36/05/23
تحمیل
الموضوع:- مناسبات الحكم والموضوع- قواعد وفوائد.
هذا وقد يقال بالنسبة إلى الوجهين اللذين استندنا إليهما لإثبات مناسبات الحكم والموضوع:- بأنهما يرجعان إلى وجهٍ واحدٍ وليس اثنين، ببيان:- أنّ الظهور إنما يأخذ به العرف والعقلاء من باب أنّه أسلوب من أساليب المحاورة، فمن أساليب المحاورة الصريح ومن أساليبها الظهور، فالظهور إذن يؤخذ به بما أنه أسلوبٌ من أساليب المحاورة، وعلى هذا الأساس لا يوجد عندنا لإثبات حجّية مناسبات الحكم والموضوع وجهان ودليلان بل هما واحد فإنّ الأوّل - أي الظهور - ترجع حجّيته إلى الثاني - أي أسلوب المحاورة - فإنه أسلوب من أساليب المحاورة وعليه فلا يوجد وجهان في المقام لإثبات حجيّة مناسبات الحكم والموضوع.
قلت:- إنّ هذا الإشكال تامٌّ إذا فرض أنّ أسلوب المحاورة ينحصر بالظهور فيقال إنَّ مناسبات الحكم والموضوع حيث تولّد ظهوراً والمفرض أنّ الظهور هو أسلوب من أساليب المحاورة فتثبت مناسبات الحكم والموضوع فيعود مدرك حجيّة مناسبات الحكم والموضوع إلى وجهٍ واحدٍ وليس إلى وجهين، ولكن هذا تيمّ إذا قلنا بأنّ أسلوب المحاورة ينحصر بالظهور، ولكن في مقامنا نحن نريد أن ندّعي ونقول إنّه إمّا أن ترجع مناسبات الحكم والموضوع إلى الظهور فإن رجعت إليه كان مدرك حجيتها هو حجيّة الظهور، وإذا تنزّلنا وقلنا هي ليست مصداقاً للظهور فآنذاك يأتي الوجه الثاني ونقول لا أقل هي أسلوبٌ من أساليب المحاورة وإن لم تكن ظهوراً ومادامت أسلوباً من أساليب المحاورة فحينئذٍ سوف تكون حجّة.
إن قلت:- هذا جيّدٌ ولكن يبقى سؤال وهو أنّ الظهور يمكن أثبات حجيّته باعتبار انعقاد السيرة عليه، فإنّ سيرة العقلاء والعرف جرت على الأخذ بالظهور وحيث لا ردع فيثبت الإمضاء، ولكن كيف نثبت حجية مناسبات الحكم والموضوع بناءً على عدم إرجاعها إلى الظهور ؟
وبكلمة أخرى:- أنت تريد أن تقول هي أسلوبٌ من أساليب المحاورة فإنّ هذا لا يكفي لإثبات حجيّة مناسبات الحكم والموضوع فتبقى أنت بحاجة إلى دليلٍ لإثبات حجّيتها فمجرّد كونها وسيلة من وسائل المحاورة لا يكفي لإثبات الحجيّة.
قلت:- نعم نحتاج إلى ما يثبت الحجيّة ونحن لم نذكره من باب وضوح المطلب، والمقصود هو التمسّك بالسيرة فإنّها جرت على الأخذ بكلّ أسلوبٍ من أساليب المحاورة أعمّ من كونه ظهوراً أو غير ظهور، فما دام هو أسلوب من أساليب المحاورة والتزم الإنسان أن يتحاور على طبقه بالالتزام النوعي - ونسمّيه ميثاقاً اجتماعياً إن صحّ التعبير - فالسيرة منعقدة على الأخذ به والتمسّك به، فالمدرك للحجيّة هو السيرة، فكما أنّ السيرة منعقدة على الأخذ بالظهور والتمسّك به من باب أنّه أسلوب من أساليب المحاورة كذلك هي منعقدة على الأخذ بمناسبات الحكم والموضوع من باب أنّه أسلوب من أساليب المحاورة وإن لم يكن ظهوراً.
الجهة الثالثة:- الفرق بين مناسبات الحكم والموضوع وفكرة القياس.
قد يقول قائل:- إنّ فكرة مناسبات الحكم والموضوع هي توجب إلغاء خصوصيّة المورد أحياناً، فالرواية التي تقول:- ( اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه ) موردها هو الثوب ولكن نتعدّى إلى غيره من خلال مناسبات الحكم والموضوع، وهذا التعدّي شبيهٌ بتعدّي البعض من خلال القياس، فأصحاب القياس يتعدّون من مورد النصّ إلى موردٍ آخر وأنتم تتعدّون كذلك فكيف تقولون إنّ التعدّي الناشئ من القياس مرفوضٌ بينما التعدّي الحاصل بمناسبات الحكم والموضوع ليس بمرفوض ؟ إنّ هذا شيءٌ مرفوضٌ، ففكرة القياس إذن موجودةٌ عند الإمامية ولكن ألبسوها ثوباً آخر وهو ثوب مناسبات الحكم والموضوع أو تنقيح لمناط أو ما شاكل ذلك من تعابير، فالروح واحدة والتعابير مختلفة فلماذا تُشكِلون علينا ؟
والجواب:- إنّه في فكرة مناسبات الحكم والموضوع - أو بالأحرى تنقيح المناط - نحن نتعدّى لأجل الظهور، فيتكوّن للدليل ظهورٌ في السعة والشمول لغير الثوب - أعني مثل العباءة - فالتمسّك تمسّكٌ بالظهور والدليل هو الظهور، وأنتم ونحن نرى جميعاً حجيّة الظهور والظهور دليل أمضاه الشرع وقبل به، ولو قيل:- من قال إنّ الشارع قبل به ؟ قلنا:- لأنّه قد انعقدت عليه سيرة العرف والعقلاء وهذه السيرة ليست جديدة بل هي موجودة جزماً في عصر النبي صلى الله عليه وآله باتفاقٍ منّا ومنهم ولم يردع المعصوم عن التمسّك به فتثبت حجيّته كدليلٍ شرعيّ أمضاه الشارع، فالتمسّك إذن بمناسبات الحكم والموضوع يعود إلى التمسك بالظهور والظهور دليلٌ يقبله الجميع.
وهذا بخفه في فكرة القياس فإنّه لا يتمسّك بالظهور وإنما يأتي الفقيه إلى الرواية مثلاً ويقول إنَّ الرواية أثبتت الربا في الحنطة أو الشعير وما هي العلة ؟ فيذهب ويبحث العلة فهو يريد أن يتوصّل إلى علل الأحكام فينفي أن تكون العلة هي لأجل كونه مطعوماً أو مأكولاً مثلاً أو غير ذلك ثم يقول ( بل لأجل أنّه مكيلاً ) وإذا كان لأجل كونه مكيلاً فيتعدّى حينئذٍ إلى كلّ مكيلٍ ويقول يتحقّق فيه الربا، ومن الواضح إنّ كون النكتة هي كونه مكيلاً ليست من مصاديق الظهور فإن هذا ليس ظهور لفظٍ ولا ظهور حال، ولا يوجد عنده قطعٌ بذلك بل يحصل عنده ظنٌّ، فبالتالي هو يتسّمك بالظن والظن لا يغني عن الحقّ شيئاً.
إذن الفارق بين مورد القياس وبين مورد مناسبات الحكم والموضوع واضحٌ جداً، فإنه في مورد القياس لا يوجد ظهور ولا يوجد قطع بالعلة بل أقصى ما هناك يوجد ظنّ وكلانا متّفقون على أنّه لا يغني عن الحقّ شيئاً، فأنت تريد أن تتعدّى من مورد النصّ إلى غيره من خلال الظن، وهذا بخلافه في مناسبات الحكم والموضوع فإنّا نتمسّك بالظهور وهو حجّة عندنا وعندكم وعند الشرع المقدّس.
وإن شئت قلت:- هناك فرقٌ بين تنقيح المناط وتخريج المناط، فالذي عندهم هو تخريج المناط وهذا ما نرفضه نحن لأنّ المناطات والعلل لا يعرفها إلا الله عز وجلّ والمعصوم عليه السلام فالتعدّي ليس ممكن إذ غاية ما هنا هو الظن، وهذا بخلافه في تنقيح المناط أي في إلغاء خصوصية المورد - كخصوصية الثوب - وادّعاء أنّ النكتة ليست هي كونه ثوباً وإنما النكتة هي كونه ملبوساً وهذه نكتة عرفيّة يتولّد من خلالها ظهورٌ، فهم يفهمون ونحن نفهم من خلال كلمة ( الثوب ) في النص مطلق الملبوس أعم من كونه ثوباً أو عباءة، وهذا ليس تخريجاً للمناط وإنما هو تنقيحٌ للمناط - يعني بتعبيرٍ آخر تهذيب وتمييز للمناط لا أننا نريد أن نستخرجه بل هو لس بخفيّ وإنما هو واضح - . وعلى هذا صار الفارق بين الموردين واضحاً والإشكال قد ارتفع.
وقبل أن ننهي حديثنا عن هذه القاعدة نقول:- هناك مصطلحات أربعة يمكن أن نقول هي من باب الترادف فهي متعدّدة لفظاً ولكن المعنى واحد، وهي عبارة عن مناسبات الحكم والموضوع، أو تنقيح المناط، أو إلغاء الخصوصيّة، أو الحمل على المثالية، فهذه المصطلحات متقاربة أو أن المقصود منها واحد، فحينما نقول إنَّ خصوصية الثوب ملغيّة، أو نقول إنّ الثوب محمولٌ على المثاليّة، أو نقول إنّ مناسبات الحكم والموضوع تقتضي عدم الخصوصيّة للثوب والشمول لكلّ ملبوس، أو نقول إنّه بتنقيح المناط عرفاً يثبت أن الموضوع لوجوب الغسل هو الملبوس لا خصوص الثوب، فالمقصود في الجميع واحد والعطف فيما بينها عطفٌ تفسيري.
ولكني أقول[1]:- إنّ التعبير بكون هذه ألفاظ مترادفة فيه تسامحٌ في التعبير، والمقصود وهو أنّها في مورد اجتماعها تكون مرادفة وإن كان لا يوجد بينها ترادف بالمعنى الدقّي إذ أنَّ مناسبات الحكم والموضوع تارةً تنتج السعة وأخرى تنتج الضيق بينما حمل المورد على المثاليّة أو إلغاء الخصوصيّة مثلاً فهو ينتج التوسعة ولا ينتج الضيق . إذن من هذه الناحية لا يوجد ترادف بالمعنى الدقيق لكنّه في مورد الاجتماع - يعني إذا كانت نتيجتهن التوسعة كلّهن - نقول بأنّه يوجد ترادف.
هذا وقد يقال بالنسبة إلى الوجهين اللذين استندنا إليهما لإثبات مناسبات الحكم والموضوع:- بأنهما يرجعان إلى وجهٍ واحدٍ وليس اثنين، ببيان:- أنّ الظهور إنما يأخذ به العرف والعقلاء من باب أنّه أسلوب من أساليب المحاورة، فمن أساليب المحاورة الصريح ومن أساليبها الظهور، فالظهور إذن يؤخذ به بما أنه أسلوبٌ من أساليب المحاورة، وعلى هذا الأساس لا يوجد عندنا لإثبات حجّية مناسبات الحكم والموضوع وجهان ودليلان بل هما واحد فإنّ الأوّل - أي الظهور - ترجع حجّيته إلى الثاني - أي أسلوب المحاورة - فإنه أسلوب من أساليب المحاورة وعليه فلا يوجد وجهان في المقام لإثبات حجيّة مناسبات الحكم والموضوع.
قلت:- إنّ هذا الإشكال تامٌّ إذا فرض أنّ أسلوب المحاورة ينحصر بالظهور فيقال إنَّ مناسبات الحكم والموضوع حيث تولّد ظهوراً والمفرض أنّ الظهور هو أسلوب من أساليب المحاورة فتثبت مناسبات الحكم والموضوع فيعود مدرك حجيّة مناسبات الحكم والموضوع إلى وجهٍ واحدٍ وليس إلى وجهين، ولكن هذا تيمّ إذا قلنا بأنّ أسلوب المحاورة ينحصر بالظهور، ولكن في مقامنا نحن نريد أن ندّعي ونقول إنّه إمّا أن ترجع مناسبات الحكم والموضوع إلى الظهور فإن رجعت إليه كان مدرك حجيتها هو حجيّة الظهور، وإذا تنزّلنا وقلنا هي ليست مصداقاً للظهور فآنذاك يأتي الوجه الثاني ونقول لا أقل هي أسلوبٌ من أساليب المحاورة وإن لم تكن ظهوراً ومادامت أسلوباً من أساليب المحاورة فحينئذٍ سوف تكون حجّة.
إن قلت:- هذا جيّدٌ ولكن يبقى سؤال وهو أنّ الظهور يمكن أثبات حجيّته باعتبار انعقاد السيرة عليه، فإنّ سيرة العقلاء والعرف جرت على الأخذ بالظهور وحيث لا ردع فيثبت الإمضاء، ولكن كيف نثبت حجية مناسبات الحكم والموضوع بناءً على عدم إرجاعها إلى الظهور ؟
وبكلمة أخرى:- أنت تريد أن تقول هي أسلوبٌ من أساليب المحاورة فإنّ هذا لا يكفي لإثبات حجيّة مناسبات الحكم والموضوع فتبقى أنت بحاجة إلى دليلٍ لإثبات حجّيتها فمجرّد كونها وسيلة من وسائل المحاورة لا يكفي لإثبات الحجيّة.
قلت:- نعم نحتاج إلى ما يثبت الحجيّة ونحن لم نذكره من باب وضوح المطلب، والمقصود هو التمسّك بالسيرة فإنّها جرت على الأخذ بكلّ أسلوبٍ من أساليب المحاورة أعمّ من كونه ظهوراً أو غير ظهور، فما دام هو أسلوب من أساليب المحاورة والتزم الإنسان أن يتحاور على طبقه بالالتزام النوعي - ونسمّيه ميثاقاً اجتماعياً إن صحّ التعبير - فالسيرة منعقدة على الأخذ به والتمسّك به، فالمدرك للحجيّة هو السيرة، فكما أنّ السيرة منعقدة على الأخذ بالظهور والتمسّك به من باب أنّه أسلوب من أساليب المحاورة كذلك هي منعقدة على الأخذ بمناسبات الحكم والموضوع من باب أنّه أسلوب من أساليب المحاورة وإن لم يكن ظهوراً.
الجهة الثالثة:- الفرق بين مناسبات الحكم والموضوع وفكرة القياس.
قد يقول قائل:- إنّ فكرة مناسبات الحكم والموضوع هي توجب إلغاء خصوصيّة المورد أحياناً، فالرواية التي تقول:- ( اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه ) موردها هو الثوب ولكن نتعدّى إلى غيره من خلال مناسبات الحكم والموضوع، وهذا التعدّي شبيهٌ بتعدّي البعض من خلال القياس، فأصحاب القياس يتعدّون من مورد النصّ إلى موردٍ آخر وأنتم تتعدّون كذلك فكيف تقولون إنّ التعدّي الناشئ من القياس مرفوضٌ بينما التعدّي الحاصل بمناسبات الحكم والموضوع ليس بمرفوض ؟ إنّ هذا شيءٌ مرفوضٌ، ففكرة القياس إذن موجودةٌ عند الإمامية ولكن ألبسوها ثوباً آخر وهو ثوب مناسبات الحكم والموضوع أو تنقيح لمناط أو ما شاكل ذلك من تعابير، فالروح واحدة والتعابير مختلفة فلماذا تُشكِلون علينا ؟
والجواب:- إنّه في فكرة مناسبات الحكم والموضوع - أو بالأحرى تنقيح المناط - نحن نتعدّى لأجل الظهور، فيتكوّن للدليل ظهورٌ في السعة والشمول لغير الثوب - أعني مثل العباءة - فالتمسّك تمسّكٌ بالظهور والدليل هو الظهور، وأنتم ونحن نرى جميعاً حجيّة الظهور والظهور دليل أمضاه الشرع وقبل به، ولو قيل:- من قال إنّ الشارع قبل به ؟ قلنا:- لأنّه قد انعقدت عليه سيرة العرف والعقلاء وهذه السيرة ليست جديدة بل هي موجودة جزماً في عصر النبي صلى الله عليه وآله باتفاقٍ منّا ومنهم ولم يردع المعصوم عن التمسّك به فتثبت حجيّته كدليلٍ شرعيّ أمضاه الشارع، فالتمسّك إذن بمناسبات الحكم والموضوع يعود إلى التمسك بالظهور والظهور دليلٌ يقبله الجميع.
وهذا بخفه في فكرة القياس فإنّه لا يتمسّك بالظهور وإنما يأتي الفقيه إلى الرواية مثلاً ويقول إنَّ الرواية أثبتت الربا في الحنطة أو الشعير وما هي العلة ؟ فيذهب ويبحث العلة فهو يريد أن يتوصّل إلى علل الأحكام فينفي أن تكون العلة هي لأجل كونه مطعوماً أو مأكولاً مثلاً أو غير ذلك ثم يقول ( بل لأجل أنّه مكيلاً ) وإذا كان لأجل كونه مكيلاً فيتعدّى حينئذٍ إلى كلّ مكيلٍ ويقول يتحقّق فيه الربا، ومن الواضح إنّ كون النكتة هي كونه مكيلاً ليست من مصاديق الظهور فإن هذا ليس ظهور لفظٍ ولا ظهور حال، ولا يوجد عنده قطعٌ بذلك بل يحصل عنده ظنٌّ، فبالتالي هو يتسّمك بالظن والظن لا يغني عن الحقّ شيئاً.
إذن الفارق بين مورد القياس وبين مورد مناسبات الحكم والموضوع واضحٌ جداً، فإنه في مورد القياس لا يوجد ظهور ولا يوجد قطع بالعلة بل أقصى ما هناك يوجد ظنّ وكلانا متّفقون على أنّه لا يغني عن الحقّ شيئاً، فأنت تريد أن تتعدّى من مورد النصّ إلى غيره من خلال الظن، وهذا بخلافه في مناسبات الحكم والموضوع فإنّا نتمسّك بالظهور وهو حجّة عندنا وعندكم وعند الشرع المقدّس.
وإن شئت قلت:- هناك فرقٌ بين تنقيح المناط وتخريج المناط، فالذي عندهم هو تخريج المناط وهذا ما نرفضه نحن لأنّ المناطات والعلل لا يعرفها إلا الله عز وجلّ والمعصوم عليه السلام فالتعدّي ليس ممكن إذ غاية ما هنا هو الظن، وهذا بخلافه في تنقيح المناط أي في إلغاء خصوصية المورد - كخصوصية الثوب - وادّعاء أنّ النكتة ليست هي كونه ثوباً وإنما النكتة هي كونه ملبوساً وهذه نكتة عرفيّة يتولّد من خلالها ظهورٌ، فهم يفهمون ونحن نفهم من خلال كلمة ( الثوب ) في النص مطلق الملبوس أعم من كونه ثوباً أو عباءة، وهذا ليس تخريجاً للمناط وإنما هو تنقيحٌ للمناط - يعني بتعبيرٍ آخر تهذيب وتمييز للمناط لا أننا نريد أن نستخرجه بل هو لس بخفيّ وإنما هو واضح - . وعلى هذا صار الفارق بين الموردين واضحاً والإشكال قد ارتفع.
وقبل أن ننهي حديثنا عن هذه القاعدة نقول:- هناك مصطلحات أربعة يمكن أن نقول هي من باب الترادف فهي متعدّدة لفظاً ولكن المعنى واحد، وهي عبارة عن مناسبات الحكم والموضوع، أو تنقيح المناط، أو إلغاء الخصوصيّة، أو الحمل على المثالية، فهذه المصطلحات متقاربة أو أن المقصود منها واحد، فحينما نقول إنَّ خصوصية الثوب ملغيّة، أو نقول إنّ الثوب محمولٌ على المثاليّة، أو نقول إنّ مناسبات الحكم والموضوع تقتضي عدم الخصوصيّة للثوب والشمول لكلّ ملبوس، أو نقول إنّه بتنقيح المناط عرفاً يثبت أن الموضوع لوجوب الغسل هو الملبوس لا خصوص الثوب، فالمقصود في الجميع واحد والعطف فيما بينها عطفٌ تفسيري.
ولكني أقول[1]:- إنّ التعبير بكون هذه ألفاظ مترادفة فيه تسامحٌ في التعبير، والمقصود وهو أنّها في مورد اجتماعها تكون مرادفة وإن كان لا يوجد بينها ترادف بالمعنى الدقّي إذ أنَّ مناسبات الحكم والموضوع تارةً تنتج السعة وأخرى تنتج الضيق بينما حمل المورد على المثاليّة أو إلغاء الخصوصيّة مثلاً فهو ينتج التوسعة ولا ينتج الضيق . إذن من هذه الناحية لا يوجد ترادف بالمعنى الدقيق لكنّه في مورد الاجتماع - يعني إذا كانت نتيجتهن التوسعة كلّهن - نقول بأنّه يوجد ترادف.