36/05/24
تحمیل
الموضوع:- الفحوى
والأولوية - قواعد
وفوائد.
القاعدة الثامنة:- الفحوى ولأولويّة.
والكلام يقع ضمن نقاط:-
النقطة الأولى:- مضمون القاعدة:-
المقصود من القاعدة المذكورة هو أنّ الحكم يترتب أحياناً على عنوانٍ وبالأولويّة العرفيّة القطعية يلزم ثبوته في المورد الثاني، من قبيل قوله تعالى:- ﴿ ولا تقل لهما أفٍّ ﴾ فإنّ ما نُهِي عنه هو التأفّف ولكن العرف يفهم من حرمة التأفف حرمة الضرب بحو الأولوية القطعيّة، إنّ هذا يعبّر عنه بالفحوى فيقال إنَّ الحكم بحرمة التأفّف يدلّ بالفحوى - يعني بالأولوية - على حرمة الضرب.
وواضح أنّ المقصود من الأولوية هنا هو الأولويّة القطعيّة ولكن ليست القطعية عقلاً بل يكفي أن تكون قطعيّة بالنظر العرفي.
وألفت النظر أيضا إلى أنّه قد أختلف معك في الصغرى وأنّه في هذا المورد هل توجد أولوية قطعية أو لا ولكن هذا اختلاف صغروي، ولكن إذا وجد ذلك كما في النهي عن التأفّف فإنك توافقني على أنّ تحريم التأفّف يدلّ بالأولويّة القطعيّة على حرمة الضرب فتثبت آنذاك الحرمة للضرب أيضاً، وأمّا الأولوية الظنيّة فهي في الحقيقة تمسّكٌ بالظن والظن لا يغني عن الحقّ شيئاً.
ومن أمثلة الاختلاف الصغروي ما دلّ على ان الصائم إذا أتى أهله في نهار الصوم وجبت عليه الكفارة مضافاً إلى القضاء فلو فرضنا أنه أتى غير أهله بالزنا مثلاً فهل يثبت الحكم بالأولويّة القطعيّة أيضاً أو لا ؟ إنّ هذا قد يكون مورد اختلافٍ بيننا فقد تدّعي أنت وجود الأولويّة القطعيّة العرفيّة كما هو ليس ببعيد وأنا أنكر ذلك.
ومن أمثلة ذلك ما إذا أتى أهله من دون أن ينوي الصوم فلأجل أنّه لم ينوِ الصوم عليه القضاء والكفارة ولكنّه إذا أتى أهله وهو لم ينوِ الصوم فهل يشمله دليل ( الصائم إذا أتى أهله وجبت عليه الكفّارة ) أو لا يشمله وهل توجد أولويّة قطعيّة أو لا ؟ إنّ هذا اختلاف صغروي.
وكيفما كان إذا تمّت الصغرى وكانت هناك أولويّة قطعيّة فهذا المورد يعبّر عنه بالفحوى والأولويّة.
النقطة الثانية:- مدرك القاعدة.
لماذا يثبت الحكم في المورد الثاني ؟ فإنّ مجرّد عنوان الأولويّة أو الفحوى لا يكفي لإثبات الحجيّة فمجرد، الألفاظ لا تكون مدركاً للحجيّة فما هو مدرك حجّيتها ؟
في هذا المجال يمكن أن نذكر وجوهاً ثلاثة:-
الوجه الأوّل:- فكرة الظهور، بأن نقول:- إنّه بسبب الأولويّة القطعيّة يصير الكلام ظاهراً في الأوسع، فحينما يقال ﴿ ولا تقل لهما أفٍّ ﴾ فبسبب ضمّ الأولويّة القطعيّة يكون الكلام ظاهراً في الأوسع وكأنّه قد قيل ( ولا تقل لهما أفّ ولا تنهرهما ولا تضربهما ولا تطردهما من البيت وغير ذلك ) فالكلام يصير ظاهراً بنفسه في السعة فيشمله آنذاك دليل حجيّة الظهور.
الوجه الثاني:- التمسّك بفكرة القطع بأن يقال نحن لا نحتاج إلى فكرة الظهور فلو أنّك أنكرت الظهور وقلت إنّ الكلام لا يصير ظاهراً في الأوسع فنقول أوليس لك قطعٌ بثبوت حرمة الضرب بسبب حرمة التأفف ؟ إنه إذا فرض حصول القطع فنضمّ كبرى حجيّة القطع، وحيث إنّ كلّ قطعٍ حجّة فحينئذٍ يثبت الحكم بحرمة الضرب من باب حصول قطعٍ لنا بالحرمة المذكورة نتيجة القطع بحرمة التأفّف، فضمّ القطع بالأولوية إلى دليل حرمة التأفّف يحصل لنا قطعٌ بحرمة الضرب وبالتالي حيث إنّ القطع حجّة فسوف يثبت الحكم الثاني.
الوجه الثالث:- أن يقال إنّ هذا هو أحد أساليب المحاورة فإنّ من أحد أساليبها هو أن يبيّن الإنسان الفرد الأخفى والأدنى ومن خلال بيان الفرد الادنى أنت تعرف حكم الفرد غير الأدنى، فأحياناً قد يقول العرف:- ( إذا جاءك الضيف الفاسق الفاجر أكرمه ) يعني فضلاً عمّا إذا كان عالماً تقيّاً، فهو يبيّن الفرد الأخسّ والأدنى، وهذا أسلوب من أساليب المحاورة، وحيث إنّ كلّ متكلّمٍ ملتزم بأساليب المحاورة فحينئذٍ تثبت الحجيّة.
وقد قلنا سابقاً أنّ هذا المقدار لا يكفي لإثبات حجيّة هذا الأسلوب - أي الإلزام بأساليب المحاورة - إلّا إذا ضممنا السيرة بأن نقول إنّ السيرة جارية على الإلزام بأيّ أسلوب من أساليب المحاورة، فأنت إذا تكلّمت بكلامٍ وكان أسلوب المحاورة يقتضي شيئاً معيّناً كما في المثال الذي أشرنا إليه فالسيرة جرت على أنك تُلزَم بذلك وإذا أنكرت وقلت إنّ مقصودي هو الفاجر الفاسق وليس ذاك فنقول لك اسكت فإنّ كلامك هذا يدلّ على الشمول وهذا معناه أنّه يوجد إلزامٌ بما يدلّ عليه أسلوب المحاورة.
النقطة الثالثة:- إنّ كلمة الفحوى قد تستعمل بمعانٍ أخرى، فكما أنها تستعمل بهذا بمعنى - أي بمعنى الأولويّة - فيقال إنّ حرمة التأفّف يدلّ بالفحوى على حرمة الضرب - ويقصد من الفحوى الأولوية العرفيّة القطعيّة -، كذلك قد تطلق الفحوى على مدلول الكلام، فالكلام إذا كان يدلّ على معنىً معيّن فقد نقول إنّ فحوى هذا الكلام الوجوب مثلاً أي إنّ هذا هو معنى الكلام ومدلوله، فتصير كلمة الفحوى مرادفة لكلمة مدلول ومعنى.
ويوجد استعمالٌ ثالث لكلمة الفحوى هو الظهور الحالي، فلو فرض أنّ إنساناً فتح باب داره من باب أنه يوجد عند مجلس تعزية أو لخدمة زوار الإمام الحسين عليه السلام فهل يجوز للشخص الوارد أن يذهب إلى الخلاء ليقضي الحاجة أو يتوضأ من صنبور الماء أو يمسح بالمنديل المعلّق أو يلزمه أن يكسب الإجازة من صاحب الدار ؟ ؟ وإذا قلت لا يلزم أخذ الإذن فما هو المستند لذلك والحال أنّه لا يجوز التصرّف في أموال الآخرين إلّا بالرضا وطيب النفس منهم ؟ فنقول:- إنّ فتح الباب يدلّ بالفحوى على أنّه لا محذور في الاستفادة من هذه الأمور، ماذا يقصد من باب الفحوى هنا ؟ إنّه ظاهر الحال، يعني أنّ ظاهر الشخص حينما فتح باب داره هو أنّه يقبل بهذه التصرفات بلا مانع . وقد لا يوجد هذا الظهور الحالي في بعض التصرّفات الأخرى كفتح الثلاجة مثلاً وغير ذلك بل يوجد في الحدود التي يكون فيها ظهورٌ للحال وهذا يختلف من شخصٍ إلى آخر.
وعرفنا أيضاً النكتة في جواز هذه التصرّفات من باب التمسّك بالظهور والظهور حجّة بلا فرق بين أن يكون ظهور لفظٍ أو ظهور حالٍ . وعلى هذا الأساس صارت كلمة الفحوى مشترك لفظيّ لأنه يوجد لفظٌ واحد مع معانٍ متعدّدة.
القاعدة الثامنة:- الفحوى ولأولويّة.
والكلام يقع ضمن نقاط:-
النقطة الأولى:- مضمون القاعدة:-
المقصود من القاعدة المذكورة هو أنّ الحكم يترتب أحياناً على عنوانٍ وبالأولويّة العرفيّة القطعية يلزم ثبوته في المورد الثاني، من قبيل قوله تعالى:- ﴿ ولا تقل لهما أفٍّ ﴾ فإنّ ما نُهِي عنه هو التأفّف ولكن العرف يفهم من حرمة التأفف حرمة الضرب بحو الأولوية القطعيّة، إنّ هذا يعبّر عنه بالفحوى فيقال إنَّ الحكم بحرمة التأفّف يدلّ بالفحوى - يعني بالأولوية - على حرمة الضرب.
وواضح أنّ المقصود من الأولوية هنا هو الأولويّة القطعيّة ولكن ليست القطعية عقلاً بل يكفي أن تكون قطعيّة بالنظر العرفي.
وألفت النظر أيضا إلى أنّه قد أختلف معك في الصغرى وأنّه في هذا المورد هل توجد أولوية قطعية أو لا ولكن هذا اختلاف صغروي، ولكن إذا وجد ذلك كما في النهي عن التأفّف فإنك توافقني على أنّ تحريم التأفّف يدلّ بالأولويّة القطعيّة على حرمة الضرب فتثبت آنذاك الحرمة للضرب أيضاً، وأمّا الأولوية الظنيّة فهي في الحقيقة تمسّكٌ بالظن والظن لا يغني عن الحقّ شيئاً.
ومن أمثلة الاختلاف الصغروي ما دلّ على ان الصائم إذا أتى أهله في نهار الصوم وجبت عليه الكفارة مضافاً إلى القضاء فلو فرضنا أنه أتى غير أهله بالزنا مثلاً فهل يثبت الحكم بالأولويّة القطعيّة أيضاً أو لا ؟ إنّ هذا قد يكون مورد اختلافٍ بيننا فقد تدّعي أنت وجود الأولويّة القطعيّة العرفيّة كما هو ليس ببعيد وأنا أنكر ذلك.
ومن أمثلة ذلك ما إذا أتى أهله من دون أن ينوي الصوم فلأجل أنّه لم ينوِ الصوم عليه القضاء والكفارة ولكنّه إذا أتى أهله وهو لم ينوِ الصوم فهل يشمله دليل ( الصائم إذا أتى أهله وجبت عليه الكفّارة ) أو لا يشمله وهل توجد أولويّة قطعيّة أو لا ؟ إنّ هذا اختلاف صغروي.
وكيفما كان إذا تمّت الصغرى وكانت هناك أولويّة قطعيّة فهذا المورد يعبّر عنه بالفحوى والأولويّة.
النقطة الثانية:- مدرك القاعدة.
لماذا يثبت الحكم في المورد الثاني ؟ فإنّ مجرّد عنوان الأولويّة أو الفحوى لا يكفي لإثبات الحجيّة فمجرد، الألفاظ لا تكون مدركاً للحجيّة فما هو مدرك حجّيتها ؟
في هذا المجال يمكن أن نذكر وجوهاً ثلاثة:-
الوجه الأوّل:- فكرة الظهور، بأن نقول:- إنّه بسبب الأولويّة القطعيّة يصير الكلام ظاهراً في الأوسع، فحينما يقال ﴿ ولا تقل لهما أفٍّ ﴾ فبسبب ضمّ الأولويّة القطعيّة يكون الكلام ظاهراً في الأوسع وكأنّه قد قيل ( ولا تقل لهما أفّ ولا تنهرهما ولا تضربهما ولا تطردهما من البيت وغير ذلك ) فالكلام يصير ظاهراً بنفسه في السعة فيشمله آنذاك دليل حجيّة الظهور.
الوجه الثاني:- التمسّك بفكرة القطع بأن يقال نحن لا نحتاج إلى فكرة الظهور فلو أنّك أنكرت الظهور وقلت إنّ الكلام لا يصير ظاهراً في الأوسع فنقول أوليس لك قطعٌ بثبوت حرمة الضرب بسبب حرمة التأفف ؟ إنه إذا فرض حصول القطع فنضمّ كبرى حجيّة القطع، وحيث إنّ كلّ قطعٍ حجّة فحينئذٍ يثبت الحكم بحرمة الضرب من باب حصول قطعٍ لنا بالحرمة المذكورة نتيجة القطع بحرمة التأفّف، فضمّ القطع بالأولوية إلى دليل حرمة التأفّف يحصل لنا قطعٌ بحرمة الضرب وبالتالي حيث إنّ القطع حجّة فسوف يثبت الحكم الثاني.
الوجه الثالث:- أن يقال إنّ هذا هو أحد أساليب المحاورة فإنّ من أحد أساليبها هو أن يبيّن الإنسان الفرد الأخفى والأدنى ومن خلال بيان الفرد الادنى أنت تعرف حكم الفرد غير الأدنى، فأحياناً قد يقول العرف:- ( إذا جاءك الضيف الفاسق الفاجر أكرمه ) يعني فضلاً عمّا إذا كان عالماً تقيّاً، فهو يبيّن الفرد الأخسّ والأدنى، وهذا أسلوب من أساليب المحاورة، وحيث إنّ كلّ متكلّمٍ ملتزم بأساليب المحاورة فحينئذٍ تثبت الحجيّة.
وقد قلنا سابقاً أنّ هذا المقدار لا يكفي لإثبات حجيّة هذا الأسلوب - أي الإلزام بأساليب المحاورة - إلّا إذا ضممنا السيرة بأن نقول إنّ السيرة جارية على الإلزام بأيّ أسلوب من أساليب المحاورة، فأنت إذا تكلّمت بكلامٍ وكان أسلوب المحاورة يقتضي شيئاً معيّناً كما في المثال الذي أشرنا إليه فالسيرة جرت على أنك تُلزَم بذلك وإذا أنكرت وقلت إنّ مقصودي هو الفاجر الفاسق وليس ذاك فنقول لك اسكت فإنّ كلامك هذا يدلّ على الشمول وهذا معناه أنّه يوجد إلزامٌ بما يدلّ عليه أسلوب المحاورة.
النقطة الثالثة:- إنّ كلمة الفحوى قد تستعمل بمعانٍ أخرى، فكما أنها تستعمل بهذا بمعنى - أي بمعنى الأولويّة - فيقال إنّ حرمة التأفّف يدلّ بالفحوى على حرمة الضرب - ويقصد من الفحوى الأولوية العرفيّة القطعيّة -، كذلك قد تطلق الفحوى على مدلول الكلام، فالكلام إذا كان يدلّ على معنىً معيّن فقد نقول إنّ فحوى هذا الكلام الوجوب مثلاً أي إنّ هذا هو معنى الكلام ومدلوله، فتصير كلمة الفحوى مرادفة لكلمة مدلول ومعنى.
ويوجد استعمالٌ ثالث لكلمة الفحوى هو الظهور الحالي، فلو فرض أنّ إنساناً فتح باب داره من باب أنه يوجد عند مجلس تعزية أو لخدمة زوار الإمام الحسين عليه السلام فهل يجوز للشخص الوارد أن يذهب إلى الخلاء ليقضي الحاجة أو يتوضأ من صنبور الماء أو يمسح بالمنديل المعلّق أو يلزمه أن يكسب الإجازة من صاحب الدار ؟ ؟ وإذا قلت لا يلزم أخذ الإذن فما هو المستند لذلك والحال أنّه لا يجوز التصرّف في أموال الآخرين إلّا بالرضا وطيب النفس منهم ؟ فنقول:- إنّ فتح الباب يدلّ بالفحوى على أنّه لا محذور في الاستفادة من هذه الأمور، ماذا يقصد من باب الفحوى هنا ؟ إنّه ظاهر الحال، يعني أنّ ظاهر الشخص حينما فتح باب داره هو أنّه يقبل بهذه التصرفات بلا مانع . وقد لا يوجد هذا الظهور الحالي في بعض التصرّفات الأخرى كفتح الثلاجة مثلاً وغير ذلك بل يوجد في الحدود التي يكون فيها ظهورٌ للحال وهذا يختلف من شخصٍ إلى آخر.
وعرفنا أيضاً النكتة في جواز هذه التصرّفات من باب التمسّك بالظهور والظهور حجّة بلا فرق بين أن يكون ظهور لفظٍ أو ظهور حالٍ . وعلى هذا الأساس صارت كلمة الفحوى مشترك لفظيّ لأنه يوجد لفظٌ واحد مع معانٍ متعدّدة.