الانبياء (صلى الله عليه واله وسلم) لكثير من عناوين الشرائع السابقة لايعني نسف المنسوخ من رأس كما عليه فقهائنا بحسب الدلائل الشرعية فإنه لايكون عديم الملاك نعم هو غير مشروع
وإجملا فإن المنسوخ وهو التوقيفي لايلغى بتاتا كذلك في التوقيف الشرعي للمعنى اللغوي فهو النسخ بمعنى آخر فالصلاة اذا كان معناها اللغوي مطلق الإنعطاف وميلان الانسان بقلبه وروحه الى الله تعالى فيبقى الرجحان على حاله ولو بآليات اخرى يمكن استفادة المشروعية منها اذا لم يكن محرما لذا اطلق في الروايات على زيارة المعصوم (عليه السلام) انه حج ونُسك فان توقيفية الحج لبيت الله لايعني ان زيارة النبي والمعصومين (عليهم السلام) ليست حج بل هو حج وهو توقيفي أيضا
المهم ذكرنا ثلاثة وجوه وزوايا لبحث الصناعة الفقهية التوقيفية وهي مورد حاجة بالدقة في الشعائر الحسنية والشعائر الدينية باعتبار ان الشعائر الدينية والحسينية محل لغط كبير فلابد من التدقيق الصناعي لمعنى التوقيفية
فنخرج بهذه النتيجة وهي ان اذا حييتم يبقى على حاله من الرجحان نعم باللزوم وُقّف شرعا في التحية السلام
وللكلام تتمة