36/04/27
تحمیل
الموضوع:- تتمة اشتراك
الأحكام، شمولية التشريع - مباحث الحكم.
وحاصل فكرة متمّم الجعل:- هي أنّ المولى يصدر خطابين - وبتعبير آخر تكليفين - الخطاب الأوّل يكون مهملاً من حيث التقييد بالعالم ومن حيث الإطلاق بأن يقول ( قصّر في صلاتك إذا كنت مسافراً ) أمّا أنَّ هذا الحكم هل هو مختصٌّ بالعالم أو هو عامٌّ للعالم والجاهل ؟ إنّه مهملٌ من هذه الناحية فهو ليس مطلقٌ ولا مقيّد، والخطاب الثاني هو ( قصّر أيها المسافر إن كنت عالماً بالحكم الأوّل المهمل )، وبناء على هذا تحصل نتيجة التقييد . أو يقول ( قصّر أيّها المسافر سواء كنت عالماً بالخطاب الأوّل أم جاهلاً ) وبذلك يحصل على نتيجة الاطلاق.
إذن المولى سوف يصل إلى النتيجة التي يريدها من خلال خطابٍ وجعلٍ آخر.
وإنما سمّيت هذه الفكرة بفكرة متمّم الجعل لأنّ التقييد لم يمكن للمولى أن يتوصّل إليه إلا بهذه الطريقة وهي الخطاب الأوّل المهمل، وسمّي بالمتمم لأنّ الهدف والتكليف والغرض غرضٌ واحدٌ ولكن هذا الغرض الواحد لا يمكن أن يحصل بخطابٍ وتكليفٍ واحدٍ فيحتاج إلى متمّم جعلٍ وهو الخطاب الأوّل المهمل.
وفيه:- إنّه لو تعقّلنا الخطاب الأوّل في حدّ نفسه - وقلنا إنّه على مباني الشيخ النائيني(قده) التقابل هنا هو تقابل الملكة وعدمها - فهو تطويلٌ للمسافة بلا داعٍ فماذا تقيّد التكليف الثاني بالعلم بتكليفٍ أوّل ؟!! والمولى أيضاً يجعل تكليفاً أوّلاً فإنّ هذا بذل لجهدٍ زائدٍ ويكفي للمولى إذا أراد أن يتوصّل لما يريده أن يقول له ( إن كنت عالماً بالنصّ الدال عليه ... ) كما ذكرناه في الطريق الثاني للتقييد، أو يقول له ( إذا كنت عالماً بأصل الإنشاء والتشريع ... ) وهذا هو الطرق الأوّل.
والنتيجة النهائية:- هي أنّ التقييد ممكنٌ للمولى وذلك للطريقين اللذين أشرنا إليهما، وبعدهما لا حاجة إلى طريق الشيخ النائيني(قده)، وبذلك تنحلّ مشكلة الجهر والاخفات والقصر والتمام.
ثمرة البحث:-
وبعد هذا قد تسأل عن ثمرة هذا البحث وتقول هل لهذا البحث ثمرة أو لا ؟
والجواب:- لعلّ الثمرة علميّة وليست عمليّة، فإنّ الاشتراك ثابتٌ جزماً من خلال أدلّة تشريع الأمارة ومن خلال لزوم التعلّم والفحص فإنّ هذين الأمرين يدلّان بالالتزام على اشتراك الأحكام وإلا لو كان الحكم يختصّ بالعالم ولا يوجد حكمٌ في حق الجاهل فالامارة أمارة على ماذا والتعلم تعلّم ماذا ؟! إنّه لا يوجد حكمٌ في حقّ الجاهل حتى يتعلّمه !!
إنّه بعد تسليمنا بالاشتراك يوجد كلامٌ في أنه هل يمكن أن نثبت الإإشتراك باطلاق أدلّة الأحكام - أي طريقٌ ثالثٌ لإثبات الاشتراك - ؟ فنقول إنَّ ﴿ أقيموا الصلاة ﴾ و ﴿ آتوا الزكاة ﴾ و ﴿ كتب عليكم الصيام ﴾ مطلقة وإطلاقها يدلّ على الإشتراك، فهل نستطيع أن نتمسّك باطلاق الدليل لإثبات الاشتراك أو لا ؟
إنّ الثمرة تظهر هنا وحاصل ذلك أن يقال:- إنّه إذا بنينا على تقييد الأحكام بالعالمين بها ممكنٌ فعدم التقييد سوف يكشف عن الإطلاق، أما إذا بنينا على أنّ التقييد ليس ممكناً فالإطلاق لا يمكن إثباته سواء قلنا بإنّ التقابل بين الإطلاق والتقييد تقابل الملكة والعدم - كما هو مبنى الشيخ النائيني(قده) - أو هو تقابل النقيضين - كما هو مبنى السيد الشهيد(قده) - فعلى كِلا التقديرين لا يمكن استكشاف الإطلاق.
إما أنّه لا يمكن التمسّك بالاطلاق على مبنى النائني فواضحٌ لأنّ الإطلاق هو عدم الملكة وإنما ينعقد الإطلاق في موردٍ يمكن فيه التقييد، كالعمى فإنه يصحّ ثبوته في المورد الذي يمكن فيه ثبوت البصر أمّا الجدار فلا يقال أعمى، وهنا أيضاً كذلك فمادام التقييد لا يمكن فالاطلاق لا يمكن أيضاً، فلا يمكن أن نتمسّك باطلاق أدلّة الأحكام لإثبات الاشتراك.
وأمّا على مبنى التناقض فأيضاً لا يمكن التمسّك بالإطلاق، والوجه في ذلك هو كون التقابل بين الإطلاق والتقييد تقابل التناقض هو بلحاظ عالم الثبوت، فثبوتاً يكون التقابل تقابل التناقض يعني أنَّ عدم التقييد هو إطلاقٌ فإمّا أن نلاحظ الطبيعة مقيّدة بقيدٍ - كطبيعة الرقبة مقيّدة بقيد الإيمان – أو لا نلاحظ ذلك وهذا هو الإطلاق ولكنه في كرحلة الثبوت، وأمّا في مرحلة الإثبات يعني إذا أردت أن تستكشف أنّ المولى قد أطلق فلا يمكن أن تستكشف ذلك إلا إذا أمكنه أن يقيّد أمّا إذا فرض أنّه لا يمكنه التقييد - كما لو فرض أن شخصا وقف أمام المولى وقال له سوف أقتلك لو قيّدت - فهل سكوته عن القيد يدلّ على الإطلاق وأنّه يريده ؟!!كلّا لا يمكن استكشاف الإطلاق إثباتاً مادام لا يمكن التقييد.
كذلك لو فرضنا أنّ أصل التقييد كان مستحيلاً لأنه يلزم الدور أو غير ذلك فالمولى هنا لا يمكنه أن يقيّد فإذا لا يمكنه التقييد فلا يمكن حينئذٍ أن نستكشف الإطلاق إثباتاً فإنّا نستكشفه إثباتا إذا أمكن أن يقيّد وحيث لم يمكن فلا يمكن أن نستكشف الإطلاق.
وبكلمة أخرى:- الاختلاف الذي وقع في أنّ التقابل بين الإطلاق والتقييد هل هو تقابل العدم والملكة أو النقيضين أو الضدّين هو خلافٌ في الإطلاق والتقييد الثبوتيين، أمّا إثباتاً فالكل قد اتفق على أنّه لا يمكن أن نستكشف الإطلاق إلّا إذا أمكن للمولى أن يقيّد ولم يقيّد.
شمولية التشريع
نعتقد أنَّ التشريع الإسلامي شامل لجميع الوقائع وجميع مجالات الحياة فلم يُبقِ الشرع واقعة من دون حكمٍ.
وما هو الدليل على ذلك ؟
والجواب:- يوجد دليلان عقلي ونقلي:-
أمّا الدليل العقلي:- فباعتبار أنّ الله عزّ وجلّ عالمٌ بجميع الوقائع ولا تغيب عنه واقعة والمفرض أنّه عالم بالملاكات أيضاً - المصالح والمفاسد - كما أنّ المفروض عدم وجود الموانع، فإذن المقتضي موجودٌ والمانع مفقودٌ فلماذا لا يحكم ؟! فلابد وأنّ يكون له حكم في كلّ واقعة من الوقائع.
وأمّا الدليل الشرعيّة:- فقد ورد في حديبث الجامعة للامام الصادق عليه السلام:- ( فيها كلّ حلالٍ وحرامٍ وكلّ شيءٍ يحتاج الناس إليه حتى الأرش في الخدش[1])[2].
إذن النكتة العقليّة والنقلية تدلّان على شموليّة التشريع لجميع الوقائع . ولكن استدرك وأقول إنّ هذا لا يعني عدم وجود استثناءاتٍ بل توجد استثناءات سنذكر بعضها.
وحاصل فكرة متمّم الجعل:- هي أنّ المولى يصدر خطابين - وبتعبير آخر تكليفين - الخطاب الأوّل يكون مهملاً من حيث التقييد بالعالم ومن حيث الإطلاق بأن يقول ( قصّر في صلاتك إذا كنت مسافراً ) أمّا أنَّ هذا الحكم هل هو مختصٌّ بالعالم أو هو عامٌّ للعالم والجاهل ؟ إنّه مهملٌ من هذه الناحية فهو ليس مطلقٌ ولا مقيّد، والخطاب الثاني هو ( قصّر أيها المسافر إن كنت عالماً بالحكم الأوّل المهمل )، وبناء على هذا تحصل نتيجة التقييد . أو يقول ( قصّر أيّها المسافر سواء كنت عالماً بالخطاب الأوّل أم جاهلاً ) وبذلك يحصل على نتيجة الاطلاق.
إذن المولى سوف يصل إلى النتيجة التي يريدها من خلال خطابٍ وجعلٍ آخر.
وإنما سمّيت هذه الفكرة بفكرة متمّم الجعل لأنّ التقييد لم يمكن للمولى أن يتوصّل إليه إلا بهذه الطريقة وهي الخطاب الأوّل المهمل، وسمّي بالمتمم لأنّ الهدف والتكليف والغرض غرضٌ واحدٌ ولكن هذا الغرض الواحد لا يمكن أن يحصل بخطابٍ وتكليفٍ واحدٍ فيحتاج إلى متمّم جعلٍ وهو الخطاب الأوّل المهمل.
وفيه:- إنّه لو تعقّلنا الخطاب الأوّل في حدّ نفسه - وقلنا إنّه على مباني الشيخ النائيني(قده) التقابل هنا هو تقابل الملكة وعدمها - فهو تطويلٌ للمسافة بلا داعٍ فماذا تقيّد التكليف الثاني بالعلم بتكليفٍ أوّل ؟!! والمولى أيضاً يجعل تكليفاً أوّلاً فإنّ هذا بذل لجهدٍ زائدٍ ويكفي للمولى إذا أراد أن يتوصّل لما يريده أن يقول له ( إن كنت عالماً بالنصّ الدال عليه ... ) كما ذكرناه في الطريق الثاني للتقييد، أو يقول له ( إذا كنت عالماً بأصل الإنشاء والتشريع ... ) وهذا هو الطرق الأوّل.
والنتيجة النهائية:- هي أنّ التقييد ممكنٌ للمولى وذلك للطريقين اللذين أشرنا إليهما، وبعدهما لا حاجة إلى طريق الشيخ النائيني(قده)، وبذلك تنحلّ مشكلة الجهر والاخفات والقصر والتمام.
ثمرة البحث:-
وبعد هذا قد تسأل عن ثمرة هذا البحث وتقول هل لهذا البحث ثمرة أو لا ؟
والجواب:- لعلّ الثمرة علميّة وليست عمليّة، فإنّ الاشتراك ثابتٌ جزماً من خلال أدلّة تشريع الأمارة ومن خلال لزوم التعلّم والفحص فإنّ هذين الأمرين يدلّان بالالتزام على اشتراك الأحكام وإلا لو كان الحكم يختصّ بالعالم ولا يوجد حكمٌ في حق الجاهل فالامارة أمارة على ماذا والتعلم تعلّم ماذا ؟! إنّه لا يوجد حكمٌ في حقّ الجاهل حتى يتعلّمه !!
إنّه بعد تسليمنا بالاشتراك يوجد كلامٌ في أنه هل يمكن أن نثبت الإإشتراك باطلاق أدلّة الأحكام - أي طريقٌ ثالثٌ لإثبات الاشتراك - ؟ فنقول إنَّ ﴿ أقيموا الصلاة ﴾ و ﴿ آتوا الزكاة ﴾ و ﴿ كتب عليكم الصيام ﴾ مطلقة وإطلاقها يدلّ على الإشتراك، فهل نستطيع أن نتمسّك باطلاق الدليل لإثبات الاشتراك أو لا ؟
إنّ الثمرة تظهر هنا وحاصل ذلك أن يقال:- إنّه إذا بنينا على تقييد الأحكام بالعالمين بها ممكنٌ فعدم التقييد سوف يكشف عن الإطلاق، أما إذا بنينا على أنّ التقييد ليس ممكناً فالإطلاق لا يمكن إثباته سواء قلنا بإنّ التقابل بين الإطلاق والتقييد تقابل الملكة والعدم - كما هو مبنى الشيخ النائيني(قده) - أو هو تقابل النقيضين - كما هو مبنى السيد الشهيد(قده) - فعلى كِلا التقديرين لا يمكن استكشاف الإطلاق.
إما أنّه لا يمكن التمسّك بالاطلاق على مبنى النائني فواضحٌ لأنّ الإطلاق هو عدم الملكة وإنما ينعقد الإطلاق في موردٍ يمكن فيه التقييد، كالعمى فإنه يصحّ ثبوته في المورد الذي يمكن فيه ثبوت البصر أمّا الجدار فلا يقال أعمى، وهنا أيضاً كذلك فمادام التقييد لا يمكن فالاطلاق لا يمكن أيضاً، فلا يمكن أن نتمسّك باطلاق أدلّة الأحكام لإثبات الاشتراك.
وأمّا على مبنى التناقض فأيضاً لا يمكن التمسّك بالإطلاق، والوجه في ذلك هو كون التقابل بين الإطلاق والتقييد تقابل التناقض هو بلحاظ عالم الثبوت، فثبوتاً يكون التقابل تقابل التناقض يعني أنَّ عدم التقييد هو إطلاقٌ فإمّا أن نلاحظ الطبيعة مقيّدة بقيدٍ - كطبيعة الرقبة مقيّدة بقيد الإيمان – أو لا نلاحظ ذلك وهذا هو الإطلاق ولكنه في كرحلة الثبوت، وأمّا في مرحلة الإثبات يعني إذا أردت أن تستكشف أنّ المولى قد أطلق فلا يمكن أن تستكشف ذلك إلا إذا أمكنه أن يقيّد أمّا إذا فرض أنّه لا يمكنه التقييد - كما لو فرض أن شخصا وقف أمام المولى وقال له سوف أقتلك لو قيّدت - فهل سكوته عن القيد يدلّ على الإطلاق وأنّه يريده ؟!!كلّا لا يمكن استكشاف الإطلاق إثباتاً مادام لا يمكن التقييد.
كذلك لو فرضنا أنّ أصل التقييد كان مستحيلاً لأنه يلزم الدور أو غير ذلك فالمولى هنا لا يمكنه أن يقيّد فإذا لا يمكنه التقييد فلا يمكن حينئذٍ أن نستكشف الإطلاق إثباتاً فإنّا نستكشفه إثباتا إذا أمكن أن يقيّد وحيث لم يمكن فلا يمكن أن نستكشف الإطلاق.
وبكلمة أخرى:- الاختلاف الذي وقع في أنّ التقابل بين الإطلاق والتقييد هل هو تقابل العدم والملكة أو النقيضين أو الضدّين هو خلافٌ في الإطلاق والتقييد الثبوتيين، أمّا إثباتاً فالكل قد اتفق على أنّه لا يمكن أن نستكشف الإطلاق إلّا إذا أمكن للمولى أن يقيّد ولم يقيّد.
شمولية التشريع
نعتقد أنَّ التشريع الإسلامي شامل لجميع الوقائع وجميع مجالات الحياة فلم يُبقِ الشرع واقعة من دون حكمٍ.
وما هو الدليل على ذلك ؟
والجواب:- يوجد دليلان عقلي ونقلي:-
أمّا الدليل العقلي:- فباعتبار أنّ الله عزّ وجلّ عالمٌ بجميع الوقائع ولا تغيب عنه واقعة والمفرض أنّه عالم بالملاكات أيضاً - المصالح والمفاسد - كما أنّ المفروض عدم وجود الموانع، فإذن المقتضي موجودٌ والمانع مفقودٌ فلماذا لا يحكم ؟! فلابد وأنّ يكون له حكم في كلّ واقعة من الوقائع.
وأمّا الدليل الشرعيّة:- فقد ورد في حديبث الجامعة للامام الصادق عليه السلام:- ( فيها كلّ حلالٍ وحرامٍ وكلّ شيءٍ يحتاج الناس إليه حتى الأرش في الخدش[1])[2].
إذن النكتة العقليّة والنقلية تدلّان على شموليّة التشريع لجميع الوقائع . ولكن استدرك وأقول إنّ هذا لا يعني عدم وجود استثناءاتٍ بل توجد استثناءات سنذكر بعضها.