36/03/18
تحمیل
الموضوع:- الأحكام الشرعية
مجعولة بنحو القضية الحقيقية – مباحث الحكم.
ستدارك:- ثم إن الحكم التكليفي ينقسم إلى خمسة أقسام وهي المعروفة على كلامٍ في الاباحة على ما تقدّم وما سوى ذلك من الأحكام فهو وضعي . إذن نتمكن أن نقول إّنه إذا لم يكن الحكم تكليفياً فهو وضعي، والوضعي تارةً يكون موضوعاً لحكم تكليفي وأخرى يكون منتزعاً من حكم تكليفي، فللحكم الوضعي نحوان . أمّا ما يكون موضوعاً للحكم التكليفي فهو واضحٌ مثل الزوجية فإنها موضوعٌ لوجوب الانفاق ولأحكام أخرى، وأما ما يكون منتزعاً فهو من قبيل الجزئية - كجزئية السورة - والشرطية والمانعيّة وغير ذلك فإن الجزئية تنتزع من أمر الشرع بالإتيان بها في الصلاة فيقول اقرأ السورة بعد الحمد مثلاً ونحن ننتزع ونقول إذن هي جزءٌ باعتبار أنّ الشارع قد أمر بها ضمن المركّب، فهي في الحقيقة منتزعة من الأمر التكليفي أي من الأمر بالإتيان بها ضمن الواجب، وإذا فرض أنه منع منها وقال مثلاً ( لا تضحك أثناء الصلاة ) فنستفيد المانعية، وقد نستفيد الشرطية إذا قال ( صلّ مع الطهارة ) فنستفيد حينئذٍ أن الصلاة يلزم أن تقع مع الطهارة ونعبّر عن الطهارة بالشرط، هذا ما اردنا استدراكه.
ذكرنا أنّ الشيخ النائيني(قده) ذكر أنّ الأحكام الشرعيّة مجعولة بنحو القضيّة الحقيقيّة وقلنا إنّ ذلك هو الطابع العام في الأحكام الشرعيّة فهي مجعولة بنحو القضيّة الحقيقية دون الخارجية، والفارق كما نعرف بين القضية الحقيقية والخارجية هو أنه في القضيّة الحقيقية ينصبّ الحكم لا على شيءٍ جاهزٍ وثابتٍ بالفعل بل على شيءٍ بنحو الفرض والتقدير كقولك ( أكرم العالم ) فلّعله لا يوجد عالم الآن ولكن المقصود يعني إنْ فرض وجود عالمٍ فأكرمه فالموضوع يؤخذ بنحو الفرض والتقدير، بينما في القضيّة الخارجيّة ينصب الحكم على موضوعٍ جاهرٍ مثل ( أكرم هذا الجالس ) فإنه حكمٌ بنحو القضيّة الخارجيّة، ويترتّب على هذا أنّ يكون للحكم مرحلتان مرحلة جعلٍ ومرحلة مجعولٍ، والمقصود من الجعل هو الإنشاء مثل:- ﴿ ولله على الناس من استطاع إليه سبيلاً ﴾ فإن هذا الإنشاء ثابت حتى لو فرض أنه لا يوجد مستطيع ويعبّر هو عنه بالجعل، ولكن إذا تحقق الموضوع في الخارج - أعني المستطيع - وصار فعلياً صار الحكم آنذاك فعليّاً وعبّر عن الفعليّة بالمجعول، ولماذا عبّر عنها بالمجعول ؟ لعلّ النكتة هو أنّ المولى بالإنشاء يجعل الفعليّة أي يجعل فعليّة وجوب الحج على المستطيع إنْ تحقق خارجاً فهو يريد أن يقول ( إذا تحقق المستطيع خارجاً فيثبت عليه الوجوب الفعلي )، إنّ ما أنشأه هو هذا أي انشاء الوجوب الفعلي لمن فرض أنه مستطيع بالفعل، فالذي أنشأه حيث هو الوجوب الفعلي على تقدير تحقّق المستطيع فبهذا الاعتبار يمكن أن تقول عن المجعول - يعني الذي جعله وأنشأه - هو الوجوب الفعلي.
إذن إن الحكم يمرّ بمرحلتين مرحلة الانشاء - أو الجعل بعبارة أخرى - ومرحلة الفعليّة التي عبر عنها بالمجعول.
وذكر إنّ المجعول - أعني الفعلية - يدور مدار تحقّق الموضوع في الخارج فتحقّق الموضوع في الخارج علّة لصيرورة الحكم فعلياً، فإذا صار الموضوع فعلياً صار الحكم فعلياً، وإذا لم يكن بَعدُ لم يصر الموضوع فعلياً فلا فعلية للحكم حتى على مستوى الانشاء، نعم هناك إنشاءٌ للفعليّة لا وجودٌ للفعليّة على مستوى الانشاء فإنّ هذا ليس بصحيح . أن الفعلية يكون تحقّقها بتحقّق الموضوع في الخارج وإذا لم تتحقّق فلا تحقّق لها حتى على مستوى الانشاء وإنما هناك إنشاءٌ للفعلية لا أكثر.
وقال أيضاً في جملة ما قال:- إنّ هذا التقسيم - إي التقسيم إلى الجعل والمجعول - يتمّ في القضيّة الحقيقيّة ولا يتم في القضية الخارجيّة، نعم استدرك قائلاً:- إن القضيّة الخارجية قد يكون شرطها مأخوذاً بنحو القضيّة الحقيقيّة كما إذا قيل ( أكرم هذا الجالس إذا جاءك أو إذا صار عالماً ) فإنه من زاوية الشرط حيث إنَّ قد أخذ الشرط بنحو الفرض والتقدير - يعني إن فرض أنه صار عالماً - فهي حقيقيّة من زاوية الشرط أمّا من زاوية هذا الشخص الجالس فهي قضيّة خارجيّة فتصير مزدوجة فهي خارجيّة وبنفس الوقت هي حقيقيّة، فبلحاظ شرطها هي حقيقيّة وبلحاظ غير شرطها فهي ليست حقيقيّة.
ويمكن أن نلخص ما أفاده في النقاط التالية:-
أولاً :- إن الأحكام الشرعية هي مجعولة بنحو القضيّة الحقيقيّة غالباً وبشكلٍ عام.
ثانياً:- إنّ الحكم الشرعي يمرّ بمرحلتين مرحلة جعل ومرحلة مجعول - أي إنشاءٌ وفعليّة - وهذا من المطالب المهمّة.
ثالثاً:- إنّ فعليّة الحكم - أي المجعول - بفعليّة موضوعه.
الرابع:- أنه قبل تحقّق الموضوع لا فعليّة حتى على مستوى الانشاء وإنما هناك إنشاءٌ للفعلية على تقدير تحقّق الموضوع.
وهناك شيء هو لم يبينه وإنما يبينه لأنه أخذه شيئاً مفروغاً عنه ومسلّماً وهو أنّ الحكم عبارة عن اعتبارٍ شرعيّ فّإنه بناءً على فكرة الاعتبار يأتي هذا الكلام - وهو أنّ هذا الاعتبار تارةً يكون على مستوى الجعل والانشاء وأخرى يكون على مستوى المجعول والفعليّة وأنّ الفعليّة تدور مدار فعليّة الموضوع - ولكنه لم يبيّنه لأنه بانٍ عليه ويتكلّم على أساسه.
بيد أنّ الشيخ العراقي(قده)[1] ذكر أن حقيقة الحكم ليست هي الاعتبار وإنما حقيقته هي الارادة - يعني التشريعية - فالمولى إذا أراد شيئاً بالإرادة التشريعيّة فهذا هو عبارة عن الحكم، فروح الحكم وحقيقته بالإرادة، نعم إذا لم تبرز هذه الارادة فربما لا نطلق ولا نستعمل كلمة الحكم لكن إذا أبُرِزت وقيل ائت بالشيء الفلاني كأقم الصلام فحينئذٍ نلتزم بأنّه الحكم ولكن روح الحكم ليست هي الاعتبار وإنما روحه وأساسه هو الارادة التشريعية لا أكثر.
ثم ذكر أنّ الارادة وإن كانت مشروطة بشروطٍ فهو يريد الصلاة ولكن بشرط أن يكون الشخص حيّاً عاقلاً بالغاً ... بيد أنّ هذه الشروط ليست هي شروطاً بوجودها الخارجي وإنما هي شروط بوجودها اللحاظي التصوّري العلمي، يعني أنَّ المولى يتصوّر البالغ العاقل الحي وهذا التصور هو الشرط، وحيث إنّ هذا التصوّر موجودٌ دائماً فالارادة سوف تصير فعليّة والحكم دائماً هو فعليّ - وسوف تترتب على ذلك ثمرات ستأتي فانتظر - فالحكم على رأيه هو دائماً فعليٌّ ولا يوجد عندنا جعلٌ ومجعولٌ - يعني فعلية - بل دائماً يكون الحكم فعلياً لأّن حقيقة الحكم عبارة عن الارادة والارادة وإن كانت مشروطة بشروطٍ إلا أنّ الشروط حيث إنّها شروط بوجودها اللحاظي العلمي وهو متحقّقٌ فالارادة هي فعليّه دائماً ومتحقّقة، وعلى هذا الأساس يكون كلّ حكمٍ هو فعليٌّ ولا توجد مرحلة جعل وفعليّة بل دائماً لا يوجد إلا فعليّة، هكذا ذكر(قده).
نعم أشار إلى شيءٍ:- وهو أنّ الارادة وإن كانت فعليّة دائماً إلا أنّ المراد قد يكون متأخراً ومستقبلياً فهو يريد من الآن كلّ واجبٍ من الواجبات كالصلاة والصوم والزكاة فكلها يريدها بالإرادة الفعلية فإن شرطها متحقّقٌ وهو التصوّر - تصوّر المكلف البالغ العاقل المستطيع - ولكن المراد الذي الحجّ مثلاً يكون استقباليّاً يعني عند مجيء أشهر الحج، وفي الصلاة تكون الصلاة - التي هي المراد - شيئاً مستقبليّاً ومتأخّراً أمّا الارادة فهي تكون فعليّة دائماً.
وقال أيضاً:- إنّ الفعليّة مقارنة لعالم الجعل فبالجعل تتحقّق الفعليّة وبالتالي تكون الأحكام عنده مجعولة بنحو القضيّة الخارجية لا بنحو القضية الحقيقيّة لأنها دائماً تنصب على موضوعٍ جاهزٍ إذ الموضوع هو المكلف البالغ العاقل بوجوده اللحاظي وهذا ناجزٌ وموجودٌ بالفعل دائماً في ذهن المولى فالأحكام مجعولة بنحو القضيّة الخارجية، أمّا الشيخ النائيني فقال هي غالباً مجعولة بنحو القضيّة الحقيقة.
نعم اعترف المحقق العراقي(قده) وقال:- لو فسّرنا الحكم بالاعتبار فنسلّم الانقسام إلى مرحلة الجعل والمجعول وبالتالي تكون الأحكام مجعولة بنحو القضيّة الحقيقيّة لكن نحن لا نفسّر الحكم بالاعتبار بل نفسره بالإرادة - وهو ينظر بهذا إلى الشيخ النائيني(قده) - ونصّ عبارته:- ( نعم لو كان الحكم أمراً مجعولاً لأمكن ارجاع الأحكام الشرعيّة إلى القضايا الحقيقيّة ولكن ليس الأمر كذلك بل هو إرادة يبرزها الأمر بإنشائه وينتزع عن مقام الابراز عنوان الحكم )[2].
ستدارك:- ثم إن الحكم التكليفي ينقسم إلى خمسة أقسام وهي المعروفة على كلامٍ في الاباحة على ما تقدّم وما سوى ذلك من الأحكام فهو وضعي . إذن نتمكن أن نقول إّنه إذا لم يكن الحكم تكليفياً فهو وضعي، والوضعي تارةً يكون موضوعاً لحكم تكليفي وأخرى يكون منتزعاً من حكم تكليفي، فللحكم الوضعي نحوان . أمّا ما يكون موضوعاً للحكم التكليفي فهو واضحٌ مثل الزوجية فإنها موضوعٌ لوجوب الانفاق ولأحكام أخرى، وأما ما يكون منتزعاً فهو من قبيل الجزئية - كجزئية السورة - والشرطية والمانعيّة وغير ذلك فإن الجزئية تنتزع من أمر الشرع بالإتيان بها في الصلاة فيقول اقرأ السورة بعد الحمد مثلاً ونحن ننتزع ونقول إذن هي جزءٌ باعتبار أنّ الشارع قد أمر بها ضمن المركّب، فهي في الحقيقة منتزعة من الأمر التكليفي أي من الأمر بالإتيان بها ضمن الواجب، وإذا فرض أنه منع منها وقال مثلاً ( لا تضحك أثناء الصلاة ) فنستفيد المانعية، وقد نستفيد الشرطية إذا قال ( صلّ مع الطهارة ) فنستفيد حينئذٍ أن الصلاة يلزم أن تقع مع الطهارة ونعبّر عن الطهارة بالشرط، هذا ما اردنا استدراكه.
ذكرنا أنّ الشيخ النائيني(قده) ذكر أنّ الأحكام الشرعيّة مجعولة بنحو القضيّة الحقيقيّة وقلنا إنّ ذلك هو الطابع العام في الأحكام الشرعيّة فهي مجعولة بنحو القضيّة الحقيقية دون الخارجية، والفارق كما نعرف بين القضية الحقيقية والخارجية هو أنه في القضيّة الحقيقية ينصبّ الحكم لا على شيءٍ جاهزٍ وثابتٍ بالفعل بل على شيءٍ بنحو الفرض والتقدير كقولك ( أكرم العالم ) فلّعله لا يوجد عالم الآن ولكن المقصود يعني إنْ فرض وجود عالمٍ فأكرمه فالموضوع يؤخذ بنحو الفرض والتقدير، بينما في القضيّة الخارجيّة ينصب الحكم على موضوعٍ جاهرٍ مثل ( أكرم هذا الجالس ) فإنه حكمٌ بنحو القضيّة الخارجيّة، ويترتّب على هذا أنّ يكون للحكم مرحلتان مرحلة جعلٍ ومرحلة مجعولٍ، والمقصود من الجعل هو الإنشاء مثل:- ﴿ ولله على الناس من استطاع إليه سبيلاً ﴾ فإن هذا الإنشاء ثابت حتى لو فرض أنه لا يوجد مستطيع ويعبّر هو عنه بالجعل، ولكن إذا تحقق الموضوع في الخارج - أعني المستطيع - وصار فعلياً صار الحكم آنذاك فعليّاً وعبّر عن الفعليّة بالمجعول، ولماذا عبّر عنها بالمجعول ؟ لعلّ النكتة هو أنّ المولى بالإنشاء يجعل الفعليّة أي يجعل فعليّة وجوب الحج على المستطيع إنْ تحقق خارجاً فهو يريد أن يقول ( إذا تحقق المستطيع خارجاً فيثبت عليه الوجوب الفعلي )، إنّ ما أنشأه هو هذا أي انشاء الوجوب الفعلي لمن فرض أنه مستطيع بالفعل، فالذي أنشأه حيث هو الوجوب الفعلي على تقدير تحقّق المستطيع فبهذا الاعتبار يمكن أن تقول عن المجعول - يعني الذي جعله وأنشأه - هو الوجوب الفعلي.
إذن إن الحكم يمرّ بمرحلتين مرحلة الانشاء - أو الجعل بعبارة أخرى - ومرحلة الفعليّة التي عبر عنها بالمجعول.
وذكر إنّ المجعول - أعني الفعلية - يدور مدار تحقّق الموضوع في الخارج فتحقّق الموضوع في الخارج علّة لصيرورة الحكم فعلياً، فإذا صار الموضوع فعلياً صار الحكم فعلياً، وإذا لم يكن بَعدُ لم يصر الموضوع فعلياً فلا فعلية للحكم حتى على مستوى الانشاء، نعم هناك إنشاءٌ للفعليّة لا وجودٌ للفعليّة على مستوى الانشاء فإنّ هذا ليس بصحيح . أن الفعلية يكون تحقّقها بتحقّق الموضوع في الخارج وإذا لم تتحقّق فلا تحقّق لها حتى على مستوى الانشاء وإنما هناك إنشاءٌ للفعلية لا أكثر.
وقال أيضاً في جملة ما قال:- إنّ هذا التقسيم - إي التقسيم إلى الجعل والمجعول - يتمّ في القضيّة الحقيقيّة ولا يتم في القضية الخارجيّة، نعم استدرك قائلاً:- إن القضيّة الخارجية قد يكون شرطها مأخوذاً بنحو القضيّة الحقيقيّة كما إذا قيل ( أكرم هذا الجالس إذا جاءك أو إذا صار عالماً ) فإنه من زاوية الشرط حيث إنَّ قد أخذ الشرط بنحو الفرض والتقدير - يعني إن فرض أنه صار عالماً - فهي حقيقيّة من زاوية الشرط أمّا من زاوية هذا الشخص الجالس فهي قضيّة خارجيّة فتصير مزدوجة فهي خارجيّة وبنفس الوقت هي حقيقيّة، فبلحاظ شرطها هي حقيقيّة وبلحاظ غير شرطها فهي ليست حقيقيّة.
ويمكن أن نلخص ما أفاده في النقاط التالية:-
أولاً :- إن الأحكام الشرعية هي مجعولة بنحو القضيّة الحقيقيّة غالباً وبشكلٍ عام.
ثانياً:- إنّ الحكم الشرعي يمرّ بمرحلتين مرحلة جعل ومرحلة مجعول - أي إنشاءٌ وفعليّة - وهذا من المطالب المهمّة.
ثالثاً:- إنّ فعليّة الحكم - أي المجعول - بفعليّة موضوعه.
الرابع:- أنه قبل تحقّق الموضوع لا فعليّة حتى على مستوى الانشاء وإنما هناك إنشاءٌ للفعلية على تقدير تحقّق الموضوع.
وهناك شيء هو لم يبينه وإنما يبينه لأنه أخذه شيئاً مفروغاً عنه ومسلّماً وهو أنّ الحكم عبارة عن اعتبارٍ شرعيّ فّإنه بناءً على فكرة الاعتبار يأتي هذا الكلام - وهو أنّ هذا الاعتبار تارةً يكون على مستوى الجعل والانشاء وأخرى يكون على مستوى المجعول والفعليّة وأنّ الفعليّة تدور مدار فعليّة الموضوع - ولكنه لم يبيّنه لأنه بانٍ عليه ويتكلّم على أساسه.
بيد أنّ الشيخ العراقي(قده)[1] ذكر أن حقيقة الحكم ليست هي الاعتبار وإنما حقيقته هي الارادة - يعني التشريعية - فالمولى إذا أراد شيئاً بالإرادة التشريعيّة فهذا هو عبارة عن الحكم، فروح الحكم وحقيقته بالإرادة، نعم إذا لم تبرز هذه الارادة فربما لا نطلق ولا نستعمل كلمة الحكم لكن إذا أبُرِزت وقيل ائت بالشيء الفلاني كأقم الصلام فحينئذٍ نلتزم بأنّه الحكم ولكن روح الحكم ليست هي الاعتبار وإنما روحه وأساسه هو الارادة التشريعية لا أكثر.
ثم ذكر أنّ الارادة وإن كانت مشروطة بشروطٍ فهو يريد الصلاة ولكن بشرط أن يكون الشخص حيّاً عاقلاً بالغاً ... بيد أنّ هذه الشروط ليست هي شروطاً بوجودها الخارجي وإنما هي شروط بوجودها اللحاظي التصوّري العلمي، يعني أنَّ المولى يتصوّر البالغ العاقل الحي وهذا التصور هو الشرط، وحيث إنّ هذا التصوّر موجودٌ دائماً فالارادة سوف تصير فعليّة والحكم دائماً هو فعليّ - وسوف تترتب على ذلك ثمرات ستأتي فانتظر - فالحكم على رأيه هو دائماً فعليٌّ ولا يوجد عندنا جعلٌ ومجعولٌ - يعني فعلية - بل دائماً يكون الحكم فعلياً لأّن حقيقة الحكم عبارة عن الارادة والارادة وإن كانت مشروطة بشروطٍ إلا أنّ الشروط حيث إنّها شروط بوجودها اللحاظي العلمي وهو متحقّقٌ فالارادة هي فعليّه دائماً ومتحقّقة، وعلى هذا الأساس يكون كلّ حكمٍ هو فعليٌّ ولا توجد مرحلة جعل وفعليّة بل دائماً لا يوجد إلا فعليّة، هكذا ذكر(قده).
نعم أشار إلى شيءٍ:- وهو أنّ الارادة وإن كانت فعليّة دائماً إلا أنّ المراد قد يكون متأخراً ومستقبلياً فهو يريد من الآن كلّ واجبٍ من الواجبات كالصلاة والصوم والزكاة فكلها يريدها بالإرادة الفعلية فإن شرطها متحقّقٌ وهو التصوّر - تصوّر المكلف البالغ العاقل المستطيع - ولكن المراد الذي الحجّ مثلاً يكون استقباليّاً يعني عند مجيء أشهر الحج، وفي الصلاة تكون الصلاة - التي هي المراد - شيئاً مستقبليّاً ومتأخّراً أمّا الارادة فهي تكون فعليّة دائماً.
وقال أيضاً:- إنّ الفعليّة مقارنة لعالم الجعل فبالجعل تتحقّق الفعليّة وبالتالي تكون الأحكام عنده مجعولة بنحو القضيّة الخارجية لا بنحو القضية الحقيقيّة لأنها دائماً تنصب على موضوعٍ جاهزٍ إذ الموضوع هو المكلف البالغ العاقل بوجوده اللحاظي وهذا ناجزٌ وموجودٌ بالفعل دائماً في ذهن المولى فالأحكام مجعولة بنحو القضيّة الخارجية، أمّا الشيخ النائيني فقال هي غالباً مجعولة بنحو القضيّة الحقيقة.
نعم اعترف المحقق العراقي(قده) وقال:- لو فسّرنا الحكم بالاعتبار فنسلّم الانقسام إلى مرحلة الجعل والمجعول وبالتالي تكون الأحكام مجعولة بنحو القضيّة الحقيقيّة لكن نحن لا نفسّر الحكم بالاعتبار بل نفسره بالإرادة - وهو ينظر بهذا إلى الشيخ النائيني(قده) - ونصّ عبارته:- ( نعم لو كان الحكم أمراً مجعولاً لأمكن ارجاع الأحكام الشرعيّة إلى القضايا الحقيقيّة ولكن ليس الأمر كذلك بل هو إرادة يبرزها الأمر بإنشائه وينتزع عن مقام الابراز عنوان الحكم )[2].