35/11/17
تحمیل
الموضوع:- الأخبار
العلاجية /مقتضى القاعدة الثانوية في المتعارضين / أحكام التعارض المستقر.
المرجح الثاني:- ما دلّ على الترجيح بالصفات وبالشهرة.
هذه هي الطائفة الثانية من أخبار الترجيح وتدلّ على ذلك ثلاث روايات أهمها مقبولة ابن حنظلة ونصّها:- ( سألت أبا عبد الله عله السلام عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دَينٍ أو ميراثٍ فتحاكما ....... قال عليه السلام:- فإن كان كلّ واحدٍ اختار رجلاً من أصحابنا فرضيا أن يكونا الناظرين في حقّهما واختلفا فيما حكما وكلاهما اختلف في حديثكم ، فقال:- الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما ولا يلتفت إلى ما يحكم به الآخر ، فقلت:- فإنهما عدلان مرضيّان عند أصحابنا ...... فقال:- ينظر إلى ما كان من روايتهما عنّا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه عند أصحابك فيؤخذ به من حكمنا ويترك الشاذّ الذي ليس بمشهورٍ عند أصحابك فإن المجمع عليه لا ريب فيه ، ....... فإن كان الخبران عنكم مشهورين قد رواهما الثقاة عنكم ؟ قال:- ينظر فما وافق حكمه حكم الكتاب والسنّة وخالف العامّة فيؤخذ به ويترك ما خالف حكمه حكم الكتاب والسنّة ووافق العامّة ، قلت:- جعلت فداك إن رأيت أن كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب والسنّة ووجدا أحد الخبرين موافقاً للعامّة والآخر مخالفاً لهم بأي الخبرين يؤخذ ؟ قال:- ما خالف العامّة ففيه الرشاد ، فقلت:- جعلت فداك فإن وافقهما الخبران جميعاً ؟ قال:- ينظر إلى ما هم إليه أَمْيَل حكّامهم وقضاتهم فيترك ويؤخذ بالآخر ، قلت:- فإن وافق حكّامهم الخبرين جميعاً ؟ قال:- إذا كان ذلك فأرجئه حتى تلقى إمامك فإن الوقوف عند الشبهات خيرٌ من الاقتحام في الهلكات )[1].
إنّ هذه الرواية تشترك مع رواية الراوندي في شيءٍ وتختلف في شيئين:-
أما نقطة الاشتراك:- فرواية الراوندي جعلت موافقة الكتاب مرجّحاً لأحد الخبرين ومخالفة العامّة مرجّحاً ثانياً أيضاً ، وهذه الرواية أيضاً دلّت على ذلك فأنها دلت على أن موافقة الكتاب ومخالفة العامّة هما مرجّحان.
وأمّا موردا الاختلاف[2] فهما:-
المورد الأوّل:- للخلاف هو أنّ رواية الراوندي جعلت المرجّح الأوّل هو موافقة الكتاب والثاني هو مخالفة العامّة بينما مقبولة ابن حنظلة ذكرت مرجّحاً قبليّاً قبل أي موافقة الكتاب ومخالفة العامّة وهو صفات الراوي - يعني الأعدلية والأفقهية والأورعيّة ... - فإنها جعلت هذا مرجّحاً أوّلاً ، وأيضاً ذكرت بعده مرجّحاً آخر وهو الشهرة فالإمام عليه السلام قال ( ينظر إلى الرواية التي استندا إليها في الحكم فيؤخذ بالمشهور ويترك الشاذ ) . إذن نفهم من هذا وجود مرجّحين قبل موافقة الكتاب ومخالفة العامّة ، ويترتب على هذا لزوم التقييد ، يعني بالتالي يلزم أن نقيّد رواية الراوندي وأنه يؤخذ بما وافق الكتاب ثم بما خالف العامّة فيما إذا فرض في المرحلة السابقة لم يكن هناك مرجّحات لأحد الراويين ولم يكن هناك مرجّحاً للرواية - يعني لم تكن هناك شهرة لها - فإذا فُقِد هذان المرجحان تصل النوبة إلى موافقة الكتاب ثم مخالفة القوم ، فإذن النتيجة سوف تتغيّر كثيراً.
المورد الثاني:- هو أنّ رواية الراوندي جعلت بين المرجحين - يعني موافقة الكتاب ومخالفة العامّة - ترتّباً طوليّاً فإنها قالت أوّلاً يلزم الأخذ بالموافق للكتاب فإن لم يكن فيؤخذ بما خلف العامّة فهناك ترتّبٌ طولي ، بينما مقبولة ابن حنظلة جمعت بين هذين وجعلتهما كواحدٍ حيث قالت ( ... فإن كان الخبران عنكم مشهوراً قد رواهما الثقاة عنكم ؟ قال:- ينظر فما وافق حكمه حكم الكتاب السنّة وخالف العامّة فيؤخذ به ....... ) ، إنّه جُعِل هذان المرجّحان كمرجّحٍ واحدٍ وكلّ واحدٍ منهما جزءٌ من هذا المرجّح الواحد وهذه نقطة ثانية للاختلاف.
وعلى هذا الأساس لو أخذنا بهذه المقبولة يلزم من ذلك مطلبان:-
الأوّل:- تقييد المرجّحين المذكورين في رواية الراوندي بما إذا فقد في المرحلة الأسبق مرجّحات صفات الراوي وفُقِدَت الشهرة.
الثاني:- سوف ينقلب المرجّحان في رواية الراوندي إلى مرجّحٍ واحدٍ .
فما هو الجواب ؟
والجواب:- أمّا بالنسبة إلى المطلب الأوّل - يعني أنه يلزم تقييد هذين المرجحين بحالة فقدان صفات الراوي وفقدان الشهرة - فيمكن الجواب عنه بأنّ صفات الراوي وإن ذكرت في مقبولة ابن حنظلة كمرجّح ولكن ليس كمرجّحٍ لإحدى الروايتين على الأخرى بل لأحد الحاكمين على الآخر ، فالصفات إذن مرجّحات للحاكم الذي استند إلى الرواية وليست مرجّحات لإحدى الروايتين على الأخرى؛ لأن ابن حنظلة افترض أنّه وقعت خصومةٌ بني اثنين من جماعتنا فذهبا إلى الحكّام الرسميّين فالإمام عليه قال يجعلان اثنين من وجهاء القوم من جماعتنا من أهل العدالة الموثوق بهم ينظران في القضيّة وابن حنظلة هنا جاء وقال للإمام عليه إنّ هذان الحاكمان قد اختلفا أيضاً وكلّ واحدٍ منهما يستند إلى روايةٍ فالإمام عليه السلام قال ينظر إلى الحاكم الأعدل والأفقه والأورع فيؤخذ بحكمه . إذن الأورعيّة والأعدليّة وما شابهها ذكرت كمرجّحٍ للحاكم وليست كمرجّح لإحدى الروايتين على الأخرى ومحلّ كلامنا هو في أنّه إذا تعارضت روايتان ولم يمكن الجمع العرفي بينهما فماذا نعمل وما هي المرجّحات ؟ وهنا الإمام عليه السلام لم يذكر أنّ صفات الراوي هي المرجّحات وإنما ذكر صفات الحاكم كمرجّحاتٍ لأحد الحكمين على الآخر ، فإذن هذا أجنبيٌّ عن المقام.
وإذا قال قائل:- صحيح إنّ الأعدليّة وما شكلها ذكرت كمرجّحاتٍ للحاكم وليس كمرجّحاتٍ للرواية ولكن لماذا لا نلغي الخصوصيّة ونقول بتسرية هذه القضيّة إلى الروايتين؟
قلت:- إن احتمال الخصوصيّة موجودٌ فإنه في باب الروايتين يمكن أن نفترض أنّه لا يجوز الترجيح بالأعدليّة وما شاكلها وإنما نتوقّف ونحتاط مثلاً من دون ترجيحٍ ، وهذا بخلافه بالنسبة إلى الحكم والنزاع بين الطرفين فإنه لابد من حلّه ولا يمكن أن نقول للمتنازعين نحن نتوقف الآن ونحتاط فإن هذا لا يحلّ النزاع ونحن لابد وأن نفضّ النزاع بينهما فلعلّ الإمام عليه رجّح الحاكم الأعدل الأفقه ما باب ضرورة حلّ النزاع والخصومة وإنهائه وهذا لا يمكن تعديته إلى الرواية إذ لعله بالنسبة إلى الرواية يلزم التوقّف والاحتياط أو الرجوع إلى الأصل أو ما شاكل ذلك ، فإلغاء الخصوصيّة إذن شيءٌ في غير محله.
والنتيجة:- إنّ هذه المرجّحات التي ذكرت هي مرجّحات للحاكم وليست كمرجّحات للرواية.
إن قلت:- هنا جوابٌ آخر يمكن ضمّه إلى ذلك الجواب وهو إنّ الترجيح بالصفات ناظرٌ إلى زمان حضور الإمام عليه السلام بينما كلامنا هو في زمان الغيبة ، والقرينة على أنّ الإمام عليه السلام حينما ذكر الأعدليّة وغيرها من الصفات فهو قد ذكرها بلحاظ زمان الحضور والقرينة على ذلك هو ذيل الرواية فإن عمر بن حنظلة لما فرض التساوي من كلّ الجهات قال له الامام عليه السلام:- ( فأرجئه حتى تلقى إمامك فإن الوقوف عند الشبهات خير من الوقوع في الهلكات ) فصفات الراوي ذكرت كمرجّحاتٍ في زمان الحضور وبالتالي هذا لا يضرّنا.
قلت:- هذا الجواب قابلٌ للنظر وذلك باعتبار:-
أوّلاً:- باعتبار أنّ إحدى المرجّحات هي الأوثقيّة والأوثقيّة إنما تكون مرجّحاً من باب كاشفيتها النوعيّة وهذه الكاشفيّة النوعيّة لا تختصّ بزمان الحضور بل تعمّ زمان الغيبة أيضاً - فلا معنى لاختصاصها بزمان الحضور - ، فبالتالي يلزم إن كانت مرجّحاً في زمان الحضور يلزم أن تكون مرجّحاً في زمان الغيبة للجزم بعدم الخصوصيّة من هذه الناحية.
ثانياً:- إنّ قول الإمام عليه السلام في آخر الرواية:- ( أرجئه حتى تلقى إمامك ) لا يصير مقيّداً لكلّ ما ذُكِر في الرواية وأنّ كلّ ما ذكرته أنا الإمام هو مختصٌّ بزمان الحضور - أي زمان إمكان لقاء الامام عليه السلام - هذا هو المستفاد عرفاً.
وعلى هذا الأساس يكون الجواب الصائب هو ما أشرنا إليه من أن هذه مرجّحاتٌ للحاكم وليست مرجّحات لرواية على رواية.
المرجح الثاني:- ما دلّ على الترجيح بالصفات وبالشهرة.
هذه هي الطائفة الثانية من أخبار الترجيح وتدلّ على ذلك ثلاث روايات أهمها مقبولة ابن حنظلة ونصّها:- ( سألت أبا عبد الله عله السلام عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دَينٍ أو ميراثٍ فتحاكما ....... قال عليه السلام:- فإن كان كلّ واحدٍ اختار رجلاً من أصحابنا فرضيا أن يكونا الناظرين في حقّهما واختلفا فيما حكما وكلاهما اختلف في حديثكم ، فقال:- الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما ولا يلتفت إلى ما يحكم به الآخر ، فقلت:- فإنهما عدلان مرضيّان عند أصحابنا ...... فقال:- ينظر إلى ما كان من روايتهما عنّا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه عند أصحابك فيؤخذ به من حكمنا ويترك الشاذّ الذي ليس بمشهورٍ عند أصحابك فإن المجمع عليه لا ريب فيه ، ....... فإن كان الخبران عنكم مشهورين قد رواهما الثقاة عنكم ؟ قال:- ينظر فما وافق حكمه حكم الكتاب والسنّة وخالف العامّة فيؤخذ به ويترك ما خالف حكمه حكم الكتاب والسنّة ووافق العامّة ، قلت:- جعلت فداك إن رأيت أن كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب والسنّة ووجدا أحد الخبرين موافقاً للعامّة والآخر مخالفاً لهم بأي الخبرين يؤخذ ؟ قال:- ما خالف العامّة ففيه الرشاد ، فقلت:- جعلت فداك فإن وافقهما الخبران جميعاً ؟ قال:- ينظر إلى ما هم إليه أَمْيَل حكّامهم وقضاتهم فيترك ويؤخذ بالآخر ، قلت:- فإن وافق حكّامهم الخبرين جميعاً ؟ قال:- إذا كان ذلك فأرجئه حتى تلقى إمامك فإن الوقوف عند الشبهات خيرٌ من الاقتحام في الهلكات )[1].
إنّ هذه الرواية تشترك مع رواية الراوندي في شيءٍ وتختلف في شيئين:-
أما نقطة الاشتراك:- فرواية الراوندي جعلت موافقة الكتاب مرجّحاً لأحد الخبرين ومخالفة العامّة مرجّحاً ثانياً أيضاً ، وهذه الرواية أيضاً دلّت على ذلك فأنها دلت على أن موافقة الكتاب ومخالفة العامّة هما مرجّحان.
وأمّا موردا الاختلاف[2] فهما:-
المورد الأوّل:- للخلاف هو أنّ رواية الراوندي جعلت المرجّح الأوّل هو موافقة الكتاب والثاني هو مخالفة العامّة بينما مقبولة ابن حنظلة ذكرت مرجّحاً قبليّاً قبل أي موافقة الكتاب ومخالفة العامّة وهو صفات الراوي - يعني الأعدلية والأفقهية والأورعيّة ... - فإنها جعلت هذا مرجّحاً أوّلاً ، وأيضاً ذكرت بعده مرجّحاً آخر وهو الشهرة فالإمام عليه السلام قال ( ينظر إلى الرواية التي استندا إليها في الحكم فيؤخذ بالمشهور ويترك الشاذ ) . إذن نفهم من هذا وجود مرجّحين قبل موافقة الكتاب ومخالفة العامّة ، ويترتب على هذا لزوم التقييد ، يعني بالتالي يلزم أن نقيّد رواية الراوندي وأنه يؤخذ بما وافق الكتاب ثم بما خالف العامّة فيما إذا فرض في المرحلة السابقة لم يكن هناك مرجّحات لأحد الراويين ولم يكن هناك مرجّحاً للرواية - يعني لم تكن هناك شهرة لها - فإذا فُقِد هذان المرجحان تصل النوبة إلى موافقة الكتاب ثم مخالفة القوم ، فإذن النتيجة سوف تتغيّر كثيراً.
المورد الثاني:- هو أنّ رواية الراوندي جعلت بين المرجحين - يعني موافقة الكتاب ومخالفة العامّة - ترتّباً طوليّاً فإنها قالت أوّلاً يلزم الأخذ بالموافق للكتاب فإن لم يكن فيؤخذ بما خلف العامّة فهناك ترتّبٌ طولي ، بينما مقبولة ابن حنظلة جمعت بين هذين وجعلتهما كواحدٍ حيث قالت ( ... فإن كان الخبران عنكم مشهوراً قد رواهما الثقاة عنكم ؟ قال:- ينظر فما وافق حكمه حكم الكتاب السنّة وخالف العامّة فيؤخذ به ....... ) ، إنّه جُعِل هذان المرجّحان كمرجّحٍ واحدٍ وكلّ واحدٍ منهما جزءٌ من هذا المرجّح الواحد وهذه نقطة ثانية للاختلاف.
وعلى هذا الأساس لو أخذنا بهذه المقبولة يلزم من ذلك مطلبان:-
الأوّل:- تقييد المرجّحين المذكورين في رواية الراوندي بما إذا فقد في المرحلة الأسبق مرجّحات صفات الراوي وفُقِدَت الشهرة.
الثاني:- سوف ينقلب المرجّحان في رواية الراوندي إلى مرجّحٍ واحدٍ .
فما هو الجواب ؟
والجواب:- أمّا بالنسبة إلى المطلب الأوّل - يعني أنه يلزم تقييد هذين المرجحين بحالة فقدان صفات الراوي وفقدان الشهرة - فيمكن الجواب عنه بأنّ صفات الراوي وإن ذكرت في مقبولة ابن حنظلة كمرجّح ولكن ليس كمرجّحٍ لإحدى الروايتين على الأخرى بل لأحد الحاكمين على الآخر ، فالصفات إذن مرجّحات للحاكم الذي استند إلى الرواية وليست مرجّحات لإحدى الروايتين على الأخرى؛ لأن ابن حنظلة افترض أنّه وقعت خصومةٌ بني اثنين من جماعتنا فذهبا إلى الحكّام الرسميّين فالإمام عليه قال يجعلان اثنين من وجهاء القوم من جماعتنا من أهل العدالة الموثوق بهم ينظران في القضيّة وابن حنظلة هنا جاء وقال للإمام عليه إنّ هذان الحاكمان قد اختلفا أيضاً وكلّ واحدٍ منهما يستند إلى روايةٍ فالإمام عليه السلام قال ينظر إلى الحاكم الأعدل والأفقه والأورع فيؤخذ بحكمه . إذن الأورعيّة والأعدليّة وما شابهها ذكرت كمرجّحٍ للحاكم وليست كمرجّح لإحدى الروايتين على الأخرى ومحلّ كلامنا هو في أنّه إذا تعارضت روايتان ولم يمكن الجمع العرفي بينهما فماذا نعمل وما هي المرجّحات ؟ وهنا الإمام عليه السلام لم يذكر أنّ صفات الراوي هي المرجّحات وإنما ذكر صفات الحاكم كمرجّحاتٍ لأحد الحكمين على الآخر ، فإذن هذا أجنبيٌّ عن المقام.
وإذا قال قائل:- صحيح إنّ الأعدليّة وما شكلها ذكرت كمرجّحاتٍ للحاكم وليس كمرجّحاتٍ للرواية ولكن لماذا لا نلغي الخصوصيّة ونقول بتسرية هذه القضيّة إلى الروايتين؟
قلت:- إن احتمال الخصوصيّة موجودٌ فإنه في باب الروايتين يمكن أن نفترض أنّه لا يجوز الترجيح بالأعدليّة وما شاكلها وإنما نتوقّف ونحتاط مثلاً من دون ترجيحٍ ، وهذا بخلافه بالنسبة إلى الحكم والنزاع بين الطرفين فإنه لابد من حلّه ولا يمكن أن نقول للمتنازعين نحن نتوقف الآن ونحتاط فإن هذا لا يحلّ النزاع ونحن لابد وأن نفضّ النزاع بينهما فلعلّ الإمام عليه رجّح الحاكم الأعدل الأفقه ما باب ضرورة حلّ النزاع والخصومة وإنهائه وهذا لا يمكن تعديته إلى الرواية إذ لعله بالنسبة إلى الرواية يلزم التوقّف والاحتياط أو الرجوع إلى الأصل أو ما شاكل ذلك ، فإلغاء الخصوصيّة إذن شيءٌ في غير محله.
والنتيجة:- إنّ هذه المرجّحات التي ذكرت هي مرجّحات للحاكم وليست كمرجّحات للرواية.
إن قلت:- هنا جوابٌ آخر يمكن ضمّه إلى ذلك الجواب وهو إنّ الترجيح بالصفات ناظرٌ إلى زمان حضور الإمام عليه السلام بينما كلامنا هو في زمان الغيبة ، والقرينة على أنّ الإمام عليه السلام حينما ذكر الأعدليّة وغيرها من الصفات فهو قد ذكرها بلحاظ زمان الحضور والقرينة على ذلك هو ذيل الرواية فإن عمر بن حنظلة لما فرض التساوي من كلّ الجهات قال له الامام عليه السلام:- ( فأرجئه حتى تلقى إمامك فإن الوقوف عند الشبهات خير من الوقوع في الهلكات ) فصفات الراوي ذكرت كمرجّحاتٍ في زمان الحضور وبالتالي هذا لا يضرّنا.
قلت:- هذا الجواب قابلٌ للنظر وذلك باعتبار:-
أوّلاً:- باعتبار أنّ إحدى المرجّحات هي الأوثقيّة والأوثقيّة إنما تكون مرجّحاً من باب كاشفيتها النوعيّة وهذه الكاشفيّة النوعيّة لا تختصّ بزمان الحضور بل تعمّ زمان الغيبة أيضاً - فلا معنى لاختصاصها بزمان الحضور - ، فبالتالي يلزم إن كانت مرجّحاً في زمان الحضور يلزم أن تكون مرجّحاً في زمان الغيبة للجزم بعدم الخصوصيّة من هذه الناحية.
ثانياً:- إنّ قول الإمام عليه السلام في آخر الرواية:- ( أرجئه حتى تلقى إمامك ) لا يصير مقيّداً لكلّ ما ذُكِر في الرواية وأنّ كلّ ما ذكرته أنا الإمام هو مختصٌّ بزمان الحضور - أي زمان إمكان لقاء الامام عليه السلام - هذا هو المستفاد عرفاً.
وعلى هذا الأساس يكون الجواب الصائب هو ما أشرنا إليه من أن هذه مرجّحاتٌ للحاكم وليست مرجّحات لرواية على رواية.