33/07/11
تحمیل
الموضوع: الخلل في طمأنينة السجود
كنّا في بحث الطمأنينة في السجود وان ذيل عبارة الطمأنينة وهي الواجب الثالث في السجود وقد مرّ شرحها فان ظاهر العبارة ان الماتن يقول لو لم يراعي الطمأنينة في الذكر وكان قبل الوضع والاستقرار فقد بطل وأبطل ولكننا قلنا انه بطل ولكنه لايبطل وفي السهو الأمر يكون أو ضح
فقد قال السيد الماتن (رحمه الله) وكذا لو أتى به حال الرفع أو بعده ولو كان بحرف واحد منه فانه مبطل ان كان عمدا ولايمكن التدارك ان كان سهوا الاّ اذا ترك الاستقرار وتذكر قبل رفع الرأس وفي هذه العبارة نوع من التشويش
فمثلا الشيخ حسين كاشف الغطاء قال ان هذه العبارة مستدركة أي قد ذكرها الماتن في الشق السابق أي قبل ان يضع جبهته على الأرض بل قبل استقرار وضع الجبهة على الأرض فلو تذكر وهو أثناء السجدة فلابد ان يعيد بينما الشق الثاني الذي نحن فيه هو إنه لم يتم الذكر الواجب ورفع رأسه فالذكر الواجب وقع أثناء رفع الرأس أو بعدما رفع رأسه أكمل الذكر الواجب
ففي الشق الأول التدارك متصور وهو قبل وضع الجبهة أو الرأس أو بعد الوضع لكنه لم يستقر فيمكن التدارك لانه قبل رفع الرأس
بينما الشق الثاني وهو لو أتى بالذكر حال رفع الرأس أو بعده فهنا يوجد فرض عمد وفرض سهو فيقول الماتن ولايمكن التدارك ان كان سهوا الاّ اذا ترك الاستقرار وتذكر قبل رفع الرأس فما المراد من التذكر قبل الاستقرار فهل هو العود الى الفرض الأول كما فسره الشيخ كاشف الغطاء أو ليس كذلك بل هو كما فسره بعض المحشّين من كونه في الشق الثاني فيعيد السجدة بناء على ان الزيادة في السجدة هو السجدة التامة الشرائط أما السجدة الناقصة فلابد ان تعاد وتتدارك
لكن هذا التفسير لايمكن قبوله فان الزيادة في السجدة لايعتمد على زيادة السجدة التامة فالزيادة العمدية تصح وان السهوية غير مضرة الاّ في الركن فالزيادة العمدية لاتتوقف في كونها زيادة على كونها تامة فزيادة السجدة من دون ذكر هي زيادة
وبعبارة مختصرة ان المعروف عند الأعلام لورود النص ان الإخلال بشرائط ذكر السجود سهوا بعد رفع الرأس من السجود لايخل بصحة السجدة ولا بصحة الصلاة
بل بعض الأعلام ذهب ان الإخلال بشرائط ذكر السجود سهوا لايبطل الذكر ولا السجدة ولايوجب إعادة الذكر ولا إعادة السجدة ولو كان في السجدة أي قبل رفع الرأس وان كان هذا خلاف المشهور
بحث صناعي
هنا مبحث صناعي مهم وهو ان الذكر في السجود هل هو من ماهيات شرائط السجود وهل ان الذكر في الركوع هو من ماهيات شرائط الركوع أو ان السجود والركوع غير مشروط بالذكر وإنما السجود والركوع هما ظرف للذكر؟
وكذا القنوت فهناك احتمال ان الصلاة ظرف للقنوت واحتمال ان القنوت ليست الصلاة ظرفا له بل هو مرتبط وجزء مستحب في الصلاة
وهذه التصويرات الماهوية هي نظرة حقيقية دقيقة حول اختلاف الماهيات وتترتب عليه آثار سواء في العبادات أو المعاملات أو في أماكن اخرى
فتارة الشيئ مع الشيئ علاقتهما علاقة ظرف ومظروف وتارة علاقتهما جزء و كل او شرط ومشروط وان العلاقة الظرفية تختلف عن العلاقة الإرتباطية الجزئية أو الشرطية
والفرق في الآثار هو ان الشيئ كالقنوت اذا كانت علاقته مع الصلاة كالظرف فلو تصرم الظرف فان محل المظروف وهو القنوت مثلا سيفوت بلا خلل في الظرف لأن المفروض ان ذكر السجود ليس شرطا في السجود والقنوت ليس شرطا في الصلاة
فالمظروف في هذه الصورة يفوت محله مع انه لم يدخل في ركن وتقدم بيان الضابطة في الخلل في باب الصلاة ان الأجزاء المنسية يفوت محلها اذا دخل في ركن اما اذا لم يكن المنسي ركن وقد دخل في ركن فالمفروض ان محل التدارك أيضا يفوت أما اذا لم يدخل في ركن فان محل التدارك مازال قائما كما لو تذكر نسيان السورة قبل الركوع فلابد من تداركه
وضابطة تدارك المحل المنسي هو الدخول في الركن وعدم الدخول في الركن وهذه الضابطة إنما هي في الأجزاء المنسية التي لها ارتباط كالحمد والسورة أما الأشياء التي لا ارتباط بينها كالظرف والمظروف فالركوع ظرف والذكر مظروف فهنا اذا فات الظرف سهوا فانه يفوت وان لم يدخل في الركن الآخر
لذلك فان صرف تعاقب أو تقارن بعض الامور لايعني الارتباطية والشرطية بل قد يكون ظرف ومظروف وهذا البحث سيال ولايختص ببحث الصلاة وهو بحث مهم وعميق وماهوي
ثم قلنا انه يوجد ظرف ومظروف متقارن كالسجود وذكر السجود وهناك ظرف ومظروف غير متقارن بل متقدم ومتأخر كتعقيبات الصلاة فالكثير ذهب الى انها مطلوب مستقل ظرفها عقيب الصلاة وكذا الكلام في الأذان والإقامة وفي هذا البحث جدل علمي بين العلماء
وهكذا الكلام بالنسبة الى الشهادة الثالثة في الأذان والإقامة فالتصوير الصناعي للشهادة الثالثة هو ان أقل ما يقال في رجحان الشهادة الثالثة في الأذان و الإقامة بل حتى في التشهد في الصلاة هو انها مطلوب مستقل لاربط لها بالصلاة ولا بالاذان ولا بالإقامة ولكن ظرفها هو الصلاة والأذان والاقامة أي أينما حلت الشهادتين فيستحب ذكر الشهادة الثالثة
فالتقارن بين الامور والتعاقب بين الامور ليس بالضروة ان يكون من الشرطية أو الجزئية بل يمكن ان يكون ظرفية و الظروف نماذج كالقبل والبعد والمقارن فضلا عن ان الشرطية هي أيضا نماذج وموديلات كالشرطية الواجبة والمستحبة وغيرها وهذه بحوث محل ابتلاء في أبواب العبادات والمعاملات