34/08/21
تحمیل
الموضوع: البكاء على الائمة الأطهار (عليهم السلام) في الصلاة
كنّا في مسألة البكاء على الامام الحسين (عليه السلام) وبقية المعصومين (عليهم السلام) فهل هو مخل بالصلاة أو ليس بمخل؟
وان أصل البكاء بدون صوت ليس بمبطل للصلاة مطلقا إنما الكلام في مبطلية البكاء مع الصوت للصلاة حيث ذهب الأعلام الى بطلانها اذا كان البكاء لأمر دنيوي وهذا هو الصحيح
عند ذلك يأتي الكلام في ان البكاء على الامام الحسين وبقية المعصومين (عليهم السلام) هل هو مبطل للصلاة أو ليس بمبطل؟
ذكرنا فيما تقدم ثلاثة أقوال رئيسية وقد مرّ بنا بالدقة ان هذه الأقوال مرتبطة بكون البكاء عبادي وفيه اضافة الى الله عزوجل أو ليس كذلك؟
وقد مرّ كلام الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء من ان الأفعال التي تضاف الى المعصومين (عليهم السلام) طبيعتها وذاتيها هو كونها مضافة الى الله عزوجل وذلك لأن الإقبال على المعصومين (عليهم السلام) في إرتكاز ونيّة المتشرعة هو منطلق من كونهم مقربين عند الله وكونهم أولياء ومنتجبين ومصطفون عند الله عزوجل فهو لحاظ باعتبارهم وسيلة الى الله فالاعتقاد بمقامهم هو ترسيخ للتوجّه بهم الى الله وترسيخ لعدم عبادتهم دون الله عزوجل
فحقيقة الاعتقادات بالامامة والرسالة هو في الحقيقة نوع من الترسيخ والتأكيد والتثبيت لحقيقة التوحيد وان الجهة الأصلية المقصودة هو الله تعالى وان انكار ذلك هو صد عن الله وعبادة دون الله عزوجل
لذا فقد أصر الشيخ جعفر كاشف الغطاء وكذا السيد محسن الأميني وكثير من الأعلام بأن مايمارسه المسلمون عموما والشيعة خصوصا في التوسل بأهل البيت والنبي (عليهم السلام) الى الله هو اقامة لحقيقة وعقيدة ومركزية التوحيد وان البقية ليست الاّ أبواب وسُبل الى الله تعالى وعليه فالبكاء على الائمة (عليهم السلام) في الصلاة ليس فيه خلل عقائدي أصلا وهذا كما يصر عليه الشيخ كاشف الغطاء
فالمؤمن والموالي عندما يتقرب بالائمة (عليهم السلام) الى الله فإنه يلحظ الإضافة بينه وبين الله فيعظمهم لأنهم أوصياء الله وان هذه الاضافة راسخة ومتجذرة في الايمان وهو اضافتهم الى الله فهم وجه الله وجنب الله وسبيل الله وباب الله فكل مقاماتهم تصب الى الله وليست متمحورة فيهم (عليهم السلام)
فكل هذه الطقوس كما يؤكد عليه الشيخ جعفر كاشف الغطاء في (نهج الرشاد) من ان الجهة المشتركة في كل هذه الابحاث هي الاضافة الى الله عزوجل وهذه نكتة عظيمة يؤكد عليها (رحمه الله) فكون الانسان عارفا بحق الامام هو يعني انه عارف بالمقام الذي بينه وبين الله
ثم ان هذه الآية المباركة إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة
[1]
هي بيان ونكتة عقلية بديهية لنفس ما ذكره الشيخ كاشف الغطاء
ففي كل الطقوس ان الاضافة العقائدية التي هي أعظم من الطاعة الفقهية وهكذا الطاعة العقائدية التي هي أعظم من الطاعة الفقهية ومن الطاعة الأخلاقية هي طاعة مقامة ومشيدة فإن التقرب والطاعة العبادية العقائدية أعظم من العبادة الفرعية وان كان لايستهان بالطاعة والعبادة الفرعية لكن العقائدية أعظم منها فالخضوع والانقياد لله في العقيدة أصعب وأخطر من الخضوع لله في البدن وهذه الحيثية المهمة في الواقع مغفول عنها
ومنه الشهادة للإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في الشهادة الثالثة فانه لايبطل الصلاة فان الشهادة لعلي (عليه السلام) في الصلاة هو اقرار بفعل الله وتحكيم لسنة الله وان القول بغير ذلك هو انطلاق من غفلة في هذه الجهة العقائدية التي أكد عليها الشيخ كاشف الغطاء
وان نمط الاشكال الموجود عند الأعلام المعاصرين في الزيارات والأذان والصلاة والعزاء ينطوي على غفلة عن تنقيح هذه النكتة العقائدية التي نقحها بشكل جيد وجلي الشيخ كاشف الغطاء وغيره من الأعلام
ومنه سورة يوسف فهي سنن في الولاية والمعرفة وليست شريعة وأعمال بل هي معرفة ورموز عقائدية ومعرفية فنرى ان زليخا ميتّم قلبها من جهة ويعقوب ميتّم قلبه من جهة اخرى وان آلية يُتم القلب عند زليخا خاطئة بينما آلية يُتم القلب عند يعقوب صحيحة
فإن الوَلَه لولي الله ليس جبت بل ان الوَله للمعصوم (عليه السلام) باعتباره وجه الله وباب الله قالوا تالله تفتأ تذكر يوسف حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين قال إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون
[2]
يعني ان هذا هو تأدية الى الله فحقيقة هذا الوَله يؤدي الى الله
وعين هذه الترنيمة المعنوية الموجودة في سورة يوسف بعينها موجودة في دعاء الندبة فهي ترنيمة معنوية شفافة لطيفة لكننا بعيدون عنها أعظم البعد هل قذيت عين فساعدتها عيني على القذا هل من جزوع فاُساعد جزعه اذا خلى فنفس هذه الألفاظ والمعاني والمعادلات المذكورة والآداب لابد ان تكون من المكلّفين تجاه ولي الله الأعظم
[1] سورة الاعراف، الآية 40
[2] سورة يوسف، الآية 85 و 86